الجزيرة:
2025-06-26@18:23:41 GMT

ما الذي منحه الإسلام للمرأة وكيف حالها في ظلِّه؟

تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT

وقد منح الإسلام المرأة مكانة خاصة وحصَّنها معنويا وماديا ولم يسمح للرجل بالتعدي عليها أو احتقارها كما كانت الحال في أيام الجاهلية التي كانت تنظر للمرأة كأداة متعة تابعة للرجل ولا قيمة لها، كما قالت الأستاذة بكلية الشريعة في دمشق الدكتور لينا الحمصي.

ووفقا لما قالته لينا الحمصي في حلقة 2025/3/6 من برنامج "الشريعة والحياة في رمضان"، فقد وصل امتهان المجتمع للمرأة قبل الإسلام أن سلبها حقها في اختيار الزواج وكذلك في الطلاق ولم يعترف بحقها في الامتلاك ولا في الإرث، حتى إنها كانت أحيانا تعتبر جزءا من ميراث الرجال.

ولم يكن وضع المرأة في الجانب الغربي من العالم بأفضل مما كانت عليه في بلاد العرب، ففي أوروبا الغربية والدولة البيزنطية كانت المرأة أفضل حالا لكنها كانت ممتهنة أيضا لدرجة أن الرجل كان بإمكانه بيعها في حال عجز عن الإنفاق عليها، كما تقول الدكتورة لينا.

لكن الإسلام -كما تقول الأستاذة بكلية الشريعة- أزال هذا الجور المجتمعي، فكرّم المرأة وانتقل بها من الانحدار للرقي وأجاز لها حق البيعة كما حدث مع الصحابية نسيبة بنت كعب التي شاركت في بيعة العقبة وشهدت الحروب مع النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي مشهد آخر، أجارت أم هانئ رجلا أهدر النبي دمه ومنعت علي بن أبي طالب من قتله، ولما تخاصما إلى النبي قال صلى الله عليه وسلم "نجير من أجارته أم هانئ".

إعلان لا حرج في خروج المرأة

كما سمح النبي للمرأة بالخروج مع الرجال للقتال لرعاية الجرحى وتوفير الطعام والشراب وخوض القتال إذا اقتضى الأمر ذلك كما حدث مع نسيبة رضي الله عنها في أكثر من حرب.

ونزلت المرأة في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- للسوق فباعت واشترت ولم ينكر النبي عليها هذا، مما يعني أنها لم تكن سجينة عند الرجل كما يشيع البعض، وفق لينا الحمصي.

وفي دليل على أهمية وعظم دور المرأة في الإسلام، لفتت إلى أن المسلمين أخذوا جزءا كبيرا من دينهم عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- والتي كانت تفتي للمسلمين في أمور دينهم من وراء حجاب، حتى قيل إن ربع الشريعة نقلت عنها.

ليس هذا وحسب، فقد روت السيدة عائشة -رضي الله عنها- ما يصل إلى 2200 حديث، وكان الصحابي أبو موسى الأشعري يقول "ما التبس علينا نحن الصحابة شيئا إلا ووجدنا عند عائشة له حلا".

ومن بين الأدلة على انخراط المرأة في المجتمع، ما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رأي الخنساء يقول لها "أسمعينا من شعرك".

ومع ذلك، فقد أمر المرأة بغض البصر كما أمر الرجل تماما، ومن ثم فقد عرف الإسلام الاختلاط بين الجنسين لكن ضمن ضوابط شرعية، حسب لينا الحمصي.

المرأة والمناصب

وحسب لينا الحمصي، فإن الإسلام لم يحرّم الكلام بين المرأة والرجل ومن ذلك ما جاء في سورة القصص عن سيدنا موسى -عليه السلام- وحديثه مع ابنتي نبي الله شعيب وسقيه لهما، مما يعني أن الحديث من أجل المساعدة مباح.

وحتى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (سلطة الرقابة) الذي هو مقرون بالعمل والاختلاط مع الناس لم تُمنع المرأة منه في الإسلام، حيث ولَّى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الشفاء العدوية -التي كانت تعلم أم المؤمنين حفصة القراءة والكتابة- حسبة السوق.

ومن الثابت أن السيدة نفيسة وهي من نسل الحسن بن علي -رضي الله عنهم- كان لها مجلس تروي فيه الحديث، ويقال إن الإمام الشافعي سمع منها في مجلسها هذا، كما تقول لينا الحمصي.

إعلان

وكانت أم الدرداء الصغرى تدرس الحديث والفقه في الجامع الأموي وكان يحضره الرجال والنساء، وقد تتلمذ على يديها الخليفة عبد الملك بن مرْوان، ورجاء بن حيوة الذي تعلَّم على يديه الخليفة عمر بن عبد العزيز.

وعندما نتحدث عن دور المرأة الأساسي في الإسلام فهو -وفق لينا الحمصي- الإنجاب والتربية وتعليم الأولاد حتى يكبروا رجالا يمكنهم حمل لواء الدين والذود عنه والنهوض بأمر الأمة.

دور في الأدب والسياسة والعلم

ولا يعني هذا ألا تقوم المرأة بعمل آخر سوى الولادة والتربية إذا كانت قادرة على ذلك بزعم أولوية الوجود في البيوت، وفق لينا الحمصي التي أعادت التأكيد على ضرورة وجود الضوابط في التعامل.

والخلاصة أن الإسلام ظل يصعد بالمرأة منذ بعثة النبي وحتى القرن الثامن الهجري عندما بدأ انحدار الأمة جمعاء فصارت المرأة رهينة المحبسين (البيت والفراش) كما تقول لينا الحمصي.

وحتى تفسير قوله تعالى "الرجال قوامون على النساء" بأنه يعني أفضليته عليها فهو غير صحيح كما تقول لينا الحمصي، مؤكدة أن القوامة تعني الرعاية ولا تعني الأفضلية.

واستدلت الحمصي على عدم تواضع شأن المرأة بقولها إن عمر بن الخطاب عندما قال لزوجته إن الرجال أفضل من النساء ردت عليه "كيف، ونساء النبي يحاججنه وتهجره إحداهن في الليل ومن بينهن ابنتك حفصة".

كما أن بعض النساء المسلمات كان لهن باع في الأدب والسياسة والعلم في القرنين الماضيين، ومنهن ثريا الحافظ التي قادت المظاهرات ضد الاحتلال الفرنسي في سوريا، وأيضا السيدة سكينة بنت الحسين التي كان لها مجلس أدبي نسائي.

وهناك أيضا فاطمة الفهوية المغربية التي أسست جامعة القرويين، وعائشة الطائية وفاطمة النبهاني وغيرهن من النساء اللاتي كان لها شأن في المجتمع، حسب لينا الحمصي.

وخلصت لينا الحمصي إلى أن النساء أنفسهن لم يعدن يدافعن عن حقوقهن التي منحها لهن الشرع في كثير من الأحيان عندما يحتقرن أنفسهن ويعتبرن أنهن أقل شأنا من الرجال.

إعلان

ويزخر تاريخ الإسلام في مختلف العصور بنماذج لأمهات وجدّات تمكنّ من صناعة التاريخ، وساهمن في التشكيل الروحي لأئمة المستقبل، ومنهن أم الإمام الشافعي وأم محمد الفاتح وأم عبد القادر الجيلاني وخالته وجدة الشيخ زروق بالمغرب، وغيرهن كثيرات.

6/3/2025

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان صلى الله علیه وسلم المرأة فی کما تقول رضی الله التی کان

إقرأ أيضاً:

لماذا نحتفل بهجرة النبي فى شهر المحرم ؟

أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي مضمونه:"هل حقًّا أن هجرة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كانت في ربيع الأول؟ ولو كانت كذلك، فلماذا نحتفل ببداية السَّنَة الهجرية ويوم هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم في شهر المحرم؟".

لترد دار الإفتاء المصرية، إن هجرته صلى الله عليه وآله وسلم كانت في ربيع الأول، وكان العزم عليها والاستعداد لها في شهر المحرم، ولهذا كانت بداية العام به، وكذا الاحتفال بها يكون في شهر المحرم، فيكون الاحتفال بها بمعنى الهجرة لا بخصوص يومها.

الحكمة من جعل الهجرة النبوية بداية التقويم الإسلامي

الهجرة حدث عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية، استحقت أن تكون بداية للتقويم الإسلامي؛ لما مثلته من معانٍ سامية ورفيعة؛ إذ كانت دليلًا جليًّا على تمسك المؤمنين بدينهم؛ حيث هاجروا إلى المدينة تاركين وطنهم وأهلهم وبيوتهم وأموالهم، لا يرغبون في شيء إلا في العيش مسلمين لله تعالى؛ ولذلك مدحهم سبحانه وأشاد بهم؛ فقال تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾[الحشر: 8]، كما أنها كانت البداية الحقيقية لإقامة بنيان الدولة، ووضع أحكامها التشريعية التي صارت أساسًا لإنشاء النظم المجتمعية، وضبط العلاقات الإنسانية والدولية، وإقرارًا لمبدأ التعايش والتعددية.

دعاء شهر محرم .. 5 كلمات رددها يفتحها الله لك فتحا عجيبادعاء شهر محرم .. ابدأ الشهر الفضيل بهذه الكلمات واحرص عليها عقب الصلواتبداية التقويم الهجري وأول من وضعه

يعرف تاريخ كلِّ شيء بأنه غايته ووقته الذي ينتهي، وأما عرفًا: فهو توقيت الفعل بالزمان؛ ليعرف ما بين قدر ابتدائه وأي غاية فرضت له، وقيل: هو عبارة عن يوم ينسب إليه ما يأتي بعده، وقيل: عبارة عن مدة معلومة تعد من أول زمن مفروض؛ لتعرف الأوقات المحددة، فلا غنى عن التاريخ في جميع الأحوال الدنيوية والأخروية. ينظر: "فيض القدير" للإمام المناوي (1/ 101، ط. المكتبة التجارية الكبرى).

وقد كانت العرب أول الأمر تؤرخ بعام الفيل، وهو عام مولده صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يزل التاريخ كذلك في عهد سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وعهد أبي بكر، رضي الله عنه، إلى أن وَلِي عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، فجمع الصحابة واتفقوا رضي الله عنهم على الهجرة بداية للتقويم الإسلامي.

فذكر الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (4/ 511، ط. هجر): نقلا عن الواقدي أنه قال: [حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه، قال: استشار عمر في التأريخ فأجمعوا على الهجرة] اهـ.

وقد بوَّب البخاري في "صحيحه" لذلك بقوله: "باب التاريخ ومتى أرخوا التاريخ"، وأورد فيه قول سهل بن سعد رضي الله عنه: "ما عدوا من مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا من وفاته، ما عدوا إلا من مقدمه المدينة".

قال ابن كثير (4/ 511): [وقال أبو داود الطيالسي: عن قرة بن خالد السدوسي، عن محمد بن سيرين، قال: قام رجل إلى عمر فقال: أَرِّخوا. فقال: ما أَرِّخوا؟ فقال: شيء تفعله الأعاجم؛ يكتبون: في شهر كذا من سنة كذا. فقال عمر: حَسَنٌ فأَرِّخوا. فقالوا: من أي السنين نبدأ؟ فقالوا: من مبعثه. وقالوا: من وفاته. ثم أجمعوا على الهجرة، ثم قالوا: وأي الشهور نبدأ؟ فقالوا: رمضان. ثم قالوا: المُحَرَّم؛ فهو منصرف الناس من حجهم، وهو شهر حرام. فاجتمعوا على المُحَرَّم] اهـ.

ثم قال (4/ 512): [وروى محمد بن إسحاق، عن الزهري، وعن محمد بن صالح، عن الشعبي، أنهما قالا: أرخ بنو إسماعيل من نار إبراهيم، ثم أرخوا من بنيان إبراهيم وإسماعيل البيت، ثم أرخوا من موت كعب بن لؤي، ثم أرخوا من الفيل، ثم أرخ عمر بن الخطاب من الهجرة، وذلك سنة سبع عشرة أو ثماني عشرة... والمقصود أنهم جعلوا ابتداء التاريخ الإسلامي من سنة الهجرة، وجعلوا أولها من المُحَرَّم، فيما اشتهر عنهم، وهذا هو قول جمهور الأئمة] اهـ.

يقول الزرقاني في شرحه على "المواهب اللدنية" (2/ 153، 154، ط. دار الكتب العلمية): [ولم يؤرخوا بالمولد ولا بالمبعث؛ لأن وقتهما لا يخلو من نزاع من حيث الاختلاف فيهما، ولا بالوفاة النبوية؛ لما يقع في تذكره من الأسف والتألم على فراقه] اهـ.

سبب التأريخ للعام الهجري بشهر المحرم

من المعلوم أن دخول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة كان في شهر ربيع الأول وإنما كان العزمُ على الهجرة والاستعداد لها في شهر المُحَرَّم بعد الفراغ من موسم الحج الذي وقعت فيه بيعة الأنصار؛ ثم قالوا: وأي الشهور نبدأ؟ قالوا: رمضان، ثم قالوا: المُحَرَّم، فهو مُنْصَرَفُ النَّاسِ مِنْ حَجِّهِمْ، وهو شهر حرام فاجتمعوا على المُحَرَّم.

قال الحافظ ابنُ كثير في "البداية والنهاية" (4/ 512) [والمقصود أنهم جعلوا ابتداء التاريخ الإسلامي من سنة الهجرة، وجعلوا أولها مِن المُحَرَّم فيما اشتهر عنهم، وهذا هو قول جمهور الأئمة] اهـ.

قال أبو القاسم السُّهيْلي في "الروض الأنف" (4/ 151، ط. دار إحياء التراث العربي): [قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة يوم الإثنين حين اشتد الضحاء وكادت الشمس تعتدل لثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول، وهو التاريخ فيما قال ابن هشام] اهـ.

وقد سبق ذكر أثر سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه أنهم ما عَدُّوا إِلَّا مِن مَقدَمِ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الْمَدينة.

كما روى الحافظ البيهقي عن أبي البَدَّاح بن عاصم بن عدي، عن أبيه، قال: "قدِم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، فأقام بالمدينة عشر سنين".

وفي روايةٍ عن ابن شهاب، قال: "كان بين ليلة العقبة وبين مهاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثة أشهر أو قريب منها، وكانت بيعة الأنصار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة العقبة في ذي الحجة، وقدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة في شهر ربيع الأول، وتوفي في ربيع الأول لتمام مهاجره من مكة إلى المدينة عشر سنين". ينظر: "دلائل النبوة" للإمام البيهقي (2/ 511، ط. دار الكتب العلمية).

وما ذُكر هو مذهب الجمهور، ولم يخالف سوى ابن حزم رحمه الله؛ فمذهبه أن أول السنين الهجرية شهر ربيع الأول الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة مهاجرًا، ولكن لم يتابَع عليه؛ إذ الجمهور على أن أول التاريخ من محرم تلك السَّنَة.

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (7/ 464، ط. دار المعرفة) عن غزوة خيبر: [وحكى ابن التين عن ابن الحَصَّار أنها كانت في آخر سَنَة ست، وهذا منقول عن مالك، وبه جزم ابن حزم، وهذه الأقوال متقاربة، والراجح منها ما ذكره ابن إسحاق، ويمكن الجمع بأن مَن أطلق سَنَة ست بناه على أن ابتداء السَّنَة من شهر الهجرة الحقيقي، وهو ربيع الأول] اهـ.

وقد حاول العلماء طلب مناسبة اختيار المُحَرَّم لبداية التاريخ، فذكروا حرمته وفضله؛ قال الحافظ السخاوي في "فتح المغيث" (4/ 306، ط. مكتبة السُّنَّة): [لكونه شهر الله، وفيه يُكسى البيت، ويُضرب الوَرِق، وفيه يوم تاب فيه قوم فتيب عليهم] اهـ.

وقيل: لأن فيه اجتماعًا للأشهر الحرم في السَّنَة الواحدة؛ قال أبو هلال العسكري في "الأوائل" (ص: 151، ط. دار البشائر- طنطا): [أراد بذلك اجتماع الأشهر الحرم في سنة واحدة] اهـ.

وقيل: "لكونه وقت انصراف الناس وصدَرهم إلى بلادهم؛ قالوا: قدم المدينة في ربيع الأول؛ لأنه منصرف الناس من حجهم، وهو شهر حرام". ينظر: "التوشيح" للإمام السيوطي (6/ 2474، ط. مكتبة الرشد).

جاء في "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفا" للحافظ مغلطاي (1/ 168، هامش 1، ط. دار القلم، الأولى ت: الفتيح): [وقالوا في سبب جعله من المُحَرَّم على الرغم من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة في ربيع الأول: لأنه منصرف الناس من حجهم، وهو شهر حرام، فأجمعوا على المُحَرَّم. وفي قول آخر: لتجتمع الأشهر الحرم في سَنَة واحدة] اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (7/ 268): [وقد أبدى بعضهم للبداءة بالهجرة مناسبة؛ فقال: كانت القضايا التي اتفقت له ويمكن أن يؤرخ بها أربعة: مولده، ومبعثه، وهجرته، ووفاته، فرجح عندهم جعلها من الهجرة؛ لأن المولد والمبعث لا يخلو واحد منهما من النزاع في تعيين السَّنَة، وأما وقت الوفاة فأعرضوا عنه؛ لما توقع بذكره من الأسف عليه، فانحصر في الهجرة. وإنما أخروه من ربيع الأول إلى المُحَرَّم؛ لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في المُحَرَّم؛ إذ البيعة وقعت في أثناء ذي الحجة، وهي مقدمة الهجرة، فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال المُحَرَّم، فناسب أن يجعل مبتدأ، وهذا أقوى ما وقفت عليه من مناسبة الابتداء بالمُحَرَّم] اهـ.

الحكمة من الاحتفال بالسنة الهجرية في شهر المحرم

أما فيما يتعلق باحتفالنا بالسَّنَة الهجرية في شهر المُحَرَّم من كلِّ عام، فهو احتفال بما مثَّلته من معانٍ سامية ورفيعة، كالرغبة في العيش بسلامٍ، وهجران كل قبيح إلى كلِّ صحيح، وذلك بمجاهدة النفْس وتزكيتها، وهو أمر مُرغَّب فيه شرعًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ» رواه الشيخان.

قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (13/ 8، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفي هذا الحثُّ على نيةِ الخير مطلقًا، وأنه يُثاب على النية] اهـ.

وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «المُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ» رواه البخاري.

قال العلَّامة ابن حجر في "فتح الباري" (11/ 319): [أعلَمَهم أنَّ مَن هجَر ما نهى الله عنه كان هو المهاجر الكامل... وهذا الحديث مِن جوامع الكَلِم التي أُوتِيها صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.

وفي الاحتفال بهذا الموسم المبارك امتثال للأمر القرآني بتذكر أيام الله تعالى، وما فيها من نعمٍ وعبرٍ وآيات؛ قال تعالى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾ [إبراهيم: 5].

وكذلك هو وسيلة لتذكر نصر الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم في الهجرة على مشركي مكة، بأن يسر له أمر الانتقال إلى المدينة والدعوة إلى الله فيها وحفظه من إيذاء المشركين، وانتقل بذلك من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة، مما كان سببًا لنصرة الإسلام وسيادته؛ قال تعالى: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة: 40]، والوسائل لها حكم المقاصد.

طباعة شارك لماذا نحتفل بهجرة النبي فى شهر المحرم شهر المحرم الهجرة النبوية الحكمة من جعل الهجرة النبوية بداية التقويم الإسلامي بداية التقويم الهجري وأول من وضعه سبب التأريخ للعام الهجري بشهر المحرم الحكمة من الاحتفال بالسنة الهجرية في شهر المحرم

مقالات مشابهة

  • لماذا نحتفل بهجرة النبي فى شهر المحرم ؟
  • بن بريك يؤكد اهتمام الحكومة اليمنية بقضايا المرأة وتعزيز مشاركتها السياسية
  • المسيح الدجال.. تعرف على صفاته وكيف تعصم نفسك من فتنته
  • أمل عمار: برامج الحماية الاجتماعية تلعب دورا فى الحد من العنف والتمييز ضد المرأة
  • وزير الدفاع الأمريكي: ضرباتنا التي استهدفت المواقع النووية بإيران كانت مثالية
  • القومي للمرأة بأسوان يعزز الشراكة المجتمعية لدعم تمكين المرأة بقرى حياة كريمة
  • الزعاق للطلاب: استمتعوا بالأشياء التي تمتلكونها ولو كانت بسيطة..فيديو
  • العرابي: إيران اكتسبت قوة ليست فى نفس الوضع التي كانت إسرائيل تستهين به من قبل العمليات العسكرية
  • دعاء أوصى به الرسول.. أهم الأدعية التي كان يرددها النبي
  • 60 % من القوى العاملة النسائية في «إمستيل» إماراتيات