يعد تحسين أداء الخلايا الشمسية من حيث قدرتها على تحويل ضوء الشمس إلى طاقة كهربية أحد التحديات الأساسية التي تواجه الرغبة في التوسع باستخدام الطاقة الشمسية، باعتبارها أحد أهم الطاقات المتجددة النظيفة، التي يسعى العالم للانتقال إليها من الطاقة الأحفورية التي تتسبب في انبعاثات الدفيئة.

والخلايا الشمسية الترادفية هي أحد أنواع الخلايا الشمسية، والتي صارت عدة فرق بحثية تعمل عليها، وتتكون من نوعين من المواد، وليس من نوع واحد كالمعتاد، وذلك بهدف تجاوز القدرة المحدودة لكل نوع من المواد على تحويل الطاقة الشمسية إلى كهربية، إذا استخدم على حدة في تصنيع الخلايا الشمسية.

تحسين طبقات البيروفسكايت

ومؤخرا نشر باحثون من مركز هيلمهولتز-سنتروم برلين دراسة في دورية "ساينس" تشرح تفصيلا كيفية تطوير بناء خلايا شمسية ترادفية أكثر تطورا وفاعلية من المتاحة حاليا، حيث تمكنت الخلية التي طوروها من تحويل ما يقرب من ثلث ضوء الشمس الذي تتلقاه إلى طاقة كهربائية، وهذا قدر قياسي، مقارنة بما هو متاح حاليا من خلايا شمسية، كما أن التكنولوجيا التي استخدموها غير مكلفة مما يرفع من قيمة عملهم.

الخلايا التي طورها الفريق تتكون من قاعدة من السيليكون وطبقات من البيروفسكايت (مركز هيلمهولتز برلين)

تتكون الخلايا التي طورها الفريق من قاعدة من السيليكون وطبقات من البيروفسكايت، وقد اعتمد ستيف ألبريشت وفريقه في مركز هيلمهولتز في المقام الأول على مركب البيروفسكايت المحسن بشكل كبير، وقاموا بتعديل السطح المتطور له باستخدام جزيء يوديد البيبرازينيوم الجديد الذي طوره باحثو المركز، وأدى هذا إلى حد كبير لتقليل الخسائر المرتبطة بفقدان الشحنة الكهربائية بشكل كبير، ومن ثم رفع كفاءة الخلايا.

وباستخدام تقنيات قياس خاصة، تمكن الباحثون من تحليل العمليات الأساسية في الطبقات الفردية للخلية الترادفية بالتفصيل، ومن ثم قاموا بتحسين كل طبقة بشكل منفرد بناء على فهم أعمق، وتم بعد ذلك دمج التحسينات في الطبقات معا، ونقلها إلى الناتج العام للخلية الشمسية الترادفية.

وقد شارك العديد من الخبراء من معاهد مختلفة بعدة بلدان في تطوير الخلايا الترادفية من خلال إدخال تعديلات تزيد من كفاءتها، ومن خلال الجمع بين تلك التعديلات كان من الممكن تحقيق أقصى قيمة للجهد والتيار الكهروضوئي، وبالتالي زيادة الكفاءة.

العديد من معاهد البحوث وشركات الطاقة الشمسية حول العالم قامت بتحسين كفاءة الخلايا الشمسية (غيتي) مجال تنافسي

يعد المجال البحثي للخلايا الشمسية الترادفية تنافسيا للغاية، حيث تعمل العديد من المجموعات البحثية حول العالم في سباق محموم لتحقيق أرقام قياسية في كفاءة تحويل الطاقة في هذا المجال.

وكانت الخلية الشمسية الترادفية التي طورها فريق مركز هيلمهولتز -والتي تم وصفها مؤخرا بالتفصيل لأول مرة في مجلة "ساينس"- قد تصدرت عناوين الأخبار في ديسمبر/كانون الأول الماضي عندما سجلت رقما قياسيا عالميا حينها للكفاءة، حيث قامت بتحويل 32.5% من ضوء الشمس الساقط إلى طاقة كهربائية.

وظل هذا الرقم القياسي العالمي قائما حتى منتصف أبريل/نيسان الماضي، عندما تم تحطيمه من قبل مجموعة من مختبر الطاقة الكهروضوئية في مركز أبحاث جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية بالسعودية.

والآن أصبح فريق مركز هيلمهولتز مرة أخرى أول من قدم منشورا تقنيا قويا ودقيقا علميا تمت مراجعته من قبل النظراء، مع مجموعات بيانات دقيقة من القياسات بالإضافة إلى معلومات مفصلة عن بنية الخلية الشمسية الترادفية.

المجال البحثي للخلايا الشمسية الترادفية يعد تنافسيا للغاية (شترستوك) تطور مثير للإعجاب السنوات الأخيرة

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، قامت العديد من معاهد البحوث وشركات الطاقة الشمسية حول العالم بتحسين كفاءة الخلايا الشمسية بشكل مستمر. وكان العامان الأخيران على وجه الخصوص مثيرين للغاية، فقد حققت فرق من مركز هيلمهولتز قيمة قياسية تقل قليلاً عن 30% (29.8%) للخلايا الشمسية الترادفية المصنوعة من السيليكون والبيروفسكايت نهاية عام 2021. وقد تم تحقيق ذلك من خلال إدخال هياكل نانوية دورية خاصة في الخلايا الشمسية.

وصيف عام 2022، أعلنت مدرسة الفنون التطبيقية الفدرالية في لوزان بسويسرا عن خلية ترادفية معتمدة بكفاءة تبلغ 31.3%.

وفي الفترة من ديسمبر/كانون الأول 2022 إلى منتصف أبريل/نيسان 2023، عاد الرقم القياسي العالمي إلى مركز هيلمهولتز بنسبة 32.5%، حتى أظهر مختبر الخلايا الكهروضوئية في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في السعودية خلية ترادفية من السيليكون البيروفسكايت بنسبة 33.2% في المختبر. وتمكنت الجامعة من زيادة هذه النسبة إلى 33.7% في مايو/أيار 2023.

ويقول ألبريشت في التقرير المنشور على موقع "سايتك ديلي" في 21 أغسطس/ آب الجاري "نحن متحمسون جدا لهذه التطورات الهائلة بمجالنا العلمي، إنهم يعطوننا الأمل في أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تقدم مساهمة مهمة في إمدادات الطاقة المستدامة بمكافحة تغير المناخ السنوات المقبلة، لأن الارتقاء والإنتاج الصناعي للخلايا الشمسية الترادفية المصنوعة من البيروفسكايت/السيليكون أمر ممكن أيضا".

وتعد تقنيات تصنيع -مثل هذه الخلايا الشمسية الترادفية- متاحة بالفعل من حيث المبدأ، ومن المحتمل أن تكون منخفضة التكلفة، وينصب التركيز الآن على مزيد من التحسينات في مجال الاستقرار بالاستخدام الخارجي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الخلایا الشمسیة الطاقة الشمسیة العدید من

إقرأ أيضاً:

هل اقترب العلماء من حل لغز العمر المديد للنساء مقارنة بالرجال!

وجدت دراسة حديثة أن اللغز الكامن وراء عيش النساء عمرا أطول من الرجال قد يعود إلى أصغر وأكبر الخلايا في الجسم: الحيوانات المنوية والبويضات التي تعد أساسية في التكاثر البشري.

وأظهر علماء جامعة أوساكا في اليابان لأول مرة في الفقاريات أن الخلايا التي تتطور إلى بويضات عند الإناث وحيوانات منوية عند الذكور تؤدي إلى اختلافات بين الجنسين في متوسط ​​العمر، وأن إزالة الخلايا تؤدي إلى حيوانات لها نفس متوسط ​​العمر المتوقع.

إقرأ المزيد تحديد الجنس الأكثر عرضة للوفاة المبكرة

وأجريت التجارب على أسماك "كيليفيش" الصغيرة ذات اللون الفيروزي، وهي من الأنواع التي تعيش في المياه العذبة وتصل إلى مرحلة النضج الجنسي خلال أسبوعين وتعيش لمدة بضعة أشهر فقط، كما هو الحال في البشر، تعيش أنثى كيليفيش لفترة أطول من الذكور. لذلك يشتبه العلماء في وجود آلية بيولوجية مماثلة يمكن أن تؤثر على فجوة العمر لدى البشر والأنواع الأخرى أيضا.

وقال البروفيسور تورو إيشيتاني، كبير مؤلفي الدراسة في جامعة أوساكا: "إن عملية الشيخوخة لدى أسماك كيليفيش مماثلة لتلك الموجودة لدى البشر، لذلك لا أعتقد أن البشر بالضرورة أكثر تعقيدا. أعتقد أن هذا البحث سيكون بمثابة نقطة انطلاق لفهم السيطرة على الشيخوخة لدى البشر".

وعلى الصعيد العالمي، تعيش النساء في المتوسط ​​نحو 5% أطول من الرجال. وتساهم عوامل عديدة في هذا التفاوت، حيث يكون الشباب أكثر عرضة للوفاة في الحوادث أو من خلال الانتحار، وغالبا ما تتبع النساء أنماط حياة أكثر صحة. ولكن هذا التفاوت يظهر في الأنواع الأخرى أيضا، حيث تميل إناث القردة العليا وقرود العالم القديم إلى العيش عمرا أطول من نظرائها الذكور.

وبالنسبة للبشر، يختلف حجم الفجوة في متوسط ​​العمر المتوقع بشكل كبير بين البلدان.

وقال إيشيتاني إن وجود الحيوانات المنوية أو البويضات كان أحد أكثر الاختلافات وضوحا بين الذكور والإناث، لذا فمن المنطقي التحقق مما إذا كان لهما تأثير على العمر أم لا. وفي سلسلة من التجارب، أظهر فريقه أن تعطيل إنتاج الخلايا الجرثومية، التي تتطور إلى حيوانات منوية أو بويضات، أدى إلى ذكور أطول عمرا، وماتت الإناث في سن أصغر من المعتاد، ما أدى بشكل أساسي إلى سد فجوة العمر.

إقرأ المزيد لماذا تدمن النساء التدخين أكثر من الرجال؟

ويوضح إيشيتاني: "كنا نتوقع أن إزالة الخلايا الجرثومية من شأنها إطالة عمر الذكور والإناث على حد سواء، لكنها تطيل عمر الذكور فقط وتقصر عمر الإناث. لقد كان الأمر غير متوقع، لكننا أدركنا أن هذا الاكتشاف قد يسلط الضوء على الاختلافات بين الجنسين في العمر".

واستنادا إلى النتائج التي نشرتها مجلة Science Advances، فإن إناث أسماك كيليفيش التي لا تحتوي على خلايا جرثومية كان لديها كمية أقل من هرمون الإستروجين والمزيد من إشارات عامل النمو، ما يؤدي إلى مشاكل صحية وتسارع النمو. وعلى العكس من ذلك، أظهرت ذكور كيليفيش تحسنا في الصحة وزيادة في إنتاج "فيتامين د" في أكبادهم. ويشير هذا إلى أن "فيتامين د" قد يعزز طول العمر، ما يؤدي إلى إجراء المزيد من الاختبارات باستخدام المكملات الغذائية.

ومن غير الواضح ما إذا كانت الحيوانات المنوية تخفض متوسط ​​العمر المتوقع للرجال، لكن الباحثين قالوا إن هناك بعض الأدلة التي تدعم الفكرة.

وخلصت الدراسة إلى أن اكتشاف أن الخلايا الجرثومية تؤثر على طول العمر بشكل مختلف لدى الذكور والإناث يمكن أن يساعد في كشف الروابط بين التكاثر والشيخوخة وطول العمر.

 المصدر: ذي غارديان

مقالات مشابهة

  • تجارب تأهيلية قوية وصعبة للحارثي في سباق لومان 24 ساعة
  • هل تهدد العواصف الشمسية مستقبل رحلات الاستكشاف المأهولة للكوكب الأحمر؟
  • مخاوف من خطر قد يواجه رواد الفضاء بعد عاصفة شمسية ضخمة ضربت المريخ
  • العمل الجماعي استحقاق عالمي
  • هل اقترب العلماء من حل لغز العمر المديد للنساء مقارنة بالرجال!
  • رئيس اقتصادية قناة السويس: استراتيجية طموحة لتحويل المنطقة لمركز عالمي لتداول الطاقة الخضراء
  • جامعة الزقازيق تتقدم 100 مركزًا عالميًا في مؤشرات تصنيف التايمز البريطاني
  • «الإنتاج الحربي»: تطوير خطوط إنتاج الأسلحة والذخيرة ورفع كفاءة وحدة إنتاج الصلب
  • رئيس المحطات النووية : الضبعة من أضخم مشروعات إنتاج الطاقة الكهربائية في أفريقيا
  • وزارة الطاقة الروسية: روسيا أفرطت في إنتاج النفط في مايو