الفيتوري: التصريح حول الميزانية الموحدة يواجه تحديات في التقسيم بين حكومتين
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
ليبيا – تعليق عطية الفيتوري على الميزانية الموحدة
أعرب عطية الفيتوري، أستاذ الاقتصاد في جامعة بنغازي، عن اعتقاده بأن التصريح الصادر من وزير المالية في حكومة عبد الحميد الدبيبة حول قرب اعتماد ميزانية موحدة لا يحل المشكلة، إذ يرى أن المطلوب هو حكومة موحدة، وليس مجرد جمع ميزانيتين.
النقد المالي للتصريح الحكومي
قال الفيتوري خلال مشاركته في برنامج “حوارية الليلة” الذي بثته قناة “ليبيا الأحرار” من تركيا، وتابعته صحيفة المرصد، معربًا عن استغرابه من كيفية تقسيم الميزانيتين بين الحكومتين، مستفسرًا: “لا أعرف كيف تم تقسيم الميزانيتين على الحكومتين؛ وهل سترضى كل حكومة بنصيبها؟ وإلا فربما يُصدرون تفويضات مالية إضافية ويتم تحويلها إلى المصرف المركزي.
تحليل البيانات والمعلومات المالية
أشار الفيتوري إلى أن المصرف المركزي أعلن في نهاية عام 2024 عن إجمالي إنفاق قدره 146 مليارًا، معتبراً أن هذا الرقم يشمل الحكومتين، وذلك بوجود محافظ ونائب يمتلكان معلومات الإنفاق في المنطقة الشرقية. وأوضح أن الإيراد الناتج عن رسم بيع العملة الأجنبية يُعد إيرادًا محققًا للحكومة، ويجب إضافته إلى إيراداتها؛ مضيفًا: “من يأخذه إذا؟ ليس للمصرف المركزي، فكل الإيرادات تُضاف إلى الحكومة.”
دعوة لمراجعة البيانات والشفافية
نوّه الفيتوري إلى ضرورة مراجعة البيانات المالية بدقة، حتى بالنسبة للمبالغ الصغيرة مثل 10 مليار، مؤكداً أن الأرقام السابقة لا تعكس الحقيقة بشكل كامل. وأشار إلى أن مجلس الإدارة والجهات المسؤولة عن الميزانية في المنطقة الشرقية يجب أن يطلعوا على هذه التفاصيل.
وأضاف: “إذا تجاوز حجم الإنفاق الحقيقي 200 مليار، فلن يُعتبر هذا الرقم صحيحًا أو معتمدًا بناءً على البيانات الرسمية الصادرة عن المصرف المركزي وديوان المحاسبة.”
دور المصرف المركزي والميزانية الموحدة
أكد الفيتوري أن المصرف المركزي لم يلعب دور وزارة المالية في الإعلان عن النفقات والإيرادات، بل إن كل الإيرادات التي تصل إلى وزارة المالية تتم عبره. وبيّن أن الميزة الوحيدة للميزانية الموحدة تكمن في معرفة مصروفات الحكومة في بنغازي، دون صرف مبالغ خارج الميزانية، مع الافتراض بأن المصرف الآن يشرف على الإيرادات والمصروفات بشكل كامل.
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: المصرف المرکزی
إقرأ أيضاً:
«السودان بين كماشة التقسيم والانهيار».. دارفور نموذجًا لتحلل الدولة المركزية
في أعماق الجغرافيا السودانية، حيث كان النيل يُغني للحضارات القديمة من كرمة إلى مروي، يقف السودان اليوم على شفير هاوية جديدة، ليست فقط هاوية الحرب الأهلية، بل هاوية تفكك الدولة الوطنية كما نعرفها، والحدث الأحدث في سلسلة الانحدار هو تشكيل حكومة في إقليم دارفور، في مشهد يراه البعض خطوة نحو «الاستقلال الناعم»، أو بالأدق، بداية تقسيم المُقسَّم.
منذ انفصال الجنوب عام 2011، وما تبعه من صراع في جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور، بدا واضحًا أن السودان، الذي خرج من الاستعمار البريطاني بخريطة واسعة لكنها هشة، بات أكثر عرضة للانشطار من الداخل، بفعل تركيبة إثنية ومناطقية لم تُعالَج بسياسات عادلة، بل زُرعت فيها الألغام منذ فجر الاستقلال.
دارفور: الدولة القادمة؟خطوة تشكيل كيان حكومي في دارفور، وإن جاءت في سياق اتفاق جوبا للسلام، فإنها في الواقع تكرّس سلطة أمراء الحرب، وتخلق نموذجًا لدولة داخل الدولة، في ظل تآكل دور الحكومة المركزية وانقسام المؤسسة العسكرية إلى جناحين: أحدهما يمثله الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، والآخر تمثله قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي»، التي باتت تسيطر فعليًا على مناطق واسعة في الغرب والجنوب والخرطوم ذاتها.
حميدتي ليس مجرد قائد مليشياوي تقليدي، بل رأس حربة لمشروع إقليمي ودولي للسيطرة على الموارد، خصوصًا الذهب، الذي أصبح «النفط الجديد» في معادلات القوة. وبحسب تقارير دولية، فإن صادرات الذهب السوداني تصل إلى الأسواق العالمية عبر قنوات غير رسمية، يمر أغلبها عبر موانئ خاضعة لتأثير قوى تمتلك المال والنفوذ البحري، بينما تحظى قواته بدعم سياسي وعسكري غير مباشر من أطراف ترى في إضعاف المركز فرصة لتعزيز حضورها الاقتصادي والاستراتيجي.
البحر الأحمر: لعبة النفوذفي الشرق، تتحول جزيرة سواكن إلى مسرح تنافس حاد.تركيا، التي حصلت سابقًا على حق إدارة الجزيرة في عهد البشير، تحاول استعادة نفوذ عثماني قديم يعيدها إلى صدارة البحر الأحمر، ويؤسس لحزام نفوذ يمتد من الصومال إلى ليبيا مرورًا بقطر والسودان. وفي المقابل، تتحرك قوى إقليمية ذات تأثير اقتصادي ولوجستي واسع، تحرص على بقاء قبضتها على الموانئ والممرات البحرية، ضمن سباق محموم للسيطرة على طرق التجارة، وخطوط الربط الجديدة بين آسيا وأوروبا.
إسرائيل والسماء المفتوحةوفي تطور لافت، سمحت الحكومة السودانية بعبور طيران العال الإسرائيلي فوق أراضيها نحو أمريكا الجنوبية، في خطوة تمثل تطبيعًا واقعيًا رغم غياب الإعلان الرسمي الكامل. هذه الخطوة ليست رمزية فحسب، بل تعكس عمق التحولات في بنية الدولة السودانية المنهارة، حيث تُدار السياسة الخارجية بدافع الحاجة إلى الحماية والدعم، لا من منطلق السيادة الوطنية.
تل أبيب، التي تراقب الموقف عن كثب، لا ترى السودان فقط من منظور التطبيع، بل كجزء من صراع على ممرات استراتيجية. فهي تدرك أن الوصول إلى أعالي النيل والقرن الأفريقي، وامتلاك موطئ قدم قرب قناة السويس، يمنحها أوراق ضغط إضافية في موازين القوى الإقليمية، خاصة مع تقاربها مع إثيوبيا وتنسيقها مع قوى بحرية مؤثرة في المنطقة.
تفكيك الجغرافيا: التاريخ يعيد نفسه؟السودان لا ينزلق فقط نحو تفكك سياسي، بل إلى تفكك جغرافي ناعم، يمر عبر بوابة الفوضى، وصراعات الموارد، وتضارب الولاءات. هذا التفكك يجد جذوره في التاريخ، فالسودان الحديث وُلد بعملية جراحية استعمارية جمعت شمالًا عربيًا، وجنوبًا أفريقيًا، وغربًا صحراويًا، وشرقًا بحريًا، دون رابط قومي أو ديني أو لغوي موحد، بل بتوازن هش بين المركز والهامش.
وحين فشلت النخب السودانية بعد الاستقلال في بناء مشروع وطني جامع، استغلت القوى الخارجية ذلك التصدع. واليوم، يبدو المشهد تكرارًا مأساويًا لهذا المسار، لكن هذه المرة بوسائل أكثر تعقيدًا: شركات أمن خاصة، مليشيات قبلية، سماسرة ذهب، تطبيع معلن وخفي، وصراعات لوجستية في البحر والجو والبر.
ما المصير؟لا يزال السودان يمتلك، من حيث الإمكانات، كل مقومات الدولة القوية: موقع استراتيجي، موارد طبيعية، نهر عابر للقارات، وشعب ذو حضارة ضاربة في التاريخ. لكن استمرار غياب القيادة الوطنية، وتفتت المؤسسة العسكرية، وتضارب المشاريع الإقليمية، قد يجعل من السودان ساحة صراع دائم، بدلًا من أن يكون جسرًا حضاريًا بين أفريقيا والعالم العربي.
وفي الخلفية، تظل يد خفية تجمع بين الذهب والموانئ، وتربط بين موارد الأرض ومفاتيح البحر، لتعيد رسم الخرائط بما يخدم مصالحها، بينما يدفع السودان ثمن موقعه وثرواته قبل أن يجني منهما شيئًا.
اقرأ أيضاًوزير الخارجية ونظيره التركي يؤكدان على ضرورة وقف إطلاق النار في السودان
سفير السودان بالقاهرة: مصر شريك استراتيجي موثوق في كافة المجالات
مصر والسودان يتفقان على تنشيط التعاون على المستوى الجامعي والدراسات العليا