الأقباط الأرثوذكس يختتمون صوم يونان
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يختتم الأقباط الأرثوذكس، اليوم الأربعاء الموافق 12 فبراير، «صوم يونان»، أو كما يطلق عليه «فصح يونان»، وكلمة "نينوي" تشير إلى عاصمة الآشوريين قديماً، ويحتل هذا الصوم مكانة روحية كبيرة لدى الأقباط، حيث يرمز إلى قيامة السيد المسيح من الأموات وفدائه البشرية -وفق المعتقد المسيحي- ولذلك وضعت الكنيسة القبطية هذا العيد ضمن الأعياد السيدية الكبيرة، أي في حكم أصوام المرتبة الأولى، فيصام انقطاعياً على مدار 3 أيام إلى ساعات الغروب، ولا يأكل خلاله الأقباط الأسماك والمأكولات الحيوانية، يكتفون فقط بالبقوليات والمأكولات النباتية.
ومن المعتاد أن يأتي هذا الصوم قبل الصوم الكبير بـ 15 يوما، وتعتمد الكنائس على تحديد كل من العيدين على دورة القمر التي حددت في مجمع نيقية، ولكنه يحدد بطريقة حسابية ليست فلكية كما في الأعياد الإسلامية، صوم يونان قديماً يُصام لمدة 6 أيام متواصلة، ولكن غالبية الكنائس الشرقية أبقت الصوم على 3 أيام، عدا كنيسة الروم الأرثوذكس حيث تصوم ٦ أيام متتالية، وبالنسبة للكنائس الأرثوذكسية البيزنطية مازالت لا تعترف به حتى الآن.
ويقع الصوم دوماً خلال أيام «الإثنين والثلاثاء والأربعاء»، يتم تحديده وفقًا لموعد عيد القيامة، يتم تحديد موعد عيد القيامة المجيد بناءً على حساب فلكي يعتمد على التقويم القمري، حيث يكون عيد القيامة في أول أحد بعد اكتمال القمر «البدر» الذي يلي الاعتدال الربيعي «21 مارس».
ويجب ألا يتزامن مع عيد الفصح اليهودي، لذا قد يتأخر أسبوعًا إذا صادف نفس التوقيت.
قصة يونان
وترجع قصة الصوم إلى سفر يونان النبي وهو خامس أسفار الأنبياء الصغار في التوراة وعدد إصحاحاته ٤ فقط، وبشكل وجيز فكان النبي يونان من مواليد إسرائيل وقد دعاه الله ليحمل رسالة التوبة إلى مملكة أشور التي كانت عاصمتها نينوى «مكانها في العراق حالياً»، وهي المملكة التي قامت بتدمير مملكة إسرائيل في سنة 722 ق.م، وكانت هذه الأمة وثنية حيث كانوا يعبدون آلهة كثيرة ومنها «عشتروث» وكثرت شرورهم جداً؛ مما دعي الله لأن يكلف يونان النبي ويرسله إليهم؛ ليخبرهم عن شرورهم ويبشرهم بالله والدعوة للسير في سبله.
ولكن كانت المفاجأة بأن يونان النبي هو من تهرب من دعوه الله؛ فحاول الهرب من الله على ظهر سفينة بمدينة «يافا»؛ اعتقاداً منه أنه بذلك قد هرب من قبضة الله، فأحدث الله ريحا شديدة وهاج البحر على من في السفينة، وقالوا يوجد أحدنا صاحب مصيبة وضربوا قرعة لمن صاحب هذه البلية فجاءت القرعة على يونان النبي، وأُلقي يونان إلى أعماق البحر من قبل ركاب السفينة؛ وأعد الله له حوتاً كان في انتظاره ليبتلعه وأبتلعه بالفعل، مكث في بطنه ثلاثة أيام، وفي الأخير لفظه الحوت ورماه على ساحل البحر.فاقتنع يونان بأن ذلك كان عقاباً له لعصيانه أمر الرب، فانطلق إلى نينوى وأنذر سكانها بخراب مدينتهم العظيمة وغادرها إلى ظاهرها وهو ينتظر خرابها فكان أن صامت المدينة بأسرها وتابت، حتى الصغار والحيوانات صاموا، فغفر الرب لهم وعفا عن سيئاتهم، إلا أن يونان اغتم لذلك متوهما بأن مصداقيته لدى أهل المدينة اهتزت فظل في مكانه مغتماً وهو يراقب المدينة وكان الجو حاراً عندما غفا ، فأنبت الرب يقطينة نمت بسرعة وظللته فارتاح، إلا أنه وهو نائم أيبس الرب اليقطينة فضربت الشمس رأس يونان فاستيقظ مزعوجاً، فخاطبه الرب قائلاً : «إذا كنتَ قد حزنت على يقطينة إشفاقاً عليها ، أفلا أشفق أنا على مدينة عظيمة كنينوى يقطنها هذا العدد الكبير من الناس؟».
وذكرت قصة يونان كذلك في القرآن الكريم، ويُشار إليه باسم «ذو النون» أو «يونس» وبشكل عام تتشابه قصة يونس مع قصة يونان بالتوراة في المضمون والأحداث، حيث تضمنت كذلك إرسال الله ليونس «يونان» إلى قومه، ورفضه تنفيذ الأمر في البداية، ثم ابتلاعه من قبل الحوت، وتوبته، وأخيرًا قبول الله لتوبة قومه.
وتلك القصة تحمل دلالات روحية عديدة لدى كل المؤمنين حيث يضرب بها المثل في التوبة والرجوع إلى الله والرحمة الإلهية.
وتطلق الكنائس الكاثوليكية الشرقية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية بما فيهم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، على عيد يونان «فصح يونان»، والفصح هنا كلمة عبرانية تعني العبور، وتشير في اليهودية إلى عبور اليهود البحر الأحمر بقيادة موسى النبي، وفق سفر الخروج في التوراة وخلد اليهود هذه الواقعة باحتفالهم «بعيد الفصح»، ومن ثم أطلقت الكنائس الشرقية على عيد يونان بعيد الفصح كرمزاً لقصة المسيح، حيث شبهة بشارة ودعوة يونان لأهل نينوى التي ترتب عليها هدى أهل المدينة، بقصة السيد المسيح المذكور في الأناجيل الأربعة التي تتمحور حول تقديم المسيح نفسه كأضحية من أجل البشرية، حيث نقلهم من الموت والجحيم الحتمي إلى الملكوت والسعادة الأبدية، كما يرمز أيضاً بواقعة بقاء يونان في بطن الحوت لمدة ثلاثة أيام ومن ثم خروجة، بموت المسيح وبقائه في القبر لمدة ثلاثة أيام ومن ثم قيامته وفق المعتقد المسيحي.
وقبل أن ترمز الكنائس بقصة يونان بقصة المسيح؛ فقد أرمز السيد المسيح نفسه بقصة يونان بقوله: لأنه كما كان يونان آية لأهل نينوى، هكذا يكون ابن الإنسان لهذا الجيل) (لوقا11:30), وقال: (لأنه كما مكث يونان ثلاثة أيام وثلاث ليال في جوف الحوت، كذلك يمكث ابن الإنسان ثلاثة أيام وثلاث ليال في جوف الأرض) (متى12:40)
وبذلك يكون عيد يونان هو العيد الوحيد بين أعياد الكنيسة القبطية الذي يطلق عليه «فصح».
الصوم تاريخياً
يذكر لنا المطران إسحق ساكا النائب البطريركي العام في كتابه «السريان إيمان وحضارة» أن ذلك الصوم جاء بعد أن أصاب الناس في بلاد فارس والعراق وخاصة منطقة نينوى مرض يُسمّى «الشرعوط»، وهو لفظ سرياني يعني «الطاعون أو الوباء»؛ فخلت مدن وقرى كثيرة من الناس، حتى اضطر الملك كسرى أنوشروان أن يستأجر رجالاً لدفن الموتى من كثرتهم؛ فقرّر رعاة الكنائس المشرقية في تلك البلدان أن يصوم المؤمنون لمدة 3 أيام ونادوا باعتكاف، وتوبة قوية نسجًا على منوال أهل نينوى وسُمِّي «صوم نينوى» لأن المؤمنين الذين صاموه أولاً كانوا يقطنون في أطراف نينوى، حسب البحث المنشور للقس باسيليوس صبحي في مجلة «الكرازة».
وبالنسبة لبداية صوم الكنيسة القبطية بصوم يونان فجاء ذلك بعدما أتفق البابا إبرآم بن زرعة «البابا 62 من بابوات الكرازة المرقسية»، الذي كان سريانياً الأصل مع الكنيسة السريانية على هذا الصوم بدافع المحبة والوحدة؛ ليكون هناك تقارب في الأعياد كما يوجد بينهما الائتلاف في العقيدة الأرثوذكسية، وذلك حسب كتاب «قطمارس الصون الكبير»، ويرجع البعض توقيت الصوم الواقع في فترة ما بعد عيد الغطاس وقبل الصوم الكبير، إلى أنها تعد تنبيها للنفس بالتوبة وضبط الشهوات تمهيدًا لاستقبال الصوم الكبير.
وعندما جاء البابا غبريال الثامن، البطريرك الـ97 من بطاركة الكنيسة، والذي جلس على الكرسي البابوي في الفترة من (1587- 1603م)، أمر بألا يُصام؛ «صوم يونان»، ولكن لم يسمع له الأقباط، ومازال الصوم يُصام حتى الآن، وكما أخذ الأقباط الصوم أخذه أيضاً الأرمن عن الكنيسة السريانية ولكن قبل الأقباط بزمن بعيد ولم يزالوا يصومونه ستة أيام على ما كان جارياً في كنيسة الرها وبلاد شميشاط وملطية ويسمى عندهم صوم القديس سركيس لوقوع عيده في نهايته.
القديس سركيس هذا قائد استشهد في النصف الأخير من الجيل الرابع وهو غير سركيس رفيق باخوس الذي استشهد بالرصافة سنة «303م» وحكاية القديس هذا المسمى صوم نينوى باسمه عند الأرمن وصلت إليهم عن مصدر سرياني على هذا الوجه، في الجيل الثاني عشر كان راهب في دير اختمار يدعى جورجي، هذا كتب رسالة إلى نرسيس الجاثاليق الذي كان في كيليكية لكي يبعث إليه بقصة مار سركيس ولما لم يجد الجاثاليق هذه القصة بين كتبه، كتب إلى دير مار برصوما للسريان الواقع بجوار ملطية يطلب هذه القصة فنقلها له أحد رهبان الدير المذكور إلى الأرمنية وربما أن لغته كانت ركيكة اضطر الجاثاليق أن ينقحها بقلمه ومن ثم أرسلها إلى الراهب جورجي المذكور بدير اختمار.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الاقباط الارثوذكس صوم يونان فصح يونان الأسماك الکنیسة القبطیة یونان النبی ثلاثة أیام صوم یونان ومن ثم
إقرأ أيضاً:
الإفتاء تحدد أول أيام ذي الحجة.. استعدوا لخير أيام الدنيا
أول أيام ذي الحجة، بدأنا فى العد التنازلي للعشر الأوائل من ذي الحجة، مما جعل الجميع يبحثون عن أول أيام ذو الحجة 2025 وموعد رؤية الهلال، كي يترقبون بركات ونفحات عشر ذي الحجة المباركة، والتي هي خير أيام الدنيا ، التي تبدأ بخيرات وتنتهي بوقفة عرفات ومن بعدها عيد الأضحى.
أول أيام ذو الحجة 2025 وموعد رؤية الهلالوتكون غرة شهر ذو الحجة 1446هـ فلكياً يوم الأربعاء 2025/5/28م وتكون وقفة عرفات لعام 1446هـ فلكياً يوم الخميس 2025/6/5، ويكون أول أيام عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ فلكياً يوم الجمعة 2025/6/6م.
تواريخ عشر ذي الحجة 2025الأربعاء 28 مايو 2025 ويوافق 1 ذي الحجة 1446 فلكيًا
الخميس 29 مايو 2025 يوافق 2 ذي الحجة 1446 فلكيًا
الجمعة 30 مايو 2025 يوافق 3 ذي الحجة 1446 فلكيًا
السبت 31 مايو 2025 يوافق 4 ذي الحجة 1446 فلكيًا
الأحد 1 يونيو 2025 يوافق 5 ذي الحجة 1446 فلكيًا
الإثنين 2 يونيو 2025 يوافق 6 ذي الحجة 1446 فلكيًا
الثلاثاء 3 يونيو 2025 يوافق 7 ذي الحجة 1446 فلكيًا
الأربعاء 4 يونيو 2025 يوافق 8 ذي الحجة 1446 فلكيًا
الخميس 5 يونيو 2025 يوافق 9 ذي الحجة 1446 فلكيًا
الجمعة 6 يونيو 2025 يوافق 10 ذي الحجة 1446 فلكيًا
ووفقاً لدار الإفتاء المصرية فإن أيام عشر ذي الحجة ولياليها أيام شريفة ومفضلة، يُضَاعف العمل فيها، ويُستَحَبُّ فيها الاجتهاد في العبادة، وزيادة عمل الخير والبر بشتى أنواعه؛ فالعمل الصالح في هذه الأيام أفضل من العمل الصالح فيما سواها من باقي أيام السنة؛ فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» أخرجه أبو داود وابن ماجه وغيرهما.
حكم صيام عشر ذي الحجةذهب الفقهاء إلى استحباب صيام الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة باستثناء يوم عيد الأضحى المبارك؛ أي يوم النحر؛ وهو اليوم العاشر من ذي الحجة؛ إذ يحرم على المسلم أن يصوم يوم العيد باتفاق الفقهاء، الذين استدلوا على ذلك بعموم أدلة استحباب الصوم وفَضله، وكون الصوم من الأعمال التي حث عليها النبي -صلى الله عليه وسلم-.
أعمال العشر من ذي الحجة1- نحر الأضحية:
وهي سنة يشترك فيها الحاج وغير الحاج، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «ما عملَ آدميٌّ من عملٍ يومَ النَّحرِ أحبّ إلى اللهِ من إهراقِ الدَّمِ، إنَّهُ ليأتي يومَ القيامةِ بقُرونها وأشعَارِها وأظلافِها -أي: فتوضع في ميزانه- وإنَّ الدَّمَ ليقعُ من اللهِ بمكانٍ قبلَ أن يقعَ من الأرضِ فطيبُوا بها نفسًا» رواه الترمذي.
2- صوم يوم عرفة:
وصومُ يوم عرفة سنة فعلية فعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقولية حثَّ عليها في كلامه الصحيح المرفوع؛ فقد روى أبو قتادة رضي الله تعالى عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» أخرجه مسلم، فيُسَنّ صوم يوم عرفة لغير الحاج، وهو: اليوم التاسع من ذي الحجة، وصومه يكفر سنتين: سنة ماضية، وسنة مستقبلة
3- صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة:
يُستَحَبّ صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة ليس لأنَّ صومها سنة، ولكن لاستحباب العمل الصالح بصفة عامة في هذه الأيام، والصوم من الأعمال الصالحة، وإن كان لم يرد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صوم هذه الأيام بخصوصها، ولا الحث على الصيام بخصوصه في هذه الأيام، وإنَّما هو من جملة العمل الصالح الذي حثَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم على فعله في هذه الأيام كما مرَّ في حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
4- التهليل والتكبير والتحميد:
يقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ».
5- الإكثار من فعل الخيرات:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه» رواه البخاري.
6- لبس الثياب الحسن يوم العيد:
ورد في مستدرك الحاكم، عن الحسن بن على- رضي الله تعالى عنهما- قال: «أمرنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في العيدين أن نلبس أجود ما نجد، وأن نتطيب بأجود ما نجد، وأن نُضحي بأثمن ما نجد». أخرجه الطبراني والحاكم.
7- كثرة الذكر:
يستحب الإكثار من الذكر في العشر من ذي الحجة، مُستشهدة بما قال الله تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ).