المحاضرة الرمضانية الـ13 للسيد القائد (نص + فيديو)
تاريخ النشر: 14th, March 2025 GMT
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
المحاضرة الرمضانية الثالثة عشرة للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي 13 رمضان 1446هـ 13 مارس 2025م pic.twitter.com/CIVGlhUbMp
— الإعلام الحربي اليمني (@MMY1444) March 13, 2025
الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
نتحدث في البدايـــة، عن إعلان قواتنا المسلحة اليمنية، لقرار حظر ملاحة السفن الإسرائيلية، عبر البحر الأحمر، وباب المندب، وخليج عدن، والبحر العربي، حتى يتم إدخال المساعدات إلى قطاع غزَّة، وهذا القرار قد دخل حيِّز التنفيذ، حيث سيتم استهداف أي سفينة إسرائيلية تَعْبُر في منطقة العمليات المعلنة، وهذا هو خطوةٌ عمليةٌ، وموقفٌ ضروري، في مقابل الخطوة العدوانية التصعيدية، التي أقدم عليها العدو الإسرائيلي، ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة.
ما قام به العدو الإسرائيلي، من منع دخول المساعدات إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، وأيضاً من إغلاق المعابر، ومنع دخول أي مواد غذائية في إطار حركة التُّجَّار، وبأي شكلٍ من الأشكالٍ، يعني: الإقفال الكامل، والحصار التام، هو يهدف إلى التجويع للشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، إلى التجويع لمليوني فلسطيني في قطاع غزَّة، وهذه جريمةٌ كبرى، توصَّف بكل أوصاف الجرائم الكبرى: هي جريمة حرب، هي جريمة ضد الإنسانية، هي خطوةٌ تصعيديةٌ كبيرة، ليست مجرد إجراء عادي يمكن التغاضي عنه، أو التجاهل له.
ولـذلك يعتبر الصمت والجمود في الحالة العربية، ومن قبل الأنظمة العربية، وفي العالم الإسلامي، تجاه هذه الخطوة التصعيدية، التي تهدف إلى تجويع الشعب الفلسطيني، وهذا سعيٌ لإبادته، أو فرض التهجير القسري عليه، يعتبر الجمود القائم تجاه هذه الخطوة التصعيدية ذنباً من قبل العرب والمسلمين بشكلٍ عام، وخطيئةً كبيرة، وتنصلاً عن مسؤوليةٍ كبرى على هذه الأمة، في أن تقف مع الشعب الفلسطيني، الذي هو شعبٌ مظلومٌ، جزءٌ من هذه الأمة.
ومن الواضح أن الأنظمة العربية، مهما أقدم عليه العدو الإسرائيلي من خطوات عدوانية، وتصعيدية، وظالمة، وإجرامية، فسقف موقفها واضحٌ للعدو الإسرائيلي ومعه الأمريكي؛ لأن الأمريكي هو شريكه في كل ما يقوم به من جرائم، السقف للموقف العربي، ومن خلفه الموقف الإسلامي في أغلبه، هو: إصدار بيانات- حتى في صياغتها- يراعون فيها ألَّا تكون شديدة اللهجة، وتتضمن تلك البيانات في العادة التعبير عن أُمْنِيَّات، وعن دعوات، وعن مطالبات من الآخرين.
وهذا ليس هو الموقف الصحيح لأمة- أمة الملياري مسلم- ليس هو الموقف الصحيح لأمة لديها كل هذه القدرات والإمكانات، بلدان بأكملها، هو موقف قد يستحسن لمدرسة ابتدائية، أو لجمعية خيرية، أو لمؤسسة ثقافية؛ أمَّا لدول، لبلدان، لأمة، فليس هو الموقف الصحيح أبداً، ولا يرقى إطلاقاً إلى مستوى المسؤولية الإنسانية، والدينية، والأخلاقية، على هذه الأمة، تجاه هذه القضية، وتجاه مظلومية شعبٍ هو جزءٌ منها، هي معنيةٌ به.
فالعدو الإسرائيلي يُقْدم على ما يُقْدم عليه، من خطوات عدوانية، إجرامية، ظالمة، بدعمٍ أمريكي، وتخاذلٍ عربيٍ إسلامي، هناك عاملان مشجعان أساسيان: دعم أمريكي وشراكة أمريكية، وطاقم العمل في الإدارة الجديدة لـ[ترامب]، هم أكثر صهيونيةً، ووقاحةً، وجرأةً، في وضوح عدائهم الشديد للشعب الفلسطيني، وللمسلمين عموماً، ولهذه الأمة، وفي حرصهم على أن يكونوا متميزين بخطوات أكثر عدوانية مما قدمته إدارة [بايدن] قبلهم، وهذا شيءٌ واضحٌ، وحتى في تصريحاتهم، وعباراتهم، وقراراتهم، ومواقفهم؛ فالعدو الإسرائيلي يعتبر أن الظروف مهيأة، في إطار التخاذل العربي، والدعم الأمريكي المفتوح بخطوات كبيرة؛ ولذلك هو يتشجع على الإقدام على هذه الخطوات العدوانية.
ولكن في الساحة العربية، هذه الحالة من التخاذل، وهي مؤثِّرة حتى على الموقف في بقية البلدان الإسلامية، أنا كثيراً ما كررت التأكيد على هذه الحقيقة: أن التخاذل العربي مؤثِّر على التخاذل من كثيرٍ من البلدان الإسلامية، وإلَّا لكانت في مواقفها أقوى مما هي عليه، لكنها تصطدم بالموقف العربي؛ لأن الأنظمة العربية الكبرى، التي وصل بها الحال إلى أن تكون متواطئةً مع الأمريكي والإسرائيلي، تلعب في الساحة العربية والإسلامية لُعبة احتواء الموقف، وتوجيهه؛ ليبقى دائماً تحت ذلك السقف الذي قلناه: سقف البيانات فقط لا غير، ومنع أي خطوات عملية جادّة، تخدم الموقف الفلسطيني وتسانده بالفعل.
وهذا شيءٌ واضح، هذا شيءٌ واضح، تُعقد القمم، وتخرج دائماً ببيانات فيها- كما قلنا- صياغة ليست شديدة اللهجة، مخففة حتى في اللهجة والتعبير، ثم لا تكون مرفقةً ولا مرتبطة بأي خطوات عملية مهما كانت بسيطة، لا على المستوى السياسي، ولا على المستوى المقاطعة الدبلوماسية، ولا على المستوى الاقتصادي... ولا بأي شكلٍ من الأشكال، ولا في أن تكون إيجابية أكثر تجاه الشعب الفلسطيني، تجاه مجاهدي فلسطين، لم تتغير المواقف السلبية تجاه إخوتنا المجاهدين في فلسطين من الأنظمة العربية، لم تُغَيِّر لوائحها في تصنيفهم بالإرهاب.
بل أسوأ من كل ذلك، أن ما أعلنه البنك الدولي، عن قيام بعض الأنظمة العربية بفتح مسارٍ بريٍ، للالتفاف على الحصار اليمني ضد العدو الإسرائيلي، وفتح مسار يتم عبره نقل البضائع الإسرائيلية إلى الإسرائيليين من البر، هذا أعلن عنه البنك الدولي، وتحدث بشكلٍ صريح، وتحديد واضح لأنظمة عربية، وتحدث عن هذا المسار: كيف يتم، ومن أين إلى أين، وعن حجم نشاطه. هل ستجيب تلك الأنظمة على ما أعلنه البنك الدولي؟ هل ستنكر؟ هل ستنفي؟ هل سَتُقدِّم الشواهد على بطلان دعواه؟ أم أنها- فعلاً- هي متورطةٌ في ذلك؟ وهذا هو الأقرب إلى الحقيقة.
في المراحل الماضية، وفي مرحلة العدوان الشامل على قطاع غزَّة من قبل العدو الإسرائيلي، كانت تنشر حتى فيديوهات، للشاحنات والقاطرات المحملة بالبضائع، التي ينقلها العرب إلى العدو الإسرائيلي، ويتفرجون على الشعب الفلسطيني يتضوّر جوعاً.
فنحن أمام واقعٍ واضح، في هذه الساحة العربية والإسلامية، أن العدو الإسرائيلي مهما أقدم عليه من خطوات عدوانية تصعيدية، لو اتَّخذ قراراً بإبادة كل الشعب الفلسطيني، لما تجاوز الموقف العربي ذلك السقف: إصدار بيانات، وتتضمن بعض الأُمْنِيَّات، وبعض الدعوات للآخرين، أن يحاولوا أن يقنعوا الإسرائيلي ليكف عن ذلك؛ لو قَرَّر العدو الإسرائيلي هدم المسجد الأقصى، لكان الموقف الرسمي العربي بذلك السقف؛ لو اتَّخذ العدو الإسرائيلي قراراً بتهجير الشعب الفلسطيني بالكامل، وطرده من فلسطين، لكان السقف نفسه (السقف العربي) هو ذلك السقف: بيانات تُنَدِّد، تشجب، تطالب، تتمنى، تأسف!
هذه مسألة خطيرة جدًّا، تُشَجِّع العدو الإسرائيلي في مساره التصعيدي، الذي هو مسار متدرِّج، ولكنه ضمن برنامج واضح، واضح ما هي خواتيمه، ما هي غاياته، ما هي أهدافه، ماذا يريد أن يصل إليه.
ولـذلك ينبغي أولاً لشعوب أُمَّتنا، وللأحرار من أُمَّتنا، أن يدركوا أنه لا يجوز إطلاقاً ربط مواقفهم بمستوى ذلك السقف، الذي لدى الأنظمة العربية، لا يجوز إطلاقاً؛ لأنه سقف يعبِّر عن حالة التخاذل، والتنصل عن المسؤولية، ولأنه تماهٍ مع من؟ مع المتواطئين مع الأمريكي والإسرائيلي، الذين يعملون دائماً وفق الموجهات الأمريكية، والأولويات الأمريكية.
كان الموقف في مسألة ألَّا يعطوا هم أراضي لتهجير الشعب الفلسطيني إليها، وامتناعهم عن ذلك، هذا موقفٌ جيد، لكنه-فعلاً- في مستوى متدنٍ جدًّا، مقارنةً بما يجب عليهم أن يعملوا، يعني: هم يدركون أن هذه الخطوة لو أقدموا عليها ستكون خطوة عدوانية، ليست فقط أن يدعموا الإسرائيلي بشكلٍ مباشر بالدعم الاقتصادي، والسياسي، والتشجيع، والتحريض، وليست فقط في مستوى احتواء مواقف الأُمَّة، حتى لا يكون هناك تحرُّك جادّ لنصرة الشعب الفلسطيني وإسناده، لكن كانت سَتُمَثِّل- بنفسها- اعتداءً حقيقياً على الشعب الفلسطيني؛ لأنها ستكون هي الخطوة الأساسية في التهجير للشعب الفلسطيني، ومعنى ذلك: أن يكونوا هم- بأنفسهم- من ارتكبوا تلك الجريمة ضد الشعب الفلسطيني، لتهجيره من فلسطين إلى أراضٍ يحدِّدونها هم، ويقدِّمونها هم، يعني: لتحولوا إلى معتدين بشكلٍ مباشر على الشعب الفلسطيني، وليس فقط متخاذلين، متآمرين، متواطئين مع العدو، فهم امتنعوا عن هذا المقدار؛ لكن الخطوات التي يقوم بها العدو الإسرائيلي يجب أن يكون في مقابلها خطوات عملية.
ولـذلك عندما اتَّجهنا في بلدنا، في يمن الإيمان والحكمة، يمن الجهاد، لإعلان خطوة عملية وموقف عملي، هي: قرار حظر ملاحة السفن الإسرائيلية، عبر البحر الأحمر، وباب المندب، وخليج عدن، والبحر العربي، من واقع إدراكنا- ومن واقع واضح للناس جميعاً- أنه لابدّ من خطوات عملية، التَّعنُّت الإسرائيلي، والصلف الإسرائيلي، والوحشية التي يُبديها العدو الإسرائيلي، والدعم الأمريكي، والتشجيع الأمريكي، يجعل العدو الإسرائيلي يُقْدِم على خطوات عدوانية كبيرة، لا يمكن أن يتوقف عنها إلَّا بالردع، إلَّا بخطوات قوية، إلَّا بمواقف عملية.
ولهذا نؤكِّد أن هذا ليس هو سقف موقفنا؛ إنما هو الخطوة الأولى في موقفنا؛ ولـذلك إذا استمر العدو الإسرائيلي في تجويع الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، ولم يَكُفّ عمَّا يقوم به الآن من منع دخول المساعدات، ومن منع دخول البضائع إلى قطاع غزَّة، نحن سنتَّجه أيضاً إلى خطوات تصعيدية أخرى، وسقفنا عالٍ، والخيارات كلها مطروحةٌ على الطاولة كما يقولون، مطروحة في الخيارات العملية، وهذا ما نريد أن نؤكِّد عليه.
ونؤكِّد أيضاً على أهمية هذه المواقف، وضرورة المواقف العملية؛ لأن الواقع بالنسبة للأنظمة العربية أنهم:
إمَّا- مع تخاذلهم- إمَّا أنهم يعادون من يتَّخذ مواقف عملية جادَّة، في مقابل الخطوات التصعيدية، العدوانية، الإجرامية، من قِبَل العدو الإسرائيلي، وهذا يحصل، هناك من الأنظمة العربية من يعادينا أشد العداء، لماذا؟ لأننا نقف مثل هذه المواقف المساندة للشعب الفلسطيني، والمواقف التحررية، التي لا نقبل فيها بالخنوع لأمريكا مع الخانعين والخاضعين.
وإمَّا أنهم يلومونه، يوجهون إليه اللوم، والبعض من الأنظمة العربية، حتى المتعاطفة معنا، ترى في موقفنا هذا حماقة، وترى فيه تهوراً، وترى فيه تصرفاً غير مناسب، والكثير يوجّه إلينا اللوم.
لكننا ندرك أننا في هذه المرحلة التاريخية المهمة، في العصر الذي يكثر فيه اللوم لمن يقف موقف الحق، يكثر فيه اللائمون، يلومونه، ينتقدونه بكل أشكال اللوم: من يُصَنِّف موقفه بأنه موقف لا ينسجم مع المصالح العامة، والمكاسب السياسية، والمصالح الاقتصادية، ومنهم من يُصنِّف باعتبارات أخرى، ومنهم من يشكك... كما قلنا: العدو الإسرائيلي له نفير واسع، وأصوات كُثر تقف معه.
بينما يجب أن يتوجَّه كل اللوم، كل الاحتجاج، كل الانتقاد، كل الضغط، على العدو الإسرائيلي؛ لأنه يريد أن يُجَوِّع الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، يريد أن يمارس أسلوب الإبادة بالتجويع، فهو الذي كان ينبغي للجميع أن يتوجَّهوا إليه باللوم، والانتقاد، والاحتجاج، والحملات الإعلامية، والهجوم بكل أشكاله، والضغط السياسي، وكان من واجب الجميع أن يساندوا أي موقفٍ داعمٍ للشعب الفلسطيني، حينما يكون موقفاً فعلياً، عملياً، يُمثِّل خطوةً عمليةً ضاغطةً على العدو الإسرائيلي، ولكن الاعوجاج الكبير في واقع الأمة، هو بالشكل الذي دائماً يوجّه اللوم ضد الموقف الحق، ويسكت، ويتجاهل، ويتغاضى عن الموقف الباطل، عن الموقف الظالم.
أمريكا تقف مع العدو الإسرائيلي بشراكة تامة في كل خطواته التصعيدية والعدوانية، وتشارك حتى في التهديد والوعيد للشعب الفلسطيني، والغرب كذلك علاقته، دعمه، مساندته للعدو الإسرائيلي واضح، في المقابل ما هو الموقف العربي العملي؟ ما هي الخطوات الفعلية؟
تأتي الحقائق لتفضح تواطؤ كبار الأنظمة العربية، بتعاونها الفعلي مع العدو الإسرائيلي، تُعطي للفلسطينيين بيان في ورقة مكتوب، ليس وراءه أي خطوات عملية، وتفتح مساراتٍ برية للدعم الاقتصادي للعدو الإسرائيلي، وتُحَرِّض في السر العدو الإسرائيلي على خطواته العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، هذا هو الشيء المؤسف!
عندما نتأمل- مثلاً- هذه الأيام ما تفعله أوروبا، الدول الأوروبية والأنظمة الأوروبية، مع أوكرانيا، تفعل معها كل شيء، تُقدِّم لها الدعم المالي بالمليارات، تُعلن عن ذلك، مليارات الدولارات دعماً لها ليس فقط في الشق الإنساني، أو في الشق الاقتصادي، بل حتى عسكرياً، وتُقَدِّم لها مع المال السلاح بكل أنواعه، وتُقدِّم لها الدعم السياسي، وتقاطع روسيا اقتصادياً، سياسياً، تتَّخذ قرارات بالعقوبات ضدها، تشتغل شغل واضح، يعني: ما تشتغله أي أُمَّة لديها توجُّه جادّ وصادق لدعم قضية مهمة، مع أن الفارق الكبير جدًّا ما بين قضية أوكرانيا وقضية فلسطين:
أوكرانيا، ورَّطها الغرب لتدخل في مشكلة مع روسيا؛ خدمةً للغرب.
أمَّا القضية الفلسطينية، فهي قضية حق واضح، ومظلومية بيِّنة.
ومع ذلك لتتضح الحالة بالنسبة للعرب، ومن خلفهم البلدان الإسلامية التي تأثَّرت بموقفهم في أغلبها، فليقارن أي متابع عربي بين ما يفعله الأوروبيون مع أوكرانيا، وما يفعله العرب مع فلسطين؛ نجد الفارق الكبير جدًّا، نجد- فعلاً- أن الحالة العربية هي حالة تخاذل في معظمها، وتواطؤ في بعضها، وتعاون مع العدو الإسرائيلي في بعضها، واحتواء للمواقف.
ومع ذلك اتَّجه بعض العرب الآن- مشغولون جدًّا- اتَّجهوا للاهتمام بأوكرانيا، كذلك يعني مشغولين مع الغرب، ليسوا فاضيين للانشغال بالقضية الفلسطينية، والهموم العربية، وهموم أُمَّتنا الإسلامية، هم لديهم انشغال هناك بعيد؛ لأنهم أصبحوا عباقرة، اهتماماتهم هناك بعيدة، هذه من الحالة الغريبة جدًّا في الساحة العربية والواقع العربي!
عموماً، نحن نؤكِّد على أن هذه الخطوة، التي أعلنتها قواتنا المسلحة، هي الخطوة الأولى، وأن سقفنا عالٍ جدًّا، وأن كل الخيارات مطروحة في الاستعداد العملي للتنفيذ، إن لم يتوقف العدو الإسرائيلي عن الحصار للشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، والتجويع له، ومنع المساعدات من الدخول إلى القطاع، ومنع حركة البضائع.
نعـــود إلى درسنـــا.
وكُنَّا بالأمس تحدثنـا أولاً: عن ما كان قد تحقق لنبي الله إبراهيم "عَلَيْهِ السَّلَامُ" في مقامه الأول بين قومه، وأنه عرض لهم من البراهين ما تصل بهم إلى الحقيقة، في مبدأ التوحيد لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، والإيمان به، وإبطال الشرك ونسفه، وترسيخ مبدأ الكمال المطلق، الذي ليس إلِّا لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وأنهم بُهِتُوا تجاه ما عرض عليهم من البراهين؛ لأنه ليس لهم أي حُجَّة لإبطالها، في مقابل أنه أتى هو بالحُجَّة النَّيِّرة، المفحمة، المقنعة، والتي لم يكن لهم في مقابلها أي مستند للتشبُّث بما هم عليه من الباطل.
لكن لشدة ما قد أدمنوا عليه من العبادة للأصنام، وارتباطهم بها، وتَرَسُّخ هذا الباطل في نفوسهم، وتجذره في واقعهم الاجتماعي؛ لممارستهم له على مدى أجيال، كان لابدَّ من مقامات أخرى، فاتَّجه أيضاً لمقامٍ آخر، وبدأنا في الحديث عن المقام الآخر، وكيف دعاهم بشكلٍ جماعي في تجمعٍ لهم في هذا المقام- كذلك- إلى عبادة الله، ولكن بدأ أسلوبه معهم مستخدماً طريقة الأسئلة، والاستنطاق للحقيقة، والإلجاء لهم إلى الاعتراف بالحقيقة.
ثم في إطار هذه الأسئلة التي وجهها لهم، كذلك كان يصل بهم إلى الاعتراف الضمني بعجز تلك الأصنام بشكلٍ تام: أنَّها لا تملك لا ضراً، ولا نفعاً، ولا قُدرةً، ولا حياةً، أنَّها حتى لا تسمعهم حينما يدعونها، وهم يتوجَّهون إليها بالعبادة، وأنَّهم استندوا فقط- في ما استندوا إليه هم- إلى أنَّهم ورثوا هذا المعتقد الباطل من آبائهم: {قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}[الشعراء:74].
تحدثنا أيضاً بالأمس، على أن الاستناد إلى ما عليه الآباء والأجداد ليس بمفرده حُجَّة، لا يمكن أن يكون هو لوحده حُجَّة، ولا برهاناً، ولا دليلاً؛ إنما المعتبر الحق- يعني- إن كان الآباء والأجداد على الحق، ويتَّبعون رموز الهدى، فحينئذٍ يمكن الانتماء، والاعتزاز بالانتماء إلى ما هم عليه، وما كانوا عليه؛ أمَّا إن كانوا على غير طريق الهدى، ولم يكونوا مرتبطين برموز الهداية، فلا يمكن الاستناد إلى ما كانوا عليه، وذكرنا في سياق الفارق أمثلة:
مثلاً: في قصة نبي الله يوسف "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، حينما ذكر الله عنه أنه قال: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ}[يوسف:38].
وكذلك في قول الله تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ}[الحج:78].
هؤلاء الآباء، الذين هم أنبياء ورسل، وعلى خط التوحيد، وخط الإيمان بالله، خط الحق، وطريق الحق، والصراط المستقيم، كان الانتماء إليهم، والاعتزاز بالانتماء إليهم، شيئاً جيداً، ليس معيباً، ولا خطأً، بل هو صحيح.
أمَّا حال المشركين، الذين ورثوا الشرك من أسلافهم، وحال من ورثوا الباطل من أسلافهم، ويتعصَّبون له، ويتشبَّثون به، فليس لهم في ذلك مستندٌ ولا حُجَّة، ذكرنا قول الله: "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ}[البقرة:170]، لأنهم ليسوا مهتدين؛ فلا ينبغي التشبُّث بما كانوا عليه.
ولـذلك- كما ذكرنا بالأمس- أن مطاوعة التكفيريين عادةً ما كانوا يحاولون، في مساعيهم لإضلال شعبنا العزيز (يمن الإيمان والحكمة)، الذي له امتداده الإيماني الأصيل عبر الأجيال، إلى عهد رسول الله "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ"، ولكنهم يأتون ليقولوا لشعبنا: [كُنتم على ضلال وباطل في كل ما أنتم عليه، ويجب أن تُسْلِموا من جديد، وأن تعتقدوا أن كل الأجيال من قبلكم كانوا كفاراً وكافرين، وعلى غير الإسلام؛ لأنهم ليسوا على الاتِّجاه التكفيري]، فإذا قال أحدٌ ما: [لا، نحن على ما كان عليه الآباء والأجداد]، قالوا: [هااااه، أنتم تقولون مثل مقولة الكافرين: {بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا}[البقرة:170]]، فيحاولون أن يُشَبِّهوا بهذا الأسلوب على البعض من الناس، أن يثيروا مثل هذه الشُّبَه.
لكننا- تحدثنا بالأمس- أن مسار شعبنا العزيز هو كما قال عنه رسول الله "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ": ((الْإِيْمَانُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ))، كان يأتي البعض من حركة أهل الدعوة من الهند، في السنوات الماضية، إلى اليمن، ليدعوا اليمنيين إلى أن يسلموا، من الهند، يطلب من اليمنيين أن يسلموا، وهو آتٍ من الهند، وَالْإِيْمَانُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ! الامتداد الأصيل، والرموز الهداة العظماء ليمن الإيمان والحكمة من رموز الإسلام والإيمان، من نجوم الهداية، المضيئة في سماء الهداية؛ ولـذلك ينبغي أن يكون لدى الناس وعي وبصيرة، وأن يكون لديهم انتباه تجاه أي شُبه.
تحدثنا عن مسألة الموروث الفكري والثقافي للأُمَّة، وعن المعيار لما هو صحيح، المعيار هو: الحق، والامتداد لنهج الحق وطريق الحق؛ أمَّا ما هو باطل فلا ينبغي التعصُّب له أبداً، بالاستناد إلى من كانوا في طريق الباطل، أو زاغوا عن طريق الحق في تاريخ الأمة، وهذه المسألة مهمة جدًّا.
ننتهي من هذه النقطة، وننتقل إلى كلام نبي الله إبراهيم "عَلَيْهِ السَّلَامُ" فيما رد به عليهم: {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:75-77]، وهنا يعلن موقفه الحاسم (البراءة) بصيغة صريحة وواضحة جدًّا، بالعداء، الذي هو قمة البراءة يعني، {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:77]، فهو يتَّخذ موقفاً حاسماً من شركهم، ومن معبوداتهم الزائفة.
في الحديث عن هذه المسألة، وما فيها من تفاصيل، نتركه لمحاضرة الغد إن شاء الله؛ لأننا اليوم تركنا مساحة للحديث عن الموقف، وحتى لا نطيل، نكتفي بهذا المقدار.
نَسْألُ اللَّهَ "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: العدو الإسرائیلی ی ع العدو الإسرائیلی ع الشعب الفلسطینی للشعب الفلسطینی الأنظمة العربیة الساحة العربیة خطوات عملیة هذه الخطوة هو الموقف هذه الأمة س ب ح ان ه ع ل ى آل ت ع ال ى مع العدو ما کانوا من خطوات على هذه أن یکون لیس هو ما کان حتى فی
إقرأ أيضاً:
قائدُ الأنصارِ.. ناصرُ الطوفان
هو القائدُ الذي إذا نطقَ ارتجفَ الباطل، وإذا أشارَ اهتزّت جبهاتُ الأعداء، وإذا ظهرَ صوتهُ في السّماء تزلزلت الأرض من تحتهم.
هو الذي جعلَ من صعدةَ جُندًا، ومن صنعاءَ قِبلةً، ومن اليمنِ إعصارًا يُطاردُ الشيطانَ الأكبر ويزلزل عرشَ صهيون.
هو السيد القائد عبدُالملكِ بدرُالدينِ الحوثي -يحفظه الله-، قائدُ الأنصارِ ناصر الطوفانِ، السليلُ الذي جسّد الولاية الإلهية، وأعادَ الثقة بالله في قلوبِ أمةٍ أوشكت أن تيأس، وذكّرها بوعد الله الذي لا يخلف، فنهضت من تحت الرماد لتقول: نحن القوم الذين وعدهم الله بالنصر في ميادين الانتصارات.
هو من مشى على طريقة الأنبياء العظام، لا يحيد عن خطاهم، وأعاد دورهم إلى الواقع، ونهجهم إلى الأمة، وثقافة القرآن إلى الميدان، فبعث في النفوس العزيمة، وفي العقول الوعي، وفي الميادين البركان.
(فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ)
قاهرُ المصطلحات ومجددُ وعي الأمة:
هو القائد الذي يفهم حرب المصطلحات، فواجهها لا بالسكوت ولا بالمجارات، بل بقهر الاستكبار العالمي بالمصطلحات القرآنية، وعرّى مشروع التضليل الذي تتبناه مراكز الاستكبار الفكري، والإعلام الغربي، وذيول التطبيع.
فضح الأنظمة المُطبِّعة، وكشف علماء السوء والجور المتلبّسين بزي العلماء الأتقياء، وأسقط أقنعة الحركات التكفيرية والأنظمة النفعية التي تعمل ليلَ نهار على تحريف الدين المحمدي الأصيل، وتقديم نسخة مدجَّنة تبرر الطغيان، وتخدّر الشعوب.
هؤلاء جميعًا يسعون لترسيخ الثقافات الغربية الهزيلة، التي لا تثمر إلا الذل، ولا تزرع إلا الخضوع، ولا تحصد إلا الانبطاح، في سبيل استعباد الشعوب ونهب ثرواتها…
فجاء هذا القائد ليواجههم بمصطلحات قرآنية ناصعة، وثقافة قرآنية تُورِّث العزة والكرامة والعدالة والحرية، بما تتضمنه من تعاليم إلهية تشمل جميع مجالات الحياة، من السياسة إلى الاقتصاد، ومن التربية إلى مواجهة تجار الحروب والدماء المعتدين.
القائد الذي أغلقَ البحارَ والمحيطاتِ لنصرةِ غزة:
عندما اشتعلت غزة تحت قصفِ الغاصبين، بلغت الأنظمة ألسنتها وارتعشت العروشُ العربية، فخرج من صعدة صوتٌ ليس كمثله صوت: لن تبقى غزة وحدها… ونحنُ معكم يا أهل فلسطين رتب بدمنا و ما بعدها من الأدنى إلى الأعلى ،وصواريخنا وسفننا وقرارنا”.
فأُغلِقَ البحرُ الأحمر، وتحول مضيقُ باب المندب إلى بوابة غضب، وصار كل شبر من الماء مقبرة لسفن الصهاينة والمستكبرين.
هو أول من استخدم الصواريخ البحرية بقرارٍ قرآنيّ، ليُرسلها في عرض المحيط، فتحطّ على جبهات البحر وعلى خاصرة العدو، وتُعلن أن اليمن عاد إلى البحر لا تاجراً بل محرّراً.
القائد الذي أذلَّ البحرية الأمريكية فكشف زيف الهيمنة:
لم يكن يخطر على بال قادة الولايات المتحدة الأمريكية، أن يأتي يومٌ تُقصف فيه مدمراتهم من أي قوة عظمى على الأرضٍ، فتم تدميرها أرض كانوا يعدونها حديقة خلفية لعمليات أمريكا العسكرية والاستخبارية وبالتالي لها.
لكن قائد الطوفان، السيد عبدالملك الحوثي -يحفظه الله- لم يتردّد، ولم يتلعثم. أمر فأُطلقت الصواريخ، وضُربت المدمرات، وصُفعت الهيبة الأمريكية، وسقط القناع.
لقد أهان أسطورة المارينز، وكشف هشاشة الدرع الصاروخي، وجعل حاملات الطائرات تهرب من البحر الأحمر كالفئران.
فهذا هو القائد الذي أثبت أن أمريكا نمر من ورق، وأن جنودها يفرّون إذا زأر اليمن.
قائدٌ استهدفَ ما ظنّه العدوُّ محرّماً.. الأهدافُ الحسّاسة:
بصواريخ اليمن التي باركها منزل القرآن العظيم، استُهدفت تل أبيب، وبئر السبع، ومطار بن غوريون، ومحطات توليد الطاقة، وخزانات الوقود، وغرف القيادة، ومعسكرات التدريب.
هو القائد الذي غيّر عقيدة الاشتباك، وفرض على العدو أن لا ينام، أن لا يتحرّك، أن لا يثق بأي حصن.
فصواريخه لا تُطلق في الهواء، بل تُوقِّع على صكوك الإهانة بحق العدو، وتُعيد رسم جغرافيا الخوف في عقل الكيان، وتُسقط درع القبة الحديدية من علٍ.
صوتُ المستضعفين… ونداءُ المحرومين في العالم:
هو ليس زعيمًا لليمنيّين فقط، بل هو ناصر كلمة الله العليا في زمنٍ نطقت فيه الأسلحة، وصمتت الأخلاق.
وقف مع فلسطين حين تخلّى الجميع،
ومع إيران حين توجّس منها الجبناء، ومع سوريا في حربها، ومع العراق في صبره، ومع البحرين في آلامها، ومع نيجيريا في صرختها، ومع كلّ مستضعفٍ سُلب حقه وقهره الظالم.
هو القائد الذي بعثه الله رحمةً للمحرومين والمظلومين، وبوصلةً للأمة التائهة، وهذا هو سرّ محبة السيد حسن نصر الله -رضوان الله عليه- له، ذلك الحب الذي بلغ حد التجلي، حتى قال عنه: “ما رأيتُ منه إلا النور، والصدق، والعزم، والإخلاص”.
هو الذي كسر حاجز الخوف، وأذل الاستكبار العالمي:
لقد علّم الأمة أن الخوف صنم، وأن كسره واجبٌ إيماني، فكان هو أول من كسره بالفعل، لا بالقول.
أهان ترامب، وأذل نتنياهو، ومرّغ أنفيهما في التراب، وأثبت أن طغاة الأرض مجرد دمى في مسرح الرب الجبّار.
هو القائد الذي كشف هشاشة قوى الهيمنة، وأسقط “هيبة العدو” في أعين الشعوب، فصار المستضعف في أقصى الأرض يقول: أنا عبدالملك، إن شئتُ، وأقدر أن أقاوم”.
الوعدُ الإلهي يتحقق على يده:
إن الذي يحمل مشروع الأنبياء، ويسير على نهجهم، لا يُخذل، وسيد الأنصار، قد سار على خطى نوح في الدعوة، وإبراهيم في التوكل، وموسى في المواجهة، وعيسى في الرحمة، وسيدنا محمد في القيادة.
لذا فإن الله سيتكفل بالدفاع عنه، كما دافع عن إبراهيم فقال: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا}، ودافع عن موسى فقال: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى } سورة طه- آية (77).
ولذلك فإن الوعد الإلهي للسيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- لا شكّ فيه، وسوف تُظهره الأيام القادمة، لأن السنة الإلهية في الاستخلاف لا تتغيّر، وقد وعد الله أن الأرض يرثها عباده الصالحين، (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ ٱلْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّالِحُونَ}
الختام: ارفعوا رؤوسكم… فهذا قائدٌ استلهم من أنبياء الله:
من نوح الصبرَ على سفينةٍ تحمله وسط الطوفان، وبشّر أمةً رغم تكذيبها، من إبراهيم: التوحيدُ، وتحطيم الأصنام، والثقة بالله في قلب النار، من موسى: التحدي، والثبات، ورفع العصا أمام فرعون، من يوسف: الحكمة في الشدة، والعز في الغربة، والنصر بعد الظلم، من عيسى: الرحمة، والثورة على التجار في بيوت الله، من سيدنا محمد: كل الصفات… فهو المجد مجتمع في قائدٍ قرآني.
فيا أبناءَ الأمة، ارفَعوا رؤوسكم… فهذا قائدُ الطوفانِ، وهذا وعدُ السماء.
كاتب وباحث سياسي مناهض للاستكبار العالمي