تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ننشر حيثيات فوز الست روايات بالقائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية، والسير الذاتية المؤلفين. 

أحمد فال الدين 

روائي موريتاني من مواليد نواكشوط، موريتانيا، عام 1977. درس الأدب في جامعة نواكشوط ودرس اللغة الإنجليزية في الولايات المتحدة الأميركية. يعمل موجهاً للمعايير التحريرية بشبكة الجزيرة، وعمل مراسلاً تلفزيونياً ميدانياً للقناة على فترات متقطعة وفي بلدان مختلفة.

اعتقل أحمد فال ولد الدين إثر تغطيته للأحداث الدائرة في ليبيا في مارس 2011، ثمّ أطلق سراحه. يكتب في قضايا كثيرة مثل الأدب والسياسة. 

صدرت له العديد من الروايات، من أهمها: "الحدقي" (2018) و"الشيباني" (2019). كما صدر له كتاب "في ضيافة كتائب القذافي: قصة اختطاف فريق الجزيرة في ليبيا" (2012). 
دانشمند
"دانشمند" أو عالم العلماء، هي سيرة الإمام أبي حامد الغزالي الشهير، الذي تفوق على مجايليه وصار إمام عصره وعالم زمانه. رواية وإن توسلت بالتاريخ، لا تسقط في فخاخ الصورة النمطية لأبي حامد، بل تقدم لنا ذاتاً إنسانية قلقة حية، وتصف أجواء عصره، من الفتن السياسية والخصومات المذهبية والدسائس في القصر، وفي قلعة الموت متربض آخر لا يقل خطراً عن تهديد الفرنجة الصليبيين.

 هي رواية إذ تستدعي علامة من الذاكرة الجمعية، فإنما تستدعيها لتغرس أسئلتها في تربة الحاضر، وتبرز قيمة المعرفة بوصفها طريقاً إلى الخلاص. ومن الأسئلة التي تطرحها الرواية: هل يكون التقرب إلى الله بغير جهاد النفس والصمت؟ ومن يحيي علوم الدين وقد صارت باباً مستباحاً؟

أزهر جرجيس 

كاتب وروائي عراقي من مواليد بغداد، العراق، عام 1973. عمل صحفياً في العراق منذ العام 2003 ونشر العديد من المقالات والقصص في الصحف والدوريّات المحلية والعربية. ألّف كتاباً ساخراً عن الميليشيات الإرهابية في العراق، عام 2005، بعنوان "الإرهاب.. الجحيم الدنيوي" تعرّض بسببه إلى محاولة اغتيال اضطر على إثرها للهرب خارج البلاد. هاجر إلى سوريا ثم الدار البيضاء قبل أن يصل إلى منفاه الأخير في مملكة النرويج ويقيم فيها بشكل دائم. 

من مؤلفاته مجموعتان قصصيتان: "فوق بلاد السواد" (2015)، و"صانع الحلوى" (2017)، وروايته الأولى "النوم في حقل الكرز" (2019) التي ترشحت إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية في 2020 وصدرت نسختها الإنجليزية عن منشورات بانيبال.

 وصلت روايته الثانية، "حجر السعادة" (2022)، إلى القائمة القصيرة للجائزة في دورة عام 2023. يعمل أزهر جرجيس محرّراً أدبياً ومترجماً بين اللغتين العربية والنرويجية.

وادي الفراشات
"وادي الفراشات" رواية يمتزج فيها الخيال بالواقع، والتراجيدي بالكوميدي. تدور أحداثها في بغداد في الفترة الزمنية الواقعة بين 1999 و2024، وتحكي قصة عزيز عواد، موظف حكومي مسؤول عن الأرشيف، يفقد عمله ويحاول الحفاظ على عائلته الصغيرة من الضياع، ليجد نفسه في النهاية سائق جنائز يحمل الجثث نحو مقبرة مخصصة لدفن اللقطاء والمنبوذين، اسمها "وادي الفراشات، تتحول فيها أرواح اللقطاء إلى فراشات مضيئة.

 وذات ليلة، يلتقي عزيز بباني المقبرة، الدرويش المدعو بدري النقاش، ويتعرّف أكثر على المقبرة وطقوس الدفن هناك، فتنقلب حياته رأساً على عقب. يشرع في الدوران بين الأزقة والحواري ويفتش البساتين بحثاً عن جثث اللقطاء لأجل دفنها في الوادي. 

تتصاعد الأحداث، فيجد سائق الجنائز المنحوس نفسه خلف القضبان بتهمة تجارة الأعضاء. تعكس قصة تحول عزيز من موظف إلى سائق الجنائز حياة العديد من العراقيين الذين عاشوا تجارب مشابهة في ظل الظروف القاسية التي مرت بها البلاد خلال تلك الفترة. 

تيسير خلف 

روائي وباحث فلسطيني سوري من مواليد 1967. صدرت له مجموعة قصصية بعنوان "قطط أخرى" عام 1993، ليُتبعها برواية "دفاتر الكتف المائلة" (1996)، لتتوالى كتاباته التي تجاوزت الخمسين كتاباً بين الأدب والدراسات التاريخية والرحلة والتحقيق. أهمّها "موسوعة رحلات العرب والمسلمين في فلسطين"، الذي صدر في ثمانية مجلدات عام 2009. من رواياته الأخيرة: "موفيولا" (2013)، و"مذبحة الفلاسفة" (2016) التي وصلت إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2017، و"عصافير داروين" (2018). 


المسيح الأندلسي
تغطي الرواية جانباً من المرحلة الأكثر قسوة في التاريخ الإسلامي في الأندلس بعد سقوطها، المرحلة الموريسكية، حيث تم إجبار المسلمين على اعتناق المسيحية، ومن ثم مراقبتهم لمعرفة "صدق مسيحيتهم"، عبر محاكم التفتيش. من هذه النقطة الظلامية، من محاكمة إحدى السيدات الموريسكيات وقتلها، تبدأ الرواية متخذة تاريخ 1592 بداية مثيرة لها.

 كان لا بد لغونثالث، الرجل الإسباني الكاثوليكي، أن يُشعل الشك في قلبه المؤمن برواية المحكمة، حول السبب الحقيقي الذي أدى إلى مقتل أمه، ولماذا قالت له أمه فيما تودّع الحياة: أنت عربي مسلم، واسمك عيسى بن محمد. فما الحكاية، وما السر؟ 

حنين الصايغ 

شاعرة وروائية لبنانية من مواليد معصريتي، لبنان، عام 1986. حاصلة على إجازة في اللغة الإنجليزية وآدابها، وشهادة ماجستير في تدريس مناهج اللغة الإنجليزية من الجامعة الأميركية في بيروت. تعمل في التدريس والترجمة الأدبية. صدرت لها ثلاث مجموعات شعرية: "فليكن" (2016)، "روح قديمة" (2018)، و"منارات لتضليل الوقت" (2021). "ميثاق النساء" (2023) هي روايتها الأولى وقد ترجمت إلى الألمانية وصدرت في مارس 2024 عن دار DTV.


ميثاق النساء
محكومة بالخوف والعجز، تعيش أمل بونمر حياة ريفية محافظة في قريتها الدرزية في جبل لبنان، حيث يهرب العديد من أسئلة الحياة إلى التدين والعزلة. يُمسك الأب، الذي ينتمي إلى طبقة المشايخ ويعمل حداداً، بمطرقة سلطته على العائلة ليُشكّل مستقبل بناته الأربع بصورة تتناسب مع عالمه المحدود. يقف الالتزام الديني لوالدي أمل عائقاً في طريق التحاقها بالجامعة الأميركية في بيروت.

 وفي هذه الأجواء، تعقد أمل صفقتها الكبيرة للانعتاق من خلال الزواج بسالم، أحد أثرياء الطائفة الدرزية. فهل سيفي سالم بوعده؟ أم ستخوض أمل حرباً جديدة من أجل تحقيق حلمها؟ هي رواية عن الحرية بمعناها الأكبر، وعن الأمومة كورطة وفرصة، وعن الحب الذي يتخطى الحدود الجغرافية والدينية والثقافية. 

محمد سمير ندا 

كاتب مصري، ولد في العراق عام 1978، وتنقل عقب ذلك بين بغداد والقاهرة وطرابلس الغرب. تخرج من كلية التجارة، وعمل في القطاع السياحي، ويعمل حالياً مديراً مالياً لأحد المشروعات السياحية في القاهرة. نشر العديد من المقالات في الصحف والمواقع العربية مثل الأهرام والشروق والعرب اللندنية وغيرها، كما دشن مدونة خاصة به ينشر من خلالها آراءه عن الروايات.

 صدر له رواية "مملكة مليكة" عام 2016، ورواية "بوح الجدران" عام 2021، و"صلاة القلق" (2024) هي روايته الثالثة. 


صلاة القلق
سنة 1977: "نجع المناسي" قرية منسية في قلب صعيد مصر، منفصلة عن العالم بما يعتقد أهلها أنه حقل ألغام من الخطر محاولة تعديّه. 

لا يعرف سكانها عن العالم إلا أن هناك حرباً بين مصر وإسرائيل مستمرة لعشر سنوات منذ عام 1967 وأن العدو الإسرائيلي يحاول التوغل إلى مصر عن طريق النجع، أي أن النجع خط دفاع أول على الحدود المصرية.

 لا يصلهم بالعالم غير خليل الخوجة، ممثل السلطة وصاحب المحل الذي يطبع صحيفة محلية بعنوان "صوت الحرب" ويتحكم في بيع وشراء جميع احتياجات ومنتجات سكان النجع، وهو أيضا من يشرف على تجنيد أبناء القرية في الحرب. يصيب النجع نيزك أو قمر صناعي، لا أحد يعرف، ثم وباء يشوه سكان القرية، بما فيهم المواليد الجدد. تكتب يد مجهولة خطايا الناس التي يخفونها على الجدران، ويخترع شيخ المسجد صلاة جديدة، صلاة القلق، فهي الطريق للخروج من الوباء وتخطي المحنة التي يعيشها أهل النجع. 

تروي ثماني شخصيات مختلفة حادث الانفجار وما جرى قبله في العشرية القاسية الممتدة من نكسة حزيران 1967 إلى لحظة وقوع النيزك والوباء، بحيث تشكّل مروياتهم فسيفساء الحكاية تشكيلاً ساحراً. يمكن قراءة الرواية كمساءلة سردية لمرويات النكسة وما تلاها من أوهام بالنصر. 

نادية النجار 

كاتبة إماراتية من مواليد الإمارات، عام 1974. حاصلة على شهادة البكالوريوس في علوم الحاسب الآلي. عضو استشاري في المجلس الإماراتي لكتب اليافعين. حصلت على العديد من الجوائز، منها: جائزة معرض الشارقة للكتاب لأفضل كتاب إماراتي، وجائزة الإمارات للرواية، وجائزة العويس. لها الكثير من الإصدارات، منها في الرواية: "منفى الذاكرة" (2014)، "مدائن اللهفة" (2015)، و"ثلاثية الدال" (2017). ولها في القصة القصيرة مجموعة "لعبة البازل" (2022). تكتب أيضاً في أدب الطفل والناشئة، ولها حتى الآن عشرة إصدارات مصورة للأطفال. 


ملمس الضوء
نورة، الشخصية الرئيسية للرواية وراوية أحداثها، عمياء. من خلال صور فوتوغرافية يتعرف عليها تطبيق إلكتروني ويشرح محتواها، تروي نورة تاريخ الصورة، وتبعاً لذلك تاريخ الأشخاص الظاهرين فيها. وعبر ذلك التاريخ الشخصي لأفراد عائلة نورة، سنرى تاريخ الخليج العربي عامة، وتاريخ دبي قبل اكتشاف النفط، والبحرين خلال المرحلة الأولى لاكتشافه بصفة خاصة، بعيون عمياء. سيتعرف القارئ شيئاً فشيئاً على عوالم المكفوفين، وعلى تاريخ بلد قبل وبعد اكتشاف النفط، وسيقوم، بكل يسر وسلاسة، بإجراء دراسة مقارنة دون أن يضطر للعودة إلى أي مرجع آخر سوى هذه الرواية.  

لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2025:
منى بيكر (رئيسة اللجنة، مصر) أستاذة جامعية وباحثة في مجال دراسات الترجمة، ومديرة مركز بيكر للترجمة بجامعة شنغهاي للدراسات الدولية بالصين. من أشهر مؤلفاتها كتاب Translation and Conflict: A Narrative Account  (2006) و In Other Words: A Coursebook on Translation (1992)، وقد ترجم كلاهما للعربية وعدة لغات أخرى. لها مقالات وأبحاث في مجموعة واسعة من المجلات الدولية، وقد فازت بعدة جوائز تكريمية، من ضمنها جائزة خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة لعام 2011، وجائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي في مجال الآداب واللغات ودراسات اللغات الأجنبية وآدابها لعام 2015. 


بلال الأرفه لي باحث وأكاديمي لبناني، أستاذ كرسي الشيخ زايد للدراسات العربيّة والإسلاميّة في الجامعة الأميركيّة في بيروت ومدير مركز الفنون والعلوم الإنسانية ودار نشر الجامعة. متخصّص بالأدبين العربيّ والإسلاميّ، إلى جانب القرآن، والتصوّف، والسرديّات. يشرف على تحرير المركز مجلّة الدراسات العربية، ومجلة الأبحاث، وسلسلةكتب دراسات ونصوص قرآنيّة، وسلسلة كتب الدراسات الصوفيّة وسلسلة كتب الشيخ زايد للدراسات والنصوص العربية والإسلاميّة. 

وهو محرّر مشارك في مجلّة الأدب العربيّ الصادرة عن بريل والمكتبة العربيّة الصادرة عن جامعة نيويورك أبو ظبي. وهو عضو في لجان استشاريّة لعدد من المجلّات العالميّة وسلسلات الكتب والمشاريع في الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتّحدة الأميركيّة. في رصيده أكثر من أربعة وعشرين كتابًا بالعربيّة والإنكليزيّة تأليفًا وتحقيقًا وتحريرًا.


سامبسا بلتونن مترجم فنلندي يشتغل في مجالَيْ الأدب والإعلام. درس اللغات الأجنبية في جامعة توركو ،فنلندا، وتعرّف على عدة مناطق ولهجات عربية من خلال إقامات طويلة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. في مجال الأدب، ترجم روايات وقصصاً ومسرحيات وقصائد من اللغتين العربية والفرنسية إلى الفنلندية. حازت ترجماته جوائز مرموقة، منها جائزة مؤسسة wsoy (سنة 2014) لترجمة أعمال حسن بلاسم وجائزة أغريكولا (سنة 2023) لترجمته لرواية La plus secrète mémoire des hommes  بقلم محمد مبوكار سار الفائزة بجائزة Goncourt، من الفرنسية إلى الفنلندية.

 وبفضل مساهماته كمتخصص في اللغة، تم تعيينه عضواً في المجلس الوطني للغة الفنلندية من 2015 إلى 2021، كما أنه ترأس، عام 2021، لجنة التحكيم لجائزة فنلنديا وهي أكبر جائزة أدبية في فنلندا. أما في مجال الإعلام فيعمل بلتونن مترجماً في هيئة الإذاعة الفنلندية (Yle) حيث يترجم أفلاماً وثائقياً ومحتويات صحفية أخرى.


سعيد بنكراد أستاذ جامعي من المغرب. يدرّس في كلية الآداب، جامعة محمد الخامس، الرباط المغرب. حاصل على دكتوراه السلك الثالث من جامعة السوربون، باريس، وعلى دكتوراه الدولة من جامعة مولاي إسماعيل، مكناس المغرب. حصل على الكثير من الجوائز، منها وجائزة الأطلس التي تقدمها فرنسا للترجمة (2006) وجائزة المغرب للكتاب (2010). متخصص في الدراسات السميائية، بفروعها في السرد والصورة والثقافة. من مؤلفاته: "السرد الروائي وتجربة المعنى" (2008، 2024)، "مدارات اللغة، بين الفصيح والعامي" (2022)، "الهوية السردية، المحكي بين التخييل والتاريخ" (2023)، "التأويل وتجربة المعنى" (2023)، و"الصورة ومآلات النظرة" (2024).


مريم الهاشمي ناقدة وأكاديمية جامعية من دولة الإمارات ، رئيس نادي النقد في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات،  حاصلة على جوائز منها : جائزة راشد بن سعيد للتفوق العلمي 2017 ، وجائزة العويس للإبداع  في فئة أفضل كاتب من الإمارات (2019)، وجائزة التميز – فئة الدراسات العلمية من مجلة النهضة من الهند 2021، وجائزة الشارقة لإبداعات المراة الخليجية – المركز الأول – فئة الدراسات النقدية 2022 .

 كما لها مؤلفات نقدية وفلسفية منها : "رثاء المدن والممالك بين بغداد والأندلس، دراسة بين شعدي الشيرازي وأبو البقاء الرندي" (2009) ، و "تطور الحركة الشعرية في الإمارات ، جماعة الحيرة " 2017، و"العقل بين الموهبة والعبقرية" (2023) ، و"التحولات السردية في الأدب الإماراتي، دراسة فنية" (2024)، كما عملت ضمن لجان ثقافية وأدبية، منها: عضو لجنة جائزة العويس – مجال الدراسات النقدية 2023 ، عضو لجنة جائزة معرض الشارقة للكتاب – فئة الإبداع الأدبي 2023، عضو لجنة تحكيم جائزة الشارقة لإبداعات المرأة الخليجية 2023. 


ملاحظات للمحررين
تختصّ الجائزة العالمية للرواية العربية بمجال الإبداع الروائي في اللغة العربية، ويحصل كل من الكتّاب المرشحين للقائمة القصيرة على جائزة تبلغ قيمتها عشرة آلاف دولار، يُضاف إليها خمسون ألف دولار للفائز بالجائزة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: حيثيات فوز القائمة القصيرة جائزة العالمية للرواية العربية جوائز للجائزة العالمیة للروایة العربیة من موالید العدید من فی مجال من خلال

إقرأ أيضاً:

حينما كان للروايات شأن

ديفيد بروكسترجمة: أحمد شافعي

لي من العمر ما يجعلني أتذكر زمنًا كان للروائيين مقام فيه، فحينما كنت في الكلية في ثمانينيات القرن العشرين، كانت الروايات الجديدة لفيليب روث وتوني موريسون وصول بيلو وجون أبدايك وأليس ووكر وغيرهم أحداثًا ثقافيًا، تتبعها عروض نقدية، وعروض نقدية مضادة، ومشاجرات حول العروض النقدية نفسها.

وليس الحنين وحده هو السبب في هذا، ففي أواسط القرن العشرين وحتى أواخره، كانت الرواية الأدبية [في مقابل روايات الإثارة والمغامرات مثلا] تجتذب جماهير غفيرة، حتى أنكم لو نظرتم في قائمة (الناشرين الأسبوعية) لأكثر الروايات مبيعا في عام 1962 لوجدتم أعمالا لكاثرين آن بورتر وهيرمان ووك وجيه دي سالنجر، وفي العام التالي تجدون كتبا لماري مكارثي وجون أوهارا. وفي مقالة حديثة على سابستاك عنوانها «الانحدار الثقافي للرواية الأدبية» لأوين ينجلينج، عرفت أن رواية راجتايم لـ(إي إل دكترو) كانت أكثر الكتب مبيعا سنة 1975، وأن «شكوى بورتنوي» لفيليب روث كانت أكثر الكتب مبيعا سنة 1969، وأن «لوليتا» لفلاديمير نابوكوف كانت رقم 3 سنة 1958 وأن «دكتور جيفاجو» لبوريس باسترناك كانت رقم 1.

أما الرواج اليوم، إلى حد كبير، فهو لروايات كولين هوفر الفنتازية وغيرها من الروايات النوعية [من قبيل روايات الإثارة والمغامرات]. ووفقا للدراسات المسحية التي تقوم بها المؤسسة الوطنية للفنون منذ عقود فإن عدد من يدعون أنهم يقرأون الأدب يتراجع باطراد منذ عام 1982. ويذكر أوين ينجلينج أنه لم تظهر رواية أدبية ضمن العشرة الأوائل في قوائم الناشرين الأسبوعية منذ عام 2001. ولا اعتراض لي على الروايات النوعية والكتب الشعبية، ولكن أين سكوت فيتزجيرالد أيامنا، أو وليم فوكنر، أو جورج إليوت، أو جين أوستن، أو ديفيد فوستر والاس؟

ولا أقول إن الروايات اليوم أسوأ. (فأني لي أن أعرف طريقة لقياس أمر كهذا). إنما أقول إن الأدب يلعب دورًا أصغر كثيرًا في حياتنا الوطنية وإن لهذا أثرًا في تقليل إنسانية ثقافتنا. لقد كان لدينا شعور، موروث عن العصر الرومنتيكي، بأن الروائيين والفنانين هم ضمير الأمة، فهم شأن الهداة والحكماء ممن ينأون عنا ليقولوا لنا حقيقتنا. ومثلما قال عالم الاجتماع سي رايت ميلز يوما فإن «الفنان والمثقف المستقلين هما من الشخصيات القليلة الباقية المجهزة لمقاومة ومكافحة التنميط وما يستتبعه من موت للأشياء الحية الأصيلة».

ونتيجة لهذا الافتراض، حظي الروائيون باهتمام كبير حتى أواخر الثمانينيات، بل لقد حقق البعض منهم شهرة مذهلة: جور فيدال، ونورمن ميلر، وترومان كابوتي. وكان الحديث الأدبي شديد المركزية لدرجة أن اشتهر بعض النقاد من أمثال سوزان سونتاج، وألفريد كازين ومن قبلهما ليونيل تريلنج وإدموند ويلسن. وكان ثمة عدد أكبر كثيرا من منابر العروض النقدية في الجرائد في شتى أرجاء البلد وفي المجلات المهمة من قبيل ذي نيو ريببليك.

لماذا أصبح الأدب أقل مركزية في الحياة الأمريكية؟ الجاني الأوضح في هذا هو الإنترنت. فقد دمرت قدرة الجميع على التركيز. وأجد هذا مقنعا إلى حد كبير لكن ليس في غالب الحالات. فانحدار الرواية الأدبية بدأ، مثلما يقول أوين ينجلينج، في ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته، قبل أن تسيطر الإنترنت.

لا يزال لدى الناس من القدرة على التركيز ما يقرأون به الكلاسيكيات. فلقد بيع من رواية 1984 لجورج أورويل (وهي دليل إرشادي أساسي للحظتنا الراهنة) أكثر من ثلاثين مليون نسخة، وبيع من «الكبرياء والهوى» لجين أوستن أكثر من عشرين مليونا. فلا يزال الأمريكيون يحبون الكتب الأدبية. وحينما سألت شركة ووردسريتد للبحوث الأمريكيين أن يرتبوا كتبهم المفضلة، جاء ضمن العشرة الأوائل «الكبرياء والهوى» و«أن تقتل طائرا طنانا» و«جاتسبي العظيم» وجين إير».

ولا يزال لدى الناس من القدرة على الانتباه ما يجعلهم يقرأون قليلًا من الأعمال المعاصرة ـ من قبيل سالي رومني وزادي سميث مثلا ـ مع نثار من الروايات الأدبية اليسارية المضمونة من قبل «حدوتة الوصيفة» لمارجريت آتوود، و«ديمون ذو الرأس النحاسي» لباربرا كينغسولفر. فالأمر أن ما انهار هو الاهتمام بالكتَّاب المعاصرين إجمالا.

أود أن أحكي قصة مختلفة عن انحدار الرواية الأدبية، وهي قصة عن ضغط المجتمع والانسجام معه. ما السمتان اللتان تميزان كل لحظة ثقافية عظيمة تقريبا؟ إنهما الثقة والجرأة. وانظروا إلى فن عصر النهضة أو الروايات الروسية أو الفكتورية. يمكنني القول إن الغرب قد شهد في السنوات الخمسين الماضية شهدت فقدانا كبيرا عاما للثقة والجرأة.

ارجعوا إلى سبعينيات القرن العشرين، لتروا الفنانين والروائيين يجربون في أمور كبيرة جريئة. ففي الأدب كانت «العين الأكثر زرقة» لتوني موريسون، و«قوس قزح الجاذبية» لتوماس بينشن و«هدية هومبولت» لصول بيلو. وفي السينما كان «العراب» ـ في جزئيه الأول والثاني ـ و«القيامة الآن». وكان مطربو الروك يكتبون أناشيد طويلة طموحة من قبيل «سلم إلى السما» و«الطائر الحر» و«الرابسودي البوهيمية». وحتى الصحفيون الأكثر تأثيرا كانوا جريئين من أمثال توم وولف وجون ديديون وهنتر طومسن. واليوم يبدو كل شيء مسلّعا، مبقرطا [من البيروقراطية]، مقيَّدا.

ولقد تضرر العالم الأدبي بصفة خاصة؛ إذ جرى شيء ما للأدب حينما انتقل مركز الجاذبية من قرية جرينتش [حيث كان وسط أدبي مرموق] إلى برامج ماجستير الفنون في الجامعات [حيث يجري تدريس الكتابة الإبداعية]. حينما تخرجت في الكلية، كنت أحلم بأن أكون روائيا أو مسرحيا. تطوعت للعمل محررا أدبيا في مجلة شيكاجو رفيو الأدبية. لكنني بعد اجتماعات قليلة، بدأت أفكر «أهذا حقا ما تريد أن تنفق فيه بقية حياتك؟ في نميمة حول ستة روائيين مغمورين في برنامج أيوا لتدريس الكتابة الإبداعية؟». بدا ذلك عالما صغيرا ومتحيزا.

والعالم الأدبي، فضلا عن ذلك، عالم تقدمي، والتقدمية ـ وليسامحنى القراء اليساريون ـ تعاني من مشكلة في الانسجام. فثمة ضغوط اجتماعية لا تصدق في دوائر اليسار، أكثر حتى مما في اليمين، تمنع قول أي شيء غير مقبول. (أما في اليمين، في المقابل، فيبدو أن المرء يحظى بمكافآت على قوله المزيد من غير المقبول).

في 2023، نشرت المجلة البريطانية لعلم النفس الاجتماعي دراسة خلابة لأدريان لودرز ودينو كاربنترز ومايكل كوايل؛ إذ أجروا بحثا على عينة من الناخبين الأمريكيين (متوسط أعمارهم 34 عاما) فحللوا آراءهم في قضايا من قبيل الإجهاض والهجرة والحد من التسلح وزواج المثليين.

تبين للدراسة أن ذوي الميول اليسارية يميلون إلى تبني رؤى أكثر تطرفا ومحافظة وترابطا، فلو أنكم علمتم رأي شخص يساري في الهجرة، لأمكنكم التنبؤ برأيه في الإجهاض. أما اليمينيون فتميل آراؤهم إلى التعدد والتنافر. فرأي اليميني في الهجرة أقل كشفا لرأيه في الحد من التسلح. فاليسار أكثر انسجامًا.

يتسق هذا مع تجربتي. فحينما أزور مدرسة في قسم أزرق [مؤيد للحزب الديمقراطي] من البلد، غالبا ما يكون الطلبة خائفين من التعبير عن رأيهم في الفصول الدراسية. يذكرني هذا أيضا بدراسة أجرتها أماندا رايبلي مع شركة بريديكت وايز للاستطلاعات والتحليلات لمجلة ذي أطلنطيك سنة 2019. بحثت هذه الدراسة في المقاطعات الأمريكية أيها الأكثر انفتاحا عقليا، وأيها الأكثر تحيزا ضد الخصوم السياسيين. ظهر أن اليمين لديه وفرة من التعصب (وبخاصة في فلوريدا) ولكن يبدو أن المقاطعة الأكثر تعصبا في أمريكا هي مقاطعة سوفولك بولاية ماساتشوستس، التي تضم بوسطن، وغير البعيدة من منطقة الخليج.

ولا بأس بالانسجام في بعض المهن، كأن يكون أحدهم مساعدا لعضو في الكونجرس، حيث لا يؤجر على قوله الآراء. إنما ذلك في مهنة الكتابة أمر فيه بأس كبير. فالغاية الكبرى من كون المرء مفكرا مستقلا ـ بتعبير المنظِّر الاجتماعي إرفنج هاو ـ هو أن يقف «صلبا ووحيدا». وفي ضوء معايير الزمن، كان لإديث وارتون ومارك توين وجيمس بولدوين قدر هائل من الشجاعة، وما عظمة أعمالهم إلا نتيجة شجاعتهم وعدم انسجامهم.

ولو أن الضغوط الاجتماعية المحيطة بالمرء قوية، فإنه سوف يكتب لزمرة الناس الذين يفرضون هذه الضغوط واعين أو غير واعين، فتكون كتابتك بالطبع صغيرة شأن غيرك. ولو أنك تكتب خائفا من النفي الاجتماعي، فسيكون الأشرار في روايتك مزرين. لأنك سوف تعهد إليهم بشرور أحادية البعد، ولن تجعلهم مقنعين ومغوين بطرقهم اللعينة. ولن يروق لك أن يراك الناس داعما لآراء أو لشخصيات قد تعرضك للإلغاء.

والأهم أنك إذا لم تتحل بشجاعة اجتماعية حقيقية، فإنك لن تخرج عن فقاعتك لتكتب ما تلزم كتابته من أجل فهم ما يجري في حياة غيرك، في هذا المرجل الهائل المعروف بأمريكا.

في عام 1989، كتب وولف مقالة لمجلة هاربرز بعنوان «تعقب الوحش ذي الألف قدم»، حاول فيها أن يبث بعض الجرأة في زملائه الروائيين. إذ ناشدهم الخروج من جيتوهاتهم الثقافية بكتابة رواية ضخمة جريئة قادرة على اقتناص الزمن، من قبيل روايات بلزاك وتشارلز ديكنز وجون شتاينبك وسنكلير لويس في أيامهم. وقد فعل وولف نفسه ذلك سنة 1987 بروايته «نار الغرور»، وهي روايته الهائلة التي تتناول طبقات مجتمع نيويورك، والتي لا تزال صامدة إلى حد كبير اليوم.

لقد عشنا، وبخاصة في العقد الأخير، عصر جدل عام هائل. بليت فيه حياتنا الداخلية بموجات صدمة الأحداث العامة. وشهدنا فقدانا شاملا للإيمان. وكم أود أن أقرأ روايات ضخمة تقبض على هذه العواصف السيكولوجية والروحية. ومع ذلك ففي بعض الأحيان حينما أختلس نظرة إلى العالم الأدبي، أشعر بوجود ثقافة فرعية مهمشة.

وذلك ما يمضي بي إلى النبأ السعيد. لو أن مشكلة الرواية الأدبية هي الضغط الاجتماعي وفقدان الشجاعة، فهذه مشكلة قابلة للحل. ويخبرني من يعلِّم الكتَّاب الشباب أن بيننا الآن شبابا جسورين من الروائيين يقومون بعمل ذي شأن. ولا غرابة بالنسبة لي في أنهم راغبون في تحطيم القيود التي تعايش معها غيرهم. فلعل نجوما تلوح في الأفق.

الأدب والدراما قادران على بث ما يحرك الآخرين. فحتى المسلسل التلفزيوني العظيم لا يمكنه أن يتيح لك الحياة الداخلية لإنسان مثلما يفعل الأدب. بوسع الروايات أن تقبض على روح العصر الفائقة للوصف بالغة القوة، بثراء تعجز أن تضاهيه الشاشات والوسائط البصرية. ويبدو لي من المستبعد للغاية بعد ستمائة سنة أن تتبدد قوة الكلمات المطبوعة. لذلك أراهن بكل ما أملك على أن الأدب سيرجع، وستكون تلك ضربة قاصمة لكل قوى انتزاع الإنسانية المحيطة بنا.

خدمة نيويورك تايمز

مقالات مشابهة

  • محيي إسماعيل: تكريم مهرجان المسرح معجبنيش ولازم آخذ فلوس وجائزة تشبه الأوسكار
  • للعام الثاني | الجونة السينمائي يطلق مسابقة عيش للأفلام القصيرة
  • ادراج 26 موقعًا تراثيًا وطبيعيًا في اليمن بالقائمة التمهيدية للتراث العالمي
  • اللوفر أبوظبي يسمي أعضاء تحكيم «فن الحين» وجائزة «ريتشارد ميل»
  • فدوى عابد: شخصيتي في فات الميعاد نموذج لجدعنة الست المصرية
  • بعد فيسبوك وتيك توك… يوتيوب يلتحق بالقائمة السوداء للأطفال
  • حيثيات المؤبد لعاطل سرق سيارة نقل محملة بالماشية بالإكراه فى الصف
  • حينما كان للروايات شأن
  • الحرب كما يرويها الأدباء العرب
  • التلقي الطبيعي للأدب