كتبت هيام قصيفي في" الاخبار": جاء الاتفاق السعودي - الإيراني ليثير لدى بعض القوى المحلية احتمال حلحلة الملف الرئاسي، والانطباع بأن لبنان قد يكون وُضع على سكة الحل. ما اتّضح منذ توقيع الاتفاق في نيسان الفائت أن شيئاً من هذا لم يحصل، لا بل إن الاندفاعة في اليمن توقّفت كما حال الاندفاعة في سوريا. وبعد خمسة أشهر، لم يتبلور بعد موقع لبنان في الاتفاق بين الطرفين.

ومع الخطوات الأخيرة التي سُجلت بين الرياض وطهران، تجدّد الكلام عن مساومات وعن ورقة تفاوضية تدور حول لبنان والرئاسة فيه.   ما يحدث هو العكس، لأن الرئاسة أصبحت عالقة أكثر فأكثر. فانتظار تداعيات الاتفاق يعطي صورة مختلفة عما يريده البلدان. في حين تدور ملهاة لبنانية، تتعلق بالحوارات الداخلية، رغم معرفة الجميع بأن كل ما يجري مجرّد تقطيع للوقت، لا أكثر ولا أقل.
لن تتخلى إيران ببساطة عن ورقة لبنان، لا بل إنها تقبض عليها بإحكام، ولن تكون الساحة اللبنانية بالنسبة إليها، كموقع أساسي في استراتيجيتها في المنطقة وعلى المتوسط، ملفاً للمساومة، ولا سيما في ظل ملامح دفع واشنطن إلى علاقات تطبيعية بين السعودية وإسرائيل، ما يجعل طهران أكثر إصراراً على التمسك بلبنان وموقعها فيه مع ما يعنيه في مشروع محاربة إسرائيل.بدورها، لم تقل السعودية كلمتها النهائية في الوضع اللبناني. في المقابل فإن كل ما يُنقل عنها منذ المبادرة الفرنسية وحتى اليوم، ثبت أنه خاطئ، لأنها فعلياً لم تسلّم بأي تنازل في ما يخص لبنان، مهما كانت قراءة خصومها وحتى بعض حلفائها. وقد دلّت التجربة في لقاء الخماسية، رغم فتح باب الحوار مع سوريا، أنها لم تقدّم لبنان كصفقة في الحوار الدائر مع إيران. وفي حوارات متشعّبة، سابقة وحالية، ظلت على موقفها من مواصفات رئيسَي الجمهورية والحكومة ووزرائها، وهذا ليس تفصيلاً ولا يعبر عن أي احتمال ولو كان ضئيلاً بمساومتها. وحتى الآن لا يزال موقفها هو نفسه منذ أكثر من سنة.   ولأن الملف عالق، يمكن التوقف عند أمرين: الأول، يتعلق بموقف الولايات المتحدة، سواء من الاتفاق أو من خلال دفعها إلى علاقات سعودية - إسرائيلية. فقبل اتّضاح حقيقة ما تفعله واشنطن، ولا سيما في الملف الثاني الأكثر خطورة نظراً إلى انعكاساته المتشعّبة، لا يمكن للسعودية التقدم خطوة إلى الأمام. والأهم أنه لا يمكن لإيران كذلك أن تحسم خياراتها نهائياً في تحقيق توازن بين متطلباتها الأمنية والاقتصادية والسياسية في منطقة صار متقدّماً فيها التواصل بين دولها وإسرائيل. والمشكلة أن موقف واشنطن لا يزال متحفّظاً في إظهار كلّ النوايا المتعلقة بالتقديمات والتسهيلات التي يمكن أن تتبع مثل هذا التواصل الذي تترقّبه عواصم المنطقة. وهذا يعني إيران لأنه يشكل بالنسبة إليها ركيزة أساسية في تعاملها مع الاتفاق ككتلة واحدة أو متجزّئة. ولن يكون لبنان كحالة سوى انعكاس لهذا الترقّب.   الأمر الثاني هو أن لقاء الخماسية الذي حدّد مساراً جديداً للأزمة الرئاسية زاد تعقيد المشكلة، في وقت لا تشارك إيران فيه، بعدما أصرّ على تحديد مسبّبات الأزمة ومستقبلها بما لا يتوافق مع رؤيتها. لكن، في المقابل، فإن الخماسية لا تملك خريطة طريق، إذ أظهر اللقاء أن مواقف القوى الأربع غير قطر لا تزال مبهمة. الدوحة وحدها حتى الآن أوضحت موقفها المؤيّد لانتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون، في حين لا تملك الدول الأربع سوى الفيتو حتى الآن، من دون أي برنامج عمل تفصيلي بالاسم أو ما يحيط برئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة لحل الأزمة ككل. وكما يُنتظر موقف واشنطن من مستقبل العلاقة السعودية - الإسرائيلية، يُنتظر كذلك موقفها من خيار الرئاسة الذي لم تفصح عنه. وقد يكون من المبكر استخلاص أي توقّعات مبكرة، لأن واشنطن فعلياً تغرق في مسارات أخرى في المنطقة، لم يُعرف موقع لبنان منها بعد، ما يجعل ورقة الرئاسة محتجزة إلى أن يحين وقت الإفراج عنها. ولا يبدو أنه موعد قريب.  

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

إيران تحمّل واشنطن مسؤولية أي هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية

استبقت إيران جولة المحادثات الجديدة مع الولايات المتحدة التي تنطلق غدا الجمعة في روما بتحميل الإدارة الأميركية مسؤولية أي هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية، وتعهدت باتخاذ "إجراءات خاصة" لحماية تلك المنشآت.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اليوم الخميس "إن الولايات المتحدة ستتحمل المسؤولية القانونية في حالة شن إسرائيل هجوما على المنشآت النووية الإيرانية".

وكتب عراقجي على منصة "إكس" بعد أن وجّه رسائل إلى مسؤولي الأمم المتحدة على ما يبدو "لقد دعوت المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات وقائية فعالة ضد استمرار التهديدات الإسرائيلية، والتي إن لم تُكبح فستجبر إيران على اتخاذ تدابير خاصة للدفاع عن منشآتها وموادها النووية".

وأضاف "ستتوافق طبيعة ومحتوى ومدى إجراءاتنا مع الإجراءات الوقائية التي تتخذها هذه الهيئات الدولية وتتناسب معها وفقا لواجباتها والتزاماتها القانونية".

من جهته، قال الحرس الثوري الإيراني اليوم إن إسرائيل ستتعرض لـ"رد مدمر وحاسم" إذا هاجمت إيران.

ونقلت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية عن المتحدث باسم الحرس الثوري علي محمد نائيني قوله "يحاولون تخويفنا بالحرب، لكنهم يخطئون في حساباتهم، إذ يجهلون الدعم الشعبي والعسكري القوي الذي يمكن للجمهورية الإسلامية حشده في ظروف الحرب".

إحدى جداريات رفع الروح المعنوية المنتشرة في شوارع طهران (الأوربية) التهديد الإسرائيلي

ولم يقدم عراقجي أو الحرس الثوري أي تفاصيل عما ستفعله طهران، لكن تصريحاتهما تأتي في أعقاب تقرير لشبكة "سي إن إن" أول أمس الثلاثاء أفاد بأن الولايات المتحدة "لديها معلومات استخباراتية جديدة تشير إلى أن إسرائيل تجري استعدادات لضرب المنشآت النووية الإيرانية".

إعلان

ونقلت الشبكة عن مسؤولين استخباراتيين قولهم إنه "لم يتضح بعد ما إذا كان القادة الإسرائيليون اتخذوا قرارا نهائيا"، مشيرة إلى وجود خلاف في الآراء داخل الحكومة الأميركية بشأن ما إذا كان الإسرائيليون سيقررون في نهاية المطاف تنفيذ الضربات.

وسبق أن هدد مسؤولون إسرائيليون -بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو- مرارا وتكرارا بضرب المواقع النووية الإيرانية، لمنعها من امتلاك سلاح نووي إذا ما اختارت السعي لامتلاكه.

عقبة التخصيب

وتأتي التصريحات الإيرانية اليوم قبل جولة التفاوض الخامسة الولايات المتحدة وإيران يوم غد الجمعة في العاصمة الإيطالية روما بشأن اتفاق محتمل من شأنه أن يمكّن طهران من الحد من تخصيب اليورانيوم أو إيقافه تماما مقابل رفع العقوبات الاقتصادية.

وستعقد جولة غد وسط خلافات حادة بشأن تخصيب اليورانيوم في إيران، والذي تقول الولايات المتحدة إنه قد يفضي إلى تطوير قنابل نووية، وتنفي إيران أي نية لذلك.

ويقول دبلوماسيون إن انهيار المفاوضات الأميركية الإيرانية أو التوصل إلى اتفاق نووي جديد لا يقلل من مخاوف إسرائيل بشأن تطوير إيران أسلحة نووية قد يحفز تل أبيب على شن ضربات ضد خصمها الإقليمي.

ووفقا لوسائل إعلام رسمية، وصف الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي أول أمس الثلاثاء مطالب الولايات المتحدة بوقف تخصيب اليورانيوم بأنها "مبالغ فيها ومثيرة للاستياء"، معبرا عن شكوكه إزاء نجاح المحادثات بشأن اتفاق نووي جديد.

يذكر أن إيران وإسرائيل تبادلتا في أبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي هجمات مباشرة العام الماضي، مما زاد خطر اندلاع صراع إقليمي.

مقالات مشابهة

  • عاجل. ‌‏البيت الأبيض: ترامب أكد أن الاتفاق المحتمل مع إيران يسير في الاتجاه الصحيح
  • تفاصيل مباحثات ترامب ونتنياهو حول السفارة الإسرائيلية ومفاوضات حماس وإيران
  • إيران تحمّل واشنطن مسؤولية أي هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية
  • إيران تهدد برد حاسم على أي اعتداء إسرائيلي وتحمل واشنطن المسؤولية
  • بيروت.. عباس يبحث الملف الفلسطيني مع وفود عربية ومسؤولة أممية
  • المنفي يرحب بالبيان المصري ويؤكد: تسمية رئيس الحكومة من اختصاص المجلس الرئاسي
  • مصادر: إيران قد تلجأ للصين وروسيا كخطة بديلة بتعثر المحادثات مع واشنطن
  • كيف سيؤثر الاتفاق المحتمل مع واشنطن على اقتصاد إيران؟
  • إيران: المفاوضات مع واشنطن ستفشل إذا تمسكت بطلب وقف التخصيب
  • شركة تاتش ترسل عرضاً ترويجياً ثم تتراجع وتعتذر