مصر تقفز 46 مركزًا في المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي.. خبراء: تسخير هذه التطبيقات يسهم في الارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين.. ويساعد الكوادر البشرية على إنجاز أعمالهم
تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في انعكاس مباشر للاهتمام الكبير من قبل الحكومة المصرية بتسخير الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهداف التنمية، حققت مصر تقدمًا ملحوظًا في مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي، حيث تقدم ترتيب مصر 46 مركزًا في المؤشر العالمي، حيث احتلت المركز 65 في عام 2024، وذلك بعد أن احتلت المركز 111 عام 2019.
ويأتي التقدم الذي أحرزته مصر في مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي في ظل جهود مكثفة لإدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي في برامج عمل الحكومة والقطاعات المختلفة، من أجل تحقيق التنمية الشاملة، حيث تعتمد منهجية المؤشر على مدى استعداد الحكومات لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات العامة، والترتيب المتقدم الذي احتلته مصر يعكس جهود الدولة في تعزيز التحول الرقمي والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في تحسين الخدمات الحكومية.
ويأتي اهتمام الحكومة باستخدام الذكاء الاصطناعي في ظل زخم دولي على الدخول في هذا القطاع الذي يمثل نقطة تحول محورية في التقنيات المتقدمة، الأمر الذي يسهم في الارتقاء بالخدمات العامة في مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية والتعليمية.
انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعيوانتشرت تطبيقات الذكاء الاصطناعي حول العالم بشكل موسع وبخاصة خلال السنوات الأخيرة، وارتفعت التطبيقات المنشورة في متاجر التطبيقات بنسبة 1480% على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2024، كما زادت أيضًا تنزيلات تطبيقات الدردشة بالذكاء الاصطناعي بنسبة 1506%بنسبة 1506%، بينما زادت إيرادات الشراء داخل التطبيق بنسبة 4184% على أساس سنوي، بالإضافة إلى ذلك، استحوذ أفضل 10 تطبيقات دردشة بالذكاء الاصطناعي فقط على 52% من إجمالي عدد مرات تحميل تطبيقات الدردشة بالذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعيوانطلق النمو المتزايد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي مع النجاح الكبير الذي حققه "شات جي بي تي (ChatGPT)، حيث زاد الاهتمام بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وأدى الطلب المتزايد على تطبيقات الدردشة بالذكاء الاصطناعي إلى زيادة التطبيقات المطورة والإنفاق في هذا المجال، فمنذ انطلاق "شات جي بي تي" في نوفمبر 2022، حطم الأرقام القياسية، فبعد خمسة أيام من إطلاقه، تجاوز مليون مستخدم، وفي غضون شهرين، ارتفع إلى 100 مليون مستخدم نشط، مما أدى إلى تأمين مكانته باعتباره ثاني أسرع تطبيق استهلاكي نموًا في التاريخ. وفي أقل من عام، أصبح هناك أكثر من 180 مليون مستخدم لـ "شات جي بي تي"، بحسب نشرة الذكاء الاصطناعي الصادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء.
كما تكشف التركيبة السكانية لجمهور زوار موقع "شات جي بي تي" أن الأغلبية هم من الذكور (55% مقابل 45% من الإناث). علاوة على ذلك، تتراوح أعمار غالبية الزوار بين 25 و34 عامًا (33.1% من الزوار) ومن 18 إلى 24 عامًا (28.7%).، وبعد نجاح "شات جي بي تي"، حاول الكثير من الشركات تطوير وإنشاء روبوت نموذجي للغة الذكاء الاصطناعي خاص بها. أطلقت شركة جوجل، على سبيل المثال، برنامج المحادثة "بارد" (Bard)، القائم على الذكاء الاصطناعي. وفي 8 فبراير 2024، أُعيد إطلاق برنامج "بارد" (Bard) باسم "جوجل جيميني" (Google Gemini)، وأطلق أمازون برنامج دردشة جديدًا يعمل بالذكاء الاصطناعي يسمى "كيو" (Q)، بحسب منصة blog.invgate.
خبراء تكنولوجيا المعلوماتويؤكد خبراء تكنولوجيا المعلومات أن تسخير الذكاء الاصطناعي من القضايا التي تحتل أولوية ضمن توجهات الحكومة المصرية في السنوات الأخيرة، حيث حظيت تطبيقات الذكاء الاصطناعي بأهمية كبيرة وتحولت العديد من الشركات الكبرى والدول لاستخدام تلك التطبيقات والاعتماد عليها بشكل أساسي في إنجاز المهام والأعمال.
وفي هذا الشأن، قال الدكتور محمد عزام، خبير تكنولوجيا المعلومات، إن استخدام الذكاء الاصطناعي حول العالم يشهد نموًا ملحوظًا وبخاصة في السنوات الأخيرة، وأصبحت العديد من الكيانات العالمية الكبرى تعتمد عليه بشكل أساسي في إنجاز أعمالها.
تطبيقات الذكاء الاصطناعيوأضاف "عزام" في تصريحاته لـ«البوابة نيوز» أن تسخير تطبيقات الذكاء الاصطناعي تحول إلى ركيزة أساسية للمساهمة في تطوير القطاعات التنموية وعلى رأسها الصناعة واللوجيستيات بالإضافة إلى الاستخدام الموسع لها في القطاع الصحي.
وتابع: "تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي انتشرت بشكل كبير في الآونة الأخيرة أصبحت محل اهتمام الملايين حول العالم، الأمر الذي دفع الكثير من المطورين والمبرمجين لاستحداث وإطلاق تطبيقات جديدة ومتطورة".
ولفت خبير أمن المعلومات إلى أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي "التوليدي" والتي تستطيع إنشاء محتوى متكامل أصبحت وسائل مساعدة، وتقدم العديد من الخدمات للمستخدمين في تنفيذ المهام المختلفة المطلوبة على اختلال المجالات والتخصصات فنجد تطبيقات تتميز في المحتوى وأخرى تتميز في الصوت والصورة والمواد المصورة "الفيديو"، وغيرها.
وأوضح "عزام" أن أهم ما يميز هذه التطبيقات هو اعتمادها على أنماط جديدة في إنتاج المحتوى المكتوب والمرئي، والتي تمكن المستخدمين على اختلاف تخصصاتهم من الاستفادة من هذه التطبيقات، الأمر الذي أصبح التعامل مع المعلومات والبيانات ومحركات البحث بشكل متسارع.
وتابع: "تطبيقات الذكاء الاصطناعي أصبحت بمثابة المساعد الذكي القادر على إنجاز المهام المختلفة بشكل احترافي وبسرعة فائقة، حيث أحدثت نقلة نوعية حتى في الاستخدامات المختلفة وأصبحت تؤثر بشكل مباشر على الوظائف الأمر الذي دفع العديد من الشركات العملاقة للإسراع في الاستفادة من هذه التطبيقات".
الذكاء الاصطناعي في التعليم والتعلموعن أهمية الذكاء الاصطناعي في التعليم والتعلم، أكد "عزام" أن الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعلم أصبح ضرورة قصوى، والاستفادة من الإلمام بهذه التطبيقات يساعد على التطور الوظيفي، فهذه التطبيقات لا تهدد مستقبل الوظائف بشرط الإدراك الكامل لإمكانيات هذه التطبيقات والسعي إلى تطويعها في تنفيذ المهام الوظيفية المختلفة.
وأكمل: "بالطبع هناك بعض الوظائف التي ستختفي في المستقبل وبخاصة في قطاعات التصنيع والأعمال الإدارية، كما ستتيح تطبيقات الذكاء الاصطناعي فرص عمل جديدة في مجالات تكنولوجيا المعلومات، والمهن الطبية والبرمجة".
من جهته، قال المهندس أحمد طارق، خبير تكنولوجيا المعلومات، إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تتيح فرص هائلة يجب العمل على استغلالها الاستغلال الأمثل، حيث أنه من المتوقع أن يفقد العالم الآلاف بل وملايين الوظائف خلال الفترة المقبلة، ولكن هناك العديد من الخدمات والأدوات التي تقدمها هذه التطبيقات، ومن هنا يجب على الجميع السعي للاستفادة منها".
وأضاف "طارق" أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تشهد تطور متسارعًا والشركات الكبرى تسعى لتطوير تطبيقات خاصة بها في هذا المجال، وتشير التقارير الدولية إلى أن المستخدم من هذه التطبيقات لا يتعدى 5% فقط، الأمر الذي يجعل هناك فرصًا كبيرة للتوسع خلال الفترة المقبلة".
وتابع: "يجب العمل على تحقيق أقصى استفادة ممكنة من تطبيقات الذكاء الاصطناعى، وبخاصة لأنها تساعد على توفير الوقت والجهد والقضاء على الفساد؛ نظرًا لأن تطبيق الرقمنة يفصل بين مقدم الخدمة ومتلقيها وبالتالي تقل الرشاوى والفساد.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي مصر تكنولوجيا المعلومات مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي الحكومة تطبیقات الذکاء الاصطناعی تکنولوجیا المعلومات الذکاء الاصطناعی فی بالذکاء الاصطناعی للذکاء الاصطناعی هذه التطبیقات شات جی بی تی الأمر الذی العدید من فی هذا
إقرأ أيضاً:
ممالك النمل الطريق لفهم الذكاء عند الإنسان!
أ. د. حيدر أحمد اللواتي **
في مقالنا السابق تحدثنا عن مملكة النمل، ذلك العالم الصغير الذي يحمل في طياته أسرارًا عظيمة عن التنظيم والدقة، وكيف أن نظامه الفريد ينبع من تبادل المعلومات مع المحيط؛ فالنملة، رغم صغر حجمها، تعتمد في نشاطها اليومي على ما تلاحظه في محيطها الضيق، وليس لديها أي فكرة عن الصورة الأكبر التي نراها نحن كمراقبين؛ فالتنسيق الرائع الذي يبدو كلوحة مُتقنة لا يُدركه أي فرد من أفراد مملكة النمل بمفرده؛ بل هو نتاج تفاعل بسيط ومستمر بين آلاف النمل الذين يعملون كخلية واحدة متكاملة.
هذا النظام اللامركزي، الذي يُميِّز ممالك النمل، يكشف لنا سرًا مُهمًا حول المرونة والتكيُّف، فبدلًا من انتظار الأوامر من قيادة مركزية، يتصرف كل فرد بناءً على المعلومات التي يحصل عليها من محيطه المباشر، وهذا الأسلوب في التنظيم يسمح لهذه الممالك بالتأقلم مع بيئات مختلفة ومُتغيِّرة بسرعة، دون الحاجة إلى إدارة عُليا معقدة أو مركزية، ففي مواجهة تغيرات البيئة أو ظهور خطر مفاجئ، لا يتعين على النمل الانتظار حتى تصدر القيادة قرارًا؛ بل كل نملة تتصرف تلقائيًا بناءً على ما تلاحظه، إن هذا النظام اللامركزي يُشبه إلى حد بعيد طريقة انتشار الأخبار أو المعلومات في شبكات التواصل الاجتماعي الحديثة؛ حيث ينتشر الخبر بسرعة ويؤثر على سلوك الأفراد دون الحاجة إلى سلطة مركزية.
علماء الطبيعة والمهندسون بدورهم، استلهموا من هذه الظاهرة دروسًا قيمة، فقد أدركوا أن النُظُم المُعقدة قد تنبني على قواعد بسيطة جدًا: مراقبة المحيط، والتفاعل معه، والتكيف بناءً على ما يُلاحظ.
وهذه العملية البسيطة في جوهرها، قادرة على حل مشكلات مُعقَّدة، حتى في غياب أي قيادة مركزية، وبناءً على هذه الأفكار، ابتكر باحثو جامعة هارفارد فريقًا من الروبوتات البسيطة نسبيًا، التي يمكنها التعاون والعمل الجماعي لأداء مهام معقدة باستخدام 3 قواعد بسيطة، معتمدين على الضوء بدلًا من المواد الكيميائية التقليدية، وقد أظهر هذا النظام مرونة فائقة؛ حيث استمر العمل بكفاءة حتى عندما توقف أحد الروبوتات عن العمل.
لكن، الإبداع الحقيقي لهؤلاء العلماء يكمن في ربط هذه الأفكار بآلية عمل الدماغ البشري، ذلك العضو العجيب الذي ما زال يحتفظ بأسرار لا تُحصى؛ فرغم الفوارق الظاهرة بين مملكة النمل والدماغ، رأى هؤلاء العلماء أن هناك رابطًا مُشتركًا بينهما، فكلاهما يملك نظامًا معقدًا يتكون من وحدات بسيطة تتفاعل مع بعضها لتنتج سلوكًا جماعيًا ذكيًا؛ ففي الدماغ، تتشابك الخلايا العصبية في شبكة مُعقَّدة من الاتصالات السريعة، ولا توجد جهة مركزية تأمر هذه الخلايا كيف تتصرف، وبدلًا من ذلك، تعتمد كل خلية على المعلومات التي تصلها من محيطها، لتقرر بدورها كيف تستجيب.
فعندما يسقط الضوء على شبكية العين، تُرسل الخلايا البصرية المعلومات التي وصلتها من المحيط عبر إشارات كهروكيميائية إلى الخلايا العصبية في الدماغ، والتي تقوم بدورها بإرسال رسائل إلى خلايا أخرى مجاورة؛ مما يخلق تكاملًا مذهلًا للمعلومات ويسمح باتخاذ قرارات فورية ومعقدة، فكل خلية عصبية تتبادل المعلومات مع خلايا أخرى عبر إشارات كهروكيميائية، وعندما تستقبل إشارة من خلية مجاورة، ترد بإرسال إشارات إلى خلايا أخرى مترابطة، وبهذا الشكل، تبدو العملية على المستوى الخلوي بسيطة للغاية، لكن على مستوى الدماغ ككل تتولد أعمال معقدة تفوق الوصف.
إنَّ هذا التشابه بين ممالك النمل والدماغ البشري يفتح أمامنا نافذة لفهم عميق، فقد يكون سر ذكاء الإنسان لا يكمن في تعقيد كل شبكة عصبية على حدة؛ بل في شبكة العلاقات المعقدة بين هذه الخلايا العصبية، التي تخلق ذكاءً جماعيًا يتفوق على مجموع أجزائه.
فهل دراسة الذكاء الجمعي في مُستعمرات النمل وفَهم آلياته هو الذي سيقودنا لفهم الذكاء عند الإنسان؟ وهل سر ذكاء الإنسان يكمُن في مُستعمرات النمل وممالكها؟!
** كلية العلوم، جامعة السلطان قابوس
رابط مختصر