طهران ـ بعد أكثر من 14 عاما من القيود التي فُرضت عليه، رفعت السلطات الإيرانية الإقامة الجبرية عن مهدي كروبي، أحد الشخصيات البارزة في التيار الإصلاحي في البلاد، وفقا لما صرّح به حسين كروبي نجل مهدي كروبي.

ويقول حسين كروبي "قبل يومين أبلغت القوات الأمنية والدي خلال لقائه بها أن الإقامة الجبرية المفروضة عليه سترفع بدءا من اليوم بأمر من رئيس السلطة القضائية، لكن لأسباب أمنية وحفاظا على سلامته، سيظل عناصر الأمن موجودين في مكان إقامته حتى 8 أبريل/نيسان الجاري، وبعد ذلك سيغادرون المنزل".

وأضاف كروبي أن والده أبلغ القوات الأمنية أنه وضع مع مير حسين موسوي قيد الإقامة الجبرية منذ أكثر من 14 عاما ولذلك "يجب رفع الإقامة الجبرية عنا معا"، وردّت السلطات الأمنية عليه قائلة إنه "سيتم اتباع العملية نفسها التي اتبعت في قضيتك بالنسبة لموسوي، وسترفع الإقامة الجبرية عنه أيضا خلال الأشهر المقبلة".

خلفية القرار

يأتي هذا القرار بعد سنوات من المطالبات من شخصيات سياسية وحقوقية داخل إيران وخارجها بإنهاء الإقامة الجبرية عن "قادة المعارضة" وفق التسمية الإصلاحية في إيران أو "زعماء الفتنة" وفق التسمية المحافظة.

وكان مهدي كروبي، إلى جانب مير حسين موسوي وزوجته زهرا رهنورد، قد وُضعوا تحت الإقامة الجبرية في عام 2011، من دون محاكمة رسمية، وذلك عقب احتجاجات عام 2009 التي تلت الانتخابات الرئاسية.

إعلان

وأوضح حسين نجل كروبي، في حديث للجزيرة نت، أن قوات الأمن تسكن في شقة مجاورة لشقة والده في مجمع سكني، وتراقب كل تحركات العائلة، موضحا أنه سُمح منذ 6 سنوات للعائلة -بمن في ذلك الأبناء وأسرهم- بالزيارة متى أرادوا، ولم يعد هناك تفتيش لمتعلقاتهم.

وتحدث حسين أنه في السنوات الثلاث الأولى، كان والده يعيش بمفرده في منزل تابع لقوى الأمن، وكان الإذن بزيارته في ذلك الوقت محدودا، "حتى إنني كان يُسمح لي بزيارته مرة أو مرتين في السنة فقط، وكان ذلك صعبا جدا، لأنه كان يعيش بمفرده، وفي نهاية السنوات الثلاث الأولى كان عمره 76 عاما".

كما كشف أنه بعد مرور عام على حكم الرئيس الأسبق حسن روحاني، نقل كروبي إلى منزله في جماران، وتمركزت قوى الأمن في الطابق الأول من المبنى، ثم سمح لزوجته منذ عام 2012 تقريبا أن تسكن معه، وبات مسموحا لأفراد الأسرة زيارته مرة واحدة في الأسبوع لبضع ساعات، ولم يعد هناك تفتيش، وأصبح بإمكانهم أخذ أي نوع من الكتب والمجلات.

وتابع حسين أنهم أخبروا رئيس السلطة القضائية سابقا أن والدهم تحت الإقامة الجبرية منذ ما يقرب من 14 عاما "خلافا للقانون والأخلاق ومن دون محكمة، ولا ينبغي للحكومة أن تتوقع منه أن يلتزم الصمت بعد رفع الإقامة الجبرية عنه".

احتجاجات أنصار المعارضة الإيرانية على نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2009 (رويترز) دلالات القرار وتوقيته

يأتي هذا التطور في ظل متغيرات داخلية وخارجية، إذ تواجه إيران تحديات اقتصادية وسياسية. ورغم عدم صدور تعليق رسمي مفصل عن أسباب اتخاذ القرار في هذا التوقيت، فإن محللين يرون أن هذا التحول قد يكون مرتبطا بمجموعة من العوامل، من بينها التطورات السياسية الداخلية والدبلوماسية الخارجية.

وفي الوقت الحالي، من غير الواضح ما إذا كان رفع الإقامة الجبرية يعني إعادة دمج كروبي في المشهد السياسي، أم إن القرار يقتصر فقط على إنهاء القيود المفروضة على تنقله واتصالاته. ومع استمرار الحديث عن احتمال اتخاذ إجراءات مماثلة بحق مير حسين موسوي، فإن الأنظار ستظل متجهة نحو كيفية تعامل السلطات مع هذا الملف في المستقبل القريب.

إعلان

يمثل رفع الإقامة الجبرية عن مهدي كروبي تطورا مهما في الساحة الإيرانية، إلا أنه لا يزال جزءا من مشهد سياسي أوسع قد يشهد تغييرات أخرى خلال المرحلة المقبلة، لكن يبقى السؤال المطروح حاليا هو ما إذا كانت هذه الخطوة مقدمة لإجراءات أخرى مماثلة، أم إنها تقتصر على هذا القرار في سياق محدد؟

من الجانب المحافظ، قال رئيس تحرير مؤسسة الرؤية الجديدة للدراسات الإستراتيجية في طهران محمد علي صنوبري، للجزيرة نت، إن رفع الإقامة الجبرية مرتبط بعاملين رئيسيين: التقدم في السن والوضع الصحي، إضافة إلى التطورات القانونية التي أدت إلى اتخاذ هذا القرار في النهاية.

الإقامة الجبرية فرضت على كروبي (يسار) وموسوي منذ عام 2011 بعد اعتراضهما على نتيجة الانتخابات (رويترز) قرار قانوني

وأشار صنوبري إلى أن كروبي وموسوي، إلى جانب زهرا رهنورد، تجاوزوا سن الثمانين، وذلك يعني أن أوضاعهم الصحية لم تعد تبرر استمرار الإجراءات السابقة بحقهم، كما أن مواقفهم السياسية لم تعد متشددة كما كانت في السابق، وهو ما قد يكون نتيجة طبيعية لتقدمهم في العمر.

وختم رئيس التحرير حديثه بتأكيد أن رفع الإقامة الجبرية جاء نتيجة عملية قانونية استغرقت وقتها الطبيعي، ولم يكن مرتبطا بالحكومة الحالية أو بأي تدخلات دولية أو إقليمية.

وأشار إلى أن اليوم، مع اقتراب العام الإيراني الجديد، لم يعد الشباب الذين كانوا أطفالا في فترة انتخابات 2009 يحملون أي ذكريات مباشرة عن تلك الأحداث، وذلك يعني أن المخاوف الأمنية والاستقرار العام لم تعد مبررا لاستمرار هذه الإجراءات.

ترحيب إصلاحي

من جانب آخر، رحب السياسي الإصلاحي السابق محمد علي أبطحي بالإفراج عن كروبي ورفع الإقامة الجبرية عنه، وقال للجزيرة نت إنه يطالب بالإفراج عن موسوي ورهنورد وسائر السجناء السياسيين وأصحاب الرأي، مضيفا أن البلاد بحاجة ماسة إلى هذا الهدوء والاستقرار.

إعلان

وأردف أبطحي أنه لحسن الحظ، جاء رفع الإقامة الجبرية عن كروبي في ظروف جيدة، أي من دون تقديم طلب، "لكن لا يمكن إنكار أن 14 عاما من الإقامة الجبرية ليست فترة قصيرة، بل هي مدة طويلة جدا".

ورأى أن صمود كروبي وموسوي ورهنورد هو العامل الأساسي الذي أدى إلى تحقيق هذه الظروف، "ويجب تقدير هذا الصمود".

وقال إن حل قضية مهمة كهذه أمر لافت للنظر، رغم أن السنوات الـ14 الماضية شهدت أزمات عديدة. وأضاف أن إيران تمر في الوقت الحالي بأوضاع حرجة للغاية، معبرا عن أمله أن يكون هذا جزءا من إستراتيجية شاملة تهدف إلى تقليل القضايا الداخلية العالقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان مهدی کروبی

إقرأ أيضاً:

المجلس التصديري للأثاث يبحث خطط المعارض الدولية وجذب بعثات المشترين

عقد المجلس التصديري للأثاث، برئاسة المهندس إيهاب درياس، اجتماعًا موسعًا لمناقشة عدد من المبادرات الهادفة إلى تنشيط صادرات القطاع وفتح أسواق جديدة، وذلك بحضور أعضاء مجلس الإدارة، من بينهم عبده شولح، فهد مطر، حسين عسل، إسلام خليل، إلى جانب المهندس وليد عبد الحليم، أمين الصندوق، ومؤمن عرفات، المدير التنفيذي للمجلس.

ناقش الاجتماع دراسة المشاركة في عدد من المعارض الدولية خلال العام الجاري، في أسواق استراتيجية مثل تركيا، دبي، والسعودية، بهدف تعزيز التواجد المصري في هذه الأسواق وزيادة حجم التبادل التجاري.

الصادرات الهندسية تقفز 19% و تسجل 2.1 مليار دولار حتى أبريل 2025رئيس الوزراء: سامسونج للإلكترونيات تستهدف زيادة صادراتها لمصر بأكثر من 30%اقتصادي يدعو لتشكيل لجنة للتسعير لضبط سوق الصادرات

وأعرب المجلس عن رغبته في تنفيذ خطط طموحة رغم التحديات المرتبطة بعدم وضوح آلية دعم الأنشطة الترويجية الجديدة، والتي من المقرر تطبيقها اعتبارًا من 1 يوليو 2025.

وأشار إلى أن التحضير للمشاركة في المعارض الدولية المتخصصة يتطلب فترة زمنية لا تقل عن ثمانية أشهر، مما يحد من إمكانية المشاركة الفعلية حتى فبراير 2026 على الأقل.

كما نوه إلى أن الهيئة المصرية العامة للمعارض والمؤتمرات لم تنفذ أي أجنحة دولية للقطاع خلال الفترة من يناير إلى يونيو 2025 بسبب غياب المخصصات المالية.

وتناول الاجتماع مقترحًا بإصدار دليل للمصدرين يضم الشركات المصرية العاملة في قطاع الأثاث، ليكون أداة تسويقية فاعلة تُسهم في الترويج للمنتج المصري على المستوى الدولي.

وأكد الأعضاء على أهمية تنظيم بعثات تجارية إلى الخارج، إلى جانب استقطاب بعثات مشترين إلى مصر من أسواق عربية وأفريقية واعدة، من بينها ليبيا، العراق، السعودية، الكونغو، وأنغولا. وتهدف هذه الجهود إلى فتح قنوات توزيع جديدة، وزيادة حجم الصادرات، والتعريف بأحدث منتجات الأثاث المصرية والتقنيات الحديثة المستخدمة في خطوط الإنتاج.

كما تم استعراض مبادرة للتعاون مع إحدى الشركات لتنفيذ مشروع لاختراق السوق الكيني، ضمن إطار خطة استراتيجية للتوسع في القارة الأفريقية.

وخلال الاجتماع، أعلن المجلس أن صادرات قطاع الأثاث قد بلغت نحو 113 مليون دولار منذ بداية العام وحتى نهاية أبريل الماضي، في مؤشر على تحسن ملحوظ في أداء القطاع.

وناقش المجلس أيضًا مقترحًا لتنظيم معرض قطاعي محلي متخصص بالتعاون مع إحدى الشركات المنظمة، بهدف دعم الصناعة الوطنية وتعزيز فرص التصدير من خلال الترويج محليًا ودوليًا.

وفي ختام الاجتماع، أعرب رئيس وأعضاء المجلس التصديري للأثاث عن تفاؤلهم بتحقيق مزيد من النمو خلال المرحلة المقبلة، مؤكدين المضي قدمًا نحو تنفيذ استراتيجية شاملة لرفع القدرة التنافسية لصناعة الأثاث المصرية في الأسواق العالمية.

طباعة شارك المجلس التصديري للأثاث فتح أسواق جديدة التبادل التجاري مال واعمال اخبار مصر

مقالات مشابهة

  • مواعيد وشروط الإقامة في مدن الطلبة بجامعة القاهرة
  • محافظ القاهرة يتفقد معرض أهلا بالعيد بمصر الجديدة
  • المجلس التصديري للأثاث يبحث خطط المعارض الدولية وجذب بعثات المشترين
  • أمين «الأعلى للآثار»: عرض 130 قطعة مصرية بروما خلال معرض كنوز الفراعنة
  • مواعيد وشروط الإقامة بالمدن الجامعية بجامعة القاهرة
  • ألمانيا تعلّق لمّ شمل الحاصلين على «حماية ثانوية» وتُشدد شروط التجنيس
  • ألمانيا تقيد لمّ شمل العائلات وتشدد قواعد الحصول على الجنسية
  • قبائل بني مهدي في الحديدة تعلن النكف والنفير العام لمواجهة العدوان الصهيوني
  • ألمانيا تشدد قواعد الحصول على الجنسية وتقيد "لم الشمل"
  • السيد القائد: من المقامات التي جاءت في القرآن عن النبي إبراهيم عرض دلالات وبراهين واضحة لما يدعو قومه إليه لعبادة الله وحده