تعلم من القرآن.. كيف تكون صاحب حكمة؟
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
تعد الحكمة من أعظم النعم التي يمنحها الله لعباده، وقد جاء ذكرها في القرآن الكريم باعتبارها هبة عظيمة ترفع الإنسان في درجات الفهم والإدراك، كما في قوله تعالى:{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} (البقرة: 269).
وفي تفسيره لهذه الآية، أشار الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إلى أن الحكمة مأخوذة من الجذر الثلاثي (ح-ك-م)، والذي يحمل دلالات متعددة تشمل الضبط والإتقان، القضاء والفصل بين الناس، والتوجيه نحو الصواب.
الحكمة ليست مجرد معرفة الحقائق أو امتلاك المعلومات، بل هي القدرة على استخدامها في الوقت والمكان المناسبين، واتخاذ القرارات الصائبة بناءً على فهم عميق للواقع. ويمكن تلخيص معاني الحكمة في النقاط التالية:
ضبط الأمور وإتقانها: الحكيم لا يتصرف باندفاع أو عشوائية، بل يزن الأمور بدقة.رفع النزاعات والخصومات: الحكمة تساعد على تهدئة الخلافات وحل المشكلات بطريقة عادلة ومتزنة.الامتثال لأوامر الله ونواهيه: الحكيم هو من يدرك أن الالتزام بشرع الله هو السبيل إلى النجاح الحقيقي.وضع الأمور في أماكنها الصحيحة: الحكيم يعرف متى يتكلم ومتى يصمت، متى يتدخل ومتى يتجنب المواجهة.الحكمة في القرآن والسنةوُصف القرآن الكريم بأنه "محكم"، أي متقن ودقيق في أحكامه، مما يجعله مرجعًا أساسيًا للحكمة. كما أن القضاء بين الناس يُعرف بـ"الحكم"، لأنه وسيلة لحسم النزاعات، وأوامر الله تُسمى "حكم الله"، لأنها تحقق التوازن والعدالة في المجتمع.
وقد جاءت تعاليم النبي ﷺ وإرشادات الصحابة مليئة بالدعوة إلى الحكمة، ومن ذلك قول الإمام علي رضي الله عنه: "ليس كل ما يعلم يقال." وهذا ينسجم مع حديث النبي ﷺ: "خاطبوا الناس على قدر عقولهم."
كيف تكون حكيماً؟لا يُولد الإنسان حكيماً، بل يكتسب الحكمة من خلال الخبرة والتعلم والتفكر. ولكي يكون الإنسان حكيماً، عليه أن يدرك:
الزمان والمكان المناسبين للكلام أو الفعل.الشخص الذي يخاطبه ومستوى وعيه وثقافته.الظروف المحيطة بالموقف، ومدى تأثير كلماته أو أفعاله.الهدف النهائي من تصرفه، وما إذا كان سيؤدي إلى منفعة أم ضرر.التوقيت والتقدير في الكلاممن أهم علامات الحكمة أن يعرف الإنسان متى يتكلم ومتى يصمت. وقد عبر الإمام الشافعي عن ذلك بقوله: "الكلمة تملكها قبل أن تقولها، فإذا قلتها ملكتك."
إن طرح الأفكار أو المعلومات في وقت غير مناسب قد يؤدي إلى نتائج عكسية، ولذلك من الضروري أن يسأل الإنسان نفسه قبل أن يتكلم:
هل هذا هو الوقت المناسب؟هل المستمعون مستعدون لفهم هذه الحقيقة؟هل ستُحدث كلماتي تأثيرًا إيجابيًا أم أنها ستزيد الأمور تعقيدًا؟لا تتصدر قبل أن تتعلممن الأخطاء التي يقع فيها البعض التسرع في إبداء الرأي أو التحدث في أمور لم يكتسبوا فيها الخبرة الكافية. وقد قيل: "من تصدر قبل أن يتعلم، كمن تذبّب قبل أن يتحصرم"، أي ادّعى النضج وهو لا يزال غير مؤهل.
إن الحكمة ليست مجرد معرفة، بل مسؤولية، وهي لا تأتي بالتسرع والاندفاع، بل بالتأني والتعلم والتجربة. فمن أراد أن يكون حكيماً، فليبدأ بإصلاح نفسه، وليتعلم متى يتحدث ومتى يصمت، ومتى يتقدم ومتى يتراجع، فالحكمة الحقيقية هي مفتاح الخير الكثير.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الحكمة القرآن والسنة ما هي الحكمة قبل أن
إقرأ أيضاً:
السبر يوضح حكم من يتحدث في الناس بسوء داخل نفسه فقط .. فيديو
الرياض
أوضح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الشيخ الدكتور سعد بن عبدالله السبر، أن من يتكلم في الناس بالسوء داخل نفسه فقط، دون أن يُظهر ذلك بقول أو فعل، فإنه لا إثم عليه.
وقال السبر خلال لقائه مع برنامج يستفتونك المذاع على قناة الرسالة:” حديث النفس لا يؤاخذ به الإنسان، لقول رسول الله ﷺ: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدّثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم.”
وأضاف:” الإنسان معذور ما دام ذلك مجرد حديث نفس، وعليه أن يكثر من الاستعاذة، وإن اشتد عليه الأمر فليتوجه إلى الله، وأيضًا لا بأس بأن يستعين بطبيب نفسي.”
https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/07/QIxQ3Eep5C4YFNpd.mp4