جاء ذلك في الحلقة العاشرة من برنامج "الشريعة والحياة في رمضان" والتي تناولت فهم أسباب العداوة للإسلام والمسلمين في الغرب قديما وحديثا، وأسباب نظرة الاستعلاء والاستقواء الغربي على المسلمين.

ويقول المفكر الإسلامي إن 3 أسباب وراء عداوة الأمة الصليبية والمسيحية تاريخيا للإسلام وهي:

سبب عقدي ويكمن في كون الإسلام قدم عقيدة واضحة ومقنعة ومنسجمة مع الفطرة ومقبولة من العقل، وتجيب عن الأسئلة الكونية والوجودية.

سبب سياسي، إذ اصطدم الإسلام بكثير من المصالح التي شعرت بأن الإسلام يتهددها بدءا من مشركي قريش مرورا بالحروب الصليبية والاستعمار الحديث، وبذلك أخفى الاصطدام العسكري وراءه صداما حضاريا واقتصاديا وثقافيا وسلوكيا وعلميا. سبب ذاتي، إذ إن الإسلام قائم بعناصر قوة ذاتية، ويقدم البديل عن الانحراف العقدي والضياع الأخلاقي والاستغلال الاقتصادي وغيرها.

ووفق المفكر الإسلامي، فإن مفكرين غربيين كثرا أقروا بأن البشرية لم تعرف فاتحين أرحم من المسلمين.

وأشار إلى أن مؤرخي الحروب الصليبية ذكروا أن الحملة الصليبية الأولى ذبحت 70 ألف مسلم داخل ساحة المسجد الأقصى، في حين حرر صلاح الدين الأيوبي -بعد معركة حطين وتحرير القدس– 200 ألف أسير، ولم يمس شعرة منهم، وأدى عنهم دية الأسر، وحملهم على نفقته إلى ميناء عكا.

إعلان

وقال أيضا إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي وضع نظرية للتعايش المشترك، إذ يقبل الإسلام الآخر، ويقبل الاختلاف مع الآخر، ويقبل التعاون مع الآخر.

"لماذا يكرهوننا؟"

وحسب الإدريسي، فإن الغرب وليس المسلمين من يطرح سؤال "لماذا يكرهوننا؟" مضيفا "كأننا نحن من يعتدي عليهم ويقصيهم وينكر حق وجودهم ويستهزئ بكتابهم، إذ لم يحرق مسلم واحد نسخة واحدة من الإنجيل".

واستحضر الآية القرآنية "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم" قائلا إن التطبيق العملي يجعل هذه الآية اليوم تتعدل في سلوكهم إلى صيغة "ولو اتبعت ملتهم".

وأعرب الإدريسي عن قناعته بأن الغرب "لا يقبل أن تقلده بطريقتك، وإنما يريد أن تقلده بالطريقة التي تجعل تقليدك له مجرد استتباع وانبهار واستغلال ونهب".

وأقر بأن الاستعمار الصليبي الإمبريالي الرأسمالي الليبرالي لم يعامل المسلمين فقط هذه المعاملة، لكنه شدد على أنه يزيد على النهب والإذلال والقهر والاحتلال والإبادة والتهجير وجود عقدتي "كراهية المسلمين" و"الخوف من الإسلام".

وحسب الإدريسي، فإن هناك 3 أسباب كبرى تجعل هذا الموقف الأوروبي والأميركي مؤبدا "ما لم يقم المسلمون بالنهوض" وهي: النهب الإمبريالي، والانتقام التاريخي، وتأبيد التخلف أو الحفاظ على الفجوة.

وقال أيضا إن الغرب يعيش رعبا حاليا في ظل تآكل وتداعي آليات الحفاظ على هذا التفوق، مشيرا إلى أن معركة غزة الأخيرة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 خير شاهد وبرهان، إضافة إلى أن تركيا ودولا إسلامية بدأت تتفوق في الطيران المسيّر.

وخلص الإدريسي إلى أن الخوف من حيوية الإسلام يجمع الأسباب الثلاثة، واستند في ذلك إلى شهادات مثقفين غربيين منصفين.

وبينما أقر أن منظومة حقوق الإنسان المعاصرة إنجاز غربي بامتياز وأن 90% منها منطقي ومبني على فكرة عدالة سليمة، قال المفكر الإسلامي إن الإشكالية والمفارقة أن هذه المنظومة التي أنتجها الغرب "لا ينتهكها أحد مثلما ينتهكها ويلغيها الغرب بجرة قلم متى ما خالفت أهواءه ومصالحه".

إعلان 10/3/2025

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان إلى أن

إقرأ أيضاً:

قرار الغرب: نفط فنزويلا لن يكون في خدمة الصين

تسعى واشنطن الى إنهاء النظام اليساري في فنزويلا بزعامة الرئيس نيكولا مادورو، وهي عملية تدخل ضمن محاولة جعل القسم الغربي من العالم من شرق المتوسط وحتى هاواي منطقة غربية محضة، وذلك ضمن الاستعداد لحرب الريادة على العالم في مواجهة الصين. ومنذ أكثر من عقدين من الزمن، تريد واشنطن ومعها الغرب تغيير النظام اليساري في فنزويلا، وكانت المحاولة الأولى خلال حقبة الرئيس جورج بوش الابن، عندما دعم انقلابا ضد الرئيس الراحل هوغو تشافيز خلال أبريل/نيسان 2002.

وتميزت السنوات اللاحقة بما فيها حقبة الرئيس باراك أوباما بالتعاطي الصارم ضد السلطة الحاكمة في فنزويلا، لكن من دون ضغط عسكري مباشر، خاصة أن العالم كان يشهد وقتها بنزاهة الانتخابات الرئاسية والبلدية في هذا البلد.

وكانت أبرز محاولة هي التي وقعت إبان الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب (2017-2021) عندما دعمت واشنطن إعلان زعيم المعارضة خوان غايدو نفسه رئيسا للبلاد في يناير/كانون الثاني 2019. وتبنت عدد من الدول الأوروبية الموقف نفسه. غير أن الرئيس مادورو بقي صامدا، وعاد ليفوز في انتخابات أخرى، اعتبرتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مزيفة. ومن نتائجها أن البرلمان الأوروبي اعترف خلال سبتمبر/أيلول 2024 بزعيم المعارضة غونثالث إيروتيا رئيسا للبلاد، واعتبرته الفائز في الانتخابات الرئاسية التي جرت السنة الماضية، كما أن قادة الاتحاد الأوروبي رفضوا الاعتراف بمادورو رئيسا لفنزويلا. وبدورها، تعتبر واشنطن زعيم المعارضة هو الرئيس الشرعي للبلاد.

ومنذ بداية أغسطس/آب الماضي، يشهد الملف الفنزويلي تلاحق تطورات مثيرة عنوانها العريض والبارز هو، رغبة واشنطن في تغيير النظام اليساري. وهكذا، كانت الخطوة الأولى هي اعتبار فنزويلا معبرا رئيسيا لمخدر الكوكايين، ثم اتهام الرئيس مادورو بالإشراف على تجارة المخدرات، وأخيرا اتهامه بالإرهاب. ووسط كل هذا، قام البنتاغون بإرسال أكبر حشد عسكري في منطقة الكاريبي منذ عقود طويلة وتعزيز الأسطول الرابع الذي يغطي منطقة أمريكا اللاتينية بالكامل من المكسيك حتى الأرجنتين في ضفتي الأطلسي والهادي. وأعلنت واشنطن عن إجراءات متتالية، منها ضرب قوارب في الكاريبي بمبرر تهريبها المخدرات، والتهديد بتنفيذ عمليات في الأراضي الفنزويلية، ضد ما تعتبره عصابات المخدرات. ويبقى آخر المعطيات المثيرة هو ما مضمون المكالمة الهاتفية بين الرئيسين ترامب ومادورو، التي جرت منذ أيام، حيث اقترح الأول على الثاني، وفق تسريبات نشرتها جريدة «ميامي هيرالد» الأحد الماضي، ضرورة مغادرة فنزويلا نحو روسيا أو أي بلد ثان يختاره.

لا يمكن التعامل مع هذه التطورات باعتبارها قرارا متسرعا من الرئيس ترامب، قد يكون ترامب رفع من إيقاع المواجهة وتنفيذ تغيير النظام في فنزويلا، بل هي تندرج ضمن سلسلة من القرارات، التي تتزعمها واشنطن بدعم من دول غربية بنوع من التفاوت، ورغم الجدل الذي تخلفه أحيانا، إلا أن الهدف الأخير هو إبعاد فنزويلا من الفلك الروسي والصيني. وهي كما أشرنا إليها الانقلاب الذي تعرض له هوغو تشافيز، والاعتراف بزعماء المعارضة رؤساء للبلاد بعد كل انتخابات تثير الجدل، كما وقع سنتي 2019 و2024. في الوقت ذاته، ينخرط إعادة العمل بالأسطول الرابع الأمريكي ابتداء من سنة 2008 ضمن إطار الضغط العسكري، وهو الأسطول الذي كان قد تم حذفه سنة 1950، وعاد للعمل بعد 58 سنة.

ويبقى السؤال الجوهري هو: لماذا يركز الغرب على التغيير في فنزويلا، دون غيرها من الدول اليسارية في أمريكا اللاتينية؟ أولا، إن الضغط المستمر منذ سنوات طويلة على النظام اليساري الفنزويلي يندرج ضمن استراتيجية للغرب بزعامة واشنطن، تهدف إلى إبقاء النصف الغربي من العالم ضمن المدار السياسي للغرب، ومحاولة منع أي اختراق صيني أساسا في المنطقة، حتى لا يكون لهما نفوذ بالقرب من الحدود الأمريكية.

ثانيا، تبدو فنزويلا، في نظر العواصم الغربية، خاصة واشنطن، سائرة نحو التحول إلى «كوبا جديدة ولكن أكبر» في القارة الأمريكية، فكما أن النظام الكوبي ظلّ ثابتا منذ الثورة في أواخر الخمسينيات، من دون تغيير سياسي بمعنى التناوب بين الأحزاب ذات الأيديولوجيات المختلفة، فإنّ التيار اليساري الذي أسّسه هوغو تشافيز أواسط التسعينيات باسم «الحركة الجمهورية الخامسة» يهيمن على السلطة في فنزويلا منذ 1999، من دون بوادر حقيقية للتناوب السياسي. وترى واشنطن أن فنزويلا تفتقر إلى إمكانية التداول الديمقراطي، بخلاف دول مثل بوليفيا والبرازيل والأوروغواي والأرجنتين، التي تشهد تناوبا سياسيا بين اليسار والمحافظين. ومن ضمن الأمثلة، سيطر اليسار على الحكم في بوليفيا منذ عقدين تقريبا بفضل «الحركة الاشتراكية»، وخلال الشهر الماضي فاز رئيس محافظ و
هو رودريغو باث ووقع تناوب سلمي على السلطة.

ثالثا، تحولت فنزويلا الى أحد أبرز وجهات الاستثمارات الصينية في الطاقة، خاصة خلال العقد الماضي، كما وقّعت اتفاقيات عسكرية مع روسيا وإيران والصين، وتتبنى توجها متزايدا نحو الانخراط في نظام مالي بديل عن الدولار تقوده واشنطن. وهذا ما يجعلها، في نظر الولايات المتحدة، نقطة ارتكاز جيوسياسية منافسة في جوارها المباشر، خاصة بعدما بدأت تسمح بتوقف أسلحة نوعية روسية وصينية في مطاراتها وموانئها.

وعليه، لن يسمح الغرب بتحول فنزويلا الى كوبا جديدة، تكون قاعدة استراتيجية صلبة للنفوذ الصيني بالدرجة الأولى. فبينما كانت كوبا دولة صغيرة جغرافياً وضعيفة اقتصادياً، ولا تمتلك ثروات طبيعية فقد كادت أن تشعل حرباً عالمية في مطلع الستينيات، بسبب أزمة الصواريخ. فكيف الحال مع فنزويلا، التي تمتلك أكبر احتياطي نفطي مؤكد في العالم، وتمتد على مساحة شاسعة وفيها ثروات طبيعية ضخمة مثل المعادن النادرة؟

تغيير النظام السياسي في فنزويلا، لا يتعلق بنزوة من نزوات ترامب، كما يبدو سطحيا، أو للوهلة الأولى، أو الرغبة فقط في إحياء عقيدة مونرو، التي تعتبر أمريكا اللاتينية الحديقة الخلفية لواشنطن، وليس بقرار ظرفي، بل بقرار استراتيجي حاسم يهم الغرب برمته، ويمتد تأثيره لعقود مقبلة للتوازن العالمي الذي تؤدي دول صغيرة وثانوية فاتورته. والقرار هو: لن يسمح الغرب بأن يكون أكبر احتياطي للنفط في خدمة النفوذ الصيني، الذي يهدد ليس فقط الولايات المتحدة بريادة الغرب التاريخية للعالم التي بدأت منذ خمسة قرون، وبدأت تتراجع مع مطلع القرن الواحد والعشرين.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • ترامب والإخوان
  • إيران: لا علاقات دبلوماسية حالياً مع الحكومة السورية
  • قرار الغرب: نفط فنزويلا لن يكون في خدمة الصين
  • آصف ملحم: ملامح الأزمة الاقتصادية في روسيا حاليا تشبه أزمة 2008–2009
  • صلاح يعيش «فترة حرجة» في ليفربول بعد الخروج من حسابات سلوت!
  • القومي لحقوق الإنسان: الشعب الفلسطيني يعيش كارثة إنسانية غير مسبوقة
  • أمريكا والحركات الإسلامية: الإرهاب والترهيب
  • محافظ حضرموت: ما يحدث حالياً في المحافظة صورة واحدة من صور الاحتلال الجاثم على محافظات الجنوب
  • هل يقع طلاق القاضي غير المسلم في بلاد الغرب؟
  • جوارديولا يشيد بفودين بعد الفوز الصعب على ليدز «يعيش أحد أفضل مواسمه»