الغريب عبد الله قاضي… حين يموت الكبار في صمت الصغار
تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT
فتحي أبو النصر
أن تموت الأسماء العظيمة في هامش النسيان، فتلك فضيحة وطنية وثقافية مكتملة الأركان.
أن يرحل شاعر بحجم الغريب عبد الله قاضي، دون أن تنعاه وزارة الثقافة، أو يكترث له اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، أو يخصص له مركز الدراسات والبحوث اليمني – الذي طالما استند إلى أعماله – مجرد بيان، فتلك ليست مجرد خيانة، بل سقوط أخلاقي وفكري يليق تماما بالمتهافتين على مناصبهم الفارغة.
الغريب عبد الله قاضي لم يكن شاعرا عاديا، بل أحد الأصوات الأكثر فرادة في المشهد الشعري اليمني المعاصر .صوت يتردد بين أصالة الأرض اليمنية واغتراب الإنسان عنها.
شاعر عاش قصيدته كما عاش اسمه—غريبا بين قومه، حتى في رحيله.
لكن، كيف نتوقع من مؤسسات ثقافية فارغة، لا تجيد سوى مجاملة المتنفذين والتصفيق للرداءة، أن تلتفت إلى شاعر بحجمه؟
ثم ما هي وزارة الثقافة؟ هل هي كيان معني بالإبداع والمبدعين أم مجرد حقيبة وزارية زائدة، يتناوب عليها موظفون لم يقرأوا كتابا في حياتهم؟ بل كيف يمكن لوزارة يُفترض بها أن ترعى الثقافة أن تتجاهل رحيل شاعر بحجم الغريب عبد الله قاضي؟ أين بياناتها الرسمية؟ أين وفودها؟ أين واجبها الأخلاقي والمهني؟ أم أن الوزارة أصبحت مجرد ناد للعلاقات العامة والتقاط صور للوزير مع السفارات؟
أما اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين فلم يعد أكثر من يافطة فارغة، لا تعني سوى المنتفعين منها. مؤسسة أصابها الوهن منذ سنوات، وانكشفت تماما حين باتت عاجزة حتى عن تقديم أبسط الواجبات تجاه أعضائها.
الغريب عبد الله قاضي لم يكن مجرد عضو عابر في الاتحاد، بل كان صوتا حقيقيا، لم يهادن ولم يساوم. فهل كان هذا هو سبب تجاهله؟ هل بات الاتحاد مؤسسة لتكريم المطبلين فقط، وإقصاء الأسماء التي لا تتودد للأسياد؟
وإذا كانت الوزارة غائبة، والاتحاد بائسا، فإن موقف مركز الدراسات والبحوث اليمني يُعد الأكثر انتهازية. هذا المركز الذي طالما اعتمد على أعمال الغريب عبد الله قاضي، ونهل من جهوده، اختار أن يلوذ بالصمت عند رحيله. يا له من نكران! ألا يستحق منكم الرجل حتى كلمة وفاء؟ أم أنكم لا تجيدون سوى استغلال الأحياء وإهمالهم عند موتهم؟
في الحقيقة فإن ما حدث ليس مجرد تجاهل لشاعر واحد، بل هو عَرَض لمرض ثقافي متفش في المشهد اليمني. نعم ، نحن أمام مؤسسات ثقافية أصبحت أدوات فارغة، خاضعة لحسابات السياسة والمصالح الضيقة، لا تعترف بالمبدعين الحقيقيين إلا إذا كانوا نافعين لمشاريعها الصغيرة.
ومع هذا التجاهل المخزي يُسائل الجميع: لماذا تتعامل الدولة ومؤسساتها مع المثقف باعتباره كائنا هامشيا؟ ولماذا يتعيّن على المبدعين أن يموتوا وهم في انتظار اعتراف لم ولن يأتي؟
بينما في المقابل، نرى حفلات التكريم تُنظم على مدار العام لأشباه المبدعين، وتُوزع الأوسمة على شخصيات بلا قيمة حقيقية.
على إنه ليس من المستغرب أن يرحل الغريب عبد الله قاضي دون أن ينعاه أحد من الرسميين، لكن من المخزي أن تظل الأوساط الثقافية صامتة. وإن لم يكن هذا دليلا على الانحطاط، فماذا يكون؟ على الأقل، نحن – من نعرف قيمة الغريب عبد الله قاضي – سنكتب عنه، وسنحفظ صوته من النسيان، رغم كل الصغار الذين حاولوا وأد ذكراه.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الشعر عبدالله القاضي
إقرأ أيضاً:
314 طالباً وطالبةً في اختبارات الفيزياء والكيمياء بالأولمبياد العلمي السوري للصغار واليافعين
دمشق-سانا
تحت عنوان نحو مستقبل علمي مشرق، تواصلت اليوم اختبارات المرحلة الثانية من الأولمبياد العلمي للصغار واليافعين في اختصاص الفيزياء والكيمياء لفئة اليافعين لموسم 2025.
وجرت الاختبارات في التوقيت نفسه ضمن مراكز المحافظات في الجامعات، وتضمنت أسئلة مؤتمتة ضمن مفاهيم علمية تهدف إلى تعزيز مهارات المشاركين وتمكينهم من خوض منافسة علمية متميزة تؤهلهم إلى المرحلة الثالثة “التصفيات النهائية”.
وأوضحت مديرة الأولمبياد العلمي السوري في هيئة التميز والإبداع دانيا قباني في تصريح لمراسلة سانا أن 314 طالباً وطالبةً من مختلف المحافظات تقدموا لاختبارات المرحلة الثانية في اختصاص الفيزياء والكيمياء، مبينة أن اختبارات هذه المرحلة تتوزع على ثلاثة أيام ضمن شهر حزيران الجاري، هي اختبارات السبت الماضي التي خصصت للرياضيات، واختبارات اليوم لاختصاصي الفيزياء والكيمياء لفئة اليافعين، واختبارات السبت القادم لاختصاص العلوم العامة لفئة الصغار وعلم الأحياء لفئة اليافعين، وذلك بعدد إجمالي يبلغ 1755 طالباً وطالبةً لجميع الاختصاصات.
ولفتت قباني إلى أن أولمبياد الصغار واليافعين في الرياضيات والعلوم يأتي في إطار رؤية هيئة التميز والإبداع الداعمة للتميز العلمي ورعايته في مراحله المبكرة، وانسجاماً مع رسالتها في اكتشاف قدرات الجيل الناشئ وتنميتها، مشيرة إلى المشاركة الواسعة والاهتمام المتزايد من قبل الطلبة وأسرهم بهذه التجربة العلمية المتميزة.
ويهدف الأولمبياد العلمي للصغار واليافعين حسب قباني إلى تنمية مهارات التفكير النقدي والإبداعي لدى الطلبة، وتعزيز روح التنافس والتعاون والعمل الجماعي بينهم، كما يسهم في صقل العقول الشابة وتوجيهها نحو مجالات الرياضيات والعلوم بأساليب تعليمية محفّزة تتجاوز الإطار التقليدي للمناهج الدراسية.
وكانت اختبارات المرحلة الأولى أقيمت عن بعد (أونلاين) خلال الفترة ما بين 11 و16 نيسان الماضي، حيث خضع المشاركون لاختبارات علمية تخصصية امتدت على مدى يومين متتاليين، لكل مادة 45 دقيقة، وشملت هذه المرحلة اختصاصات الرياضيات لفئتي الصغار واليافعين، والعلوم العامة لفئة الصغار، وعلم الأحياء والفيزياء والكيمياء لفئة اليافعين.
ويتضمن الأولمبياد العلمي للصغار واليافعين ثلاث مراحل تبدأ بمرحلة القبول والاختبارات عن بُعد، ثم تنتقل إلى اختبارات المرحلة الثانية في المحافظات، لتنتهي باختبارات التصفيات النهائية.
تابعوا أخبار سانا على