في شهر.. تفاصيل رصد "الغذاء والدواء" 336 مخالفة
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
رصدت الهيئة العامة للغذاء والدواء 336 مخالفة خلال 4290 زيارة تفتيشية نفذتها على منشآت خاضعة لإشرافها في شهر يوليو الماضي 2023.
وأوضحت الهيئة تنفيذها 2390 زيارة لمنشآت غذائية، و292 للمبيدات والأعلاف، و1591 للدواء والأجهزة الطبية، إضافة إلى 739 جولة رصد وتقص على المستودعات المجهولة والمنتجات المخالفة والمنشآت والمستودعات غير المرخصة.
رصدت هيئة #الغذاء_والدواء 336 مخالفة عبر زياراتها التفتيشية التي بلغت 4290 زيارة في شهر يوليو، وأغلَقت 31 منشأة بالإضافة إلى إتلاف المنتجات المخالفة.https://t.co/Z4xfM6kWTG pic.twitter.com/YTjlXjTqd9— هيئة الغذاء والدواء (@Saudi_FDA) August 23, 2023إغلاق منشآت غير مرخصة
أشارت "الغذاء والدواء" إلى إغلاقها 31 منشأة لعدم حصولها على ترخيص أو بسبب مخالفات مؤثرة في سلامة المنتجات، فيما بلغ عدد الإرساليات الواردة عبر المنافذ 41.364 إرسالية، رفض منها 407.
وبيّنت الهيئة أنها تعاملت مع 44 بلاغًا مقدمًا من أفراد حول منتجات غير مرخصة أو مخالفة للمواصفات أو إعلان غير مرخص، موضحة أنه يمكن الإبلاغ عن مخالفات المنشآت الخاضعة لإشرافها عن طريق الاتصال على الرقم الموحّد 19999، أو من خلال تطبيق "طمني".
المصدر: صحيفة اليوم
كلمات دلالية: عودة المدارس عودة المدارس عودة المدارس واس الرياض الغذاء والدواء هيئة الغذاء والدواء رصد مخالفات الغذاء والدواء
إقرأ أيضاً:
أجساد الغزيين تتهاوى .. تحت حصار البطون
غزة- «عُمان»- بهاء طباسي: لم يكن الشاب كامل عرفات يتوقع أن تتحول صحته، كما صحة أسرته، إلى شريط من التدهور المتسلسل، ليس بسبب قنبلة سقطت على منطقة المواصي، التي يقطنها نازحًا، ولا شظية مزقت جسده، بل بفعل جوعٍ متراكم، تسلل في صمت إلى أعماق عظامه.
انهيار داخلي
منذ أكثر من أسبوع، بدأ يشعر بصداعٍ لا يزول، يشتد مع كل حركة أو ضوء، ومعه مغص لا يرحم، ودوخة تجعل الوقوف فعلًا مستحيلًا أحيانًا. يقول كامل: «لا أذكر متى تناولت آخر وجبة مغذية، أجسادنا باتت تعيش على بقايا ما لا يُسمّى طعامًا، العدس المطحون أصبح خبزنا، والمعكرونة المطحونة صارت وجبتنا الأساسية».
يقف أمام خيمته في خان يونس، يتأمل طفليه النحيلين وهما يجران جسديهما دون طاقة. «حتى اللعاب بات طعمه مرًّا»، يتمتم وكأنه يكتشف أمرًا غريبًا في جسده، «صرنا نسقط واحدًا تلو الآخر، أجسامنا تئن تحت الإنهاك، كأن الجوع صار مرضًا له صوت وأنيْن».
تحكي عيناه أكثر مما يقول، يصف كيف باتوا يبحثون عن أي طعام يسد الجوع، دون أي حساب لقيمته الغذائية. «لا يوجد طحين، لا خبز طبيعي، ومحظوظ من يجد علبة فول. الغذاء لم يعد غذاء، بل وسيلة للبقاء فقط».
في حديثه لـ«عُمان»، يقرّ بأن ما يحدث ليس مجرد جوع، بل حالة انهيار صحي بسبب نقص العناصر الضرورية: «كلنا نعاني، الكبير قبل الصغير. لم يعد أحدٌ قادرًا على الوقوف كثيرًا، البعض يسقط في الشوارع، وآخرون يفقدون وعيهم. هذه ليست حالات فردية، بل وباء صامت اسمه سوء التغذية».
يختم صوته بخفوت موجع: «نحن لا نموت بالقصف فقط، بل نموت من الداخل، جوعًا، مرضًا، تعبًا».
حصار الغذاء والدواء
منذ أن أغلقت إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة في الثاني من مارس 2025، والقطاع يعيش عزلة غذائية قاسية. شاحنات الغذاء والمساعدات الطبية متوقفة، والمخازن التي كانت تمد التكيات والمؤسسات الإغاثية بدأت تنفد.
في هذا الواقع، لم تعد الأجساد تجد ما يعينها على الصمود. نقص الحديد، والزنك، والمغنيسيوم، وفيتامينات A وB وD، أصبح هو العدو الخفي الذي ينهش الأرواح في صمت. أعراض مثل الصداع المزمن، آلام المفاصل، فقدان الشهية، مرارة الفم، والإسهال، أصبحت يوميات عادية في البيوت والمخيمات.
يقول الطبيب بكر أبو صفية أحد الأطباء في شمال غزة: «نعاني من موجة أمراض ليست تقليدية. الناس يسقطون دون سبب ظاهري، لكن التحاليل – حين تتوفر – تكشف عن فقر دم شديد، ونقص حاد في الفيتامينات. هذه نتائج طبيعية لحصار إسرائيلي يمنع الغذاء عن المدنيين الأبرياء لتجويع المقاومين».
لم تعد الخيام فقط موطنًا للنزوح، بل باتت مشافي مؤقتة لأجساد تُركت تنهار ببطء. أطفال لا ينمون، نساء لا يجدن طاقة للقيام بأعمالهن، وشيوخ باتوا يشبهون الأشباح في وجوههم الشاحبة ونظراتهم الغائرة.
وجع الجدات
في مخيم بدائي شرق دير البلح، تجلس فاطمة البريم ذات الخمسين عامًا، على فراش بالٍ، تشير بيدها إلى حفيدها الذي وقف خاملًا مطأطأ الرأس بالكاد يفتح عينيه.
«اسمه عبد الرحمن، عمره 12 سنة، لا يأكل غير العدس»، تقول بصوت متهدج، «صار لا يتحرك كثيرًا، شارد الذهن، مرهق حتى من الجلوس. والله لم يفطر اليوم، منذ الصباح لم يدخل فمه شيء، لأن أبوه وقف في طابور التكية لساعات ثم رجع دون طعام».
تحاول فاطمة تدارك دموعها وهي تتابع خلال حديثها لـ«عُمان»: «الأكل في التكيات صار محدودًا جدًا، الناس تمسح القدور بحثًا عن البقايا، لم يعد هناك بيت قادر على طهي شيء حقيقي. حتى المياه التي نشربها ملوثة، تسببت لنا في إسهال مزمن ونزلات معوية. نحن نعيش في كارثة صحية متكاملة».
تصف فاطمة كيف كانت تُطعم أحفادها بالخضروات والفواكه في زمن ما، وكيف تحوّلت الموائد اليوم إلى خيال: «لم نعد نعرف طعم الخيار أو التفاح. أجسامنا تنكمش، لا لأننا ننحف فقط، بل لأن أرواحنا أيضًا تذبل».
جوع الرجال
في مدينة غزة، يقف «سمير الجعبري»، رجل أربعيني، يضع يده على خاصرته كمن يبحث عن توازن بين الألم والوقوف. كان يزن سبعين كيلوجرامًا، اليوم أصبح بالكاد خمسين.
يقول بصوت يخالطه الانكسار: «لم أعد قادرًا على تعبئة جالون ماء، أولادي يذبلون يومًا بعد يوم، لم نطبخ منذ أكثر من ثلاثة أشهر».
يشرح سمير أن أكلهم لا يملأ المعدة ولا يغذي الجسد: «نفترض أننا نأكل عدسًا ومكرونة فيزيد وزننا، لكن ما يحدث هو العكس. هذه المواد لا تكفينا أصلًا، وإن وجدت فأسعارها نار. لا نصل أبدًا إلى الشبع، وكلها نشويات تسبب لنا التلبك المعوي».
يشير خلال حديثه لـ«عُمان» إلى أن الأمر لم يعد مقتصرًا على الأطفال فقط: «الرجال يسقطون أيضًا. كل يوم نرى جيراننا يفقدون وعيهم، أو ينقلون إلى العيادات لتلقي محاليل. لا نملك أي وسيلة لتعويض ما ينقص أجسامنا.»
يحكي سمير عن أيام كان فيها يُحضّر الغداء بيديه، يُجهز خضارًا ولحمًا وأرزًا، ثم يبتسم بمرارة: «تلك كانت حياة، اليوم ما نعيشه ليس حياة، بل انتظار صامت للموت».
انهيار الأمهات
في خان يونس، تقف «مريم أبو حسنين»، سيدة في الأربعين من عمرها، بجسد هزيل ووجهٍ شاحب.
«الطحين لم يدخل بيتي منذ شهرين»، تقول بصوت مبحوح، «كيلو الطحين وصل سعره إلى 100 شيكل، وحتى العدس لم نعد نقدر على ثمنه».
سقطت مريم مغشيًا عليها قبل يومين، تم نقلها إلى المستشفى، وعلّقوا لها محاليل، ثم عادت إلى خيمتها بذات الأعراض. «نحن أموات، نحن حياتنا موت»، تقولها بمرارة.
تؤكد مريم خلال حديثها لـ«عُمان» أن جسمها لم يعد يحتمل شيئًا: «أشعر أنني أذوب من الداخل، لا توجد طاقة حتى للمشي. أولادي مثلي، لا أقدر على حمايتهم من هذا الموت البطيء».
تشير إلى خزان مياه بلا غطاء: «نشرب منه، نغسل منه، نطهو منه، والماء نفسه مصدر مرض. كيف يمكن لجسد يعيش على العدس والماء الملوث أن يصمد؟».
صوت الإغاثة
يرى الدكتور بسام زقوت، مدير جمعية الإغاثة الطبية في غزة، أن الوضع الحالي يمثل واحدة من أخطر الأزمات الصحية التي مرت على القطاع.
يقول، في تصريح لـ«عُمان»: «نواجه موجة من الأعراض غير المسبوقة بين السكان، على رأسها الصداع المزمن، الدوار، آلام المفاصل، شحوب الوجه، وتساقط الشعر، وكلها مرتبطة بنقص حاد في الفيتامينات والمعادن».
ويضيف: «الغذاء المتوفر حاليًا يفتقر لأي قيمة غذائية حقيقية. أغلبه نشويات فقط، دون أي مصادر حقيقية للحديد أو الفيتامينات، وهو ما ينعكس مباشرة على صحة الناس، خاصة الأطفال والنساء وكبار السن».
زقوت يحذر من انفجار وبائي قادم: «إذا استمرت هذه الحالة، فسنشهد حالات فشل أعضاء، واضطرابات عصبية، وأمراض منقرضة مثل الكساح أو فقر الدم الحاد من النوع الخطير».
ويشير إلى أن المعابر المغلقة منذ مارس منعت دخول المكملات الغذائية والأدوية الأساسية: «حتى عندما نُجري تشخيصًا، لا نملك العلاج. بعض الحالات لا نجد لها حتى فيتامين C أو الحديد لتعويض ما ينقصها».
يتحدث زقوت عن أطفال فقدوا القدرة على التعلم أو التركيز: «طفل عمره 10 سنوات يعاني من دوخة دائمة، لا يستطيع اللعب، وغير قادر على التركيز. هذه ليست طفولة، بل انهيار عصبي تغذوي».
ويختم قائلاً: «نحن نطلق صرخة للمجتمع الدولي. الغذاء والدواء ليسا طرفًا في أي معركة. هذه جريمة صامتة تُرتكب بحق شعب كامل».
نكبة صحية
من خيمة إلى أخرى، يتكرر المشهد ذاته: وجوه شاحبة، أجساد ناحلة، عيون زائغة، وألم لا يُوصف بالكلمات. بات الجوع ليس فقط غيابًا للطعام، بل غيابًا للحياة.
لم يعد في غزة فقط جوع معدة، بل جوع خلايا، جوع دم، جوع طاقة. أجساد تتآكل ببطء، وصمت يلف الضحايا الذين لا يُسمَعون.
في كل خيمة، في كل زاوية، هناك حكاية لجسد ينهار، وطفل يفقد قوته، وأم تتشبث بالحياة بلا جدوى. لا حاجة للطائرات كي تقتل، فالجوع يكفي.
وهكذا، تظل غزة اليوم شاهدة على «نكبة صحية» لا تقل فتكًا عن نكبات الحرب. إنها نكبة لا يُسمَع صوتها، لكنها تنهش من الداخل، حتى آخر قطرة من الحياة، تتهاوى معها أجساد الغزيين كظلال في شمس تموز.