فى محبة راهب الأدب مصطفي بيومي
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
جمعتنى صفحات التواصل عبر الفيسبوك بعمى الأديب الراحل مصطفى بيومي، نعم، قبل تسع سنوات مضت لم أكن على علم بأن الموسوعى الكبير هو ابن خال والدى رحمه الله، تابعت صورة البروفايل ووقفت مشدوهة أمامها دقائق.. ياالله، هذا الرجل قريب الشبه لأبى، تسللت عبر صفحته الشخصية، مصطفى بيومى – كاتب وروائى مصرى – مواليد صندفا – المنيا، زاددت دهشتى والدى أيضًا من مواليد المركز والمحافظة، سارعت فرحة بإرسال طلب صداقة لأكتشف عالم هذا الموسوعى الثرى، ولكن خاب أملى فى قبول الطلب على مدار أسبوع كامل ولم أعاود فى طلبه مرة أخرى.
١١ ديسمبر٢٠١٧ تاريخ لن يمحى من ذاكرتى أبدًا.. اللقاء الأول وما أمتعه لقاء وكأن أبى عاد للحياة من جديد.. لحظتها آمنت بالاستنساخ فى البشر رغم أننى ضد هذا الأمر تمامًا، آخر لقاء بيننا كان عمرى خمسة وقت أن كان عمى طالبًا بكلية الإعلام بجامعة القاهره زائرًا لمنزل جدتى برفقة أبى، بعدها لم أره أبدًا وسحقتنا الحياة.. فى طريقى إلى مكتبه حاصرتنى الأسئلة، كيف سأبدو له بعد سنوات الغياب، وماذا سيبدو لى، ماذا أخبره عنى؟، طرقت باب مكتبه مرتبكة قلقة، أذن لى بالدخول رأيته جالسًا خلف مكتبه بين أوراق مبعثرة وأقلام من الرصاص التى لا تفارقه الكتابة وأقداح قهوة فارغة وكثير من رماد وأعقاب السجائر بالمطفأة، ابتسم لى ابتسامة هادئة وأذن لى بالجلوس جلست ودقات قلبى لا أستطيع إيقافها، لمح قلقى وأطال النظر إلىَّ دون أن يتفوه بكلمة وكأنه يستعيد ذكريات صورة الطفلة صاحبة الأعوام الخمسة والتى يراها اليوم امرأة متحققة فى أواخر الأربعين، أخفى دخان سجائره ملامح وجهه قليلًا، قطع الصمت بيننا بعد سماعى لصوت المطربة نور الهدى من خلال جهاز الكمبيوتر القريب من مكتبه وبادرت بسؤاله "حضرتك بتحب تسمع نور الهدى؟"، أجاب مبتسمًا "طبعًا، نور الهدى دى صوت قريب من القلب"، فى جلستنا الأولى سألنى عن أحوالى وأسرتى الجديدة وعملى وهواياتى وكتاباتى وطلب منى الحكى عن طفولتى ومراهقتى ومرحلتى الجامعية، سردت له كل شيء يخصنى ويخص أشعارى وكتاباتى حبيسة الأدراج سنوات، كان يسمعنى باهتمام ويراقب انفعالاتى التى سرعان ما كانت تتحول من سعادة ومرح إلى حزن ودموع، حركات رزينة لامرأة أربعينية وأخرى طفولية لطفلة الخامسة، كان منصتًا جيدًا لحكاياتى قرابة ساعتين وأكثر لم يقاطعنى فيها إلا قليلًا فقط لتشغيل أغنية قديمة أخرى لأم كلثوم، انتهيت من الحكى وطلب منى كتابة كل الحكى على الورق، سألته عن السبب وجاءت الإجابة صادمة لى "أنتِ يا مى مشروع روائية هايلة، إنسى الشعر" وطلب منى إرسال أوراق الحكى لقراءتها، وقبل أن أهمّ بمغادرة مكتبه أهدانى كتابه الأقرب إلى قلبه الصادر وقتها حديثًا (النبش فى الذاكرة) مع إهداء لطيف لا أنساه، من جلسة واحدة استطاع فيها تحليل شخصيتى "العزيزة مى، عصير النقاء والطفولة والجنون الجميل"، هذا الكتاب كتاب بوح لمصطفى بيومى بأسرار علاقاته بأحبائه الذين تركوا فى حياته بصمات غير عادية، تسعون شخصيه يشاركونه أحلامه فى اليقظة والنوم وميلاد رواياته، ما أجمل مشاعرك أيها النبيل الراقى فجميع أحبائه من الموتى لكنه لرقة قلبه يقول إن الأحبة لا يغادرون القلب ويظلون أحياء، أم كلثوم، هنرى باربوس، ساندرا بولوك، صلاح عبد الصبور، ليلى مراد، نور الهدى، يحى حقي، الشيخ محمد رفعت، ديستويفسكى وكثيرون من قائمة التسعين.
رافقنى إلى باب المصعد وطلب منى التواصل وعدم الانقطاع مرة أخرى، اجتهدت وكتبت كل الحكى والتقينا بعدها مرات ومرات داخل «البوابة» وفى منزله وأحيانا فى مقهى الفيشاوى، فتح لى أسرار خزائن الكتابة وفتح لى خبايا أسراره أيضًا وصرنا صديقين مقربين، وفى أحد اللقاءات وضعت بين يديه أوراق الحكى، كان سعيدًا لحماسى ونشاطى وعشقى للكتابة وتحولت الأوراق خلال عام واحد فقط إلى رواية اختار لى هو اسمها (شفق)، راجعها باهتمام وصحح أخطاءها اللغوية وحذف ما حذف.. بعدها صدرت رواية "شفق" عن دار المعارف فى عام ٢٠١٨ أى بعد عام من لقائى به ولأول مره يوضع اسمى أسفل كلمة رواية بفضل الأديب الراحل ليحقق لى حلمًا من أحلامى المؤجلة.
أفنى مصطفى بيومى عمره دفاعًا عن ثقافة هذا البلد دون كلمة شكر أو امتنان لموهبته الفذة، ماذا عمن قرأ أعمالهم ونصحهم بمحبة أب وإنسان قبل أن يكون كاتبًا؟، ماذا عن عشرات العناوين التى أنتجها فى الرواية والأعمال النقدية؟، ماذا عن مئات المقالات والحوارات؟، رجل بمثابة أرشيف للثقافة والأدب والفن، تجاوزته الدولة فى احتفالاتها وجوائزها فلا يليق أن يتجاوزه من نصحهم وكتب عنهم ودفع بهم إلى عالم الأدب بمحبة أب، وهذا ما يجب أن نعيد النظر فيه.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مصطفى بيومي نور الهدى
إقرأ أيضاً:
الألكسو تعقد أول ملتقى لروابط الأدب الشعبي العربي
عقدت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الألكسو”، في مقرها بالعاصمة تونس اليوم، فعاليات الدورة الأولى من الملتقى الأول لروابط الأدب الشعبي في الدول العربية، وذلك في إطار مشروع تثمين الثقافة الشعبية في البلدان العربية الذي أطلقته المنظمة بهذه المناسبة، بهدف الارتقاء بالثقافة الشعبية العربية وإبراز معالمها وأبعادها الحضارية والاجتماعية.
وأوضح المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم محمد ولد أعمر، في كلمة بالمناسبة، أن الثقافة الشعبية العربية – على تنوعها وثرائها – تمثل رافدًا مهمًا من روافد التكامل الثقافي العربي، لما تحتويه من مشتركات بارزة أسهمت في تشكيل أجزاء هذه الثقافة وانتشارها، ورافقتها في صيرورتها التاريخية في الفضاء الثقافي العربي المفتوح.
وأشار إلى أن الاهتمام بالتراث الثقافي العربي، وعناصر الثقافة الشعبية بصورة عامة، ليس بالأمر الطارئ على المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، فعلاوةً على الملتقيات والندوات والمشاريع التراثية ذات الصلة، تشرف المنظمة على العديد من الملفات العربية المشتركة في هذا الصدد، إعدادًا ومتابعةً؛ من أجل تسجيلها على القائمة التمثيلية للتراث الإنساني لدى اليونسكو.
أخبار قد تهمك وزارة الداخلية تشارك في أعمال المؤتمر العربي الـ (16) لرؤساء أجهزة الإعلام الأمني بجمهورية تونس 16 مايو 2025 - 1:27 صباحًا المساجد التاريخية والأثرية في تونس.. روحانية العبادة وعبق التاريخ 29 مارس 2025 - 1:42 مساءًوناقشت الدورة عددًا من المواضيع من بينها مؤشرات التواصل في الثقافة الشعبية العربية، ودور الثقافة الشعبية في تنمية الوعي الاجتماعي وتعزيز التنمية، والتماثل في بنى التعبير الفني للأدب الشعبي في الأقطار العربية، ودور الروابط الأدبية والمجتمع المدني في النهوض بالأدب الشعبي.