بـ1337 ثانية شمس فرنسا الصناعية النووية تحقق رقما قياسيا
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
حققت فرنسا إنجازًا مهمًا في أبحاث الاندماج النووي حيث حافظ مفاعل "ويست" الواقع جنوبي البلاد على حالة البلازما لمدة 1337 ثانية، أو ما يقرب من 22 دقيقة و17 ثانية، مجاوزا الرقم القياسي السابق الذي سجله مفاعل "إيست" الصيني والذي حافظ على البلازما لمدة 1066 ثانية.
والفكرة في الاندماج النووي أن يقوم العلماء بدمج نواتَيْ ذرتين معا، فيتحولان إلى عنصر آخر، وأثناء هذه العملية يصدر قدر من الطاقة، وهي نفسها العملية التي تحدث في باطن الشمس بشكل طبيعي، ولذا تسمى مفاعلات الاندماج النووي عادة بالشموس الصناعية.
ولإحداث اندماج نووي في مكان آخر غير باطن النجم، يجب أن يتحايل العلماء للوصول إلى تلك الدرجات المرتفعة جدا من الحرارة، والأصعب من ذلك الحفاظ عليها، حيث تُستخدم مغانط كهربائية فائقة التوصيل (مبردة بالهيليوم السائل) لكي تحصر البلازما في شكل حلقة ذات درجة حرارة هائلة.
والبلازما حالة للمادة لا تظهر إلا تحت درجات حرارة شديدة، وفيها تنسلخ الإلكترونات وتسبح حول أنوية ذرات المادة بحرية. وتعد ضرورية لإيجاد حالة الاندماج النووي في تلك المفاعلات.
إعلانوتُستخدم هذه المغانط أيضا لتثبيت البلازما بحيث لا تتلامس حتى مع جدران المفاعل، لأن ذلك لو حدث فإنها مع درجة الحرارة تلك ستخترق جدران المفاعل فورا، ويتوقف الاندماج النووي.
ولكي يحدث الاندماج النووي، يجب تسخين البلازما إلى درجات حرارة عالية للغاية، في حدود 50 مليون درجة مئوية أو أكثر، للتغلب على القوى التنافرية بين أنوية الذرات التي يرجى دمجها معا.
ويعد الحفاظ على البلازما مستقرة لفترات طويلة تحديًا هائلاً في أبحاث الاندماج النووي، فكلما طالت فترة حصر البلازما والتحكم فيها، أصبح من الممكن تسخير الطاقة الناتجة عن تفاعلات الاندماج.
ولذلك فإن الإنجاز الأخير الذي حققه مفاعل "ويست" يعد تقدمًا كبيرًا في هذا المجال، مما يشير إلى أن الباحثين يطورون التقنيات والفهم اللازمين للحفاظ على حالات البلازما المواتية لإنتاج الطاقة المستمرة.
ورغم ذلك تظل هناك العديد من التحديات، فحاليًا تتجاوز الطاقة المطلوبة لبدء تفاعلات الاندماج واستمرارها الطاقة المنتجة، مما يعني أن تلك المفاعلات تستهلك الطاقة، ويركز الباحثون حاليا على تحقيق ناتج طاقة إيجابي صافٍ، حيث يولد المفاعل طاقة أكثر مما يستهلك.
وفي الواقع، يُطلِق تفاعل الاندماج النووي ما يقرب من 4 ملايين ضِعْف الطاقة الناتجة عن التفاعلات الكيميائية التي تحدث أثناء احتراق الفحم أو النفط أو الغاز، و4 أضعاف الطاقة الناتجة من تفاعلات الانشطار النووي، مما يعني أنه مع نجاح تلك التجارب فإن المفاعلات الاندماجية ستوفر كما هائلا من الطاقة لسكان كوكب الأرض.
وأضف إلى ذلك أن وقود الاندماج النووي يتوفر على نطاق واسع ولا ينضب تقريبا، لأنه يمكن تقطير الديوتيريوم (أحد العناصر المستخدمة في الاندماج) من جميع أشكال الماء، مثل ماء البحر.
إعلانوينتج التريتيوم (وهو عنصر آخر يستخدم في الاندماج النووي) أثناء تفاعل الاندماج النووي نفسه بسبب تفاعل مع الليثيوم، لذلك قد يؤدي استخدام طاقة الاندماج النووي -حال نجح الأمر يوما ما- إلى خفض أسعار الكهرباء عالميا انخفاضا ملحوظا.
كما أن معايير الأمان في هذا النوع من التجارب مرتفعة جدا، ببساطة لأن الاندماج النووي لا يستخدم مواد انشطارية مثل اليورانيوم والبلوتونيوم، فالتريتيوم ليس مادة انشطارية وليس قابلا للانشطار، ولا توجد مواد مخصبة في مفاعلات الاندماج النووي يمكن استغلالها لصنع أسلحة نووية.
وعلاوة على ذلك لا يسمح هذا النوع من التفاعلات بوقوع حوادث نووية من نوع "فوكوشيما" (حادثة التسريب عام 2011) لأنه في حال حدوث أي اضطراب تبرد البلازما في غضون ثوانٍ ويتوقف التفاعل كليا، ولا يوجد خطر من حدوث تفاعل متسلسل. من جانب آخر لا تُنتج مفاعلات الاندماج النووي نشاطا عاليا ونفايات نووية طويلة العمر.
وبالطبع لا يمكن أن تنبعث سموم ضارة من التفاعلات الاندماجية مثل ثاني أكسيد الكربون أو الغازات الدفيئة الأخرى في الغلاف الجوي. ويُعَدُّ المنتج الثانوي الرئيسي لهذا النوع من التفاعلات هو الهيليوم، وهو غاز خامل وغير سام. وفي النهاية، حتى في "أسوأ السيناريوهات" المفترضة، مثل حدوث حريق في المفاعل، لن يكون إخلاء السكان المجاورين ضروريا.
ولذلك فإن الأبحاث والتجارب جارية على قدم وساق في أماكن متعددة حول العالم، ويعتقد العلماء أن بحلول عام 2040 ستبدأ بعض دول العالم في استغلال طاقة الاندماج النووي لتوريد الكهرباء إلى مُدنها.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الكشف لأول مرة عن "تقنية البلازما الباردة" في عُمان
مسقط- الرؤية
شهد القطاع الصحي بسلطنة عُمان الإطلاق الرسمي لجهاز "نيوبلاز أرجون جت" للبلازما الباردة، وتم تقديم هذه التقنية الألمانية المعتمدة من قبل CE MDR، عبر شركة الفارسي الوطنية، وذلك بعد تجارب سريرية ناجحة في مستشفى خولة ومستشفى عُمان الدولي.
وفي هذا السياق، عُقدت ندوة طبية متخصصة في مسقط، شارك فيها أكثر من 150 طبيبًا ومتخصصًا في الرعاية الصحية من مختلف أنحاء السلطنة. وجمعت الفعالية خبراء من عُمان وأوروبا.
ويستخدم جهاز نيوبلاز أرجون جت بلازما، الأرجون الباردة الجوية لتسريع شفاء الجروح، وتحفيز تجديد الأنسجة، وتعطيل مسببات الأمراض، دون ألم أو آثار جانبية. وقد أظهر استخدامه في علاج قُرح القدم السكرية، والجروح المزمنة، والآفات الجلدية، والعدوى بعد العمليات الجراحية، نتائج ملحوظة في البيئات السريرية.
من جهته، قال ساجو جورج المدير العام لشركة الفارسي الوطنية: "هذه ليست مجرد عملية إطلاق منتج؛ بل هي بداية فصل جديد في منهجنا لرعاية الجروح في عُمان، ولا شك أن نجاح التجاري السريرية في المستشفيات المرموقة والاهتمام الساحق من قبل المجتمع الطبي، يُظهر مدى ملاءمة وتأثير هذه التقنية".
ويأتي جهاز "نيوبلاز أرجون جت" بعد سنوات من التعاون العلمي الوثيق الذي شاركت فيه شركة neoplas med GmbH، ومعهد ليبنيتز لعلوم وتكنولوجيا البلازما (INP)، والمركز الطبي الجامعي في جريفيسوالد، ومؤسسة شارتي- الطب الجامعي ببرلين، والعديد من الشركاء البحثيين والصناعيين في مختلف أنحاء أوروبا.
وشارك في الندوة الدكتور كريستيان سيباور، الرائد في مجال رعاية الجروح باستخدام البلازما في ألمانيا؛ والدكتورة ألكسندرا سزلاشيتش، طبيبة جلدية بولندية ذات خبرة سريرية طويلة في علاج الندبات والأمراض الجلدية، والأستاذ الدكتور رالف لوبمان، أحد أبرز أطباء السكري المتخصصين في قرح القدم السكرية. وقدم الدكتور كلاوس رونهاو المدير التنفيذي لشركة Neoplas Med GmbH، عرضًا تقديميًا سلط من خلاله الضوء على الزخم العالمي وراء علاج البلازما الباردة.
وقال الدكتور رونهاو: "لقد جمعت هذه الندوة بين العلم والممارسة والإمكانات المستقبلية في مكان واحد. لقد أسعدنا رؤية مستوى التفاعل والفضول الذي أبداه المتخصصون في عُمان".