جريدة الوطن:
2025-07-31@05:35:10 GMT

اتجاهات مستقبلية

تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT

اتجاهات مستقبلية

اتجاهات مستقبلية

السياسات الحمائية ومستقبل التجارة الدولية

 

لم يمرَّ وقت كثير على تنصيب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حتى عاد إلى إحياء سياساته الاقتصادية القائمة على فرض الرسوم الجمركية، لتشجيع الصادرات وتقييد الواردات، دون وضع قواعد الشراكة والتعددية الدولية في الاعتبار؛ ما ينذر، وفق اعتقاد خبراء كثر، بحروب تجارية، وإعادة ترتيب وتشكيل النظام التجاري العالمي، وتنحية مؤسسات دولية جانبًا؛ كمنظمة التجارة العالمية، مع استمرار السياسات الحمائية التصعيدية.


وهناك اعتقاد سائد، عالميًّا، بأن الولايات المتحدة تستخدم الرسوم الجمركية كأداة ضغط على الشركاء التجاريين، ولاسيّما مع فرض رسوم 10% على جميع الواردات من الصين، إضافةً إلى الرسوم القائمة، مع اعتزام واشنطن بدء فرض رسوم 25% على جميع أنواع الصلب والألومنيوم المستورد بحلول مارس 2025؛ ما يلغي الإعفاءات لكندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي، كما لن تفلت السيارات وأشباه الموصلات والواردات الدوائية من الرسوم، حيث يعتزم ترامب فرض رسوم عليها بنسبة 25%؛ الأمر الذي يغير في قواعد العلاقات والتجارة الدولية، ويزيد من المخاوف الدولية من الحرب التجارية، في وقت يتوقع فيه الرد من الشركاء التجاريين برسوم تجارية مضادة.
وعلى أرض الواقع، تنوي بكين فرض رسوم جمركية مع دخول الرسوم الأمريكية الجديدة على جميع المنتجات الصينية حيّز التنفيذ، وقد بدأت الصين تحقق في قضية احتكار شركة “غوغل” للتكنولوجيا، مع فرض ضوابط التصدير على 25 معدنًا نادرًا، بعضها مكونات أساسية في المعدات العسكرية، وكذلك حذّرت الصين، أمام منظمة التجارية العالمية، من آثار السياسات الأمريكية على التضخم واضطرابات السوق وصولًا إلى الركود العالمي، فيما تعهدت المكسيك وكندا، أكبر شريكين تجاريين للولايات المتحدة، بفرض رسوم مضادة، وتعهدت المفوضية الأوروبية بتدابير “انتقامية”؛ حال فرْض واشنطن رسومًا جمركية.
ووفقًا لمثل هذه السيناريوهات، فمن الوارد أن تدخُل منظمة التجارة العالمية في أزمة، مع تصاعد التوترات التجارية، في خطوة تصل إلى العزوف عن النظام التجاري الحر، الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية، مع دخول التعريفات حيّز التنفيذ، والفعل ورد الفعل في فرض رسوم مباشرة على الواردات، بدلًا من التعريفات العالمية الموحدة، وتنظيم القواعد التجارية الدولية وتسوية النزاعات بين الدول عبر منظمة التجارة العالمية، فيما أن تبنّي الولايات المتحدة هذه السياسة، وهي أكبر مستورد في العالم، قد يُحدِث خللًا في سوق التجارة الدولية، لكن الإدارة الأمريكية ترى فرض الرسوم هو سعي إلى إعادة التوازن التجاري وحماية الصناعات الأمريكية، وتراهن على أن الدول المصدِّرة للسوق الأمريكية ستتجنّب فرض تعريفات جمركية مضادة؛ خوفًا من الخسائر الاقتصادية.
إن السياسة التجارية الأمريكية قد لا تحقّق إعادة التوازن في الميزان التجاري، لكن من الوارد أن تنجح تلك السياسة في تخفيف الضغط على شركات التكنولوجيا الأمريكية في أوروبا، وتراجع سوق السيارات الكندية والمكسيكية لصالح الشركات الأمريكية، ومثال كولومبيا دالٌّ فيما يخصّ عودة اللاجئين غير الشرعيين، بعد تهديدات بفرض رسوم جمركية على صادرات البلاد للولايات المتحدة.
ويُرجع ترامب هذه السياسة إلى “المعاملة غير العادلة” في الأسواق الدولية، مع فرض دول وكيانات اقتصادية رسومًا جمركية أكبر من الولايات المتحدة، لحماية صناعاتها الناشئة من المنافسة الأجنبية، إضافة إلى العجز التجاري، ولاسيّما أن الولايات المتحدة تدير أكبر عجز تجاري في العالم، وقد تفيد الرسوم الجمركية في تمويل خفض الضرائب في البلاد كما يرغب الرئيس ترامب.
وإذا قررت الدول الرد على التعريفات الأمريكية، فقد يؤدي ذلك إلى حرب تجارية، ويمكن لهذه الدول المواجهة من خلال تبنّي قواعد تجارية على نطاق أصغر ضمن تكتلات دولية، واستكشاف روابط تجارية مع دول وقارات جديدة، وتنوع الشركاء إضافةً إلى واشنطن، فالسياسة التجارية التصعيدية لن تؤثر على الصين وأوروبا وكندا والمكسيك، بل ستلقي بظلالها على نطاق واسع مع العالم، مع اتباع نهج حماية الأسواق، وربما تزداد التوترات السياسية، وتتغير أنماط التحالفات الاقتصادية الدولية.
ويمكن القول إن السياسات الحمائية تحمل مخاطر تضخمية واضطراب النظام التجاري العالمي، وتصعّد التوترات بين القوى الاقتصادية الكبرى، حتى الوصول إلى ركود عالمي، وهذه الاضطرابات ستؤثر على النمو العالمي، والربح من وراء هذه السياسة مشكوك فيه للجميع، غير أن الجانب الآخر من السياسات الأمريكية، أن التعريفات وسيلة للضغط على الدول الشريكة اقتصاديًّا، لتحقيق مكاسب تجارية أو لتحقيق أهداف جيوسياسة. وتأجيل فرض الرسوم على كندا والمكسيك يعني إمكانية التوصل إلى تفاهمات بدلًا من الدخول في صِدامَين أحدهما سياسي والآخر تجاري.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فرض رسوم رسوم ا

إقرأ أيضاً:

أميركا والصين تتفقان على تمديد الهدنة التجارية

اتفقت الولايات المتحدة والصين، اليوم الثلاثاء، على تمديد الهدنة التجارية بينهما، عقب محادثات استمرت يومين في العاصمة السويدية ستوكهولم.
وقال لي شينجانج، نائب رئيس وزراء الصين ورئيس وفدها في المحادثات التجارية، إن الجانبين أجريا مناقشات "بناءة وصريحة"، واتفقا على استمرار العمل بمستويات الرسوم الجمركية الراهنة، والتي تبلغ 30% على واردات الولايات المتحدة من المنتجات الصينية، و10% على المنتجات الأميركية المُصدرة إلى الصين.
وأضاف شينجانج أن الجانبين خاضا مشاورات "شاملة ومتعمقة" حول القضايا الاقتصادية الجزئية، وتوافقا على مواصلة "التواصل مع بعضهما البعض في الوقت المناسب بشأن القضايا التجارية والاقتصادية".
يذكر أن مسؤولين صينيين وأميركيين عقدوا جولتهم الأخيرة من المحادثات التجارية في ستوكهولم، يومي الاثنين والثلاثاء، في محاولة لكسر الجمود بشأن أزمة الرسوم الجمركية بين أكبر اقتصادين في العالم.

أخبار ذات صلة ترامب يهدّد بفرض عقوبات جديدة على روسيا ليديكي تقترب من فيلبس بـ «الرقم 22»! المصدر: د ب أ

مقالات مشابهة

  • الرئيس البرازيلي يتعهد بمواجهة العقوبات والرسوم الأمريكية
  • أميركا والصين تتفقان على تمديد الهدنة التجارية
  • الذهب يتراجع عالميًا وسط ضغوط السياسات الأمريكية والتوترات التجارية
  • كندا وأمريكا تكثفان محادثاتهما بشأن الرسوم الجمركية
  • خبيرة ألمانية: رسوم واشنطن "عبء ثقيل" على الاقتصاد
  • تراجع أسعار الذهب وارتفاع الدولار وسط ترقب لمصير الهدنة التجارية الأمريكية مع الصين
  • تقرير: الحروب التجارية الأمريكية تُكبد الاقتصاد العالمي خسائر تقدر بـ2 تريليون دولار
  • بروكسل: الاتفاق الحالي مع الولايات المتحدة أفضل من الحرب التجارية
  • زعماء فرنسيون يهاجمون الاتفاق التجاري بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا: «وصمة عار وخضوع لواشنطن»
  • توافق أمريكي أوروبي على اتفاق تجاري شامل.. هذه أبرز بنوده