الثورة /

وفرت دولة الإمارات منبراً للإسرائيليين في خضم حرب الإبادة على غزة بمؤتمر دعائي يزعم ترويج أبوظبي لشعارات “حوار الحضارات والتسامح” بغرض التغطية على النهج المستبد للدولة والتحالف والتطبيع مع إسرائيل.

وأوردت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية أن أبوظبي استضافت مؤتمرًا مؤيدًا للتسامح، جمع مشاركين من ديانات وخلفيات مختلفة.

وبحسب الصحيفة، أقيم المؤتمر برعاية ما يسمى وزير التسامح والتعايش الإماراتي نهيان بن مبارك آل نهيان، ومركز الإمارات للبحوث والدراسات.

وشملت قائمة الحضور والمتحدثين العديد من الشخصيات البارزة، مثل شيخ الطائفة الدرزية في الأراضي المحتلة الشيخ موفق طريف، والناشط من أجل السلام الإمام حسن شلغومي، والمدير التنفيذي لمركز “أوهر توراه” للحوار بين الأديان الحاخام يعقوب ناغين، والرئيس العام الأول لكنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة.

ويُعد هذا الحدث، المعروف باسم المؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح (IDCT)، الثاني من نوعه الذي يُعقد في العاصمة الإماراتية على التوالي.

وبحسب منظمي المؤتمر، كان الهدف من الحدث جمع خبراء من المجالات الأكاديمية والسياسية وقطاعات أخرى لمناقشة “القضايا الأساسية في صميم حوار الحضارات”.

وتخلل المؤتمر أيضًا جلسة فنية خاصة قدمها الموسيقي الإسرائيلي دودو طاسة وعازف الجيتار في فرقة راديوهيد، جوني غرينوود، بمشاركة موسيقيين من مختلف أنحاء الشرق الأوسط، وذلك كجزء من جولتهم تحت عنوان “جارك قريبك”.

وتواصلت صحيفة جيروزاليم بوست مع مشاركين في المؤتمر—أحدهما إماراتي والآخر إسرائيلي—لسماع آرائهما حول الحدث.

حيث يقول الإماراتي أمجد طه المعروف بمواقفه المؤيدة لإسرائيل : “في بلادي، معاداة السامية ليست رأيًا بل جريمة”

وأمجد طه، الذي يقدم نفسه كمحلل استراتيجي سياسي إماراتي معروف بنشاطه المؤيد للتطبيع كان من بين المتحدثين في المؤتمر.

وفي حديثه مع الصحيفة، أشاد طه بالحدث، واصفًا إياه بأنه “منصة عالمية رائدة للحوار، تهدف إلى استكشاف القيم والمعايير المتنوعة، وإثبات أن الحوار الحقيقي ليس ممكنًا فحسب، بل ضروري لصياغة حلول مبتكرة للتحديات العالمية اليوم”.

وقال طه “في الإمارات، يمكن لليهودي الأرثوذكسي أن يمشي بحرية مرتديًا القلنسوة دون خوف، بينما في أماكن مثل ويست ميدلاندز في بريطانيا أو سيدني الغربية، قد يتعرض للمضايقة أو العنف، هذا هو الفرق”.

وأكد طه أن الإمارات لا تعتبر معاداة السامية أو أي شكل من أشكال العنصرية مجرد آراء، بل جرائم، مشيرًا إلى أن جماعة الإخوان المسلمين، التي تشمل جناحها العسكري حماس، محظورة في الإمارات، بينما تعمل في الغرب بحرية، “

وأشاد طه بالإمارات على التزامها بما وصفه بـ”التعايش الحقيقي”، مؤكدًا أن بلاده “تعتبر التسامح مبدأ وليس مجرد شعار”، مضيفًا: “الإمارات لا تتسامح مع من يستغل الحرية لنشر الكراهية والعنف، ولهذا السبب يمكن لمثل هذه الفعاليات أن تزدهر هنا”.

خلال المؤتمر، دعا طه إلى لحظة صمت تخليدًا لذكرى شيري وأريئيل وكيفير بيباس، الذين قتلوا بعد أسرهم من كيبوتس نير عوز في 7 أكتوبر 2023م.

وقال طه: “عندما وقعت الهولوكوست، شارك البعض، واحتفل البعض، وأنكرها البعض، وأنقذ آخرون الأرواح اليهودية، في 7 أكتوبر، تكررت القصة—not فقط في فظائعها، ولكن في الخيارات التي اتخذها الناس”.

من جانبه قال تشن كوبرمان – المدير التنفيذي لمؤسسة http://Blend.Ar التي تعلّم اللغتين العربية والعبرية لتعزيز العلاقات بين اليهود والعرب، إن المؤتمر كان بالدرجة الأولى “مؤتمرًا إماراتيًا”.

وزعم أن “هذا المؤتمر كان مهمًا جدًا للإمارات لتعزيز القيم التي تراها ضرورية. تسعى الإمارات لتكون مركزًا رائدًا في الشرق الأوسط للتسامح وربط الثقافات، وهذا هدف نبيل ومهم”.

وأكد كوبرمان على أهمية عقد هذا المؤتمر رغم الحروب والتحديات، مشيدًا بالمنظمين الذين عقدوا النسخة السابقة في عام 2024م، رغم وقوعها بعد فترة قصيرة من هجمات 7 أكتوبر.

 

 

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

الفوضى الرقمية بين أوهام الحرية والخصوصية المستباحة

في زمنٍ باتت فيه مواقع التواصل الاجتماعي نوافذ لا تُغلق، وشاشات لا تنام، وتحوّلت إلى ميادين مفتوحة تُخاض فيها معارك الكلمة والصورة بلا ضوابط، وتُنتهك فيها خصوصيات الأفراد، كما تُنتهك الأرواح في الحروب الخفية.

بين منشور يحمل شائعة، وصورة تُنتزع من سياقها، وفيديو يُجتزأ عن عمد، تتوه الحقيقة في زحام الثرثرة الرقمية التي أصبحت مرآةً مشوشة تعكس تفاصيل حياتنا الصغيرة، وتلتقط لحظاتنا الأكثر هشاشة.

فهل ما نراه اليوم حرية تعبير؟ أم أننا نعيش تحت سطوة حرية زائفة تبيح كل الانتهاكات؟

لقد تحولت المنصات إلى أدواتٍ للهدم، والابتزاز، والتشويه، والاغتيال المعنوي. يتساقط خلف منشوراتها عشرات الضحايا من الأسر والأفراد، بل والدول بأكملها، دون أن يُرفع في وجه الجريمة سوى "تفاعل بالإعجاب أو الغضب" أو "المشاركة".

وتحوّلت وسائل التقارب الاجتماعي والتعبير الحر إلى ساحاتٍ يعيث فيها البعض فسادًا، بأسماء مستعارة وصفات مهنية مزيفة. ووسط هذه الفوضى، تتكبد الأسر والدول والمجتمعات أثمانًا باهظة، على المستويين النفسي والمادي، في حين يقف الضحايا حائرين بين الصمت الموجع وردّ الاعتبار، الذي قد لا يُنصف في الوقت المناسب.

في كل بيت حكاية، وفي كل عائلة أسرار لا يحق لأحد أن ينتهكها. ومع ذلك، نجد أنفسنا اليوم أمام واقع مرير تُنتهك فيه خصوصيات الناس بلا رادع، وتُنشر صور أو معلومات تمسّ حياة ربّ الأسرة أو أحد أفرادها، دون مراعاة لتأثير ذلك على نفسيات الأزواج، والأبناء، والبنات. وقد يصبح أحد أفراد الأسرة حديث العامة عبر فيديو مفبرك أو منشور يحمل نصف حقيقة، وكمًّا هائلًا من التهكم أو التنمر، ما يفتح بابًا لجراح نفسية يصعب التئامها، ويقود إلى التفكك أو الانهيار الأسري.

لم تعد الشائعة في هذا العصر بحاجة إلى أكثر من "منشور" حتى تنتشر كانتشار النار في الهشيم. بضغطة زر، يمكن نسف سمعة منتج وطني، أو التشكيك في جودة مشروع قومي، دون علم أو دليل. وهذا الأمر ينعكس مباشرة على الاقتصاد القومي، حيث تتأثر الأسواق، وتُلغى العقود والصفقات، وتهدر فرص استثمارية كان يمكن أن تسهم في تحسين الدخل. فالمعلومات المغلوطة لم تعد مجرد "ثرثرة رقمية"، بل أصبحت أداة هدم مدروسة تُستخدم أحيانًا عن عمد، لضرب اقتصادات الدول من الداخل بأيدي أبناء الوطن.

تحت غطاء "حرية التعبير"، تتسرّب أحيانًا معلومات حساسة تمسّ الأمن القومي في العديد من الدول، وقد تصل الأمور إلى نشر أسرار عسكرية لا تُعرف مآلاتها. ولئن كانت حرية الرأي مقدسة، فإنها لا تُبرر بأي حال من الأحوال تعريض أمن الوطن للخطر. فثمة خطوط حمراء لا يجب تجاوزها، وثمة قضايا لا تقبل المجازفة تحت ذرائع وهمية.

تتسابق الأيدي على إعادة نشر صورة أو فيديو، يعتبرها الكثيرون "دليلًا قاطعًا" في حيثيات حكم على حياة الأبرياء، ثم يُكتشف بعد فوات الأوان أن الصورة مجتزأة، والفيديو قديم، أو محرّر بطريقة ماكرة لتغيير السياق. رغم ذلك، قد يعود البعض إلى إعادة النشر مرة ثانية وثالثة بعد سنوات، معتبرًا هذه "الأنصاف" حقائق كاملة، في حين أن الحقيقة لا تُستخلص من جزء مقتطع، بل من مجمل الوقائع والمعطيات.

لماذا لا يُكلّف البعض أنفسهم عناء الدخول إلى الموقع الإخباري الذي نُسب إليه الخبر المفبرك في قالب صورة مصطنعة؟ لماذا لا يسألون: من قال؟ ومتى؟ وكيف؟ وما المصدر؟

الإجابة ببساطة: لأن رغبة "أن يكون أحدهم أول من نشر" تطغى على الرغبة في التثبت.

إن تسابق البعض لنشر أخبار زائفة وصور مفبركة، يُشير إلى حالة من اللهاث وراء التفاعل، حتى ولو كان ثمن ذلك تشويه سمعة أبرياء، وتدمير حياة أسرة، أو هدم كيان يشكل مصدر دخل وحيدا لمئات البسطاء.

كم مرة رأينا مئات المنشورات عن شخصٍ قيل إنه تخلّص من حياته، قبل أن يصدر عن جهات التحقيق بيانٌ واحد أو معلومات مؤكدة؟

ويتجرأ البعض على إعلان مصير إنسان قبل انتهاء التحقيقات، ويُتداول مثل هذا الخبر دون إدراك لحجم الألم الذي يُصيب أهل الضحية وذويه. وفي كثير من الحالات، يتبيّن أن المتوفى ما زال على قيد الحياة، أو أن خلفية الواقعة مغايرة تمامًا لما نشرته مئات الحسابات والصفحات.

يصبح أحدهم قاضيًا وجلادًا في آنٍ واحد، يحكم على متهم لم يرَه، ويدين متورطًا لم يستمع لأقواله، ويحكم في وقائع لم ولن يشاهدها رأي العين، كل ذلك اعتمادًا على منشور متداول قد يكون صادقًا، وقد يكون مجرد أكذوبة صيغت بدهاء. لكن التفاعل السريع والانتشار الواسع يخلقان وهم الحقيقة، ويجعلان من إعادة النشر جريمة معنوية تُمارَس بلا حساب.

حين يعترض أحدهم على فعل أو قول لشخصية عامة، لا يجد في قاموسه ما يُعبّر به سوى الشتائم، والسباب، والألفاظ القبيحة، والسخرية المهينة، وكأن الحق في حرية التعبير يعني حرية السب والقذف والتشهير، والتجريح، والتخوين. لقد باتت منصات التواصل مصدرًا من مصادر التلوث اللغوي والاجتماعي، حتى أصبحت تعليقات بعض المستخدمين تمثل إساءة لا للفرد فحسب، بل للثقافة المجتمعية بأسرها.

إلى متى يصمت الضحايا؟ لماذا لا يتخذون الإجراءات القانونية لردّ اعتبارهم؟ لماذا يسمحون للمتنمرين والمبتزّين بالاستمرار في أفعالهم دون عقاب؟

الصمت لم يكن يومًا حلًا، بل هو ما يُغري المعتدي بتكرار فعله. ومع أن القوانين تكفل الحماية، فإن الضحية في كثير من الأحيان يختار التواري بدلًا من المواجهة، مما يُكرّس ثقافة الإفلات من العقاب.

عزيزي القارئ، إذا كنت أنت الضحية، تذكّر أن الصمت على مثل هذه الجرائم مشاركة فيها، وأن التفريط في الحق يبدأ حين لا تطالب به.

أما حين تتفاعل مع منشور مسيء، أو تعيد نشر معلومات مُضللة، فإنك تسهم في جرائم الاغتيال المعنوي، حتى لو كنت تظن أنك مجرد "ناقل".

مقالات مشابهة

  • هل مات جو بايدن بالفعل؟
  • المعلم العُماني.. من صمته يولد القادة ومن ظله تُبنى الحضارات (1- 2)
  • الفوضى الرقمية بين أوهام الحرية والخصوصية المستباحة
  • بالصور.. مساعدات غزة طرود مخضبة بالدماء
  • اختتام فعاليات المؤتمر والمعرض الزراعي الإماراتي
  • تحت رعاية الشيخة فاطمة.. «دور القضاء في استقرار المجتمع» يؤكد أهمية ترسيخ التماسك الأسري
  • 4 محاور نوعية بمؤتمر دور القضاء في استقرار المجتمع
  • الدكتور أحمد الغريب في حوار لـ "الفجر": الطبيب لم يعد معالجًا فقط بل قائد رأي
  • تعاون إماراتي ماليزي لتسهيل الاستثمارات في مجال الأمن الغذائي
  • تحت رعاية خالد بن محمد بن زايد.. تنعقد فعاليات المؤتمر الكشفي العربي الـ 31