في ندوة بالقاهرة: مجمل الخسائر السودانية 127 مليار دولار ومصر الأولى بإعادة الإعمار
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
نظم مركز التكامل المصري السوداني ندوة مساء أمس “السبت” عن إعادة الإعمار في السودان، بمشاركة الملحق الثقافي بالسفارة السودانية بالقاهرة الدكتور عاصم أحمد حسن ممثلا للسفير عماد الدين عدوي، وبحضور عدد من الإعلاميين المصريين والسودانين والمهتمين بالعلاقات بين البلدين.
تشبيك إقتصادي
وابتدر اللقاء ممثل السفير السوداني الدكتور عاصم أحمد حسن، مشددا على الروابط الممتدة بين مصر والسودان منذ قديم الزمان، مقدما الشكر لمصر لوقوفها مع السودان في وقت الشدة، وقال نسعى لتطوير العلاقات لخدمة شعبي البلدين، مضيفا كنا ضيوف على مصر على مدى عامين لم نجد سوى الترحاب، ونريد التشبيك الإقتصادي مع مصر، وتابع لدينا إمكانيات ومواد خام تحتاج إلى عمل جديد، ونتطلع أن يكون لدينا إقتصاد المعرفة يعتمد على التعليم والتدريب والابتكار واستخدام التكنولوجيا، مؤكدا أن الاقتصاد السوداني يحتاج إلى نظرة أخرى خارج الصندوق بسبب ما دمرته الحرب، وقال نحتاج إلى عمل طفرة في الإنتاج من خلال اقتصاد المعرفة.
الواقع والمأمول
وتحدث رئيس مجلس إدارة المركز السوداني المصري للتكامل الدكتور عادل عبد العزيز عن إعادة الإعمار في السودان ومؤتمر رجال الأعمال المصري السوداني الأول الذي عقد بالقاهرة نوفمبر الماضي، وعن النسخة الثانية ببورتسودان والمتوقع انعقادها في شهر أبريل المقبل – وفق ما أعلنه السفير المصري بالسودان هاني صلاح – وقال عبد العزيز إن مصر لها الحق والأولوية في إعادة الإعمار للسودان، ولابد أن يكون لمصر جانب من المكاسب مقابل المساعدة والوقفة الحقيقية مع السودان في وقت الشدة، وعرض عبد العزيز ورقة المركز عن اسهام المؤسسات والشركات المصرية في إعادة إعمار السودان الواقع والمأمول، وأبانت الورقة أن مجمل الخسائر التي خلفتها الحرب في القطاعات الإقتصادية المختلفة في السودان حتى اللحظة بلغ 127 مليار دولار قابلة للزيادة.
الأولوية لمصر
وأوضح عبد العزيز أن مصر هي الأولى بإعمار السودان لسببين، وقال إن السبب الأول يرجع إلى أن العمليات الحربية في نهاياتها الآن، وماتبقى من عمليات تمشيط وتنظيف يجرى على قدم وساق، مضيفا أن السبب الثاني هو أن الدول والمنظمات والشركات الكبرى تحتاح للمعلومات قبل فترة معقولة للتخطيط للاسهام في إعادة الإعمار، واستعرض عبد العزيز من خلال الورقة مقومات الشراكة بين مصر والسودان، فيما يخص الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية والطاقة الشمسية والمياه والأمطار والموقع المتميز التي يمتكلها السودان، في مقابل الامكانات والخبرة والمصانع والقدرة على حشد التمويل وفتح الأسواق التي تمتلكها مصر، كما استعرضت الورقة الأعمال الجاري تنفيذها بين البلدين في الربط الكهربائي والسككي والفرص المتاحة للتمويل في إطار الإعمار، إضافة إلى المشروعات الإقتصادية الأساسية لمرحلة مابعد الإعمار.
جاهزية السودان
وتساءل الحضور عن مدى جاهزية السودان الآن لاستقبال رجال الأعمال المصريين، وعن المناطق الآمنة التي يمكن الاستثمار بها، مؤكدين أن رأس المال جبان، ولا يمكن إقامة مشروعات في السودان الآن في ظل الحرب الدائرة، وأوضح الحضور أن هناك تساؤلات كثيرة من رجال الأعمال المصريين عن كيفية إقامة مشروعات في السودان في ظل الحرب وعن التوقيت المناسب لذلك. من جانبه أكد المستشار الفني بالسفارة السودانية بالقاهرة قريب الله عبد العزيز أن الوقت مناسب الآن للإعمار في السودان، وأن القوات المسلحة هي المسيطرة بصورة كبيرة على البلاد ولم يتبق لها في العاصمة سوى جيوب صغيرة للتمرد، وسوف تقضي عليها في الأيام القليلة المقبلة، وقال قريب الله إن الحرب الآن على مشارف النهاية، وإن القوات المسلحة الآن تمتلك زمام الأمر، مجددا التأكيد على أن مصر هي الأحق بأن تعيد الإعمار في السودان لوقوفها بجانبه في هذه الأزمة، مضيفا أن معظم الولايات في البلاد مرشحة الآن لإعادة الإعمار وخاصة الخرطوم التي أحدث بها الدعم السريع دمارا كبيرا، ماعدا ولايات دارفور والتي مازالت الحرب دائرة فيها.
تخفيف التعقيدات
وعاد المستشار الثقافي بالسفارة مجددا للحديث عن هروب رؤوس الأموال السودانية إلى كل من رواندا وسلطنة عمان واثيوبيا، وعن مغادرة 3000 آلاف طالب سوداني إلى رواندا بسبب التعقيدات في مصر، داعيا إلى تسهيل الإجراءات والتخفيف من التعقيدات في مصر منعا لهروب هذه الأموال، ومغادرة الطلبة وقال لابد من تسهيل التحويلات المصرفية، مؤكدا أن مصر هي الدولة التي وقفت جانب الشعب السوداني، وقال نشكر الرئيس السيسي وللحكومة والشعب المصري هذه الوقفة التي سجلها التاريخ، مضيفا أن الهدف الأساسي من هذا اللقاء هو دعوة الجانب المصري للاستثمار في السودان وإعادة الإعمار، ونحن نحتاج اقتصاد المعرفة في السودان، مطالبا بتسهيل حركة رجال الأعمال السودانيين والحصول على الإقامة بمصر، وقال إن رجل الأعمال لم يأتي سائحا، وإنما يحتاج إقامة تمكنه من الدخول والخروج وهذا هو أساس الاستثمار، مؤكدا أن السودان آمن الآن، وقال إن قائد مليشيا الدعم السريع “حميدتي” لديه آلة عسكرية وآلة إعلامية، وإن الآلة العسكرية انتهت، ولازالت الآلة الإعلامية موجودة، لافتا إلى أن هناك قصور في عمل الآلة الإعلامية في السودان ومصر تجاه الحرب، ووعد بتنظيم زيارات للصحفيين ورجال الأعمال المصريين إلى السودان لمعرفة الأوضاع على الأرض، وقال نريد عمل سوق حرة بين السودان ومصر، لأن لدينا منتجات كبيرة جدا هذا العام ومصر هي المنفذ الوحيد الآن للسلع السودانية.
متابعة التوصيات
بدوره أشار المدير العام لمركز التكامل السوداني المصري الدكتور عبد الله محمد عثمان إلى الإتفاق على تشكيل لجنة فنية لرؤساء المجموعات الاستشارية لمتابعة توصيات الملتقى الأول لرجال الأعمال المصريين والسودانيين، وقال إنهم في انتظار الإسراع بتشكيلها وصدور قرار من السفارة بذلك، مضيفا نتلقى يوميا إتصالات من رجال الأعمال المصريين عن ماذا بعد المنتدى الاقتصادي.
القاهرة- المحقق- صباح موسى
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: رجال الأعمال المصریین رجال الأعمال المصری إعادة الإعمار عبد العزیز فی السودان وقال إن مصر هی
إقرأ أيضاً:
الحرب ومعارك السياسة يطيحان بالجامعات السودانية من التصنيف العالمي
يأتي خروج الجامعات السودانية من التصنيف الدولي لجودة التعليم وفق تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس لعام 2024 في سياق تراجع شامل يشهده قطاع التعليم العالي في السودان، حيث تتقاطع آثار الحرب والاضطرابات السياسية مع ضعف البنية المؤسسية وغياب الاستقرار الأكاديمي، الأمر الذي عمّق الفجوة بين السودان ومحيطه الإقليمي والدولي.
تقريركمبالا _ التغيير
اختفاء جامعات السودان من (دافوس)وقد أظهر التقرير الذي صدر قبل اسبوع غياب الجامعات السودانية بالكامل عن المؤشر، لتصبح ضمن ست دول عربية لم يشملها التصنيف،على راسها ليبيا والصومال والعراق وسوريا واليمن، في وقت تواصل فيه بعض الدول العربية تحقيق تقدم ملحوظ في مجالات التعليم وجودته.
وبحسب ما ورد في التقرير، جاءت قطر في المرتبة الأولى عربياً والرابعة عالمياً، تلتها الإمارات في المركز الثاني عربياً والعاشر عالمياً، ثم لبنان في المرتبة الثالثة عربياً والـ25 عالمياً، بينما توزعت بقية المراتب العربية على البحرين والأردن والسعودية وتونس والكويت والمغرب وعُمان والجزائر وموريتانيا، في حين جاءت مصر في المرتبة الأخيرة عربياً والـ139 عالمياً. وعلى المستوى العالمي تصدرت سنغافورة القائمة، تلتها سويسرا ثم فنلندا، وهو ما يعكس اتساع الفارق بين الأنظمة التعليمية المتقدمة وتلك التي تواجه تحديات بنيوية.
ويعتمد التصنيف على مجموعة من المؤشرات التي تتعلق بجودة المؤسسات التعليمية، ومستوى الكفاءات، وتشجيع الابتكار والبحث العلمي، إضافة إلى البيئة الاقتصادية الداعمة للعملية التعليمية، والصحة العامة للطلاب، وملاءمة التعليم لسوق العمل، ومدى تطور المناهج، والجاهزية التكنولوجية. وهذه المعايير مجتمعة تمثل الأساس الذي تُمنح على ضوئه مواقع الدول في المؤشر السنوي لجودة التعليم.
وفي تعليق على هذا الوضع، أوضح المحلل السياسي إسماعيل شريف أن خروج الجامعات السودانية من التصنيف الدولي يُعد نتيجة طبيعية لظروف الحرب وتوقف الدراسة بالجامعات خلال العامين الماضيين، إلى جانب التذبذب الذي سبق الحرب منذ جائحة كورونا والأحداث التي صاحبت ثورة ديسمبر.
وبيّن شريف في مقابلة مع (التغيير) أن التعليم الإلكتروني لم يشهد التطور الذي يضمن استمرارية التعليم، رغم اعتماد أول مدرسة إلكترونية في نهاية عام 2023، إلا أن مقاومة التغيير والتمسك بالتعليم التقليدي حالا دون الاستفادة من هذه الخطوة. وأضاف أن تراكم الدفعات الجامعية تحت مسميات ساخرة يعكس عمق الأزمة، مؤكداً أن خروج السودان من التصنيف سينعكس سلباً على سمعة الجامعات وقدرتها على جذب الطلاب السودانيين والأجانب، بعد أن كانت تحظى باحترام واسع في المنطقة العربية والأفريقية.
ويرى شريف أن غياب الجامعات السودانية عن التصنيف العالمي يمثل مؤشراً خطيراً على مستقبل التعليم والاقتصاد وحتى الأمن القومي، لارتباط التعليم بالوعي والاستقرار. كما أوضح أن المعايير التي تقوم عليها التصنيفات الدولية تضررت في السودان بصورة واضحة، بدءاً من البنية التعليمية التي تعرضت للتلف والنهب في ولايات عدة، مروراً بنقص أعضاء هيئة التدريس نتيجة الهجرة الواسعة، وصولاً إلى تراجع الإنتاج البحثي بفعل غياب الكفاءات العلمية. وأضاف أن المؤسسات التعليمية باتت عاجزة عن القيام بدورها التنموي والاجتماعي بسبب ظروف الحرب، وأن الإنفاق الحكومي يميل نحو الجانب العسكري على حساب التعليم، إلى جانب غياب الخطط الإصلاحية الضرورية لتطوير هذا القطاع.
من جانبه اعتبر المتحدث الرسمي باسم لجنة المعلمين السودانيين سامي الباقر، أن خروج السودان من التصنيف لم يكن مفاجئاً لمن يتابع ملف التعليم، لأنه ناتج عن أخطاء تراكمت عبر عقود طويلة ظل فيها التعليم في أدنى سلم أولويات الدولة، وتعرض خلالها ليكون أداة للصراع الفكري والسياسي، وصولاً إلى تأثيرات الواقع العسكري الراهن. وأوضح في حديثه مع (التغيير) أن أي إصلاح يتطلب وضع التعليم في إطار صحيح يقوم على سياسات وقوانين وهياكل جديدة، وإجراء تغيير جذري في المدخلات والعمليات حتى تصبح المخرجات قادرة على تلبية احتياجات الفرد والمجتمع والدولة، مع ضرورة إبعاد التعليم عن الصراعات ليكون شأناً عاماً يتداعى المجتمع لحمايته عند الأزمات.
تصنيف مركز واحدبالمقابل، أوضح عميد كلية دار العلوم والتكنولوجيا البروفسور إبراهيم محمد آدم إلى أن خروج الجامعات السودانية من تصنيف دافوس هو أمر متوقع، لكنه قلل من تأثير هذا التصنيف على وضع الجامعات الفعلي، مؤكداً أنه لا يعدو أن يكون تصنيفاً صادراً عن مركز واحد من جملة مراكز تصنيف مختلفة عالمياً (مثل تصنيف شنغهاي وويبوماتريكس).
وأكد أن هذا التصنيف لا يؤثر على الاعتراف الأكاديمي، لأن الاعتراف تمنحه اتحادات الجامعات العربية والإقليمية والأفريقية، والسودان عضو فيها و ملتزم بمعاييرها.
وأشار آدم إلى أن الحرب أثرت بشكل كبير على الجامعات، وبعضها أغلق بالكامل في ولايات غرب السودان، إلا أن الجامعات استطاعت رغم الظروف الصعبة مواصلة العمل والاعتماد على التعليم الإلكتروني الذي أُقر منذ عام 2020، مع استعادة بعض المؤسسات لمعاملها واستمرار التدريب السريري في الكليات الطبية.
وأكد على أهمية عودة الأسر السودانية للبلاد من أجل تحقيق الاستقرار وإعادة بناء المؤسسات التعليمية، مبيناً أن التنمية لا تتحقق دون مشاركة المجتمع في إعادة الإعمار، وأن الاستقرار في الجامعات يرتبط مباشرة بعودة الكفاءات والطلاب لدعم استمرار العملية التعليمية. ودعا إلى القيام بالأدوار المجتمعية التي تعزز إعادة تأهيل الجامعات وإعادتها إلى مكانتها السابقة.
ورغم محاولات (التغيير) للتواصل مع وزارة التعليم العالي، لم يتسنّ للصحيفة الحصول على تعليق من الوكيل علي الشيخ بشأن ما أورده التقرير من تراجع في وضع الجامعات السودانية.