غزة – قضت المسنَّة الفلسطينية "ميسر" ليلتها وهي تحاول لملمة فراشها ومقتنياتها لتبعدها عن مياه الأمطار التي تداخلت ومياه الصرف الصحي، وتسلَّلت إلى خيمة أقامتها فوق أنقاض منزلها بمخيم جباليا شمال قطاع غزة.

ولم تنم "ميسر" التي ولجت عقدها السادس تلك الليلة، بعدما فشلت محاولاتها لمنع المياه من الوصول إلى خيمتها وبعض أثاثها الذي استخرجته من تحت ركام منزلها، ومع ذلك بدَّدت حلكة الظلام بنار أشعلتها لإعداد طعام السحور.

وتبدو التفاصيل اليومية لفلسطينيي شمال قطاع غزة شاقة في شهر رمضان، بعدما دمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي 90% من منازل ومنشآت المحافظة، ورغم ذلك عادت تهدد بعودة الحرب مرة أخرى.

مياه الصرف الصحي تنتشر في شوارع شمال غزة (الجزيرة) حياة بلا مقوِّمات

وتشكو "ميسر"، التي تقطن بالقرب من بركة أبو راشد المخصصة لتجميع مياه الأمطار، من مشاكل مركبَّة في رمضان، بدأت بشح الطعام والمواد الغذائية من الأسواق بعدما تعمَّد الاحتلال إغلاق المعابر في أول أيام رمضان، ثم نفاد غاز الطهي الذي اضطرها للعودة لإشعال الأخشاب رغم خطورتها على صحتها، وانتهاء بانقطاع الكهرباء، وانتشار الحشرات والقوارض في المنطقة بسبب الركام، وانتشار مياه الصرف الصحي في الشوارع.

وكل ما تمنَّته "ميسر" أن تصلي التراويح في المسجد ككل عام، لكن الاحتلال الذي دمَّر جميع المساجد في المنطقة حال دون ذلك، حتى إنها لم تعد تسمع الأذان، وتنتظر من يُعلمها دخول أوقات الإمساك والافطار.

ورغم قسوة الظروف المعيشية وانعدام مقومات الحياة في مخيم جباليا، والتي تعيد المسنة إلى بداية تأسيسه عقب النكبة وتهجير الفلسطينيين من مدنهم وقراهم عام 1948، ترفض هجره وتصر على البقاء فيه، خاصة بعدما تسلل لمسامعها أن مخططا أميركيا يحاك لتهجير أهالي غزة، وراحت تقول "ما ظل (لم يعد) بالعمر قدر ما مضى، نموت بأرضنا ولا نتركها".

 

عائلة فلسطينية تتناول الإفطار في خيمتها (الجزيرة)

 

ومع قرب دخول موعد الإفطار تسابق السيدة آلاء سمحان (30 عاما) الوقت لطهي طعام أسرتها على موقد النار الذي أقامته بجانب خيمتها، لكن الأجواء الباردة والماطرة لم تسعفها بإشعال الأخشاب.

إعلان

وتشير سمحان إلى الظروف الصعبة التي خلَّفتها آلة الحرب الإسرائيلية، وحالة عدم الاستقرار التي تعيشها منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث دمَّر الاحتلال شقتها السكنية الجديدة بعد أقل من شهر من انتقالها إليها.
كما دمَّر منزل العائلة البديل الذي لجأت للعيش به، واضطرت للنزوح من منطقة لأخرى هربا من الموت، حتى استقر بها الحال في خيمة بالكاد تتسع لأسرتها المكونة من 6 أشخاص.

وينعكس هذا الحال على معظم أهالي محافظة شمال قطاع غزة التي تضم بلدات بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا ومخيمها ويقطنها 389 ألف نسمة، وتحتل المرتبة الثالثة من بين محافظات قطاع غزة من حيث عدد السكان، حسب الإحصائية الأخيرة لوزارة الداخلية بغزة مطلع العام 2023.

 

تحت الركام

وفي مشهد مؤلم آخر، قضي أشقاء شهيد أيام رمضان وهم يبحثون عن جثمان أخيهم الذي انقطعت أخباره خلال الاجتياح الإسرائيلي الأخير لشمال قطاع غزة، وتهجير معظم سكان المحافظة على وقع القصف.

ومنذ انسحاب إسرائيل مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، أخذ الأشقاء يبحثون وبجهودهم الذاتية عن أخيهم تحت ركام المنزل الذي توقعوا أنه قضى بداخله، بعدما دكَّته الطائرات الحربية الإسرائيلية بصواريخها.

وبعد جهود مضنية امتدت حتى 8 شهر رمضان، تمكَّن الأشقاء من العثور على شيء من "جمجمة" شقيقهم دون جسده، وأعادوا دفنها بمقبرة مخيم جباليا.

وتفتقد آلاف العائلات الفلسطينية أبناءها في شهر رمضان الحالي، حيث قتلت إسرائيل أكثر من 61709 فلسطينيين، بينهم 14 ألفا لا يزالون في عداد المفقودين وتحت الركام.

محاولات لإعادة الحياة في شمال غزة رغم الدمار (الجزيرة) صمود

وتكشف شوارع مخيم جباليا التي تحوَّلت لمستنقعات بعد تجريفها وخروج البنية التحتية عن الخدمة، حجم الضرر الذي خلَّفه الاحتلال لجعل المنطقة غير صالحة للسكن.
ومع ذلك بدت الحركة نشطة في الأماكن البديلة للسوق التي أنشأها السكان مستعينين بالحواجز البلاستيكية والأخشاب.

كما اجتهد المواطنون بشمال غزة لتأهيل أماكن لأداء الصلوات رغم تكدس الركام في الشوارع، وذلك لإحياء الشعائر الدينية التي اعتادوا القيام بها في رمضان.

إعلان

ودبَّت الحركة في المحافظة على وقع التهديدات بعودة الحرب التي تطلقها إسرائيل، وتواصل استهدافها للفلسطينيين المقيمين قرب الحدود مع الاحتلال.
وكان آخرها إصابة 5 أشخاص بعد إلقاء مُسيَّرة إسرائيلية قنبلة على جرافة تابعة للجنة القطرية المصرية في بلدة بيت حانون، وإطلاق زوارق الاحتلال الحربية قذائفها تجاه منازل المواطنين على شاطئ بحر غزة.

عودة سوق مخيم جباليا بوسائل بدائية (الجزيرة)

 

وأعلنت بلديات قطاع غزة مواصلتها أعمال فتح الطرقات والشوارع الرئيسية وإزالة الركام منها، ومحاولاتها إيصال المياه لعدد أكبر من السكان عبر حفر آبار مياه جديدة وتأهيل الشبكات المتضررة، وصيانة وإصلاح ما يمكن من شبكات الصرف الصحي، وإزالة النفايات الصلبة من داخل المناطق المكتظة بالسكان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات شمال قطاع غزة الصرف الصحی مخیم جبالیا شمال غزة

إقرأ أيضاً:

3 شهداء في جباليا بينهم طفل دهسته دبابة الاحتلال

#سواليف

استشهد ثلاثة #مواطنين ، بينهم #سيدة و #طفل، اليوم الأربعاء، برصاص #جيش_الاحتلال في #جباليا شمال قطاع #غزة، في خرق جديد ومتواصل لاتفاق وقف إطلاق النار المعلن في 11 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. ونُقل #الشهداء إلى مستشفى المعمداني بمدينة غزة، وفق ما أفادت مصادر طبية ومحلية.

وقالت شهادات ميدانية إن الطفل زاهر ناصر شامية استُهدف أولاً برصاص جنود الاحتلال ثم مُنعت طواقم الإسعاف من الوصول إليه، قبل أن تقدم دبابة إسرائيلية على دهسه شرقي مخيم جباليا، في واحدة من أبشع الانتهاكات الموثقة خلال الساعات الماضية.

كما أصيبت طفلة أخرى بجروح برصاص قوات الاحتلال في جباليا البلد، فيما أعلن الدفاع المدني انتشال جثمان شهيد في منطقة الواحة داخل مناطق تمركز القوات الإسرائيلية شمال القطاع.

مقالات ذات صلة الصورة الأكثر تداولا في إيران.. “نتنياهو” يقف في طابور أمام مخبز في طهران! 2025/12/10

و قصفت مدفعية الاحتلال المناطق الشرقية من #خانيونس جنوب القطاع، ما أسفر عن إصابات عدة، بالتزامن مع توغل آليات عسكرية في محيط دوار بني سهيلا. وفي رفح، فتحت قوات الاحتلال نيرانها تجاه الأحياء الشمالية للمدينة، بينما استمرت عمليات القصف والنسف والتدمير على امتداد الخط الشرقي للقطاع.

من جانبها، أكدت وزارة الصحة الفلسطينية وصول ثلاثة شهداء وخمس إصابات خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية إلى مستشفيات القطاع. وبذلك ترتفع حصيلة الشهداء منذ اتفاق وقف إطلاق النار إلى ما بين 380 و382 شهيدًا، إضافة إلى 992 مصابًا، فيما انتشلت الطواقم الطبية والدفاع المدني جثامين 627 شهيدًا من المناطق التي انسحب منها جيش الاحتلال.

ومع هذا التصعيد المتواصل، ترتفع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023 إلى أكثر من 70 ألف شهيد، وما يزيد على 171 ألف مصاب، في ظل استمرار العمليات العسكرية والقصف والتوغلات داخل مناطق عدة من القطاع دون التزام فعلي ببنود اتفاق وقف إطلاق النار.

مقالات مشابهة

  • شهيد برصاص الاحتلال في جباليا.. وتواصل الانتهاكات
  • غزة - شهيد في جباليا وغارات جوية على رفح وخانيونس
  • استشهاد فلسطيني بنيران جيش الاحتلال في جباليا شمال قطاع غزة
  • صحيفة إسرائيلية: إسرائيل وافقت على تحمل تكاليف إزالة الركام بغزة
  • إعلام عبري: واشنطن طالبت إسرائيل بتحمل تكاليف إزالة الركام في غزة
  • استشهاد فلسطينية وأصيب آخرون في قصف الاحتلال مخيم جباليا بغزة
  • شهيدة ومصابون في جباليا وقصف مدفعي وغارات جنوب القطاع
  • بلدية غزة: نحتاج إلى معدات ثقيلة للتعامل مع أطنان الركام بالقطاع
  • 3 شهداء في جباليا بينهم طفل دهسته دبابة الاحتلال
  • 3 شهداء بينهم سيدة وطفل في عدوان إسرائيلي شمال قطاع غزة