غزة تحتفل بتحرير 183 فلسطينيا من سجون الاحتلال
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
خان يونس (الأراضي الفلسطينية) «وكالات»: وصل إلى قطاع غزة أكثر من مائة من المعتقلين الفلسطينيين الذين أفرجت عنهم إسرائيل اليوم ضمن المرحلة الخامسة من تبادل الأسرى، والذين نقلوا على الفور إلى مستشفى بخان يونس لإجراء فحوصات طبية.
وكان مئات الفلسطينيين وأقارب المعتقلين المحررين في استقبالهم أمام مستشفى «غزة الأوروبي» في خان يونس، حيث رفع عدد منهم أعلاما فلسطينية، ورددوا هتافات منها «بالروح بالدم نفديك يا أسير، بالروح بالدم نفديك يا فلسطين»، وكان عشرات الأطفال ضمن المستقبلين أيضا.
وأفرجت حماس اليوم عن 3 رهائن إسرائيليين أمضوا 16 شهرا محتجزين في قطاع غزة، بينما أفرجت إسرائيل عن 183 معتقلا فلسطينيا في خامس عملية تبادل منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وقال هاني سكين: «هذا يوم سعيد أن تحرر مجموعة أخرى من السجون، لكن كلنا حزن وألم لبقاء آلاف الأسرى في السجون» مشيرا إلى «أن الأسرى يواجهون ظروفا إنسانية قاسية في السجون الإسرائيلية من تعذيب وتنكيل وإهمال طبي».
ونقل المحررون الفلسطينيون في حافلتين وصلتا اليوم، تواكبهما العديد من المركبات التابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر عبر معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي، إلى قطاع غزة.
وخرج أحد المفرج عنهم من شباك الحافلة وهو يرفع علامة النصر ويسأل أحد مستقبليه «كيف أهلي هل ما زالوا أحياء؟ هل هناك شهداء من العائلة» ورد عليه أحد أقاربه «إنهم جميعا بخير».
وعلى وقع أغان فلسطينية عبر مكبر للصوت، أطلقت العديد من النساء الزغاريد بينما كان المعتقلون ينزلون من الحافلة إلى داخل المستشفى.
وقال محمد (27 عاما) أحد المفرج عنهم «أحوال السجون صعبة ومرعبة، الأسرى في سجون الاحتلال يعانون من أقسى الظروف، حياة الحيوانات في الشوارع أفضل من ظروف السجن، طالما الاحتلال في غزة، أنا خائف، في أي وقت يمكن أن يعتقلونا».
وأوضح محمد الذي فضل عدم ذكر اسم عائلته، والذي أمضى أربعة أشهر في سجن عوفر حيث أعتقل من مدرسة إيواء للنازحين في بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة: «إننا صدمنا بحجم الدمار، غزة مدمرة، في كل مكان أكوام ركام» وتابع «خلال فترة الاعتقال منذ ستة أشهر، لا نعرف أي معلومات أو أخبار عن الحرب في غزة، تعتيم إعلامي كامل». وبدأ تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في 19 يناير بعد أكثر من 15 شهرا على اندلاع الحرب المدمّرة. وينص على الإفراج عن رهائن محتجزين في قطاع غزة في مقابل معتقلين فلسطينيين في سجون إسرائيل، تزامنا مع وقف العمليات القتالية.
ويتضمن اتفاق الهدنة ثلاث مراحل، على أن تشمل المرحلة الأولى الممتدة على ستة أسابيع الإفراج عن 33 رهينة محتجزين في قطاع غزة في مقابل 1900 معتقل فلسطيني. وتمت إلى الآن أربع عمليات تبادل شملت الإفراج عن 18 رهينة و600 معتقل، وقالت سناء طافش (30 عاما) إنها تنتظر منذ الفجر أمام مستشفى الأوروبي لاستقبال شقيقها، عبدالله الذي أفرج عنه اليوم.
وأضافت أن الجيش الإسرائيلي اعتقل شقيقها في مطلع أبريل العام الماضي من مدرسة للإيواء في منطقة الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، وتابعت «مرت عشرة أشهر، كأنها عشرة أعوام». وقال محمود (44 عاما) الذي استعاد حريته أيضا «لا أستطيع التصديق أنني ما زالت حيا، لا استطيع تصديق أنني أعانق زوجتي وأولادي مجددا».
وأضاف: «كل يوم ضرب وشتائم وتعذيب بدون أي سبب» لافتا إلى أن المحققين الإسرائيليين «كانوا يسألون عن الانتماء لحماس أو هل نعرف شيئا عن المقاومة، وكنا نجيب أن لا علاقة لنا بأي فصيل، معظم المعتقلين اعتقلوا ظلما وبدون أي مبرر».
وأوضح أنه علم للتو أن «عمي وزوجته وأولاده استشهدوا في قصف إسرائيلي» في خان يونس، وقال: «كيف نفرح وفي كل شبر في غزة شهيد أو جريح، ودمار وخراب».
ثلاثة أسرى إسرائيليين
وفي أجواء من الانضباط، عرضت حركة حماس اليوم ثلاثة أسرى إسرائيليين أمام كاميرات العالم قبل تسليمهم للصليب الأحمر وسط حشود غفيرة في دير البلح في وسط قطاع غزة.
وخرج الأسرى محاطين بعناصر من كتائب عزّ الدين القسّام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وأثارت وجوههم الشاحبة وملامحهم الهزيلة صدمة في إسرائيل، خصوصا بعد مقارنة حالهم الراهنة بصورهم المنتشرة . وبعد 15 شهرا من الحرب، نجحت المقاومة الفلسطينية الباسلة في الصمود فحماس لم تصمد في وجه الهجمات الإسرائيلية فحسب، بل نجحت أيضا في ترتيب صفوفها والحفاظ على انضباطها وقدرتها على زرع الخوف في النفوس، وكان حضورها اللافت اليوم في الصورة التي تريد أن تعكسها لإسرائيل وللمجتمع الدولي والرأي العام الفلسطيني، أكان في غزة أو الضفّة الغربية المحتلّة.
وحضّرت تفاصيل عرضها الأخير بعناية منذ ساعات الصباح الأولى، وكلّ شيء كان جاهزا عند الثامنة، قبل ثلاث ساعات تقريبا من الإفراج عن الرهائن.
وتمهيدا للإفراج عن الدفعة الخامسة من الرهائن، نُصبت منصّة وسط ساحة مستطيلة مكشوفة بالكامل ركنت حولها سيارات بلون الحركة، وضبطت الحشود التي تكاثرت أعدادها على مرّ الساعات خلف طوق ضربه عناصر من كتائب عزّ الدين القسام بلغ عددهم حوالي مائتين بحسب مصدر مقرّب من الحركة.
وقال المصدر من دون الكشف عن هويّته «سُمح للسكان بمتابعة الحدث لكنهم حصروا في منطقة محدّدة.
لكن السلطات الإسرائيلية لم تكن تتوقّع مشهدا مثل ذلك الذي عرض أمام كاميرات العالم اليوم.
ففوق المنصّة التي نصبت حولها رايات حركة المقاومة الإسلامية، ترفرف أعلام فلسطينية، وفي محيطها خلف الطوق الذي ضربه عناصر الحركة ركنت مركبات وسائل الإعلام التي نشرت كاميراتها على السطوح.
ومن مكبّر للصوت، يصدح صوت زاجر يمتثل لتعليماته عناصر الحركة ببزّاتهم العسكرية وشاراتهم ونظّاراتهم السوداء وستراتهم الواقية من الرصاص وأسلحتهم المتطوّرة، فيتأهّبون وينقلون السلاح من كتف إلى آخر ومن القدم إلى الصدر.
واختلفت البنادق الهجومية من مقاتل إلى آخر، فإمدادات حماس بالأسلحة متنوّع المصادر من بينها قطع مختلفة وغنائم حرب تمّ الاستيلاء عليها من الجيش الإسرائيلي.
وبعد 15 شهرا من الحرب، يبدو المستقبل واعدا للحركة التي يلتصق أطفال بمقاتليها يظهر عليهم خوف ممزوج بإعجاب.
وزفت امرأة ستينية المقاتلين بالورود، قبل أن تصل ثلاث مركبات للجنة الدولية للصليب الأحمر إلى الساحة عبر مسلك ضيّق فسحته لها الحشود على أنغام أغنية ثورية صدحت من مكبّرات الصوت.
ثم اعتلى مسؤول من الحركة المنصة ليتلو كلمة، وتولّى مسؤولان في اللجنة الدولية للصليب الأحمر توقيع المعاملات الإجرائية. وفي الأسفل، علّقت صورة لنتانياهو حملت شعاره «النصر المطلق» بالعبرية، ثم جاء دور الرهائن في العرض المضبوط الإيقاع فوصلت الرسالة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: للصلیب الأحمر الإفراج عن قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
موسكو وكييف تعلنان تبادل دفعة جديدة من الأسرى .. و14 جريحا بغارات ليلية على خاركيف
عواصم "وكالات": أعلنت روسيا وأوكرانيا اليوم أنهما تبادلتا دفعة جديدة من أسرى الحرب، في ثالث عملية من هذا النوع تجري هذا الأسبوع في إطار اتفاق تم التوصل إليه أثناء محادثات للسلام عقدت في تركيا.
واتفق الطرفان في اسطنبول الأسبوع الماضي على إطلاق كل طرف سراح أكثر من ألف أسير، جميعهم جرحى أو دون الخامسة والعشرين، وإعادة جثث مقاتلين قضوا في الحرب.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عبر تلغرام "اليوم، يعود جنود من القوات المسلحة والحرس الوطني وحرس الحدود إلى ديارهم".
وأضاف "جميعهم بحاجة إلى العلاج الطبي" إذ أنهم "أصيبوا بجروح خطرة أو يعانون من المرض الشديد".
وقال الجيش الروسي من جانبه "أُعيدت مجموعة من العسكريين الروس" من أوكرانيا.
وبات الجنود الروس الذين تمّت مبادلتهم حاليا في بيلاروس، حليفة موسكو.
وقال زيلينسكي "نواصل العمل لإعادة الجميع من الأسر الروسي. نشكر كل من ساعد في جعل عمليات التبادل هذه أمرا ممكنا ليكون بإمكان كل منهم العودة إلى وطنهم أوكرانيا".
ونشر صورا للجنود الأوكرانيين الذين وضعوا على أكتافهم الأعلام الوطنية.
وقال أمين المظالم الأوكراني دميترو لوبينتس إن الجندي الأكبر سنا الذي أُفرج عنه الخميس يبلغ من العمر 59 عاما بينما الأصغر سنا 22 عاما. ومن بين هؤلاء أشخاص اعتُقد بأنهم "فقدوا أثناء أداء مهامهم".
وأما وسائل الإعلام الروسية الرسمية، فأظهرت الجنود الروس بالبزات العسكرية وهم يهتفون "روسيا، روسيا".
وتعد عمليات تبادل الأسرى النتيجة الملموسة الوحيدة لجولتي محادثات السلام اللتين عقدتا في اسطنبول ورفضت خلالهما روسيا الدعوات إلى وقف غير مشروط لإطلاق النار وطالبت أوكرانيا بالتخلي عن أجزاء كبيرة من أراضيها ومسعاها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
وتمّت أول مرحلتين للتبادل الاثنين والثلاثاء فيما أعادت روسيا الأربعاء جثث 1212 جنديا أوكرانيا قتلوا في معارك منذ بدء الغزو الروسي.
جرح 14
أدت ضربات ليلية جديدة نفذتها روسيا بطائرات مسيّرة إلى جرح 14 شخصا بينهم أربعة قاصرين، في مدينة خاركيف في شمال شرق أوكرانيا التي تتعرض لغارات جوية شبه يومية.
وأعلنت أجهزة الطوارئ هذه الحصيلة الخميس في رسالة عبر تلغرام، فيما أكد حاكم المنطقة أوليغ سينيغوبوف أن طفلا يبلغ عامين وثلاث مراهقات من بين المصابين.
وقال رئيس البلدية إيغور تيريخوف، إن الهجمات وقعت بين الساعة 1,37 و3,08 صباحا، وتسبّبت بحرائق في مبان سكنية وتعليمية.
وأضاف أن حطاما سقط "بالقرب من ملاعب" للأطفال.
وليل الثلاثاء الأربعاء كانت ضربات روسية أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص وجرح نحو ستين آخرين في خاركيف التي كانت تضم قبل بدء الحرب في العام 2022 نحو 1,5 مليون نسمة.
وفي الأيام الأخيرة، كثفت روسيا غاراتها الجوية في أوكرانيا.
وتعثرت محادثات السلام الأخيرة بين موسكو وكييف، مع تمسك الجانبين بمواقف متباينة.
ورفضت موسكو هدنة "غير مشروطة" سعت إليها كييف مع الأوروبيين، فيما رفضت أوكرانيا مطالب روسيا ووصفتها بأنها بمثابة "إملاءات".
إعادة التسليح
دعا الرئيس التشيكي بيتر بافل الولايات المتحدة لمنح أوروبا المزيد من الوقت لإعادة التسليح وأهداف واقعية للاعتناء بأمن القارة واحتواء روسيا العدوانية على نحو متزايد.
وقال بافل إن الدول الأوروبية لا يمكنها ضمان سلام دائم في أوكرانيا بدون مساعدة أمريكية وإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب محق في المطالبة بزيادة الإنفاق الدفاعي بشكل كبير.
وأضاف بافل في مقابلة مع تلفزيون بلومبرج في مكتبه في براغ أن المسألة سوف تستغرق سنوات لاستبدال بعض وسائل الحماية التي توفرها واشنطن الآن.
وقال "سوف تحاول الولايات المتحدة ممارسة الضغط على الأوروبيين لفعل ذلك بشكل أسرع".
ويمثل بافل جمهورية التشيك في قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي تعقد في 24 إلى 25 يونيو في لاهاي.
وتأتي دعوة بافل قبل أسبوعين من التوقعات بموافقة قادة الناتو على إنفاق 5 % على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع وهو ما سيكون بمثابة الفوز لترامب الذي دفع أوروبا منذ فترة طويلة إلى زيادة الاستثمار في أمنها.
فشل الجولة الأخيرة
لم يكن فشل الجولة الأخيرة من محادثات السلام بين أوكرانيا وروسيا في مدينة اسطنبول التركية في تقريب وجهات النظر بين الجانبين مفاجئا مفاجئا. فقد تمسك الطرفان بمطالبهما القصوى، مع إبداء أقل قدر من المرونة. ففي حين لا تزال أوكرانيا تطالب بوقف إطلاق النار تمهيدا لمفاوضات السلام، تصر روسيا على ضرورة حل الأسباب الجذرية للصراع قبل تطبيق وقف إطلاق النار.
وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنترست الأمريكية يقول توماس جراهام الباحث الزميل في مجلس العلاقات الخارجية وأحد كبار مسؤولي إدارة روسيا في مجلس الأمن القومي الأمريكي سابقا، إنه رغم صعوبة الموقف مازال هناك أمل في تحقيق السلام، مشيرا إلى ضرورة اتخاذ 4 خطوات للوصول إلى هذا الهدف.
ويرى جراهام المسؤول في مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش أن الخطوة الأولى نحو السلام، تتمثل في إجراء مفاوضات سرية جادة بدلا من المحادثات العلنية التي أجريت في اسطنبول، حيث لا يمكن التوصل إلى تنازلات حساسة تتيح الوصول إلى اتفاق إلا في السر. هذا لا يعني أنه لا مكان للمحادثات العلنية، وإنما يمكن أن تستمر في مسار مواز لتحقيق نتائج إيجابية في مسارات أخرى أقل حساسية كما نجحت محادثات إسطنبول في التوصل إلى اتفاق بشأن تبادل الأسرى، والأهم من ذلك، أنها قد توفر غطاء للمحادثات السرية من خلال جذب انتباه وسائل الإعلام بعيدا عن المفاوضات السرية.
الخطوة الثانية هي دمج محادثات السلام ضمن مناقشات قضايا الأمن الأوروبي والاستقرار الاستراتيجي. فالحرب ليست سوى جانب واحد من صراع روسيا الأوسع نطاقا مع الغرب. ويستحيل تحقيق تقدم ملموس نحو إنهاء الحرب دون محادثات موازية حول هذه القضايا ذات الأهمية الاستراتيجية لموسكو.
لذلك يحتاج الأمر إلى تشكيل مجموعات مختلفة من الدول المعنية للتعامل مع الجوانب المنفصلة لهذه القضايا. فبوضوح كامل لا معنى لمناقشات قضايا الأمن الأوروبي دون مشاركة أوروبا. في الوقت نفسه فإن محادثات الاستقرار الاستراتيجي ستضم روسيا والولايات المتحدة بشكل مباشر، في حين ستكون روسيا وأوكرانيا المحاورين الرئيسيين في قضايا أضيق نطاقا، مثل تبادل الأسرى. بينهما
أما الخطوة الثالثة فتترتب على الخطوة الثانية، وتتمثل في انخراط إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل فعال في الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تحقيق السلام. فالقيادة الأمريكية ستكون مطالبة بتنسيق المحادثات حول الحرب، والأمن الأوروبي، والاستقرار الاستراتيجي، على الأقل لكونها طرفا محوريا في هذه القضايا الثلاث.
وبفضل نفوذها القوي على طرفي الحرب، تمتلك واشنطن مفاتيح وقف إطلاق نار دائم وسلام مستقبلي. فكييف بحاجة ماسة إلى دعمها المعنوي والمادي المستمر؛ في حين ترى موسكو أن تطبيع العلاقات مع القوة العالمية الأبرز أمر بالغ الأهمية لترسيخ مكانة روسيا كقوة عظمى. كما أن الولايات المتحدة، إلى جانب روسيا، هي الدولة القادرة على تغيير شروط الأمن الأوروبي من جانب واحد.
علاوة على ذلك، تعد روسيا إحدى القوتين النوويتين العظيميين اللتين تحددان معالم الاستقرار الاستراتيجي ليس في أوروبا فقط وإنما على مستوى العالم.
وتتمثل مهمة واشنطن الملحة لإنهاء الحرب، في وضع اتفاقية إطارية، ومجموعة من المبادئ والمعايير الخاصة بوقف إطلاق النار والتسوية الدائمة بهدف تضييق الفجوة بين مواقف روسيا وأوكرانيا. وتعتبر ضمانات الأمن لكل من موسكو وكييف والتعامل مع الأراضي المتنازع عليها بينهما القضايا الأشد صعوبة التي يجب التعامل معها.
والحقيقة هي أن وجود الولايات المتحدة كضامن أساسي للأمن الأوروبي منذ الحرب العالمية الثانية، كان السبب الرئيسي لاستدامة أمن أوروبا حتى الآن. لذلك فالضمانات الأمنية الأمريكية وحدها قادرة على التوفيق بين الطرفين للوصول إلى تسوية مقبولة من الجانبين حتى إذا لم تكن تلبي أقصى مطالب كل طرف.
الخطوة الأخيرة تتمثل في ضرورة استمرار الدعم الأمريكي الكامل لأوكرانيا وبخاصة الدعم العسكري. فمن المهم إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوين بأن الصراع لن ينتهي بانتصاره في أرض المعركة واستسلام أوكرانيا، وإنما من خلال تسوية تفاوضية يتخلى فيها كل طرف عن أهدافه القصوى لصالح الحصول على مطالبه الضرورية بشأن الأمن. لذلك فإن تحرك إدارة ترامب لتوفير تمويل إضافي جديد لدعم أوكرانيا من شأنه أن يساهم بشكل كبير في تهيئة الأجواء لنجاح المحادثات، بغض النظر عن مدى حدة انتقاد الكرملين لمثل هذه الخطوة علنا.
أخيرا، يقول توماس جراهام إنه حتى إذا تم تنفيذ هذه الخطوات الأربع، سيظل الطريق نحو السلام طويلا وشاقا. فالوصول إلى الحلول الوسط والتنازلات المتبادلة الضرورية لن يكون سهلا. فأي تسوية لن تسفر عن النصر الواضح الذي تأمله أوروبا وأوكرانيا. ففي نهاية المطاف لن يخسر المعتدي كل المكاسب التي حققها. ولن يتم ضبط وإحضار بوتين أمام المحكمة الجنائبة الدولية لمحاكمته كمجرم حرب. ولن تدفع روسيا تعويضات عن كل الأضرار والخسائر التي تسببت فيها الحرب.
وبدلا من ذلك ستضطر الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون وأوكرانيا لإيجاد طريقة للتعايش مع روسيا، لآن السلام يجب أن يكون هو الأولوية لجميع الأطراف من أجل حماية الأرواح وتجنب المزيد من الدمار، أما العدالة فيمكن تحقيقها بطريقة تراكمية عبر الزمن كما حدث أثناء الحرب الباردة.