أكَّد الدكتور نظير عيَّاد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- أن الإنسان، في واقعه المعيش، يدرك تمامًا أنه مختار فيما يأتيه من أفعال، فهو حين يُقدِم على أي تصرف يُفكر ويخطط ويتروَّى، وهذا في حد ذاته دليل كافٍ على حرية الإنسان ومسؤوليته عن اختياراته.

مفتي الجمهورية: انتصار العاشر من رمضان حدث فريد وعظيممفتي الجمهورية: انتصارات العاشر من رمضان ملحمة خالدة تعكس بسالة الجيش المصري

وأضاف مفتي الجمهورية، في مستهل حديثه الرمضاني اليومي في برنامج "حديث المفتي" الذي يذاع يوميًّا على قناة dmc، وذلك في معرض إجابته عن سؤال يتردد كثيرًا في الأذهان، ويعكس إشكالية فلسفية عميقة وقديمة تتعلق بمسألة القضاء والقدر، والجبر والاختيار، وهو: إذا كان كل شيء قد قدَّره الله تعالى وكتبه على الإنسان، فلماذا العذاب؟

وأوضح مفتي الجمهورية، أن الإنسان يعيش في مجتمع تحكمه قوانين وقيم وضوابط، ومن يخرج عن هذه المنظومة يتعرض للعقاب، ولا يُقبل منه الاحتجاج بأنه كان مُجبَرًا على المخالفة.

وكذلك الشأن مع الله تعالى؛ فقد خلق الإنسان وزوَّده بالعقل والبيان، وأرسل إليه الرسل، وأنزل عليه الكتب، وبيَّن له الطريق ثم ترك له حرية الاختيار.

وأشار إلى أن المغالطة في السؤال تنشأ من الخلط بين "العلم الإلهي الأزلي" وبين "الجبر الإنساني". فكون الله تعالى يعلم ما سيكون من الإنسان لا يعني أنه يُجبره على فعله، وإنما علم الله هو علم كاشف، لا مُؤثر. فالله يعلم ما يفعله الإنسان بإرادته، لكنه لا يُلزمه بذلك.

ولتقريب الفكرة، ضرب مثالًا بمدرِّس يعرف طلابه، ويدرك من واقع التجربة والاجتهاد من منهم سيتفوق ومن سيرسب. فهل هذا العلم بالحال هو الذي تسبب في الرسوب؟ أم أن النتائج هي ثمرة مقدمات واضحة؟ كذلك علم الله تبارك وتعالى لا يعني الإكراه، بل هو علم سابق بما يختاره الإنسان لنفسه، لذلك يُحاسب عليه.

وبيَّن المفتي أن الله سبحانه وتعالى وهب الإنسان العقل ليُميز بين الخير والشر، ثم أرسل الرسل وأيدهم بالكتب، لتقوم الحجة على الناس، فلا يكون لهم عذر. وإذا انقطعت الصلة بين النبي وأمته، بقيت الكتب السماوية حجَّة واضحة ناطقة.

واستشهد مفتي الجمهورية بالآيات التي تدلُّ على حرية الإنسان واختياره، كقوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256]، وقوله: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29]، وقوله: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46]. وهي نصوص تؤكد أن الإنسان حر في اختياراته، ومسؤول عن أفعاله.

وفي ختام حديثه، شدد المفتي على أن الإنسان ليس مُجبَرًا على إطلاقه، ولا حرًّا على إطلاقه، بل هو بين الأمرين، ولا يُحاسبه الله تعالى إلا على ما يدخل ضمن دائرته الاختيارية، رحمةً به وتخفيفًا عنه. كما أكد إمكانية التغيير من خلال حسن العمل والتأمل الرشيد في معاني القدر والاختيار، وضرورة التفكر في النصوص الشرعية لفهم طبيعة العلاقة بين الخالق وعباده.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: العقل شهر رمضان الكتب الرسل مفتي الجمهورية الإنسان المزيد مفتی الجمهوریة الله تعالى أن الإنسان

إقرأ أيضاً:

لماذا نحر الأضحية في العيد الكبير .. 7 أسباب لا يعرفها كثيرون

لعله استفهام لماذا نحر الأضحية في العيد الكبير ؟، يعد أحد أسرار واحدة من سنن عيد الأضحى المبارك، الواردة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ، حيث انقضى ثلثا شهر ذي القعدة سريعًا لتفصلنا عن بداية شهر ذي الحجة والعشر الأوائل منه أيام قليلة ومن ثم فعيد الأضحى اقترب وفيه نحر الأضاحي من أهم سننه ومظاهره، وهذا ما يطرح الاستفهام عن لماذا نحر الأضحية في العيد الكبير ؟، وقد بدأ المضحون في شراء الأضحية، وحيث إن معرفة الحكمة والفضل تزيد الحرص، من هنا فينبغي معرفة لماذا نحر الأضحية في العيد الكبير ؟، بحسب ما جاء في الشرع الحنيف .

متى صيام العشر من ذي الحجة 2025 وفضلها؟.. الإفتاء تحدد موعدهامتى تبدأ العشر من ذي الحجة 2025؟.. اعرف موعد الصيام وعدد أيام الإجازةلماذا نحر الأضحية في العيد الكبير

ورد أن الأُضحيّة لُغةً: هي الشّاة التي ينحرها المسلمون في عيد الأضحى وجمعها أضاحي، وقد تُسمّى بالضَحيّة، وجمعها ضحايا، وأمّا في الاصطلاح الشّرعي: فهي كل ما ينحره المسلمون في عيد الأضحى إلى آخرِ أيامِ التشريقِ من الأنعام؛ بُغية التّقرب إلى الله -تعالى-.

و لقد شرع الله -تعالى- الأضحية لحكمٍ كثيرةٍ منها: إحياء سُنّة النبي إبراهيم -عليه السلام-، لقوله تعالى: (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا)، وقال ابن الجوزي: "إنّ الاتباع يكون في جميع ملته، وقد أمرنا الله باتّباعه؛ لسبقه إلى الحقّ"، وتعلّم الصبر والامتثال لأوامر الله تعالى؛ فالمسلم حين يُضحّي يتذكّر تضحية وثبات إبراهيم -عليه السلام- لمَّا أمره الله بذبح ابنه إسماعيل، وتقديمه لطاعة الله -تعالى- على كلّ شيءٍ.

ما هو سبب الأضحية في العيد الكبير

وجاء في إجابة ما هو سبب الأضحية في العيد الكبير ؟، أنها إحياءٌ لسنة إبراهيم - عليه السلام -، بعد أنْ نحر الكبش الذي افتدى الله سبحانه وتعالى به سيدنا إسماعيل، فقال تعالى: « إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ» الآيات من 106: 110 من سورة الصافات، لِيصبح نحر الأضحيات فيما بعد من أساسيات عيد الأضحى المبارك، التي يَقوم بها المسلمون في شتى بقاعِ الأرض لِينالوا الأجر العظيم.

وورد أنها للتوسعة على الناس؛ وخاصةً الأهل والأقارب، وذلك ممّا يزيد المحبة بين المسلمين، ولشكر الله تعالى على نعمه، كما أنّ في الأضحية اعترافاً لله -تعالى- بفضله ونعمه، وامتثال لأوامر الله تعالى، وتطبيق لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذ ضحى النبي عنه وعن أهل بيته وأمته بكبشين أقرنين، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ضَحَّى بالمَدِينَةِ كَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ).

كما أنه شرع الله تعالى الأضحية في عيد الأضحى المبارك ؛ للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى على سنّة أبينا إبراهيم -عليه السلام-، الذي أراد التضحية بابنه إسماعيل تقربًا من الله وطاعة لأمره وقد افتدى الله ابنه بنحر عظيم، فالأضحية هي سبب تسمية عيد الأضحى بهذا الاسم، حيث إن الناس تبدأ بنحر الأضاحي في يوم العيد، ويُقدم المسلمون الأضحيات من الأنعام، ويُوزعون لُحومها على الفقراء والمحتاجين، ويسمى أيضًا بيومِ النحر ؛ لأنّ الهَدي والأضاحي تُنحَر فيه.

تعريف الأضحية

تُطلَق كلمة الأضحية في اللغة على: كلّ ما يُضحّى به، وجَمعها (أضاحي)، أمّا في الاصطلاح الشرعيّ، فالأضحية: ما يذبحه المسلم في يوم النَّحْر؛ أي في يوم عيد الأضحى وما يليه من أيّام التشريق الثلاثة من بهيمة الأنعام؛ على وجه التعبُّد لله -سبحانه وتعالى-.

حكم الأضحية

تعددّت آراء الفقهاء في حكم الأضحية إلى رأيين، وهما: سنّة مؤكّدة؛ وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، واستدلّوا بحديث أم المؤمنين أمّ سلمة -رضي الله عنها- الذّي روته عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا دَخَلَتِ العَشْرُ، وأَرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّيَ، فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِهِ وبَشَرِهِ شيئًا)، فإنّ قوله "إذا أراد أحدكم" يُحمل على الإرادة، والواجبات لا تُعلّق على إرادة المسلم أو رغبته. واجبة؛ وقد اعتمد هذا الرّأي الحنفيّة، ودليلهم في ذلك الأمر الوارد في الآية الكريمة: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، والأمر يفيد الوجوب.

المستحب من الأضاحي

ورد أن المستحب من الأضاحي هو الإبل، ثم البقر ثمّ الضأن ثمّ المعز ثم سبع البدنة ثم سبع البقرة الأفضل من ناحية الصف. الأسمن والأكثر لحمًا والأكمل خلقة أي الأحسن منظرًا، والمكروه فى الاضحية منها العضباء المقابَلة، المدابَرة، الشرقاء الخرقاء المصفرة المستأصَلة، البخقاء المشيعة البتراء ما قطع من أولته أقل من النصف ما قطع ذكره ما سقط بعض أسنانه أما إذا كان في أصل الخلقة لا تكره. ما قطع شيء من حلمات ثديها، إلا إذا كانت من أصل الخلقة فلا تكره.

طباعة شارك لماذا نحر الأضحية في العيد الكبير نحر الأضحية في العيد الكبير لماذا نحر الأضحية في العيد ما هو سبب الأضحية في العيد الكبير سبب الأضحية في العيد الكبير تعريف الأضحية حكم الأضحية المستحب من الأضاحي

مقالات مشابهة

  • البحوث الإسلامية: الإسلام ليس ضد التطور ويواكب كل منجزات العصر
  • شيخ العقل التقى رئيس الأركان
  • صلاة الشكر .. حكمها ودعائها وشروط صحتها
  • فضل صلاة الضحى.. فوائد عظيمة اغتنمها ولا تتكاسل عن أدائها
  • حكم تغيير وجهة التبرع دون إذن المتبرع.. المفتي يوضح
  • لماذا نحر الأضحية في العيد الكبير .. 7 أسباب لا يعرفها كثيرون
  • هل يجوز للزوج إجبار زوجته على الإجهاض؟.. مفتي الجمهورية يجيب
  • هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر؟.. دار الإفتاء تجيب
  • العقل زينة
  • حرم المرحوم شفيق عبنده في ذمة الله تعالى