في خطوة غير معهودة باليمن، اقتحمت عدة نساء مجال قيادة سيارات الأجرة لمواجهة أعباء المعيشة، بعدما كانت هذه المهنة حكرا على الرجال منذ ظهور المركبات قبل عقود في هذا البلد.

ففي العاصمة صنعاء التي تحوي ملايين السكان، أطلقت الشابة غدير الخولاني -وهي طالبة ماجستير في تخصص إدارة أعمال- مشروع تطبيق "مشواري حواء" قبل عام ونصف لنقل النساء والأطفال عبر سيارات أجرة تقودها شابات.

الخولاني أبدت سعادتها لتمكنها من تأسيس هذا المشروع، معتبرة أنه "إضافة نوعية لخدمة النساء والأطفال في اليمن".

ويعتمد المشروع على عدة مركبات معظمها تملكها نساء انضممن إلى المشروع بعد الإعلان عن طلب سائقات لقيادة سيارات أجرة.

إقبال متزايد

وقالت الخولاني: "بدأنا المشروع قبل عام ونصف بـ5 سائقات فقط، وبعد زيادة الطلب على الخدمة نشرنا إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي بحثا عن سائقات، ولاقينا إقبالا كبيرا، ولدينا الآن 20 سائقة".

انطلق مشروع تطبيق "مشواري حواء" لنقل النساء والأطفال عبر سيارات أجرة تقودها شابات (الأناضول)

وأضافت: "الطلب على الخدمة كبير في العاصمة المكتظة بالسكان، وما زلنا نعمل جاهدين لتلبية الطلبات بقدر الإمكان".

وأفادت بأنه "عبر تطبيق خاص بالمشروع على الإنترنت تستطيع العميلة تقديم طلبها وتحديد موقعها ووجهتها التالية، ليتولى القائمون على الخدمة البحث عن السائقة المتوفرة والقريبة من المكان لتقديم الخدمة بكل سلاسة".

إعلان

وشددت على أن "هذه الخدمة نتجت من حاجة الشعب اليمني المحافظ إليها، إذ إن أكثرهم حين يُخرجون أطفالهم أو نساءهم إلى الجامعة أو المدرسة أو أي مكان آخر يشعرون بالأمان أكثر لو السيارة تقودها امرأة".

وعن المستحقات المالية، أوضحت الخولاني "في محاولة منا لمساعدة المجتمع، لا نأخذ أي فائدة وكل العائد يرجع للسائقات، ونأمل توسيع التطبيق أكثر".

ووفق الخولاني، لم يخلُ هذا المشروع من صعوبات، "فقد واجهنا بعض الانتقادات والتعليقات الرافضة لقيادة سيارة الأجرة من قبل النساء، والبعض يتهمنا بالسيطرة على أعمال الرجال، ولكن الحمد لله تخطينا هذه العقبة والذي كان ينتقدنا بات الآن يبحث عن تطبيق (مشواري حواء) للتواصل معنا".

وتأمل الخولاني أن يتوسع مشروعها ويصبح أكثر اعتمادا على التكنولوجيا الحديثة: "لدينا خطة لتوسيع الفكرة واستخدام سيارات كهربائية مصاحبة للبيئة، والتوسع إلى محافظات أخرى بجانب العاصمة صنعاء".

مصدر رزق

وفي بلد يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم، يعد توفير وظيفة أو مصدر رزق بمثابة تحول إيجابي كبير للأسر.

تعمل 20 سائقة في مشروع "مشواري حواء" بالعاصمة اليمنية صنعاء في الوقت الحالي (الأناضول)

وفي السياق، قالت "أم عبد الرزاق" إحدى السائقات: "بدأت الشغل في هذا المشروع لتحسين دخلي وتلبية احتياجاتي واحتياجات أسرتي في ظل الأوضاع الصعبة".

وأضافت: "هذا المشروع بمثابة وظيفة لي ومصدر دخل.. وجدت فيه متعة في قيادة السيارة وفائدة كبيرة لكثير من الفتيات والنساء اللواتي وجدن فيه الأمان والراحة".

وتابعت أم عبد الرزاق "قيادة السيارة من قبل امرأة يعد أمرا جذابا ولافتا للنساء والفتيات اللواتي يجدن حريتهن وأمانهن في مشاويرهن الخاصة".

وأشارت إلى أنها لاحظت سعادة كبيرة لدى النساء اللواتي تنقلن عبر سيارات هذا المشروع "هن في أتم الراحة مع انبساط كبير خصوصا اللواتي يذهبن إلى صالات الأعراس وهن في كامل زينتهن، ما يجعل تنقلهن يمر من دون حرج أو خوف كون السيارة تقودها امرأة".

إعلان ترحيب وانتقاد

ويعد هذا المشروع الأول من نوعه على مستوى اليمن، حيث لم يسبق لنساء قيادة سيارات أجرة، ما يجعل الأمر مثار جدل بين مؤيد ومعارض.

يتطلع القائمون على المشروع لاستخدام السيارات الكهربائية والتوسع إلى محافظات يمنية أخرى في المستقبل (الأناضول)

وعن الصعوبات التي اعترضت طريق أم عبد الرزاق، قالت: "واجهت العديد من الانتقادات من المجتمع، فبعض الناس لا يقبلون أن تكون المرأة سائقة، وهناك كثيرون يعترضون طريقنا ونسمع كلاما مزعجا، وحينها نتجاهل برفع زجاج السيارة أو التظاهر بعدم السماع".

لكنها في المقابل وجدت ترحيبا من معظم أرباب الأسر الذين أبدوا رضاهم الكبير عن هذا المشروع، كون هناك سائقات يوصلن نساءهم، ويشعرون بالأمان، خصوصا من بعض المحافظين الذين لا يسمحون لزوجاتهم أو بناتهم بالركوب مع سائقين.

وتابعت: "مع الظروف الصعبة في البلاد والمشكلات المحيطة بنا، ومع متعتنا في قيادة السيارة واندماجنا في الحديث مع المجتمع النسائي ننسى كل شيء".

وتأمل أم عبد الرزاق من المجتمع اليمني "أن يشهد مزيدا من الانفتاح ويتقبل حق المرأة بأن تكون سائقة سيارة خاصة لمشاوير نسائية".

كما تأمل "انتشار المشروع وتوسعه ليشمل مختلف محافظات اليمن، كونه يعد خدمة فريدة للنساء".

يعتمد "مشواري حواء" على عدة مركبات معظمها تملكها نساء انضممن إلى المشروع بعد الإعلان عن طلب سائقات لقيادة سيارات أجرة (الأناضول)

ويأتي هذا التحول بمسار العمل في وقت يعاني فيه اليمن ظروفا إنسانية بالغة الصعوبة، حيث هناك نحو 20 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات وحماية أساسية في عام 2025 حسب الأمم المتحدة.

ومنذ أبريل/نيسان 2022، يشهد اليمن تهدئة نسبية من حرب بدأت قبل نحو 10 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية وقوات جماعة الحوثي المسيطرة على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء (شمال)، منذ 21 سبتمبر/أيلول 2014.

إعلان

ودمرت الحرب معظم القطاعات في اليمن، وتسببت في إحدى أكثر الأزمات الإنسانية كارثية في العالم، حسب الأمم المتحدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان قیادة سیارات هذا المشروع سیارات أجرة

إقرأ أيضاً:

مشروع طبي ثوري في فرنسا... خنازير معدّلة وراثياً قد تنقذ حياة آلاف المرضى

في ريف منطقة نانت الفرنسية، يجري العمل على مشروع علمي ثوري قد يغيّر مستقبل زراعة الأعضاء في العالم، داخل مزرعة مغلقة تخضع لإجراءات وقائية صارمة، يُربّى أكثر من 500 خنزير معدّل وراثياً، تم استنساخهم بغرض واحد، التبرع بأعضائهم للبشر. اعلان

ورغم أن الفكرة قد تبدو كأنها مأخوذة من روايات الخيال العلمي، فإنها اليوم واقع تجريبي تتزايد حوله الآمال. ففي فرنسا وحدها، ينتظر أكثر من 22 ألف مريض أعضاء حيوية قد تنقذ حياتهم، فيما يعيش حالياً مريض واحد في الولايات المتحدة بعضو مزروع مصدره خنزير.

 وبحسب تقرير مصور نشرته قناة " فرانس 2" بدأ المشروع بخنزيرة واحدة، استُخرجت منها خلية تم تعديل حمضها النووي باستخدام تقنية "المقص الجزيئي". حُذفت أربعة جينات خنزيرية، وأضيفت ستة جينات بشرية مصنّعة، لجعل أعضائها أكثر توافقاً مع جسم الإنسان. ثم زُرعت الخلية في رحم الأنثى، فأنجبت نسلاً معدّلاً وراثياً، يمكن نظرياً استخدام أعضائه في عمليات الزراعة.

يقول جان فيلنوف، مربي الخنازير المسؤول عن المشروع: "الخنزير يبدو طبيعياً تماماً... له أذنان وأربع أرجل، كأي خنزير آخر. لكن نعم، لقد تم تعديله قليلاً.

Relatedجلسات يوغا بحضور صغار الخنازير في الولايات المتحدةشاهد: مقهى ياباني يتيح فرصة الجلوس بين الخنازير الصغيرة واحتضانها بيرو تحتفل بمرور 20 عاما على تطوير سلالة معدلة وراثيا من خنازير غينيابيئة معقّمة وأمن بيولوجي صارم

داخل المزرعة، لا مجال للمخاطرة. يمنع دخول أي شخص دون تعقيم كامل للملابس والمعدات وحتى عجلات السيارات، يوضح فيلنوف: "علينا أن نغسل ونعقّم كل شيء. لا مجال للخطأ هنا، فمزرعتنا تُدار بأقصى درجات الحذر."

خلال إحدى زيارات التصوير، أظهرت صور الأشعة فوق الصوتية أجنة خنزيرة حامل، ما يشير إلى أن التجربة مستمرة في التوسّع. وحتى الآن، وُلد 500 خنزير معدّل.

لماذا الخنازير تحديداً؟

تشرح الدكتورة أوديل دوفو، رئيسة شركة "Xenothera" المشرفة على المشروع: "لا يمكن استخدام كلية فأر، فهي صغيرة جداً، ولا كلية فيل، فهي ضخمة. لكن خنازير من هذا النوع تملك الحجم المثالي لأعضاء بشرية."

وتُستخدم أيضاً أجسام الخنازير المضادة في مختبرات "Inserm" الفرنسية لتطوير أدوية مضادة لرفض الجسم للأعضاء المزروعة.

بالرغم من أن تربية هذه الخنازير مرخّصة في فرنسا، فإن زراعة أعضائها في البشر لم تحصل بعد على موافقة السلطات الصحية، لكن العلماء يأملون أن تُجرى أولى عمليات الزرع خلال عامين، إذا تغيّرت اللوائح التنظيمية.

يقول الدكتور ألكسندر لوبي، مدير معهد زراعة وتجديد الأعضاء في Inserm ": نحن نرى البدايات الأولى لحالات رفض مناعي، وعلينا إيجاد طرق لوقف هذا النوع من الخلايا. زراعة الأعضاء بين الأنواع ستكون واحدة من أكبر الثورات الطبية في القرن الحادي والعشرين."

مضيفاً  "الخنازير قد تصبح مصدراً لا ينضب للأعضاء. الأمر مسألة حياة أو موت. هناك مرضى يموتون يومياً في فرنسا والعالم لعدم توفر أعضاء."

المشروع لا يزال في مراحله التجريبية، لكن إن تحقق، فقد يشكّل حلاً جذرياً لأزمة عالمية مستمرة منذ عقود. ومن مزرعة في نانت، قد تنطلق أولى ملامح "مصانع الحياة"، حيث تتحول الخنازير إلى أمل أخير لآلاف المرضى حول العالم.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • مديرية نقل حماة: بدء وضع اللصاقات التعريفية على سيارات الأجرة العمومية
  • بريطانيا تتراجع عن مشروع للطاقة الخضراء مع المغرب بقيمة 34 مليار دولار
  • رويترز : بريطانيا تقرر عدم المضي في مشروع نقل الطاقة من المغرب
  • محافظ الغربية: مشروع رصف وتغطية مصرف الزهار يرى النور
  • مشروع ترميم السقايات العمومية يتوّج ضمن برنامج “الانفتاح” بمدينة بني ملال
  • مشروع طبي ثوري في فرنسا... خنازير معدّلة وراثياً قد تنقذ حياة آلاف المرضى
  • استثمار يضع سرت الليبية على خارطة النفوذ الاقتصادي الإقليمي
  • الرئيس الروسي يقر سداد مصر تمويل مشروع محطة الضبعة النووية بالروبل الروسي
  • فريق برلماني يطالب بإحداث وكالة لتدبير قطاع سيارات الأجرة بعد فشل وزير النقل
  • سيارات الأجرة الآلية من «وايمو» تبدأ نقل الركاب في أتلانتا