ما أسباب عداوة الغرب للمسلمين؟ ولماذا يعيش رعبا حاليا من الإسلام؟
تاريخ النشر: 10th, March 2025 GMT
جاء ذلك في الحلقة العاشرة من برنامج "الشريعة والحياة في رمضان" والتي تناولت فهم أسباب العداوة للإسلام والمسلمين في الغرب قديما وحديثا، وأسباب نظرة الاستعلاء والاستقواء الغربي على المسلمين.
ويقول المفكر الإسلامي إن 3 أسباب وراء عداوة الأمة الصليبية والمسيحية تاريخيا للإسلام وهي:
سبب عقدي ويكمن في كون الإسلام قدم عقيدة واضحة ومقنعة ومنسجمة مع الفطرة ومقبولة من العقل، وتجيب عن الأسئلة الكونية والوجودية.سبب سياسي، إذ اصطدم الإسلام بكثير من المصالح التي شعرت بأن الإسلام يتهددها بدءا من مشركي قريش مرورا بالحروب الصليبية والاستعمار الحديث، وبذلك أخفى الاصطدام العسكري وراءه صداما حضاريا واقتصاديا وثقافيا وسلوكيا وعلميا. سبب ذاتي، إذ إن الإسلام قائم بعناصر قوة ذاتية، ويقدم البديل عن الانحراف العقدي والضياع الأخلاقي والاستغلال الاقتصادي وغيرها.
ووفق المفكر الإسلامي، فإن مفكرين غربيين كثرا أقروا بأن البشرية لم تعرف فاتحين أرحم من المسلمين.
وأشار إلى أن مؤرخي الحروب الصليبية ذكروا أن الحملة الصليبية الأولى ذبحت 70 ألف مسلم داخل ساحة المسجد الأقصى، في حين حرر صلاح الدين الأيوبي -بعد معركة حطين وتحرير القدس– 200 ألف أسير، ولم يمس شعرة منهم، وأدى عنهم دية الأسر، وحملهم على نفقته إلى ميناء عكا.
إعلانوقال أيضا إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي وضع نظرية للتعايش المشترك، إذ يقبل الإسلام الآخر، ويقبل الاختلاف مع الآخر، ويقبل التعاون مع الآخر.
"لماذا يكرهوننا؟"وحسب الإدريسي، فإن الغرب وليس المسلمين من يطرح سؤال "لماذا يكرهوننا؟" مضيفا "كأننا نحن من يعتدي عليهم ويقصيهم وينكر حق وجودهم ويستهزئ بكتابهم، إذ لم يحرق مسلم واحد نسخة واحدة من الإنجيل".
واستحضر الآية القرآنية "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم" قائلا إن التطبيق العملي يجعل هذه الآية اليوم تتعدل في سلوكهم إلى صيغة "ولو اتبعت ملتهم".
وأعرب الإدريسي عن قناعته بأن الغرب "لا يقبل أن تقلده بطريقتك، وإنما يريد أن تقلده بالطريقة التي تجعل تقليدك له مجرد استتباع وانبهار واستغلال ونهب".
وأقر بأن الاستعمار الصليبي الإمبريالي الرأسمالي الليبرالي لم يعامل المسلمين فقط هذه المعاملة، لكنه شدد على أنه يزيد على النهب والإذلال والقهر والاحتلال والإبادة والتهجير وجود عقدتي "كراهية المسلمين" و"الخوف من الإسلام".
وحسب الإدريسي، فإن هناك 3 أسباب كبرى تجعل هذا الموقف الأوروبي والأميركي مؤبدا "ما لم يقم المسلمون بالنهوض" وهي: النهب الإمبريالي، والانتقام التاريخي، وتأبيد التخلف أو الحفاظ على الفجوة.
وقال أيضا إن الغرب يعيش رعبا حاليا في ظل تآكل وتداعي آليات الحفاظ على هذا التفوق، مشيرا إلى أن معركة غزة الأخيرة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 خير شاهد وبرهان، إضافة إلى أن تركيا ودولا إسلامية بدأت تتفوق في الطيران المسيّر.
وخلص الإدريسي إلى أن الخوف من حيوية الإسلام يجمع الأسباب الثلاثة، واستند في ذلك إلى شهادات مثقفين غربيين منصفين.
وبينما أقر أن منظومة حقوق الإنسان المعاصرة إنجاز غربي بامتياز وأن 90% منها منطقي ومبني على فكرة عدالة سليمة، قال المفكر الإسلامي إن الإشكالية والمفارقة أن هذه المنظومة التي أنتجها الغرب "لا ينتهكها أحد مثلما ينتهكها ويلغيها الغرب بجرة قلم متى ما خالفت أهواءه ومصالحه".
إعلان 10/3/2025المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان إلى أن
إقرأ أيضاً:
ظهور هشام المشيشي.. لماذا الآن؟ ولماذا على قناة الجزيرة؟
أثار الظهور الإعلامي الأخير لهشام المشيشي، رئيس آخر حكومة في المسار الديمقراطي، ردود فعل واسعة ومتباينة، خاصة بسبب توقيت الظهور بعد صمت طويل وأيضا بسبب المنبر الذي ظهر فيه وهو قناة الجزيرة.
1- مفاجأة الظهور
كان الظهور الإعلامي مفاجئا لكون الرجل لازم الصمت لمدة تزيد عن أربعة أعوام، مع أنه معنيّ بحدث مهم في تاريخ تونس السياسي الحديث لكونه كان آخر رئيس حكومة في مرحلة التدرّب الديمقراطي، ولكونه من وقع عليه فِعلُ العزل دون أن يُسمَح له بمخاطبة التونسيين حول ما حدث وحول ما فُعِل به وحول من كان حاضرا ليلة الواقعة في القصر.
لقد كان صمت المشيشي سببا لظهور روايات كثيرة لا أحد يملك دليلا على صحتها أو زيفها، ولا أحد يستطيع تأكيد مساهمة المشيشي في الحدث أو براءته منه.
ثم كيف استطاع المشيشي مغادرة البلاد؟ وما هي "الصفقة" التي أُبرِمت معه؟ وما هي الأطراف التي "ضمنت" في خروجه، أو طمأنت السلطة بكونه سيلتزم واجب التحفّظ ولن يتكلم في أسرار الدولة؟
لقد تراكمت أحداث ووقائع بعد 25 تموز/ يوليو 2021، حيث أقدمت السلطة على تفكيك عدة مؤسسات دستورية، وعلى اتخاذ خطوات متسارعة في إعادة هندسة "معمار الدولة"، وحيث ازدحم قاموس الخطاب الرسمي بمفردات طارئة على الثقافة السياسية التونسية، وحيث تشكل "ائتلاف" مواطنون ضد الانقلاب، الذي قاد "الشارع الديمقراطي" في عدة تظاهرات شعبية، ثم خلفته "جبهة الخلاص الوطني" التي نظمت عدة وقفات للمطالبة بعودة المسار الديمقراطي وبإطلاق سراح المساجين السياسيين، وحيث شهدت السلطة نفسها عدة تغيرات وواجهت عدة أزمات، وحيث حصلت استشارات وانتخابات، وحيث تكلم معارضون في الداخل وفي الخارج، ومع ذلك فإن هشام المشيشي ظل ملازما الصمت لم يُدل بأي تصريح قد يساعد في فهم ما حصل أو في استشراف ما سيحصل.
لماذا تكلم المشيشي الآن؛ وتونس تمر بزمن سياسي "تتضافر" فيه كثير من عوامل "القلق"، عوامل داخلية متمثلة في الصعوبات الاجتماعية وفي غياب حوار وطني وفي اتساع تشققات المعمار الاجتماعي، وأيضا عوامل خارجية تبدو فيها تونس في دائرة الاستهداف؛ استهداف السلطة بسبب "غموض" سياساتها الخارجية، واستهداف البيئة التونسية باعتبارها جزءا من بيئة مغاربية داعمة بقوة للحق الفلسطيني وللمقاومة الفلسطينية، واستهداف عراقة الهوية التي ما زالت تبدي مقاومة لمختلف أشكال الاختراق الناعم.
ما نتابعه من دعوات خارجية لاستعادة المسار الديمقراطي، تجد في ممارسات السلطة الكثير أو القليل مما يبرره، وعلى السلطة أن تتخذ من الإجراءات العاجلة ما يمنع تلك التدخلات؛ فهي المسؤولة عن حماية السيادة الوطنية وعن ضمان السلم الأهلي والعدالة الاجتماعية وعن حرية المواطن وكرامته.
ورغم القول بكونية حقوق الإنسان ورغم الحديث عن كون العالم صار قرية صغيرة لـ"إنسان" واحد متعدد الشخوص، فإن العقلاء لا يُصدّقون أولئك الداعمين للإجرام الصهيوني حين يحدثونهم عن الحقوق والحرية والديمقراطية، وأن نفس أولئك العقلاء لا يرون الولاء للوطن كامنا في الولاء للسلطة سواء كانت عادلة أو متسلطة.
2- لماذا ظهر المشيشي في قناة الجزيرة؟
قد يبدو السؤال غريبا، ولكنه طُرِح فعلا على ألسنة من يعتبرون الجزيرة منحازة لتيار سياسي معين، ومن يقولون إن ذاك التيار مدعوم من تركيا ومن قطر، بل ويرون أن الأمريكان كانوا مساندين لـ"ربيع عربي" أوصل الإسلام السياسي إلى الحكم ديمقراطيا في كل من تونس وليبيا ومصر، ويتوجسون من عودة ذاك الدعم بهدف إعادته إلى السلطة.
لا يخفى على أيّ متابع كون قناة الجزيرة نشأت "ناجحة"، وكانت بمثابة "الطفرة" في عالم عربي حكمته قنوات الأنظمة المتخلفة بخطاب إعلامي بارد وثقيل وممجوج. اشتغلت قناة الجزيرة من البداية بحرفية عالية، وانتدبت إعلاميين وفنيين ذوي كفاءة وذوي ظهور مبهر صورة وصوتا وحضورا ذهنيا، بل ودراية بطرائق "السيطرة" لا على المشاهد فحسب بل وعلى الضيف حين يكون أحيانا ذا مراس صعب.
مثّلت القناة منذ نشأتها صُداعا لأغلب الحكام العرب؛ حتى وصفها الرئيس المصري الراحل حسني مبارك بـ"علبة كبريت"، لم يكن فيها ممنوعات بمعايير النظام العربي الرسمي، فقد كانت منبرا للمعارضين من يساريين وإسلاميين ومثقفين حتى اعتُبِرت "مُنتجة" الربيع العربي.
تلك الفكرة حول قناة الجزيرة هي التي تجعل البعض "يتوجس" مما قد تكون بصدد التمهيد له من تحولات سياسية قادمة في بلادنا، وتجعل البعض الآخر من معارضي السلطة، وبعد إطلالة المشيشي المفاجئة على القناة ولمدة خمس ساعات كاملة، وبعد عودة منذر الزنايدي لمخاطبة التونسيين عبر صفحته الخاصة، وقبلهما "دعوة" النائبين الأمريكيين؛ "يأمل" في أن تكون تلك "بشائر" عودة المسار الديمقراطي بكل ما يترتب عنه، ودون تساؤل عما إذا كان التاريخ قد تخلى عن قوانينه.
x.com/bahriarfaoui1