لجريدة عمان:
2025-10-14@09:23:40 GMT

شفافية المؤسسات سبيل للتكامل المجتمعي

تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT

ردود أفعال مختلفة وتفاعل رقمي ملحوظ تابعه الجميع بعد عقد الادعاء العام مؤتمره السنوي بتاريخ 4 فبراير 2025م بعنوان «الشعور بعدالة الإجراء»، الذي استعرض أهم مؤشرات وإحصائيات القضايا التي تعامل معها، وأبرز القضايا والقرارات والأوامر القضائية والأحكام المنفذة، وتوظيف التقنية الحديثة في أعماله، والتوعية القانونية لعام 2024، وما ذاك إلا انعكاس لمبادئ الشفافية ومشاركة المعلومة، وإذ نصل لهذه النتيجة ونتشارك ذلك اليقين فلا أقل من أن تغدو هذه البيانات والإحصائيات المعلنة رسميا بداية لكثير من التحليلات والأبحاث اللاحقة الممهدة لوضع تصورات ممكنة لمشاريع تغيير وتنمية مستقبلية، ولعل المؤتمر قدّم كثيرا من الإحصائيات والأرقام التي قد تبدو مقلقة ظاهريا دون التعمق في تأثير التوعية في الإبلاغ عما يمكن أن يكون مسكوتا عنه من قبل.

في سياق استبطان المعلومة الإحصائية وصحة تحليلها أذكر أنني أثناء عملي في متابعة متعلقات قضايا إنسانية صادفت حضور جلسة محكمة أتت بعد إجازة القضاء، صدمني خلالها عدد قضايا التحرش بالأطفال حد التوتر والظن بأنها ظاهرة مرعبة متفشية، وإذ لم يتغير اليقين بأثرها المدمر لنفسية الطفل، ثم سلبياتها العامة على المجتمع ككل، غير أني أيقنت بعد استبطان متعمق ومراس أن الزيادة في عدد القضايا تعني كذلك زيادة الوعي في ضرورة الإبلاغ عن المتحرش بعد سنوات من الصمت ظنا أن في الإبلاغ فضيحة للضحايا، وخطوة لإقصائهم مجتمعيا بعد تعريضهم للتنمر والإدانة، يقينا أن الأمر كذلك مع الزيادة المطردة في بعض القضايا المتعلقة بالمال العام وجرائم غسيل الأموال، وقد تضمّن المؤتمر تأكيدا ذلك بالحديث عن التعاون المشترك بين الادعاء العام وجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة عبر العمل على مدار الساعة وبشكل متواصل للنظر في القضايا التي ترد إليهم من الجهات المبلغة، والتقييم المباشر لها، ولا ننسى في هذا المعرض الجهد الجلي للمؤسستين في التوعية المجتمعية والتثقيف القانوني والإداري، وتشجيع العامة والجهاز الإداري معا على ضرورة الإبلاغ ومشاركة المعلومة لتيسير عملية البحث والتحقق قبل الجزاء والمحاسبة إن ثبتت التهمة بتوافر الأدلة والقرائن.

مع قراءة ما بين السطور لا بد من وقفة على بعض الأرقام والإحصائيات والإجراءات، التي نذكر منها على سبيل المثال ارتفاع عدد الجرائم الواقعة على الأطفال العام الماضي إلى 1325 قضية، موزعة بين التحرش وهتك العرض وممارسة أي شكل من أشكال العنف، وتعريض الحدث للجنوح، والمخيف في ذلك أن هذا العدد لا يعكس الواقع الحقيقي لهذه التجاوزات على الطفولة وما هي إلا بعض من كل لم تصل به وسائله إلى الإبلاغ والتوثيق، خصوصا مع ما يمكن تخيله وسبق ذكره من قبل الادعاء أو المحامين أو حتى الأطباء المختصين مع استغلال وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الرقمية لإغراء وجذب الأطفال تحت عوامل كثيرة أسرية، اقتصادية واجتماعية.

ومع كل هذه الحقائق ترتفع ضرورة حماية الأطفال من كل هذه المهددات بتأكيد ثوابت التواصل الأسري، والاستقرار العائلي، وتعزيز القيم المتمثلة في الصدق والقناعة والإبلاغ عن أي شبهة، التوعية بالمفهوم الحقيقي للتربية بالقدوة والتوجيه، بالحوار بعيدا عن الإغراق المادي والعزل الاجتماعي، لا بد من يقين بأن أطفال اليوم مختلفون تماما عن أطفال الأمس وما يمكن أن يتعرضوا له من مخاطر يومية يفوق بمراحل ما كان يقلق آباء الأمس، من حيث السياق المختلف والوسائل المتنوعة، والسبل الأسرع لوصول الخطر إليهم حتى وهم في عقر دورهم بين أهليهم، وضمن هذا السياق المرتبط بالأحداث والأطفال ورد في المؤتمر كذلك حديث عن الموافقة على وثيقة مسقط لقواعد التعامل وحماية الطفل خلال مرحلة التحقيق بصفتها إلزامية بعد مناقشة أصحاب المعالي والسعادة نواب العموم والمدعين العامين بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما تضمن المؤتمر موضوع التحقيق مع الأطفال المجني عليهم أو الأحداث الجانحين بتأكيد مراعاة ظروفهم بإيجاد غرفة خاصة للاستجواب في محافظة مسقط كتجربة أولى تضعهم في وضع أكثر أريحية للتقليل من تأثير سرد تفاصيل القضية عليهم، هذه التجربة التي نرجو تعميمها على جميع المحافظات من باب عدالة الإجراء عملا بالمساواة بعيدا عن المركزية، كما نرجو الأخذ بضرورة متابعة الأطفال والأحداث بعد صدور الأحكام، إذ لا ينبغي الاعتقاد بأن الاستقرار النفسي والصحة السلوكية توافرت مباشرة بمجرد إدانة المتهم في قضايا التحرش والعنف ضد الأطفال ليترك هؤلاء لمواجهة مصيرهم مع الاكتئاب والانطواء وتدمير الذات، ولعل تحقق ذلك بالتعاون بين مؤسسات مختلفة كالادعاء العام والقضاء والتنمية الاجتماعية والصحة النفسية.

كثير مما يتعلق بأرقام وإحصائيات الجرائم المرتبطة بالمال، وأخرى بتزايد الوافدين وثالثة بالاحتيال ورابعة بنسبة الذكور إلى الإناث، كل تلك الإحصائيات منطلقات لدراسات مستقبلية تأخذ كل هذه المعلومات بعين الاعتبار سعيا لتحليل واقعها وتبين مبرراتها، واقتراح وسائل تغييرها سواء بمعالجة أسبابها المادية والنفسية والاجتماعية، أو بسد الثغرات المكنة المتاحة لتعبر مثل تلك الجرائم عبر مراجعة التشريعات الإدارية والقانونية، وتفعيل الحوكمة الإدارية ومتابعة توصيات الادعاء العام وجهاز الرقابة وكل المؤسسات المعنية بالمشهد الجرمي أسبابه ونتائجه.

ختاما: لا بد من الثناء على كل خطوة مؤسسية في طريق الشفافية وتبادل ومشاركة المعلومة، فما ذلك إلا انعكاس جليّ لحرص الجميع وقوفا على تحديات المرحلة بتبيان واقعها قبل وضع الخطط لتخطيها وتجاوزها، حينها نصل لتفعيل المشاركة سبيلا لتكامل مجتمعي وطني منشود، شركاء في المعلومة شركاء في تدارسها، شركاء في تحويلها حافزا إيجابيا لغد أفضل.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الادعاء العام

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء القطري يتحدث عن القضايا الصعبة في مفاوضات غزة

قال محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، إن الوسطاء قرروا تأجيل مناقشة القضايا الأكثر تعقيدا في مفاوضات غزة، نظرا لعدم جاهزية الأطراف المعنية للتعامل معها في المرحلة الحالية.

وأضاف رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري خلال مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز أن السعي نحو مفاوضات شاملة منذ البداية كان سيعرقل التقدم الذي تحقق حتى الآن.

وبين بن عبد الرحمن، أن التدرج في معالجة الملفات ساهم في الوصول إلى نتائج ملموسة، أبرزها وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى.

وأشار إلى أن أحد الأسئلة الجوهرية التي لا تزال مطروحة هو مستقبل سلاح حركة حماس، وقال: "فرق جوهري بين تسليم حماس سلاحها لسلطة فلسطينية أو لجهة أخرى".

كما شدد رئيس الوزراء القطري على أن الخطوة التالية ينبغي أن تكون بحث تشكيل قوة الاستقرار الدولية، مبينا أن حركة حماس منفتحة على مناقشة كيفية عدم تشكيلها تهديدا لإسرائيل.

والسبت، أفاد قيادي في حماس وكالة فرانس برس بأن الإفراج عن 48 أسيرا من الأحياء والأموات وغالبيتهم من الإسرائيليين، في غزة سيبدأ صباح الاثنين.

وقال أسامة حمدان في مقابلة مع الوكالة إنه "بحسب الاتفاق الموقع، من المقرر أن يبدأ التبادل صباح الاثنين كما هو متفق عليه، ولا يوجد تطورات جديدة في هذا الشأن".

وعقب عودة الأسرى من غزة، ستشرع دولة الاحتلال بإطلاق سراح نحو ألفي معتقل فلسطيني من سجونها، وفق ما نصت عليه بنود المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعه الطرفان بوساطة أمريكية.

في ذات الوقت، قال عضو حماس حسام بدران، اليوم السبت، إن الحركة مستعدة للقتال إذا استأنف الاحتلال الإسرائيلي حربه على غزة، وأشار إلى أن مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق إنهاء الحرب قد تكون أكثر تعقيدا.

وذكر بدران في مقابلة لوكالة الصحافة الفرنسية، أن كل المراقبين والمتابعين لم يكونوا يتوقعون أن هذه الحرب ستستمر عامين، لكن المقاومة بكتائب القسام وغيرها ظلت قادرة على الصمود والتحمل وتوجيه الضربات لجيش الاحتلال.

وتابع، "نأمل ألا نعود إلى هذه المرحلة، لكن بلا شك إذا فرضت هذه المعركة فإن حماس ستواجه وستبذل كل ما لديها من إمكانيات لصد هذا العدوان".



وحول سلاح المقاومة، قال بدران إنه "يجب الإشارة إلى أنه ليس سلاح حماس وحدها. نحن اليوم نتحدث عن سلاح هو سلاح الشعب الفلسطيني كله. السلاح في الحالة الفلسطينية هو شيء طبيعي وجزء من التاريخ والحاضر والمستقبل".

وأوضح، أن "حماس تتمسك بعدم التخلي عن سلاحها. لن تتخلى حماس عن سلاحها. هذا هو الوضع الطبيعي لكل شعب يعيش تحت الاحتلال"، مبينا أن السلاح الموجود لدى حماس ولدى المقاومة هو سلاح فردي للدفاع عن الشعب الفلسطيني.

وعن توقعاته بشأن مفاوضات المرحلة الثانية، قال بدران، إنها لن تكون "بسهولة المرحلة الأولى"، وفق تعبيره، مضيفا أن المرحلة الثانية "من الواضح من النقاط في خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنها تنطوي على كثير من التعقيدات وكثير من الصعوبات وهذا يتطلب تفاوضا ربما أطول، لكنه يتطلب قبل ذلك أيضا حوارا وطنيا فلسطينيا للخروج بإجابة وطنية فلسطينية".

وأشار بدران إلى أن حماس منخرطة في المفاوضات بشكل غير مباشر من خلال الوسطاء، وأنها "لن تكون مشاركة في عملية التوقيع (بشرم الشيخ). فقط الوسطاء والمسؤولون الأميركيون والإسرائيليون".

مقالات مشابهة

  • صحافة المواطن: صالح الجعفراوي أنموذجًا
  • قبل إصدار الإقامة أو بعدها.. مساند توضح جهة الإبلاغ عن تغيب العمالة المنزلية
  • برلماني: قمة شرم الشيخ للسلام امتدادًا لدور مصر الريادي في دعم القضايا العربية
  • رئيس الوزراء القطري يتحدث عن القضايا الصعبة في مفاوضات غزة
  • التمكين المجتمعي – مركز الملكة رانيا لتمكين المجتمعات نموذجاً
  • اليونيسف: الإبلاغ عن مقتل 17 طفلا بينهم رضيع في هجوم على مركز للنازحين في الفاشر
  • رئيس وزراء قطر: الوسطاء أجّلوا القضايا الأصعب في مفاوضات غزة
  • حاتم دويدار: الاستثمار في التقنيات المستقبلية مساهم رئيس في التمكين المجتمعي الرقمي
  • علي جمعة: الحلم والأناة سبيل استقامة وضبط نفس المسلم
  • بيان اليونيسف يشعل الغضب من دور المؤسسات الدولية.. من يحمي الطفل الفلسطيني؟