فاطميون وزينبيون من سوريا إلى أين؟.. سؤال حائر يدور في فلك التأويلات
تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT
بغداد اليوم - بغداد
في أعقاب التطورات السياسية والعسكرية الأخيرة في سوريا، خاصة بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على مقاليد الأمور في دمشق في الثامن من كانون الأول الماضي، أثيرت تساؤلات حول مصير الآلاف من المقاتلين الفاطميين والزينبيين، وهما تشكيلات عسكرية تضم مقاتلين من عدة دول إسلامية، كانت تتمركز في مناطق سورية مختلفة لدعم نظام الأسد.
التشكيل
تشكل لواء الفاطميون في عام 2014 تحت إشراف الحرس الثوري، بهدف دعم نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد وتعزيز النفوذ الإيراني في سوريا. واستقطب اللواء مقاتلين أيديولوجيين من أفغانستان وباكستان، حيث لعب دورًا رئيسيًا في معارك حاسمة مثل حلب والغوطة الشرقية. أما لواء الزينبيون، فقد تشكل لاحقًا بمشاركة مقاتلين من دول إسلامية أخرى، وكان يعمل بشكل وثيق مع الفاطميون في سوريا.
انسحاب المقاتلين إلى إيران
كشف مصدر مقرب من فصائل المقاومة، في حديث خاص لـ"بغداد اليوم"، أن "قيادات هذه التشكيلات قررت الانسحاب من مواقعها في سوريا باتجاه قاعدة حميميم الروسية، حيث تم نقلهم جواً إلى إيران، ومن ثم إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية. وأوضح المصدر أن الرئيس الروسي أعلن قبل أسابيع عن نقل الآلاف من الإيرانيين، لكن الحقيقة أن هؤلاء المقاتلين لم يكونوا إيرانيين، بل ينتمون إلى جنسيات أفغانية وباكستانية ودول إسلامية أخرى، وكانوا يعملون تحت إشراف مستشارين إيرانيين".
وأكد المصدر أن إيران كانت قد قلصت وجودها العسكري المباشر في سوريا، خاصة بعد انطلاق عملية "طوفان الأقصى"، حيث تم تخفيض عدد المستشارين الإيرانيين من الآلاف إلى المئات فقط. وجاءت هذه الخطوة ضمن استراتيجية إيرانية لتخفيف التوتر وتجنب الخسائر البشرية، خاصة بعد سلسلة الاستهدافات التي أدت إلى مقتل عدد من مستشاريها.
نفي عراقي رسمي
من جهة أخرى، نفت لجنة الأمن والدفاع النيابية العراقية، في وقت سابق، أي أنباء عن دخول مقاتلين من الجنسيات الأفغانية والباكستانية إلى العراق، أو استقرارهم في معسكر أشرف بمحافظة ديالى. وقال النائب ياسر إسكندر وتوت، عضو اللجنة، إن الحكومة العراقية تعززت بإجراءات أمنية مشددة على الحدود، خاصة بعد سقوط نظام الأسد، مؤكدًا أن العراق يتبع سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة.
وأضاف وتوت أن المعابر الحدودية تخضع لرقابة صارمة، وأن أي دخول لأجانب يتم وفق إجراءات أمنية مشددة، مشيرًا إلى أن العراقيين العائدين من سوريا عبر معبر القائم يخضعون لفحوصات دقيقة، ولم يتم رصد أي دخول لمقاتلين أجانب.
تقارير أمنية متضاربة
في المقابل، كشفت مصادر أمنية عراقية لموقع "إرم نيوز" الإماراتي عن وجود عناصر من الفصائل الأفغانية والباكستانية، بما في ذلك مقاتلو الفاطميون والزينبيون، في معسكر أشرف بمحافظة ديالى. وأشارت المصادر إلى أن هؤلاء المقاتلين تم نقلهم إلى المعسكر بعد انسحابهم من سوريا، وذلك بالتنسيق مع الميليشيات المحلية الموالية لإيران، في انتظار توجيهات من طهران بشأن مصيرهم النهائي.
ووفقًا للمصدر الأمني، فإن أعدادًا كبيرة من هؤلاء المقاتلين وصلت إلى المعسكر على مدار الشهر الماضي، حيث يتمتع المعسكر بسمعة كونه معقلًا للفصائل المسلحة الموالية لإيران في المنطقة.
من يحسم الجدل؟
في ظل التقارير المتضاربة، يبقى مصير مقاتلي الفاطميون والزينبيون محل جدل. بينما تؤكد مصادر مقربة من الفصائل أنهم أعيدوا إلى بلدانهم عبر إيران، تشير تقارير أمنية إلى وجودهم في معسكر أشرف بالعراق. وفي الوقت نفسه، ترفض الحكومة العراقية هذه الأنباء جملة وتفصيلاً، مؤكدة على إجراءاتها الأمنية المشددة لحماية حدودها.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: خاصة بعد فی سوریا
إقرأ أيضاً:
غزة.. حين تصبح التكية أمنية الجائعين
غزة- عند الساعة الـ11 صباحا بدأت الطوابير تتشكل في ساحة مدرسة المعتصم وسط مدينة غزة، والتي تحولت إلى مركز إيواء منذ شهور عدة.
لا شيء استثنائي في هذا المشهد لولا أن من يقفون في تلك الطوابير لا ينتظرون راتبا أو أدوية، كانوا ببساطة ينتظرون "تكية"، تلك الكلمة التي باتت تعني "طعام اليوم"، وغيابها يعني يوما آخر من الجوع.
الخبر انتشر كالنار في الهشيم "تكية ستأتي إلى المركز اليوم"، فبدأ النازحون المقيمون في الجوار بالحضور سريعا حاملين أوانيهم الفارغة رغم أن ما ستقدمه التكية لم يكن سوى قدر من شوربة العدس الخفيفة بلا خبز ولا إضافات، لكنها -في ظل التجويع الذي يعانيه قطاع غزة– أصبحت طوق نجاة حقيقيا.
تجمعت النساء في الجهة اليمنى من الساحة، واصطف الرجال والأطفال على اليسار تحت شمس يوليو/تموز الحارقة.
ولم تكن الأواني لجلب الطعام فقط، بل تحولت إلى خوذ تحمي الرؤوس من لهيب الشمس، في انتظار امتد لساعتين من القهر والرجاء.
عندما وصلت "التكية" أخيرا عمت الفوضى، فأغلبية الواقفين لم يأكلوا منذ يوم أو يومين.
تدافعوا حول قدور العدس، في محاولة يائسة لنيل حصتهم، وخلال دقائق معدودة خلت القدور من الطعام.
من حصل على حصته غادر المكان وهو يحمل طعامه، في حين جلس من لم يحصل عليها أرضا وقد بدت عليه علامات الصدمة ممسكا بوعائه الفارغ بصمت.
قبل أسابيع، كانت التكايا الخيرية تطوف على مراكز الإيواء توزع أرزا وعدسا وخبزا، واليوم ومع اشتداد الحصار الإسرائيلي الخانق ومنع دخول المواد الغذائية لم يعد العثور على المواد التموينية في الأسواق سهلا على القائمين على التكايا، كما أن أسعارها الباهظة تفوق إمكانياتهم، ولذلك قلّت التكايا بشكل كبير، وأصبحت تأتي مرة كل أسبوع أو 10 أيام، إن أتت أصلا.
يقول وسام شابط -وهو شاب نازح يقيم في مركز الإيواء مع عائلته المكونة من 7 أفراد- للجزيرة نت "لم نأكل منذ أمس صباحا، آخر وجبة كانت قبل أكثر من 24 ساعة، وزني قبل الحرب كان 110 كيلوغرامات، الآن 76، كل ما نفعله هو البحث عن التكايا، نذهب إلى أي مكان نسمع أنها ستقام فيه، ولو مشينا كيلومترات، بدون التكية لا طعام".
إعلانأما أم رضوان إشتيوي (66 عاما) فتبدو عليها ملامح الإنهاك، تقول "فقدت 30 كيلو غراما من وزني، وكدت أدخل في غيبوبة سكر من الجوع".
وتضيف للجزيرة نت "ابني بلا عمل، نشتري كيلو طحين إذا انخفض سعره إلى 70 أو 80 شيكلا (الدولار 3.3 شواكل)، ونقسمه على يومين، نخبز 10 فرشوحات (رغيف رقيق)، لكل ولد اثنان"، وتتابع "نفرح حينما تأتي التكية، وإن جاءت أترك طعامها لعشاء الأولاد".
عبد القادر أهل (40 عاما) كان يقف منذ الصباح حالما بالحصول على قدر من العدس، وقال للجزيرة نت "أطفالي بلا طعام منذ 4 أيام، نعيش على الماء، قبل أيام مشيت نصف كيلومتر لأصل إلى تكية قرب السرايا (وسط غزة) فيها عدس، كانت آخر وجبة لنا".
أما رائد كحيل (45 عاما) فقال بأسى "لا مصدر دخل لنا، نأكل من التكية، وإن لم تأت نصوم، قد تمر 3 أو 4 أيام لا أتناول فيها لقمة واحدة".
وتابع "اليوم فرحت لأنها وصلت، أولادي يصرخون فرحا عند رؤيتها، يهتفون: تكية.. تكية".
أما المسنة نوال البورنو (70 عاما) المريضة بالسرطان فلا تستطيع التعبير عن الجوع بالكلمات، حسب قولها.
لكنها تضيف "أحتاج إلى غذاء كي لا تنهار مناعتي، الجوع يفتك بنا، أسرتي من 30 شخصا من أبنائي وأحفادي، أمس أكلت معكرونة من تكية قريبة".
وختمت "لا طعام لدينا إلا من التكايا، لكنها قليلة جدا وغير متوفرة، والجوع لا يرحم".