بعد غزة.. هذه خطة ترامب للبنان!
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
أسبوع مر كان حافلاً بالمواقف الأميركية الخاصة بغزة ولبنان. البداية كانت من الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أعلن صراحة وجهاراً قبل أيام عن مخططه لقطاع غزة الفلسطيني، مشيراً إلى أنه يجب تحويله بعد الحرب إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" من خلال تهجير سكانه إلى دول أخرى واستثماره في إطار مشاريع مختلفة وبالتالي إنهاء نفوذ حركة "حماس" هناك.
بعد الاعلان عن خطة ترامب لغزة، اتجهت الأنظار إلى تصريح آخر لمبعوثة الرئيس الأميركي إلى لبنان مورغان أورتاغوس يوم الجمعة، حيث قالت من قصر بعبدا إن "حزب الله قد هُزم"، مشيرة إلى أنه لا يجب للأخير أن يشارك في الحكومة الجديدة التي تم تشكيلها يوم السبت الماضي وبمشاركة وزراء طرحهم "الثنائي الشيعي".
بين غزة ولبنان، يبدو أن "الخطة الترامبية" قد وضعت ثقلها في المنطقة، وما يظهر هو أنّ هناك مساعٍ لاستثمار نتائج الحرب الأخيرة بين لبنان وإسرائيل من جهة وإسرائيل وحركة "حماس" من جهة أخرى لتكريس نفوذ أميركيّ جديد في المنطقة.. فكيف سيتجلى ذلك من خلال غزة؟ وما هي خطة ترامب الفعلية للبنان؟
إنهاءٌ لـ"أدوات إيران"
تعتبر مصادر معنية بالشأن العسكريّ أنَّ أميركا تسعى اليوم لإرساء خطة جديدة أساسها إنهاء نفوذ أدوات محور إيران في المنطقة لاسيما حركة "حماس" في غزة و"حزب الله" في لبنان.
فعلياً، فإن ما يظهر هو أنّ أميركا تريدُ تحجيم "حماس" أكثر من خلال خطة ترامب، وفي حال حصل التهجير الذي كان يلوح في الأفق منذ زمن، عندها فإنّ أميركا ستكون قد وضعت يدها على جانب مهم في البحر الأبيض المتوسط وبالتالي سلب النفوذ الشعبي من يد "حماس".
السيناريو هذا هو الأكثر وروداً من خلال خطة ترامب، لكن المصادر ترى أن تحقيقه صعب المنال لاسيما أنه قد يساهم في فتح حرب جديدة قد تكون "حماس" مستعدة لخوضها بما تبقى لها من قوّة.
أما في لبنان، فإن الأمر لا يختلف كثيراً عن غزة، وما يظهر هو أن خطة ترامب تسعى لتحجيم "حزب الله" سياسياً أكثر بعدما وجدت أنه تم إضعافه عسكرياً.
وتقول المصادر إن صورة المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس وهي تحمل صاروخاً إيراني الصنع، كان بمثابة رسالة إلى أن الأميركيين سيطروا على أسلحة "حزب الله" في لبنان، معتبرة أن واقع الحال الآن اختلف تماماً عن السابق، وبات "حزب الله" مطوقاً عسكرياً ودولياً.
وعليه، فإن "حزب الله" أصبح مرهوناً بالرقابة الأميركية، وفق المصادر، ما يضعه ولبنان تحت خانة الاستطلاع الدائم، وأضافت: "الحزب بات مراقباً اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى، وعليه فإن الأميركيين يحاولون تطويق نفوذه أكثر فأكثر داخل لبنان وليس بالضرورة فقط على الصعيد العسكري".
انتفاضة "حزب الله" في الشارع.. هل هي واردة؟
الضغط الذي يتعرض له "حزب الله" بين الحين والآخر لا يصطدم حتى الآن بدعوات للتحرك في الشارع كما كان يحصل سابقاً.
المصادر قالت إنّ "حزب الله" لم يصدر أي قرار حتى الآن بالتحرك ضمن الشارع، والدليل الأكبر على ذلك هو تحرك طريق المطار يوم الجمعة إثر تصريحات مورغان الأخيرة، وتردف: "الأعداد لم تكن كثيفة. لو كان الحزب هو من دعا لكان المشهد مختلفاً نوعا ما".
أيضاً، تعتبر المصادر أنّ لجوء "حزب الله" إلى "ورقة الشارع" إنما يفتح الباب أمام مسار تصادميّ داخلي، لكن السؤال الذي يفرض مضمونه هو: "ضدّ من سيكون هذا المسار؟ من سيقاتل حزب الله في حال لم يُقاتله أحد؟".
وفق المصادر، فإن ما قد يفعله "حزب الله" هو التزام الهدوء أكثر خلال المرحلة المقبلة، وهذا السيناريو "الأكثر ترجيحاً" لعدم الدخول في صدام داخلي يزيد من عزلته أكثر، وتتابع: "في السابق، كان حزب الله يقاتل بأوراق قوة مختلفة، أما اليوم فهناك خسائر عليه التعامل معها، وورقة إعمار الجنوب هي الأكثر إيلاماً له. لذلك، عليه الاستفادة من المثل القائل (بدنا ناكل عنب ما بدنا نقتل الناطور) وبالتالي الاستفادة من الدعم الدولي لإعمار الجنوب وعندها لكل حادث حديث". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: خطة ترامب حزب الله من خلال
إقرأ أيضاً:
هدنة غزة.. هل تمهّد لتسوية أم تُخفي جولة جديدة من الحرب؟
في مشهد يعكس هشاشة الوضع الميداني، أعلنت إسرائيل هدنة جزئية في مناطق محددة من قطاع غزة، بهدف السماح بدخول المساعدات الإنسانية، فيما يستمر القتال في مناطق أخرى من القطاع.
وبينما تواصل الأمم المتحدة عمليات الإسقاط الجوي وتكثّف جهودها لتوزيع الغذاء والدواء، تتحدث مصادر عن إمكانية إحراز تقدم في مفاوضات وقف إطلاق نار شامل، وسط حالة من الترقب السياسي والتصعيد العسكري الميداني.
رغم إعلان الهدنة، لا تزال أصوات القصف والغارات تهيمن على مناطق واسعة من القطاع. فقد أفادت مصادر فلسطينية بمقتل 53 شخصًا جراء القصف الإسرائيلي منذ فجر الأحد، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل ثلاثة من جنوده خلال اشتباكات جنوب القطاع، ما يعكس استمرار التوتر الميداني رغم الجهود الإنسانية.
وفيما تستمر قوافل المساعدات بالوصول براً، وتُنفّذ عمليات إسقاط جوي عبر الأمم المتحدة، أكدت المنظمة الدولية وجود تنسيق مباشر مع فرقها الميدانية لتأمين الغذاء والدواء، مستغلة الهدنة لتخفيف معاناة الفلسطينيين. إلا أن هذه الجهود تصطدم بحجم الاحتياج الكبير، إذ تشير تقارير ميدانية إلى أن المساعدات لا تلبّي سوى الحد الأدنى من متطلبات الحياة.
ترامب يتّهم حماس.. ونتنياهو يلوّح بالحرب
في مشهد سياسي معقّد، اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب حركة حماس بسرقة المساعدات واعتماد موقف متشدد في ملف الرهائن، داعياً إسرائيل إلى اتخاذ القرار المناسب. من جانبه، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمواصلة الحرب حتى تحقيق كافة الأهداف، وفي مقدمتها "تحرير المخطوفين" وتحقيق "نصر كامل" على حماس.
لكن تصريحات ترامب، رغم نبرتها المتشددة، تعكس ارتباكًا في السياسة الأميركية تجاه ما يحدث في غزة، بحسب المحلل والكاتب المتخصص في الشأن الفلسطيني، إبراهيم الدراوي، الذي قال خلال مقابلة عبر سكاي نيوز عربية إن "الجانب الإسرائيلي اضطر إلى إعلان الهدنة الإنسانية نتيجة ضغوط متصاعدة من الوسطاء، وعلى رأسهم القاهرة والدوحة، إلى جانب ضغوط دولية، خصوصًا من الإدارة الأمريكية نفسها".
لا استراتيجية واضحة
يرى الدراوي أن هذه الهدنة المفروضة لم تكن نتيجة مبادرة إسرائيلية خالصة، بل "فرضتها واشنطن على نتنياهو"، وهو ما يعكس – حسب قوله – غياب استراتيجية إسرائيلية أو أميركية واضحة تجاه غزة منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى" في أكتوبر 2023.
وقال الدراوي: "الولايات المتحدة نفسها، رغم مواقفها، لا تملك تصورًا استراتيجيًا لما بعد الحرب، ويبدو أن الإدارة الأميركية باتت تشعر بالعبء الإنساني في غزة، وهو ما ينعكس على صورتها الدولية، خاصة وسط تنامي الضغوط الشعبية في الداخل الأمريكي والأوروبي."
وأكد أن "الجوع لم يعد ورقة ضغط على نتنياهو، لكنه أصبح عبئًا ثقيلًا على إدارة ترامب التي تصدّرت العالم بشعارات حقوق الإنسان".
ملامح صفقة محتملة.. أم مراوغة جديدة؟
وسط حديث عن استمرار المفاوضات، نقلت مواقع إسرائيلية عن مصادر أمنية أن الحكومة تفكر في منح حماس مهلة إضافية قبل اتخاذ قرار بشأن المرحلة المقبلة. وفي المقابل، تحدثت مصادر عربية عن تحركات نشطة بين القاهرة والدوحة والولايات المتحدة لإحياء المفاوضات خلال الساعات المقبلة.
و أشار الدراوي خلال حديثه الى برنامج "التاسعة" إلى أن:"هناك مؤشرات على إمكانية التوصل إلى صفقة، وأن الأيام القادمة قد تشهد اجتماعات حاسمة، لكن يظل الخوف من مراوغة نتنياهو ومحاولاته كسب الوقت لإرضاء اليمين المتطرف."
وأوضح أن إسرائيل فشلت في فرض بدائل عن السلطة الفلسطينية وحركة حماس لإدارة القطاع، مما يعيدها إلى سيناريوهات قديمة مثل خطة "عربات جدعون" و"التهجير القسري"، مشيرًا إلى تهجير نحو 70 ألف فلسطيني من غزة إلى أوروبا تحت ذرائع إنسانية.
مصر في قلب الوساطة
في سياق متصل، دافع الدراوي بشدة عن الدور المصري، مؤكدًا أن القاهرة، بالتنسيق مع الإمارات والسعودية وقطر، تبذل جهودًا كبيرة لتسهيل دخول المساعدات والمستشفيات الميدانية إلى القطاع، رغم محاولات التشويه الإعلامي التي تتعرض لها.
وقال: "ماكرون زار معبر رفح ورأى بعينه ما تقوم به مصر، بينما الإعلام الإسرائيلي يحاول شيطنة الدور المصري، رغم أنه كان وما زال حيويًا في هندسة المشهد التفاوضي."
كما أشار إلى اتفاقية المعابر لعام 2005، موضحًا أن "كرم أبو سالم" هو المعبر الرسمي لإدخال البضائع، وأن مصر ليست المسؤولة عن عرقلة الإمدادات، بل إسرائيل التي تسيطر على الموافقات.
ختم الدراوي حديثه بتأكيد أن هناك رسائل متبادلة بين الأطراف، وأن هناك ما يشير إلى نضوج صفقة جزئية قريبة، قد تشمل تهدئة محددة أو صفقة تبادل رهائن، لكنه شدد على أن تنفيذها سيعتمد على مدى قدرة نتنياهو على مقاومة ضغوط اليمين المتطرف.
وقال في هذا الخصوص: "إذا اطمأن نتنياهو أن حكومته لن تسقط، قد يمضي نحو الصفقة، خصوصًا مع فشل مشروع بديل حماس في غزة، ما يعيد الحسابات إلى نقطة الصفر."
بين الهدنة الجزئية وميدان مشتعل، يعيش قطاع غزة على وقع توازن هش بين التصعيد والتهدئة. وفيما تحاول الوساطات الإقليمية والدولية كسر الجمود، تبقى المعادلة مرتبطة بإرادة الأطراف الكبرى، وفي مقدمتها إسرائيل والولايات المتحدة، وحسابات داخلية متشابكة بين اليمين الإسرائيلي وموقف إدارة ترامب.
السؤال الأبرز الآن: هل نحن أمام بداية لمرحلة تفاوض جديدة؟ أم مجرد استراحة محارب قبل عاصفة أشد؟