بعد تخبط دام لثلاث سنوات؛ أنهت شبكة "إم بي سي" حالة التردد وأقدمت على خطوة عرض مسلسلها الضخم إنتاجيا "معاوية"، متحدية كل الأطراف المنددة بالعمل والمحذرة من مغبة عواقب رؤيته على الشاشة في الشهر الفضيل. لا أزعم أنني أقرأ الطالع، ولكن قلمي المتواضع خط قبل ثلاث سنوات بالتفصيل الممل أن المسلسل معد لغرض "المناكفات" والبحث عن الترند لا أقل ولا أكثر، وشخصية بحساسية "معاوية" مغرية للمحطة بقصد إثارة الجدل بعيدا عن النقاش الجاد المعمق عن هذه الشخصية ولا في الحقبة الزمنية التي عاشتها، وأن الغاية رصد كل الخطوط الساخنة في حياة الرجل وتسطيحها خدمة للهدف الأسمى والمنشود وهو احتلال "الترند" طوال أيام رمضان.



المكتوب يقرأ من عنوانه:

نعم وكأن الوطن العربي برمته أضحى "عاقرا" ولا يُنجب كتّابا متخصصين في الدراما التاريخية كي تلجأ الشبكة السعودية الكبيرة نحو الصحفي المصري خالد صلاح الذي يفتقر لأية تجربة سابقة في كتابة السيناريو وتسند إليه مهمة جبارة بهذا الحجم. وكلنا يعي جيدا أن هذه النوعية من النصوص تستوجب الحصول على تراخيص شرعية وتطلع عليها نخبة متخصصة من العلماء؛ والدليل ما عشناه أثناء إنتاج شبكة إم بي سي بالاشتراك مع تلفزيون قطر للعمل الضخم "عمر"، من تأليف الدكتور وليد سيف وإخراج المبدع الراحل حاتم علي، ورغم الإرث الهائل الذي يحمله الاثنان في هذا المضمار لكن هيئة متخصصة من كبار الشيوخ والعلماء راجعت النص قبل أن يتم الترخيص النهائي له.

نتساءل عن إدارة الممثل وكيف ظهرت كل هذه العيوب في أداء ممثلين مشهود لهم بالكفاءة والموهبة؟ من يتحمل مسؤولية هذا التخبط؟
وبالمناسبة يعد "عمر" آخر الإنتاجات العربية التاريخية الجديرة بالتقدير والثناء وأكثرها حرفية في كل شيء؛ وبرحيل حاتم علي تيتّمت الدراما التاريخية، وكلنا حسرة على عدم استكمال مشروعه الأندلسي بالجزء الأخير المرتبط بسقوط غرناطة، والذي أنهى الدكتور وليد سيف كتابته قبل فترة وجيزة واستبشرنا خيرا في إمكانية إنتاجه لكن ذلك لم يحدث حتى اللحظة. وهنا نتساءل: لماذا لا تتبنى شبكة إم بي سي المشروع لطالما عادت للاهتمام بالمسلسلات التاريخية لا بل وصرفت ميزانية فاقت 75 مليون دولار على مسلسل "معاوية"؟ إذا كان الهدف الحقيقي حقا هو العودة للنهل من ينابيع التاريخ؛ أليس الأجدر بهم استكمال مشروع ناجح مرتقب في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج؟

أزمات متعددة ومسلسل مهلهل:

بدأ المخرج المصري طارق العريان تصوير مسلسل "معاوية" قبل أن يعتذر عن استكماله فجأة، وسلمت دفته للمخرج أحمد مدحت. وظهر هذا الارتباك جليا منذ عرض الحلقة الأولى، حيث اختفت مشاهد صوّرها الأول على غرار معركة بدر؛ قبل أن يوضح الثاني أن العريان هو من طلب حذف اسمه من شارة المسلسل أساسا.

المؤكد أن المسلسل الذي استغرق تصويره في تونس فترة طويلة من الزمن واستقطب ثلة من الفنانين المميزين على غرار أيمن زيدان وإياد نصار وسامر المصري ولجين إسماعيل ووائل شرف وميسون أبو أسعد وعلي صطوف وسعد مينة وغانم الزرلي، وكلها اسماء لها باع طويل في مضمار الدراما التاريخية؛ غير أن كل هذا لم يشفع للمسلسل وبدت أحداثه مفككة وحواراته كارثية باللغة العربية الفصحى؛ حتى شخصية هند بنت عتبة التاريخية التي أبهرتنا بها القديرة منى واصف في فيلم "الرسالة" الشهير للقدير الراحل مصطفى العقاد؛ وأيضا حين جسدتها الراحلة مي سكاف في مسلسل "عمر "؛ يمكن اختصار المسعى الرئيس وراء إنتاج المسلسل الضعيف فنيا في غياب نص واضح ومتمكن بأن الغاية المثلى هي الشد والجذب الذي ستعرفه مواقع التواصل الاجتماعيأظهرها هذا المسلسل في ثوب مغاير كليا وبدت الممثلة سهير بن عمارة عاجزة عن مسايرة حدتها قبل دخولها للإسلام. وهنا نتساءل عن إدارة الممثل وكيف ظهرت كل هذه العيوب في أداء ممثلين مشهود لهم بالكفاءة والموهبة؟ من يتحمل مسؤولية هذا التخبط؟

إثارة السوشال ميديا:

يمكن اختصار المسعى الرئيس وراء إنتاج المسلسل الضعيف فنيا في غياب نص واضح ومتمكن بأن الغاية المثلى هي الشد والجذب الذي ستعرفه مواقع التواصل الاجتماعي؛ وهذا نجحت إم بي سي في الحصول عليه وهي صاحبة التجربة في هذا المضمار؛ والدليل أنها ما زالت تصر منذ سنوات طويلة على إنتاج نسخ جديدة من برامج رامز جلال على سبيل المثال، فرغم السيل الجارف من الانتقادات فهي تحتل صدارة الترند وهذا يكفي ويزيد.

ولكن السؤال المطروح: هل انتهى عصر كتاب الدراما التاريخية المحترفين مثل ممدوح عدوان وهاني السعدي وجمال أبو حمدان والدكتور وليد سيف؟ أين الأجيال الجديدة؟ ومن سيمنح الموهوبين الفرصة لاستكمال الطريق الوعر هذا؟ أم أن المحطات العربية لم تعد تبالي بإنتاج نسخ جادة ويفضل تسخيف وتقزيم هذه الدراما بحجج واهية؟

إنه زمن الترند الذي لا يبقي ولا يذر..

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إم بي سي معاوية المسلسل الدراما التاريخية مسلسل تاريخ إم بي سي دراما معاوية مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدراما التاریخیة إم بی سی

إقرأ أيضاً:

مناقشة مشروعات الاستثمار الزراعي بولاية الجبل الأخضر

عقد سعادة الشيخ هلال بن سعيد الحجري محافظ الداخلية، اليوم اجتماعًا بولاية الجبل الأخضر لمناقشة مشاريع الاستثمار الزراعي، بحضور سعادة الشيخ سلطان بن منصور الغفيلي، والي الجبل الأخضر، ومسعود بن سليمان العزري، المدير العام للتسويق الزراعي والسمكي، تضمن الاجتماع تشكيل فريق عمل مشترك لتطوير مشروع متكامل يُعنى بالسياحة الزراعية، في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز الاستثمار الزراعي والسياحي وتنمية الأنشطة البيئية المستدامة بالولاية.

واستعرض الاجتماع التصوّر الأولي للمشروع الذي يُنفّذ ويتضمّن مرافق متنوعة، أبرزها متحف العسل الذي يضم قاعات تعريفية بتاريخ النحل العُماني، ووحدة فرز، ومختبرًا علميًا، وركنًا بيئيًا، بالإضافة إلى متجر ومقهى، كما يشمل المشروع مزرعة للورد البلدي ومصنعًا لتقطير ماء الورد مزوّدًا بنافذة عرض تفاعلية، ومقهى مطلًّا على الحقول الزراعية، ومنطقة لورش العمل ومتجرًا لمنتجات الورد.

ويتضمن المشروع مزرعة للزيتون وحديقة عامة تعزز من مفهوم السياحة البيئية والزراعية المتكاملة، على أن تُطوّر جميع هذه المرافق بنظام الاستثمار المؤسسي بالشراكة مع القطاع الخاص.

كما أقر الاجتماع تشكيل فريق فني مشترك من محافظة الداخلية ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه لدراسة تنفيذ مشاريع سدود لتجميع مياه الأمطار وصيانة المدرجات الزراعية، بما يُسهم في رفع كفاءة استخدام الموارد المائية والحفاظ على الموروث الزراعي الجبلي.

وعقب الاجتماع، قام سعادته بزيارة ميدانية إلى عددٍ من المواقع الزراعية، شملت مشروع زراعة الزعفران ومزرعة "حيل الديار".

وتأتي هذه المشروعات ضمن جهود محافظة الداخلية، بالتعاون مع وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، لتحقيق مستهدفات "رؤية عُمان 2040" في مجالات الأمن الغذائي، واستدامة الموارد الزراعية، وتنمية السياحة البيئية، بما يُسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتطوير المجتمعات الريفية بالمحافظة.

مقالات مشابهة

  • شيري عادل تتعاقد على «ديجافو»
  • بسنت النبراوي تتعاقد على «الوكيل».. إحدى حكايات مسلسل «ما تراه، ليس كما يبدو»
  • الوزير البشير لـ سانا: هذه الكمية ستمكننا من زيادة إنتاج الطاقة بمقدار 750 ميغا واط مما سينعكس بشكل مباشر على تحسين التغذية الكهربائية بإضافة نحو أربع ساعات تشغيل إضافية يومياً الأمر الذي سيدعم عجلة التنمية ويحرك الصناعة والاقتصاد
  • فتح: نرفض تطاول حماس على الأردن ومصر ونثمن مواقف البلدين التاريخية
  • حرائق مدمّرة في إسبانيا: آلاف الهكتارات تلتهمها النيران وثلاث مناطق تُعلن حالة الطوارئ
  • الأدوار التاريخية مجهدة.. عمرو مهدي: بحب أجسد الشخصيات المفعمة بالتحدي
  • الجبل الأخضر قمم شامخة وتنمية مستدامة
  • مناقشة مشروعات الاستثمار الزراعي بولاية الجبل الأخضر
  • مي حلمي: دعم المصنعين المحليين وراء القفزة التاريخية في الصناعات الهندسية
  • الألكسو تُدرج صهاريج عدن التاريخية ضمن قائمة التراث العربي المعماري