نواب البرلمان: الرياضة الجامعية مفتاح للتنمية وبناء جيل يحقق التوازن بين الهوية الوطنية والتأهيل الشامل
تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT
نواب البرلمان عن اجتماع الحكومة: الرياضة الجامعية ركيزة أساسية لتأهيل الشباب الرياضة الجامعية تعزز الهوية الوطنيةتحقيق التوازن المطلوب في حياة الطلاب مفتاح للتنمية الشاملة وبناء جيل قادر على المنافسة
أكد عدد من أعضاء مجلس النواب أن اجتماع رئيس الوزراء مع رئيس الاتحاد الدولي للرياضة الجامعية يُبرز مدى اهتمام الدولة المصرية بتطوير الرياضة الجامعية باعتبارها محورًا أساسيًا لبناء جيل قوي قادر على المنافسة العالمية، مؤكدين أن الرياضة ليست مجرد نشاط بدني، بل هي وسيلة فعالة لتعزيز الانضباط، وتنمية المهارات الاجتماعية، وغرس قيم العمل الجماعي في نفوس الشباب.
أكد النائب علي الدسوقي، عضو مجلس النواب، أن اجتماع رئيس الوزراء مع رئيس الاتحاد الدولي للرياضة الجامعية يُبرز مدى اهتمام الدولة المصرية بتطوير الرياضة الجامعية باعتبارها محورًا أساسيًا لبناء جيل قوي قادر على المنافسة العالمية. وقال إن الرياضة ليست مجرد نشاط بدني، بل هي وسيلة فعالة لتعزيز الانضباط، وتنمية المهارات الاجتماعية، وغرس قيم العمل الجماعي في نفوس الشباب.
وأشار الدسوقي في تصريح خاص لـ"صدى البلد" إلى أن الدور الذي تلعبه الرياضة الجامعية يمتد ليشمل تأهيل الطلاب على المستوى البدني والذهني، مما يسهم في إعداد أجيال من الكوادر المؤهلة لمواجهة تحديات المستقبل. وأضاف أن الاهتمام الذي توليه الدولة لهذا القطاع يعكس رؤيتها المتكاملة لتطوير التعليم، حيث تتوازى الأنشطة الرياضية مع البرامج الأكاديمية لتحقيق التوازن المطلوب في حياة الطلاب.
وأوضح النائب أن افتتاح مقر الاتحاد الأفريقي للرياضة الجامعية في مصر يُعد إنجازًا جديدًا يُضاف إلى سلسلة النجاحات التي حققتها الدولة في تعزيز دورها القاري. وقال: "مصر أصبحت نموذجًا يحتذى به في دعم الرياضة الأفريقية، مما يعزز مكانتها كقوة ناعمة على الساحة الدولية".
وأشاد الدسوقي بمبادرة الدولة لبناء منشآت رياضية حديثة مثل المدينة الأولمبية، التي تعكس مدى التزام القيادة السياسية بتوفير بيئة رياضية متميزة قادرة على استضافة البطولات العالمية. وختم تصريحه بالتأكيد على أن الرياضة الجامعية تُعد أحد أهم محاور التنمية المستدامة، داعيًا إلى تعزيز الاستثمارات في هذا القطاع لتحقيق أقصى استفادة للشباب والمجتمع.
ومن جانبها، أشادت النائبة إيفلين متي، عضو مجلس النواب، بالجهود التي تبذلها الدولة المصرية لتعزيز الرياضة الجامعية، مشيرة إلى أن اجتماع رئيس الوزراء مع رئيس الاتحاد الدولي للرياضة الجامعية يؤكد أن الرياضة أصبحت جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية مصر للتنمية الشاملة.
وأكدت متي في تصريح خاص لـ"صدى البلد" أن الرياضة الجامعية تمثل منصة فريدة لتأهيل الشباب وإعدادهم لمواجهة تحديات المستقبل. وقالت: "الرياضة ليست مجرد نشاط بدني، بل هي وسيلة لبناء العقول وتعزيز القيم الإيجابية مثل الالتزام والانضباط وروح الفريق".
وأضافت النائبة أن الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية لتطوير المنشآت الرياضية، مثل المدينة الأولمبية، يعكس رؤية بعيدة المدى لتحويل مصر إلى مركز عالمي للرياضة. وأشارت إلى أن استضافة مقر الاتحاد الأفريقي للرياضة الجامعية يُعد خطوة مهمة لتعزيز التعاون بين الدول الأفريقية، وتنظيم بطولات وبرامج تدريبية تسهم في تطوير الرياضيين الجامعيين.
وأوضحت متي أن الرياضة الجامعية لها دور كبير في دعم الاقتصاد الوطني من خلال تعزيز السياحة الرياضية، واستقطاب البطولات العالمية التي تسهم في زيادة العائدات الاقتصادية. وأكدت أن مصر تمتلك كل المقومات لتكون رائدة في هذا المجال، داعية إلى الاستمرار في دعم الرياضة الجامعية باعتبارها استثمارًا في مستقبل الوطن.
استثمار في الشباب ورؤية لبناء المستقبلكما،، أكدت النائبة مرفت الكسان، عضو مجلس النواب، أن الرياضة الجامعية تمثل استثمارًا حقيقيًا في الشباب، وتسهم في بناء مستقبل أكثر إشراقًا للأجيال القادمة. وأشادت بالاجتماع الذي عقده رئيس الوزراء مع رئيس الاتحاد الدولي للرياضة الجامعية، والذي يُبرز الدور الكبير الذي تلعبه الدولة في دعم هذا القطاع الحيوي.
وقالت الكسان في تصريح خاص لـ"صدى البلد" إن الرياضة الجامعية تُعد منصة مثالية لتأهيل الشباب على المستويين البدني والذهني، مشيرة إلى أن الأنشطة الرياضية في الجامعات تعزز من توازن الطلاب بين الجوانب الأكاديمية والبدنية. وأضافت أن مصر تُظهر التزامًا قويًا بتوفير بيئة رياضية متكاملة من خلال إنشاء منشآت عالمية المستوى مثل المدينة الأولمبية.
وأعربت الكسان عن تقديرها لجهود الدولة في استضافة مقر الاتحاد الأفريقي للرياضة الجامعية، معتبرة أن هذه الخطوة تعكس المكانة التي حققتها مصر على المستوى القاري والدولي في مجال الرياضة. وأكدت أن هذا المقر سيُسهم في تعزيز التعاون بين الجامعات الأفريقية، وفتح آفاق جديدة لتنظيم البطولات والفعاليات الرياضية.
وأشارت الكسان إلى أن الرياضة الجامعية ليست فقط وسيلة لتنمية الشباب، بل هي أيضًا أداة لتعزيز القوة الناعمة لمصر، وزيادة قدرتها على استقطاب الفعاليات الدولية. وختمت تصريحها بالدعوة إلى وضع خطط طويلة المدى لتعزيز دور الرياضة في بناء أجيال قادرة على تحقيق إنجازات ملموسة في مختلف المجالات.
وكان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عقد مساء اليوم بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، اجتماعًا مع ليونز إيدير، رئيس الاتحاد الدولي للرياضة الجامعية، والوفد المرافق له، بحضور الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، ورئيس الاتحاد الأفريقي للرياضة الجامعية.
واستهل رئيس الوزراء الاجتماع بالترحيب بـ ليونز إيدير، رئيس الاتحاد الدولي للرياضة الجامعية، والوفد المرافق له، مؤكدًا أن الحكومة تُولي أهمية كبيرة لملف الرياضات الجامعية، وتحرص على أن تكون ممارسة الرياضة في الجامعات ضمن أهم الأولويات، إذ إنها تُسهم في بناء جيل قوي مُهتم بالتغذية السليمة وقادر على المنافسة، بالتوازي مع الجانب العلمي والأكاديمي الذي توفره هذه الجامعات لطلابها.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن لدينا نموذجا ناجحا لأحد الشباب المصريين، وهو البطل الأوليمبي، أحمد الجندي، الطالب بكلية تكنولوجيا الأعمال في جامعة مصر للمعلوماتية، ولاعب المنتخب الوطني للخماسي الحديث الذي تُوج بالميدالية الذهبية لأولمبياد باريس 2024، مؤكدًا أنه كان قد قابل "الجندي" وحرص على أن يناقشه آنذاك حول كيفية انتظام برامجه الدراسية بالتوازي مع ممارسته للرياضة، والآليات التي يُمكن أن تتيحها الجامعات المختلفة لدعم طُلابها المُمارسين للرياضات.
وأكد رئيس الوزراء في هذا السياق، حرص الحكومة على أن تكون مباني الجامعات المصرية (العامة والخاصة) مُزودة بأحدث الأدوات والتقنيات لممارسة الرياضات بشتى أنواعها، ونُقدم دعمًا دائمًا لتحديث هذه المنشآت بصورة دورية، حتى يُمكن لها أن تُنافس المنشآت العالمية.
وتطرق الدكتور مصطفى مدبولي، خلال الاجتماع، إلى الحديث عن الدعم الكبير الذي توليه القيادة السياسية المصرية للرياضة الجامعية على المستوى الإفريقي، مشيراً إلى وجود رؤية واضحة لتعزيز مكانة الرياضة الجامعية على مستوى القارة السمراء.
وأشار، في هذا الصدد، إلى اجتماعات اللجنة التنفيذية للاتحاد الأفريقي للرياضة الجامعية، واجتماعات الجمعية العمومية للاتحاد الأفريقي للرياضة الجامعية، التي تستضيفها مصر خلال الفترة من 20 حتى 25 فبراير.
كما أشاد رئيس الوزراء بافتتاح مقر الاتحاد الأفريقي للرياضة الجامعية بحرم الجامعة البريطانية في مصر، مؤكدًا أن هذه الخطوة مُهمة للغاية لتطوير وتنمية الرياضة الجامعية في القارة الأفريقية.
في سياق متصل، أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الدولة المصرية تُولي اهتمامًا كبيرًا بإقامة المنشآت الرياضية على أعلى مستوى، مُشيرًا في هذا الصدد إلى نموذج "المدينة الأولمبية" التي تم بناؤها وفقًا لأحدث المعايير العالمية؛ حتى يتسنى استضافة الأحداث الرياضية العالمية بها.
بدوره، أشار الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، إلى الدور الريادي الذي تلعبه مصر في دعم الرياضة الجامعية على المستوى الأفريقي، بما يعزز مكانتها كقوة مؤثرة في هذا المجال، وذلك من خلال استضافة العديد من الفعاليات الرياضية وتقديم الدعم اللوجستي والفني للاتحادات القارية، من أجل تعظيم مساهمة الرياضة الجامعية فى تطوير الرياضة الأفريقية فى مختلف المنافسات القارية والعالمية والأولمبية.
وأوضح الوزير أن الرياضة الجامعية تمثل محورًا مهمًا لتنمية الشباب وتأهيلهم على المستوى البدني والذهني، حيث تسهم في إعداد جيل جديد من الرياضيين القادرين على المنافسة في المحافل الدولية.
وخلال الاجتماع، أشاد ليونز إيدير، رئيس الاتحاد الدولي للرياضة الجامعية، بالدعم الكبير الذي تقدمه الدولة المصرية للرياضة الجامعية في القارة الأفريقية، مثمنًا الخطوة المهمة الخاصة بافتتاح مقر الاتحاد الأفريقي للرياضة الجامعية في مصر.
وأكد "إيدر" أن اختيار مصر لاستضافة هذا المقر لم يكن مصادفة، بل هو انعكاس لما تتمتع به من خبرات رياضية وإمكانات تنظيمية هائلة، بالإضافة إلى التزامها المستمر بدعم الرياضة الجامعية على المستويين الإقليمي والدولي، مضيفا: نحن واثقون من أن هذا المقر سيلعب دورا محوريا في تعزيز التعاون بين الجامعات الأفريقية، وتنظيم بطولات وبرامج تدريبية تسهم في تطوير الرياضيين الجامعيين في القارة.
وأشاد "إيدر" بالمباني والمنشآت الرياضية التي أقامتها الحكومة المصرية على مدار الأعوام الماضية، مؤكدًا أن هذا سيكون أحد الأسباب المهمة لاستضافة مصر للمزيد من الفعاليات الرياضية العالمية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الهوية الوطنية تأهيل الشباب الرياضة الجامعية المزيد مقر الاتحاد الأفریقی للریاضة الجامعیة الدکتور مصطفى مدبولی للریاضة الجامعیة ی المدینة الأولمبیة الدولة المصریة الجامعیة على على المنافسة الجامعیة فی مجلس النواب على المستوى الکبیر الذی دعم الریاضة مؤکد ا أن تسهم فی الذی ت إلى أن فی هذا على أن فی دعم
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: الحفاظ على مقومات الهوية الوطنية المصرية يقوم على التعايش والتسامح
أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الهوية الوطنية تمثل مجموعة الخصائص والمقومات العقائدية واللغوية والمفاهيمية والأخلاقية والثقافية والعرقية والتاريخية، إضافة إلى العادات والتقاليد والسلوكيات التي تمنح الوطن شخصيته المميزة بين الأمم وتجعله معبرًا عن ثقافته ودينه وحضارته.
وأوضح أن الوطن الذي يفقد هويته لا يعد وطنًا حقيقيًّا بل يصبح مجرد إقليم يسكنه أفراد بلا مبادئ أو معتقدات أو عناصر حضارية تميزهم؛ مما يجعلهم بلا انتماء أو ولاء أو هوية، مشيرًا إلى أن الانتماء للوطن والإخلاص في خدمته والتفاني في الدفاع عنه يمثل الجذر الأصيل للهوية الوطنية وعصب الوجود المجتمعي، وأن الإنسان الذي لا ينتمي لوطنه يفقد هُويته ويصبح سهل الاستقطاب من قِبل الجماعات المتطرفة والأجندات الخارجية بما يهدد أمن وطنه واستقراره، مشددًا على أن التحديات المعاصرة تفرض ضرورة الحديث المستمر عن الهُوية الوطنية لضمان وعي المجتمع بذاته وبما يميزه عن غيره وإدراك دَوره في مواجهة المخاطر التي تحيط به؛ حفاظًا على أمنه الداخلي واستقراره القومي.
جاء ذلك خلال كلمة فضيلته بالمؤتمر الدولي الحادي عشر لكلية التربية بنين بجامعة الأزهر تحت عنوان «جيل ألفا والتربية ..صناعة المستقبل وقيادة التغيير».
وأشار فضيلة المفتي إلى المكونات التي تشكل الهُوية الوطنية وتسهم في ترسيخها في وجدان الأفراد والمجتمعات؛ إذ تتجسد هذه الهُوية في أربعة عناصر رئيسة، يأتي في مقدمتها الوطن باعتباره المجال الجغرافي الذي تتكون فيه معاني الانتماء ويترتب على فقدانه غياب الهُوية ذاتها، ثم الدين الذي يمثل ركيزة أساسية للدافعية الوطنية والدفاع عن استقرار الدولة ويعزز قيم الولاء والانتماء، ويليه عنصر اللغة بوصفها الوعاء الحافظ للتراث والمعبِّر عن الخصوصية الثقافية والداعم لوحدة الروابط الوطنية، كما يشكل التاريخ الوطني المشترك عاملًا جامعًا بين أبناء الوطن عبر ما خاضوه من تحديات ومواقف تكاتفوا فيها دفاعًا عن أرضهم وهُويتهم، وتبرز هذه العناصر مجتمعة بوصفها منظومة متكاملة تمثل جوهر الأمن القومي الذي تتطلب صيانته وعيًا متواصلًا وإدراكًا لقيمته الحيوية في حماية استقرار الدولة ومستقبلها.
وبيَّن فضيلة المفتي التحديات الكبرى التي واجهت الهُوية الوطنية، ولا تزال تفرض حضورها في المشهد الراهن؛ إذ تعد المفاهيم المغلوطة التي روَّج البعض من خلالها لفصل الانتماء الوطني عن التعاليم الدينية بادعاء أن الولاء للوطن خروج عن الثوابت، أو أن الروابط العقدية لا تتسق مع الانتماء القومي، في حين تؤكد النصوص والسير النبوية أن حب الوطن قيمة أصيلة دعا إليها الشرع وعدَّها من سلامة الفطرة الإنسانية، وهو ما تجلى في مواقف النبي صلى الله عليه وسلم وحنينه إلى مكة ودعائه للمدينة بالبركة وترسيخ الانتماء لها، كما يبرز تحدي التغريب الذي يسعى إلى فرض النموذج الغربي معيارًا للفكر والسلوك واللباس والثقافة ومحاولة سلخ الإنسان العربي المسلم من دينه وقيمه ولغته وعروبته، إضافة إلى الاغتراب المجتمعي الذي يجعل الفرد منقطعًا عن بيئته متأثرًا بنُظم خارجية على حساب دينه ووطنه، وهو ما قد يُسَوَّق خطأ تحت شعارات الحداثة والتقدم، فضلًا عن تحدي الغلو والتطرف الذي يرفض الدولة الحديثة ويكرس للعنف وإقصاء الآخر ويخدم أجندات خارجية تستهدف إضعاف الأوطان وزعزعة تماسكها. ثم يأتي تحدي العولمة بما تحمله من محاولات لطمس الخصوصيات الثقافية وإذابة الموروث الحضاري لصالح نمط عالمي واحد يخلو من الهُوية، ويتوازى مع ذلك تحدي الإعلام الموجَّه الذي يعمل على التشكيك في المنجزات الوطنية وإثارة البَلبلة بنشر الشائعات لتحقيق غايات تمس الاستقرار الاجتماعي. كما تتقدم التحديات الثقافية نوعية أخرى تتمثل في الاختراق الثقافي الذي يستهدف السيطرة على الوعي وإعادة صياغة التاريخ والواقع بطرق مشوهة لإضعاف البنية القيمية للمجتمع، ويتعاظم الخطر مع تحدي الإلحاد والفكر اللاديني الذي ينكر الوجود الإلهي ويجعل الإنسان عبدًا لشهواته على حساب الانتماء والمصلحة الوطنية، ويشيع أنماطًا من الرذائل والانفلات الأخلاقي بما يهدد بنية الهُوية، خاصة بين الشباب في ظل الانفتاح الرقمي؛ مما يجعل مواجهة هذه التحديات ضرورة لحماية الهُوية والحفاظ على وحدة المجتمع واستقراره.
ووجه فضيلة مفتي الجمهورية بضرورة الحفاظ على مقومات الهُوية الوطنية المصرية الفريدة، التي تقوم على التعايش والتسامح بين جميع الأديان في الوطن الواحد، والوسطية والاعتدال في فهم الإسلام بما حباها الله تعالى به من الأزهر الشريف وأروقته العلمية العريقة، مشددًا على أهمية عدم الانجرار خلف الشائعات المغرضة التي تهدف إلى إثارة الفتن والاضطرابات، مؤكدًا ضرورة التثبت قبل الحديث أو النشر والالتزام بالوسطية والاعتدال، فالتحذير من الشائعات ورد في قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 83]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع»، كما جاء التوجيه الإلهي أيضًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].
ولفت فضيلة مفتي الجمهورية النظر إلى أنه من الضروري أن نتخذ طريقًا واضحًا في توجيه شبابنا، من خلال تنبيههم للوعي الرقْمي والفكر النقدي، ليعرفوا كيف يميزون بين المفيد والضار، وكيف يتحققون من صحة المعلومات قبل تصديقها أو مشاركتها، مع السعي المستمر لترسيخ الهُوية القيمية والثقافية لتصبح لهم مرجعًا داخليًّا يوجه تصرفاتهم الرقمية ويضمن توازنهم الفكري والسلوكي. ويبرز هنا الدور الحيوي للتربية والمؤسسات في تمكين هذا الانفتاح الواعي، فالأُسر تشجِّع الحوار المفتوح مع الأبناء، وتوجههم للتمييز بين ما ينفعهم وما يضرهم، والمدارس تضيف مهارات التسامح والوعي الرقْمي إلى المناهج، وتغرس لديهم القدرة على التفكير النقدي والتحليلي، بينما تقدم المؤسسات الدينية محتوًى رقْميًّا هادفًا يوضح للشاب كيف يمكنه الانفتاح على الآخر دون التفريط في هُويته وقيمه؛ ليصبح هذا الجيل واعيًا بمسؤولياته ومؤهلًا للتفاعل بإيجابية مع عالم متغير.
وعليه، فإن حماية الذات الثقافية تمثل مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة والمؤسسات الدينية والمجتمع المدني، إذ تشكل هذه المؤسسات الدعامة الأساسية التي تضمن تنشئة جيل متوازن، واعٍ بقيمه، وملتزم بأصالته، وقادر على مواجهة تحديات العصر والمساهمة في مجتمع متوازن ومبدع. وكما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»، فإن المسؤولية التي تقع على عاتقنا تجاه أبنائنا تقاس بما نتركه لهم من قيم وانتماء ثقافي ووعي بالهُوية، خاصة وأن هذا الجيل ينشأ في ظل عولمة رقْمية متسارعة تتطلب أسسًا متينة وإرشادًا واعيًا، ليكون قادرًا على التعرف على العالم والاستفادة من الثقافات الأخرى دون أن يغفل عن أصالته وثوابته، ولذا فإن الجهود المشتركة لكل المؤسسات ضرورية لتوفير بيئة متكاملة، تصبح فيها الذات الثقافية حصنًا يحمي الفرد من الانجراف وراء محتوى رقْمي غريب عن هُويته، أو سلوكيات تقلل من ارتباطه بالقيم الأصيلة، ويضمن له القدرة على اتخاذ قرارات واعية ومسؤولة تعكس وعيه الثقافي والتربوي.
وناشد فضيلة المفتي بضرورة مواجهة هذا الفكر الإلحادي بما يناسبه، من مواجهة الفكر بالفكر، مشيرًا إلى الدور البارز الذي يقوم به مركز "سلام" لدراسات التطرف، في هذا الشأن، وتطبيق "فتوى برو" التابعان لدار الإفتاء المصرية إذ يسهمان في تقديم الردود العلمية والرقمية بشكل منهجي وفعَّال، موضحًا دَور وَحدة حوار التابعة لدار الإفتاء التي تعمل على قرع الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان، منبهًا إلى أهمية الاستفادة من التقنيات الحديثة في مواجهة الفكر المتطرف، التي لا تقتصر على النصوص والمقالات العلمية فحسب، بل تشمل أيضًا الأفلام الكرتونية والرسوم المتحركة والحوار المركب، ليصبح الرد متنوعًا وشاملًا ويلائم مختلف الأجيال.
وذكر فضيلته أن المؤسسات الدينية لا تقتصر على أسلوب واحد في العمل، بل تتشابك مع كل وسيلة وتواكب كل تغيرات الواقع، مضيفًا أن الدين الإسلامي يحمل في طياته كثيرًا مما يمكن تقديمه لمواجهة التحديات الفكرية، وأن ما قدمته هذه المؤسسات حتى الآن هو جهد صادق النية، مع الوعد بمواصلة العطاء والعمل بإخلاص لتعزيز الوعي الديني والثقافي لدى المجتمع.
وفي ختام كلمته، وجَّه فضيلة المفتي مجموعة من الوصايا المهمة للشباب، داعيًا إياهم إلى طاعة الله تعالى والابتعاد عمَّا يغضبه، والتمسك بالقيم الأخلاقية والالتزام بتشريعات الرسالة، مستشهدًا بفتية الكهف الذين دخلوا في الإيمان وصدقوا النبوة، والْتزموا بتشريعات الدين ولم يغتروا بالقوة أو الشهوات، وقد مدحهم الله تعالى في قوله: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: 13]، مشيرًا إلى أن عزيمتهم الراسخة بالإيمان زادتهم هداية وبصيرة وثباتًا، مؤكدًا أن الله سبحانه وتعالى يعجب بالشباب الذين ينشؤون على عبادة الله واتباع أوامره. وقد ورد عن عقبة بن عامر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليعجب من الشاب ليست له صبوة»، مشددًا على أن الله أعد من النعيم المقيم للشباب الذين استقاموا على الصراط المستقيم ما لا يمكن للعقل تصوره، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه...»، موضحًا أن الالتزام بالقيم الوسطية والثبات على المبادئ يشكل الأساس للنجاح الشخصي والاجتماعي ويضمن للشباب دَورهم الفاعل في خدمة وطنهم ومجتمعهم بوعي وثبات، مشددًا على أن الاستثمار في الشباب هو استثمار في المستقبل، فكل كلمة تُزرع في عقولهم، وكل قيمة تُغرس في قلوبهم، وكل مهارة تُنمَّى لديهم، تبني مجتمعًا متماسكًا قادرًا على مواجهة تحديات العصر، مزدهرًا بالإبداع والابتكار، مرتفعًا بالقيم والأخلاق، ومستمرًّا في حضارة أصيلة تحتضن العلم والمعرفة، وتحتفي بالإنسانية والفضيلة، مؤكدًا أن تمكين الشباب وغرس الوعي والقيم لديهم يمثل حجر الأساس لأي نهضة حقيقية، ويضمن استمرار المجتمع في طريقه نحو التقدم والازدهار المستدام.
هذا، وقد شهد المؤتمر حضور عدد كبير مع العلماء والمفكرين وأساتذة التربية وعمداء الكليات، من بينهم فضيلة أ.د. محمد الضويني، وكيل الأزهر، والأستاذ الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، والأستاذ الدكتور محمود صديق، نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث، والأستاذ الدكتور سيد بكري، نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، والأستاذ الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والأستاذ الدكتور علاء عشماوي، رئيس هيئة ضمان الجودة، والأستاذة الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشار شيخ الأزهر لشئون الوافدين، والأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، والأستاذ الدكتور جمال فرغل الهواري، عميد الكلية، ولفيف من أساتذة جامعة الأزهر وطلابها.
وفي لفتة تقدير وعرفان، قدَّم الأستاذ الدكتور جمال فرغل الهواري، عميد كلية التربية، درع الكلية لفضيلة المفتي، مشيدًا بمسيرته المتميزة وجهوده العلمية والفكرية في خدمة الفكر الديني وتعزيز الوسطية والاعتدال، مؤكدًا أن هذا التكريم يعكس الامتنان العميق لما قدمه فضيلته من جهود ملموسة في نشر الوعي الديني والقيم الوطنية، وترسيخ مفاهيم التسامح والتعايش بين جميع أفراد المجتمع، بما يعكس رؤية الأزهر الشريف ورسالة كلية التربية في دعم المعرفة والقيادة الفكرية الواعية.