اليوم التالي للحرب في السودان: التحديات والاستحقاقات
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
اليوم التالي للحرب في السودان: التحديات والاستحقاقات
محمد تورشين *
ظلت قضية “اليوم التالي للحرب” واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في المشهد السياسي السوداني، حيث شغلت تفكير القوى السياسية في ظل التطورات الميدانية المتسارعة. ومع استمرار تقدم الجيش السوداني واستعادته لمناطق استراتيجية، أصبح التساؤل حول مآلات الأوضاع بعد انتهاء العمليات العسكرية أكثر إلحاحًا.
شهدت الفترة الأخيرة تحولات ميدانية مهمة، حيث سيطر الجيش السوداني على معظم الجسور في ولاية الخرطوم، واستعاد مناطق حيوية مثل جبل موية وسنجة، إلى جانب القرى الواقعة في ولاية سنار. كما شكّلت استعادة مدينة ود مدني في ولاية الجزيرة نقطة تحول جوهرية في مسار الحرب، ما عزز موقف القوات المسلحة ومهّد الطريق لاستعادة مزيد من المناطق.
ورغم استمرار العمليات العسكرية في بعض المناطق داخل الخرطوم ومحيطها، فإن طبيعة التضاريس في دارفور وكردفان تجعل من السهل – نسبيًا – إحكام السيطرة على باقي المساحات، بما في ذلك جبال النوبة وجبل مرة. هذا التقدم العسكري يُنظر إليه باعتباره ردًا مباشرًا على “الميثاق التأسيسي” الذي أعلنته قوات الدعم السريع وحلفاؤها، وعلى المحاولات السياسية لإنشاء “حكومة موازية”، التي قوبلت بالرفض من قبل مجلس السلم والأمن الأفريقي وعدد من الدول الإقليمية والدولية.
الأولويات بعد الحرب: أسس بناء الدولةفي ظل هذه التطورات، تبرز عدة قضايا رئيسية ينبغي معالجتها فور انتهاء الحرب، لضمان استقرار البلاد ومنع تكرار النزاعات. ومن أبرز هذه القضايا:
الحوار السوداني – السوداني:ينبغي إطلاق حوار وطني شامل لمناقشة قضايا الحكم والسلطة، وتحديد شكل الدولة ونظامها السياسي، إلى جانب العلاقة بين الدين والدولة. هذه القضايا الخلافية تحتاج إلى توافق سياسي واسع، لضمان عدم تحوّلها إلى نقاط صراع جديدة.
توحيد الجيش وإصلاح المؤسسة العسكرية:يُعد توحيد القوات المسلحة تحت قيادة وطنية واحدة من الأولويات القصوى، مع تنفيذ إصلاحات جذرية داخل المؤسسة العسكرية، تشمل الأجهزة الأمنية ومؤسسات الخدمة المدنية. فمن دون جيش وطني موحّد، سيكون من الصعب تحقيق الاستقرار السياسي في السودان.
إجراء الانتخابات:ينبغي أن تُجرى الانتخابات على مراحل، تبدأ بانتخاب جمعية تأسيسية تُكلَّف بإجازة الدستور الانتقالي وتعديل القوانين الأساسية، قبل الانتقال إلى الانتخابات الرئاسية والفيدرالية. ويُفضَّل أن تكون مدة الجمعية التأسيسية أربع سنوات، بحيث يُخصص العام الأول منها لوضع القوانين وإقرار الدستور، ثم تُجرى الانتخابات الرئاسية في العام الثاني، لضمان توازن السلطات وخلق شرعية سياسية مستقرة.
نحو مستقبل أكثر استقرارًاإن تجاوز الأزمة السودانية يتطلب معالجة هذه القضايا بطريقة شاملة ومتوازنة، بعيدًا عن المصالح الضيقة والمكاسب السياسية قصيرة المدى. ولا يمكن لأي طرف أن ينفرد بتحديد مسار المستقبل، بل ينبغي أن يكون الحوار الوطني شاملًا، لضمان تمثيل كافة القوى السياسية والمجتمعية.
في النهاية، يبقى نجاح اليوم التالي للحرب مرهونًا بمدى قدرة السودانيين على التوافق حول أسس بناء الدولة، بعيدًا عن المغامرات السياسية والحلول الجزئية التي قد تعيد إنتاج الأزمة بشكل جديد.
* باحث وكاتب سوداني متخصص في الشؤون المحلية والقضايا الأفريقية.
الوسومأفريقيا الجزيرة الحرب الخرطوم السودان القوات المسلحة جبال النوبة جبل مرة دارفور سنار سنجة قوات الدعم السريع محمد تورشينالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أفريقيا الجزيرة الحرب الخرطوم السودان القوات المسلحة جبال النوبة جبل مرة دارفور سنار سنجة قوات الدعم السريع الیوم التالی للحرب
إقرأ أيضاً:
إيران: لا ينبغي اعتبار استهداف قاعدة العديد عملا ضد قطر
الثورة نت /..
قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن العملية الصاروخية للقوات المسلحة الإيرانية ضد قاعدة “العديد” الأمريكية جاءت في إطار حق الدفاع المشروع رداً على العدوان العسكري الأمريكي، ولا ينبغي اعتبارها عملاً ضد حكومة قطر.
وذكرت وكالة تسنيم الإيرانية، اليوم الثلاثاء، أن عراقجي تبادل، في اتصال هاتفي الليلة الماضية، وجهات النظر مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، حول آخر التطورات في المنطقة في أعقاب اعتداءات الكيان الصهيوني وأمريكا على إيران.
وخلال الاتصال أكد وزير الخارجية الإيراني، أن عملية القوات المسلحة للجمهورية الإسلامية الإيرانية في العملية الصاروخية ضد القاعدة الأمريكية في العديد مساء أمس الاثنين، جاءت في إطار حق الدفاع المشروع رداً على العدوان العسكري الأمريكي الأحد الماضي، ضد وحدة الأراضي والسيادة الوطنية لإيران، ولا ينبغي اعتبارها عملا ضد حكومة قطر الصديقة والشقيقة.
وتطرق إلى شرور الكيان الصهيوني وأمريكا ضد إيران، مؤكداً أن الجمهورية الإسلامية، بالتشاور مع دول المنطقة، لن تسمح بأن تتأثر العلاقات الودية بين إيران ودول أخرى في المنطقة بهذه الشرور.
وأشاد عراقجي بمواقف كبار المسؤولين في الحكومة القطرية في إدانة اعتداءات الكيان الصهيوني وأمريكا، ودور قطر وجهودها البناءة في المساعدة على منع تصاعد انعدام الأمن في المنطقة.
وفي هذا الاتصال، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري التزام بلاده بلعب دور بناء في الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي، طبقاً لوكالة تسنيم.