شارك أ.د. نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، اليوم السبت، في افتتاح فعاليات المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها الثانية والثلاثين، التي تنظمها وزارة الأوقاف، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، «حفظه الله ورعاه».

وأكَّد مفتي الجمهورية، خلال كلمته، أن القرآن الكريم قد وصل إلى الأمة في أدق صُوَر النقل وأوثق عُراه؛ سلسلةٍ محكمة الحلقات، ابتدأت بنقل الأمين جبريل عليه السلام عن رب العزة سبحانه، إلى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، فحفظه عنه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أداءً وتلقِّيًا، وتوارثته أجيال المسلمين جيلًا بعد جيل، حتى بلغنا اليوم، محفوظًا بتمامه، مصونًا من الزيادة والتحريف والنقصان.

 وأكد أن الأمة ستبقى أمينةً على هذا الكتاب الخالد، تؤدِّيه كما تلقَّته، وتورِّثه للأجيال المقبلة بالهيئة ذاتها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مشيرًا إلى أن أهل القرآن سيظلون يتلونه في الدنيا والآخرة على الهيئة التي نزل بها أول مرة، كما بشَّرت بذلك الأحاديث النبوية الشريفة، فقد أخبرنا رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم أنه يُقال لصاحب القرآن: «اقرأ وارتقِ ورتِّل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها». وهذا الفضل الجليل شاهدٌ على عظمة القرآن وعظمة حَمَلته، ورِفعة مكانتهم عند الله تعالى.

أسرة الشيخ الشحات أنور تُهدي وزير الأوقاف تذكارًا يحمل صورة الرئيس السيسي .. صورتقديرًا لمسيرته.. وزير الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن تحمل اسم الشيخ الشحات أنور

وبيَّن المفتي أن القرآن الكريم جاء معجزة باقية بما اشتمل عليه من أفصح الألفاظ وأحسن التآليف وأصح المعاني في توحيد الله وتنزيهه والدعوة إلى طاعته وبيان أحكامه من تحليل وتحريم وحظر وإباحة، وما تضمَّنه من وعظ وتقويم وأمر بمعروف ونهي عن منكر وإرشاد إلى مكارم الأخلاق والتحذير من مساوئها، مؤكدًا أن كل معنًى ورد في القرآن الكريم جاء في موضعه الأليق به بحكمة بالغة ونَظْمٍ مُحكَم لا يُتصور في العقل ما هو أكمل منه، مشيرًا إلى أن ما حواه الكتاب العزيز من أخبار القرون الماضية وما تضمنه من أمثلة زاجرة لأهل العصيان، جزاء ما اقترفوه من معاندة وبَغْي، وما ظهر في المقابل من فوز أهل الامتثال والطاعة إنما ينتصب شاهدًا على صدق الوحي ودقة ما جاء به الرسول الكريم.

 وأوضح أن هذا الكتاب جمع بين الحجة والدليل، وبين المقصود منهما في عرض واحد محكم يعزز لزوم ما دعا إليه ويظهر وجوب ما أمر به ونهى عنه في صياغة يعجز البشر عن الإتيان بمثلها أو جمع أشتاتها على هذا النحو المتَّسق الذي تنتظم فيه المعاني وتترابط فيه الدلالات، مؤكدًا أن هذا النسق البديع هو مما انقطع الخلق دونه وعجزوا عن معارضته، أو الإتيان بشيء على شاكلته، كما بيَّنه الإمام بدر الدين الزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن.

وأشار مفتي الجمهورية إلى أن من يُنعِم النظر في أساليب القرآن الكريم ويمتلك فهمًا عميقًا للغة العربية وفنونها سيجد أن كل خطوة في هذا الطريق تزيده إدراكًا لعظمة الكتاب، وتكشف له عقد الشك والحيرة والريبة؛ إذ يدرك أنه كلما ازدادت بصيرته بأسرار اللغة وإتقانه لصياغة البيان وامتلاكه أدوات التعبير ازداد إدراكه لقوة القرآن، وأنه عاجز أمام أسلوبه الفريد، مؤكدًا أن هذه سُنَّة الله في آياته، فلا يزيد الاطلاع على أسرارها إلا إقرارًا بعظمته وإيمانًا بعجز البشر عن محاكاته، كما جاء في النبأ العظيم للدكتور محمد عبد الله دراز.

 وأبان أن القرآن الكريم هو صوت الحق الذي قامت به السماوات والأرض، وهداية الله للبشرية بأسرها، وأن معانيه تمثل الأشعة التي تألق فيها الوحي الأعلى، والتي استوعبها الأولون والآخرون ليعرفوا من أين جاءوا وكيف يعيشون وإلى أين يتجهون. كما بيَّن أن القرآن جاء لجميع البشر لبناء قواهم على الحق وتنمية عواطفهم على الخير، وجعل التعاون على البر والتقوى الصلة الفذة لمجتمعهم، والغاية الكبرى من تواصل عمرانهم.

 وتابع: أن هذا الإعجاز الفريد جعل القرآن الكريم المصباح المنير الذي يستضيء به المسلمون كما يستضيء العالم بالشمس في النهار؛ إليه يلجؤون وبه يتحصنون ومنه يستمدون فهم الحياة ويبرزون الطريق المستقيم.

ولفت المفتي إلى أن مسيرة الدولة المصرية في خدمة القرآن الكريم حفظًا وتلاوة وتعليمًا تمثِّل أنموذجًا مشرفًا، فقد بزغ فيها كبار القراء الذين خلدوا أصواتهم في الذاكرة المصرية والعالمية، مثل "الصوت الباكي"، الشيخ محمد صديق المنشاوي، و"أمير التلاوة" الشيخ محمود علي البنا، و"صوت القرآن في أذهان المصريين" الشيخ محمود الحصري، و"سلطان التلاوة" الشيخ مصطفى إسماعيل، و"الصوت الذهبي" قيثارة السماء الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، عليهم رحمة الله ورضوانه.

وأشاد مفتي الجمهورية بمشروع دولة التلاوة الذي تتبنَّاه وزارة الأوقاف المصرية، وترعاه الدولة بكافة مؤسساتها وأطياف المجتمع فيها، ويهدف إلى إحياء مدرسة التلاوة المصرية من خلال اكتشاف ورعاية المواهب الشابة في ترتيل القرآن الكريم وتجويده وتعزيز القيم والأخلاق الإسلامية الرفيعة في التعامل مع كتاب الله، مبينًا أن المشروع يعيد إحياء النظام الصوتي البديع الذي وزعت فيه حروف المد والغنَّة وتنوعت فيه الحركة والسكون بما يجدد نشاط السامع ويحقق انسجام النفس أثناء التلاوة؛ ما جعل العرب يصفونه بأنه ضرب من السحر، لجمعه بين طرفَي الإطلاق والتقييد في حد وسط، منح التلاوة جلال النثر وروعة الشعر وجمال الأداء.

وهنَّأ وزير الأوقاف، الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، على نجاح "مشروع دولة التلاوة" و"المسابقة العالمية للقرآن الكريم" مؤكدًا أن المشروع يعد من مشروعات القوة الناعمة التي ترسخ في الأذهان وتجمع القلوب حول القرآن الكريم، وتُعلِّم أخلاقه وتُفهم وصاياه بما يحقق طيب السلوك وزكاة النفس، مشيرًا إلى أن الْتفاف الأسرة المصرية حول مشروع دولة القرآن الكريم يؤكد أن القرآن الكريم كتاب لا يمكن عزله عن الحياة؛ لأنه حياة قائمة على الحق متجددة على الدهر، وأن العودة إليه واجب العصر، خاصة في ظل طغيان المادة وتقلبات الحياة، وأن المدارسة العميقة للقرآن والوقوف على تعاليمه وأسراره هي السبيل لإصلاح الدنيا والقيام بالدين وتحقيق فلاح الآخرة.

وفي ختام كلمته بشَّر المفتي المشاركين في "مشروع دولة التلاوة"، وكذا المتسابقين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم، بأنهم من خير البشر، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»  مؤكدًا أن تعلم القرآن وتعليمه باب عظيم للخير والبركة في الدنيا والآخرة، كما بشَّر آباءهم وأمهاتهم بتاج الوقار يوم القيامة مستدلًّا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس والداه تاجًا يوم القيامة ضوءه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم فما ظنكم بالذي عمل بهذا».


وحثَّ الجميع من الحاضرين والمستمعين والمشاهدين على الاقتداء بهذه الهداية المباركة، متذكرًا وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: «عليك بذكر الله وتلاوة كتابه؛ فإنه نور لك في الأرض، وذِكر لك في السماء»، مؤكدًا أن التمسك بالقرآن الكريم واتباع تعاليمه هو النور الذي يهدي الإنسان في حياته ويمنحه القوة والطمأنينة، ويجعله ذخرًا له في الدنيا والآخرة، وأن الاستثمار في تعلمه وتجويده وتعليمه هو الطريق الأمثل لصناعة الأجيال الصالحة وحفظ هُويَّة الأمة وترسيخ قيمها العليا.

حضر حفل الافتتاح أ.د. أسامة السيد الأزهري، وزير الأوقاف، وفضيلة أ.د.محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ومعالي أ.د. خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، ومعالي أ.د. خالد صبحي، وزير الشباب والرياضة، ومعالي السيد، محمد جبران، وزير العمل، والسيد، السيد محمود الشريف نقيب السادة الأشراف، وعدد من سفراء الدول الإسلامية إلى جانب قيادات وزارة الأوقاف.

طباعة شارك مفتي الجمهورية الأوقاف المسابقة العالمية للقرآن الكريم القرآن القرآن الكريم

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية الأوقاف المسابقة العالمية للقرآن الكريم القرآن القرآن الكريم المسابقة العالمیة للقرآن الکریم صلى الله علیه وسلم أن القرآن الکریم مفتی الجمهوریة وزیر الأوقاف فی الدنیا مؤکد ا أن ا إلى أن

إقرأ أيضاً:

برعاية الرئيس السيسي.. مصر تحتفي بحفظة كتاب الله بجوائز 13 مليون جنيه.. انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم بمشاركة 72 دولة

وزير الأوقاف: مشاركة 72 دولة تؤكد ريادة مصر ونشرف بخدمة حفظة كتاب الله

وكيل الأزهر: ستظل مصر بحق «دولة القرآن» و«دولة التلاوة»، وموطن تجليات الوحي

مفتي الجمهورية: القرآن صوت الحق الذي تستقيم به الحياة وتهتدي به القلوب

أطلقت وزارة الأوقاف ، فعاليات النسخة الثانية والثلاثين من المسابقة العالمية للقرآن الكريم، التي دأبت الوزارة على تنظيمها والإشراف عليها سنويا.

وأكد الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، أن هذه المسابقة باتت منصة لاكتشاف أصحاب المواهب المتميزة في حفظ وتلاوة كتاب الله، والذين يتفضل الرئيس بتكريمهم في احتفال ليلة القدر .

وأضاف أن تزامن المسابقة مع برنامج "دولة التلاوة" – الذي لم يمضِ على إطلاقه سوى 3 أسابيع – يعد من محاسن التوفيق، خاصة بعد أن لاقى البرنامج إشادات واسعة من داخل مصر وخارجها.

وشهد الافتتاح حضور الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، ووزير الشباب والرياضة، ومفتي الجمهورية، ووكيل الأزهر الشريف، ووزير العمل، ومحافظ القاهرة، ونقيب الأشراف، وعدد من القيادات والمسؤولين.

وتحمل نسخة هذا العام اسم القارئ الراحل الشيخ الشحات محمد أنور تكريمًا لمسيرته في خدمة تلاوة القرآن الكريم.

ولفت الأزهري إلى أن المسابقة تأتي هذا العام متكاملة مع برنامج « دولة التلاوة »، الذي حظي بترحيب واسع داخل مصر، وامتد صداه إلى خارجها ليصل إلى عدد من دول العالم، موضحًا أن المسابقة العالمية تستهدف في الأساس المتسابقين من خارج مصر، إلى جانب مشاركة النماذج المتميزة من أبناء الوطن في الداخل، وأن اقترانها بأولى نسخ مسابقة «دولة التلاوة» يمثل بشارة بتوفيق الله لمصر في هذا الميدان.

ووجّه وزير الأوقاف خالص الشكر والتقدير إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي على رعايته الكريمة لهذه النسخة من المسابقة، معربًا عن اعتزازه العميق بالتراث المصري في فنون التلاوة. ولفت إلى أنه لو عدنا إلى ثلاثينيات القرن الماضي لوجدنا أن مصر قدّمت أعظم المواهب في التلاوة، غير أن كثيرًا من هذه الأصوات لم يُكتب لها أن تُسجَّل وتُحفظ بالصوت.

وزير الأوقاف يتفقد لجان المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن الكريممواقيت الصلاة اليوم السبت 6 ديسمبر 2025الرواق الأزهري يواصل رسالته العلمية عبر عدة أنشطة لخدمة المجتمع بالبحيرةأسرة الشيخ الشحات أنور تُهدي وزير الأوقاف تذكارًا يحمل صورة الرئيس السيسي .. صور

وفي إطار الوفاء لرواد التلاوة المصرية، أعلن الدكتور الأزهري إطلاق اسم القارئ الكبير الشيخ الشحات محمد أنور على هذه النسخة من المسابقة، تقديرًا لصوتٍ ما زال حاضرًا في وجدان الأمة، معربًا عن سعادته باستضافة نجله الشيخ محمود الشحات محمد أنور قارئًا في فعاليات المسابقة.

كما عبّر عن تقديره لوجود القارئ الشاب عبد الله عبد الموجود، أحد النماذج البارزة في برنامج «دولة التلاوة»، مؤكدًا أنه من المواهب التي كشفت عنها هذه المسابقة، وداعيًا الله أن يكون صوته معبّرًا عن مصر في المحافل الدولية كافة، موجّهًا تحية خاصة لأسرته ولمعلمه الذي تكفّل بتحفيظه القرآن الكريم.

وأوضح وزير الأوقاف أن مسابقة «دولة التلاوة» جاءت ثمرة تعاون مشترك مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، التي ثمّن دورها وجهودها في دعم هذا المشروع، كما وجّه تحية تقدير لممثلي الإذاعات والاتحادات الإسلامية المشاركين في تغطية فعاليات المسابقة ومتابعتها.

وكشف أن مسابقة هذا العام تستقبل مشاركات من 72 دولة، في زيادة ملحوظة مقارنة بالسنوات الماضية، مؤكدًا حرص الوزارة على أن تحمل هذه الفعاليات رسائل مودة وتقدير وريادة من مصر إلى جميع الدول المشاركة.

وشدد على أن الوزارة تتشرف بخدمة شعب مصر، وتعمل باستمرار على تقديم صورة مشرّفة للوطن وللعالم الإسلامي، مضيفًا أن ما تشهده الأيام الحالية والمقبلة من فعاليات يجسد نموذجًا عمليًا لما تبذله الوزارة في خدمة القرآن الكريم وتطوير الأداء الدعوي.

واختتم وزير الأوقاف بالتأكيد على أن أرض الكنانة ستظل – بفضل الله – منبعًا لإبداع العقول والمواهب في شتى المجالات، مشيرًا إلى أن الوزارة لن تدخر جهدًا في مجالات التجديد، والعناية بالتلاوة، وتأهيل الأئمة والخطباء، وتطوير الكوادر المالية والإدارية والهندسية، بما يعزز مكانة مصر رمزًا دائمًا للنجاح والإنارة والعلم والوطنية.

مفتي الجمهورية :ستظل الأمة مؤتمَنة على القرآن الكريم تتناقله جيلًا بعد جيل

وأكَّد د. نظير عياد مفتي الجمهورية خلال كلمته، أن القرآن الكريم قد وصل إلى الأمة في أدق صُوَر النقل وأوثق عُراه؛ سلسلةٍ محكمة الحلقات، ابتدأت بنقل الأمين جبريل عليه السلام عن رب العزة سبحانه، إلى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، فحفظه عنه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أداءً وتلقِّيًا، وتوارثته أجيال المسلمين جيلًا بعد جيل، حتى بلغنا اليوم، محفوظًا بتمامه، مصونًا من الزيادة والتحريف والنقصان، مؤكدًا أن الأمة ستبقى أمينةً على هذا الكتاب الخالد، تؤدِّيه كما تلقَّته، وتورِّثه للأجيال المقبلة بالهيئة ذاتها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مشيرًا إلى أن أهل القرآن سيظلون يتلونه في الدنيا والآخرة على الهيئة التي نزل بها أول مرة، كما بشَّرت بذلك الأحاديث النبوية الشريفة، فقد أخبرنا رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم أنه يُقال لصاحب القرآن: «اقرأ وارتقِ ورتِّل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها». وهذا الفضل الجليل شاهدٌ على عظمة القرآن وعظمة حَمَلته، ورِفعة مكانتهم عند الله تعالى.

وبيَّن فضيلة المفتي أن القرآن الكريم جاء معجزة باقية بما اشتمل عليه من أفصح الألفاظ وأحسن التآليف وأصح المعاني في توحيد الله وتنزيهه والدعوة إلى طاعته وبيان أحكامه من تحليل وتحريم وحظر وإباحة، وما تضمَّنه من وعظ وتقويم وأمر بمعروف ونهي عن منكر وإرشاد إلى مكارم الأخلاق والتحذير من مساوئها، مؤكدًا أن كل معنًى ورد في القرآن الكريم جاء في موضعه الأليق به بحكمة بالغة ونَظْمٍ مُحكَم لا يُتصور في العقل ما هو أكمل منه، مشيرًا إلى أن ما حواه الكتاب العزيز من أخبار القرون الماضية وما تضمنه من أمثلة زاجرة لأهل العصيان، جزاء ما اقترفوه من معاندة وبَغْي، وما ظهر في المقابل من فوز أهل الامتثال والطاعة إنما ينتصب شاهدًا على صدق الوحي ودقة ما جاء به الرسول الكريم، موضحًا أن هذا الكتاب جمع بين الحجة والدليل، وبين المقصود منهما في عرض واحد محكم يعزز لزوم ما دعا إليه ويظهر وجوب ما أمر به ونهى عنه في صياغة يعجز البشر عن الإتيان بمثلها أو جمع أشتاتها على هذا النحو المتَّسق الذي تنتظم فيه المعاني وتترابط فيه الدلالات، مؤكدًا أن هذا النسق البديع هو مما انقطع الخلق دونه وعجزوا عن معارضته، أو الإتيان بشيء على شاكلته، كما بيَّنه الإمام بدر الدين الزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن.

وأشار فضيلة مفتي الجمهورية إلى أن من يُنعِم النظر في أساليب القرآن الكريم ويمتلك فهمًا عميقًا للغة العربية وفنونها سيجد أن كل خطوة في هذا الطريق تزيده إدراكًا لعظمة الكتاب، وتكشف له عقد الشك والحيرة والريبة؛ إذ يدرك أنه كلما ازدادت بصيرته بأسرار اللغة وإتقانه لصياغة البيان وامتلاكه أدوات التعبير ازداد إدراكه لقوة القرآن، وأنه عاجز أمام أسلوبه الفريد، مؤكدًا أن هذه سُنَّة الله في آياته، فلا يزيد الاطلاع على أسرارها إلا إقرارًا بعظمته وإيمانًا بعجز البشر عن محاكاته، كما جاء في النبأ العظيم للدكتور محمد عبد الله دراز، موضحًا أن القرآن الكريم هو صوت الحق الذي قامت به السماوات والأرض، وهداية الله للبشرية بأسرها، وأن معانيه تمثل الأشعة التي تألق فيها الوحي الأعلى، والتي استوعبها الأولون والآخرون ليعرفوا من أين جاءوا وكيف يعيشون وإلى أين يتجهون. كما بيَّن أن القرآن جاء لجميع البشر لبناء قواهم على الحق وتنمية عواطفهم على الخير، وجعل التعاون على البر والتقوى الصلة الفذة لمجتمعهم، والغاية الكبرى من تواصل عمرانهم، مضيفًا أن هذا الإعجاز الفريد جعل القرآن الكريم المصباح المنير الذي يستضيء به المسلمون كما يستضيء العالم بالشمس في النهار؛ إليه يلجؤون وبه يتحصنون ومنه يستمدون فهم الحياة ويبرزون الطريق المستقيم.

مفتي الجمهورية يستقبل وفدًا من جمعية العلماء الهندية لبحث تعزيز التعاون المشتركحكم الصلاة في البيوت حال المطر.. مفتى الجمهورية يجيبالمفتي: الدين يمثل الركيزة الصلبة والأساس المتين لتكوين الإنسان وصقل شخصيته السويةمفتي الجمهورية: التعاون العلمي بين المؤسسات الدينية أصبح ضرورة ملحة لإنتاج خطاب ديني رشيد

ولفت فضيلة المفتي النظر إلى أن مسيرة الدولة المصرية في خدمة القرآن الكريم حفظًا وتلاوة وتعليمًا تمثِّل أنموذجًا مشرفًا، فقد بزغ فيها كبار القراء الذين خلدوا أصواتهم في الذاكرة المصرية والعالمية، مثل "الصوت الباكي"، الشيخ محمد صديق المنشاوي، و"أمير التلاوة" الشيخ محمود علي البنا، و"صوت القرآن في أذهان المصريين" الشيخ محمود الحصري، و"سلطان التلاوة" الشيخ مصطفى إسماعيل، و"الصوت الذهبي" قيثارة السماء الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، عليهم رحمة الله ورضوانه.

وقد أشاد فضيلة مفتي الجمهورية بمشروع دولة التلاوة الذي تتبنَّاه وزارة الأوقاف المصرية، وترعاه الدولة بكافة مؤسساتها وأطياف المجتمع فيها، ويهدف إلى إحياء مدرسة التلاوة المصرية من خلال اكتشاف ورعاية المواهب الشابة في ترتيل القرآن الكريم وتجويده وتعزيز القيم والأخلاق الإسلامية الرفيعة في التعامل مع كتاب الله، مبينًا أن المشروع يعيد إحياء النظام الصوتي البديع الذي وزعت فيه حروف المد والغنَّة وتنوعت فيه الحركة والسكون بما يجدد نشاط السامع ويحقق انسجام النفس أثناء التلاوة؛ ما جعل العرب يصفونه بأنه ضرب من السحر، لجمعه بين طرفَي الإطلاق والتقييد في حد وسط، منح التلاوة جلال النثر وروعة الشعر وجمال الأداء.

كما هنَّأ فضيلته وزير الأوقاف، الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، على نجاح "مشروع دولة التلاوة" و"المسابقة العالمية للقرآن الكريم" مؤكدًا أن المشروع يعد من مشروعات القوة الناعمة التي ترسخ في الأذهان وتجمع القلوب حول القرآن الكريم، وتُعلِّم أخلاقه وتُفهم وصاياه بما يحقق طيب السلوك وزكاة النفس، مشيرًا إلى أن الْتفاف الأسرة المصرية حول مشروع دولة القرآن الكريم يؤكد أن القرآن الكريم كتاب لا يمكن عزله عن الحياة؛ لأنه حياة قائمة على الحق متجددة على الدهر، وأن العودة إليه واجب العصر، خاصة في ظل طغيان المادة وتقلبات الحياة، وأن المدارسة العميقة للقرآن والوقوف على تعاليمه وأسراره هي السبيل لإصلاح الدنيا والقيام بالدين وتحقيق فلاح الآخرة.

وفي ختام كلمته بشَّر فضيلة المفتي المشاركين في "مشروع دولة التلاوة"، وكذا المتسابقين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم، بأنهم من خير البشر، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»  مؤكدًا أن تعلم القرآن وتعليمه باب عظيم للخير والبركة في الدنيا والآخرة، كما بشَّر آباءهم وأمهاتهم بتاج الوقار يوم القيامة مستدلًّا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس والداه تاجًا يوم القيامة ضوءه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم فما ظنكم بالذي عمل بهذا».


وحثَّ فضيلته الجميع من الحاضرين والمستمعين والمشاهدين على الاقتداء بهذه الهداية المباركة، متذكرًا وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: «عليك بذكر الله وتلاوة كتابه؛ فإنه نور لك في الأرض، وذِكر لك في السماء»، مؤكدًا أن التمسك بالقرآن الكريم واتباع تعاليمه هو النور الذي يهدي الإنسان في حياته ويمنحه القوة والطمأنينة، ويجعله ذخرًا له في الدنيا والآخرة، وأن الاستثمار في تعلمه وتجويده وتعليمه هو الطريق الأمثل لصناعة الأجيال الصالحة وحفظ هُويَّة الأمة وترسيخ قيمها العليا.

وكيل الأزهر: الرئيس السيسي يولي عناية خاصة لخدمة القرآن الكريم ورعاية حملته

شارك الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني - وكيل الأزهر الشريف، نائبًا عن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب - شيخ الأزهر، في افتتاح فعاليات المسابقة العالمية للقرآن الكريم في دورتها الثانية والثلاثين، التي أقيمت اليوم بمسجد مصر الكبير، بحضور عدد من الوزراء والقيادات التنفيذية، وممثلي الدول الإسلامية والعربية، ولفيف من العلماء والمحكمين والمتسابقين من مختلف دول العالم.

رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي

وفي كلمته، نقل وكيل الأزهر الشريف تحيات الإمام الأكبر وخالص دعائه بأن تكون هذه المسابقة سببًا في نشر النور القرآني والخير بين البشرية كافة، معربًا عن سعادته بمشاركة الأزهر الشريف في هذا المحفل القرآني الرفيع، ومشيدًا بجهود وزارة الأوقاف في تنظيم هذه النسخة التي تحظى برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي - رئيس الجمهورية، الذي يولي عناية خاصة لخدمة القرآن الكريم ورعاية حملته ودعم الرسالة الحضارية التي يحملها.

 رحاب القرآن

وأكد أن اجتماع الأمة في رحاب القرآن هو اجتماع على النور الذي لا يخبو، والهدى الذي لا تنقضي عجائبه، مشيرًا إلى أن إقامة هذه المسابقة العالمية في مصر بلد الأزهر الشريف يعكس دور الدولة المصرية في خدمة كتاب الله، ورعايتها لحفظته، والعناية بكل ما يتصل بتعليمه وتجويده وفهمه ومقاصده.

أسرة الشيخ الشحات أنور تُهدي وزير الأوقاف تذكارًا يحمل صورة الرئيس السيسي .. صورتقديرًا لمسيرته.. وزير الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن تحمل اسم الشيخ الشحات أنور

وأوضح أن استمرار المسابقة في دوراتها المتتالية يؤكد امتلاك مصر رؤية راسخة تجمع بين أصالة التراث ومعطيات التقدم، وتعمل على إعداد جيل قادر على حمل رسالة القرآن للعالم، يجمع بين دقة الإتقان ونبل الأخلاق وسمو القيم، لتبقى مصر بحق "دولة القرآن" و"دولة التلاوة"، وموطن تجليات الوحي، والبلد الذي كلم الله فيه سيدنا موسى عليه السلام.

نشر علوم القرآن وتلاوته

وأشار في كلمته إلى دور الأزهر الشريف في نشر علوم القرآن وتلاوته عبر معاهده وجامعته وهيئاته، وإشرافه على أكثر من أحد عشر ألف كُتاب عبر محافظات الجمهورية، إضافة إلى التحفيظ عبر الإنترنت، مؤكدًا أن الأزهر يتولى مشروع "الكُتاب الحضاري" الذي يبني شخصية متزنة واعية تجمع بين حفظ القرآن وفهم مقاصده.

مدرسة التلاوة المصرية

كما استعرض إسهام الأزهر في تجديد مدرسة التلاوة المصرية، من خلال تقديم ثلاثين قارئًا من طلابه لإطلاق المصحف الطلابي الأزهري المذاع عبر الإذاعات والقنوات، ليكون حلقة وصل بين جيل العمالقة وجيل جديد يواصل حمل الرسالة بصوت راسخ وأداء متقن.

  طباعة شارك وزير الأوقاف وكيل الأزهر مفتي الجمهورية المسابقة العالمية للقرآن الكريم دولة التلاوة

مقالات مشابهة

  • برعاية الرئيس السيسي.. مصر تحتفي بحفظة كتاب الله بجوائز 13 مليون جنيه.. انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم بمشاركة 72 دولة
  • وزير الأوقاف يتفقد لجان المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن الكريم
  • مفتي الجمهورية: القرآن الكريم نور الحياة وهدى الوجود يبني الإنسان على الحق
  • مفتي الجمهورية: حفظة القرآن سيحملون رسالة الله إلى أن يرث الأرض ومن عليها
  • مفتي الجمهورية: «دولة التلاوة» يعيد إحياء مدرسة التلاوة المصرية من خلال اكتشاف المواهب
  • مفتي الجمهورية: القرآن سيبقى محفوظًا في صدور أهله
  • انطلاق المسابقة العالمية للقرأن الكريم فى مسجد مصر الكبير
  • بعد قليل.. الأوقاف تطلق المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها الـ 32
  • الأوقاف: الإنسان المقبل على القرآن الكريم قلبه ممتلئ بالنور وحياته مستقيمة