تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تواجه إيران تهديدات أمريكية متزايدة بشن حرب بعد إنذار وجهه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إما بالقبول بعقد صفقة نووية جديدة أو مواجهة هجوم عسكري. 

ورغم أن هذا التهديد يعتبر خطراً حقيقياً، إلا أنه قد يمثل أيضاً فرصة للحكام في طهران لإدارة حالة السخط الشعبي المتنامية.

أكد المسؤولون الإيرانيون مراراً رفضهم التفاوض مع الولايات المتحدة وفقاً لشروط يضعها دونالد ترامب، وهو ما يعكس تمسك المرشد الأعلى علي خامنئي بموقفه المتشدد.

وفي هذا السياق، تساءل خامنئي عن جدوى المفاوضات مع رئيس أمريكي يصفه بـ "ناقض العهود"، قائلاً يوم الإثنين، بلا اكتراث، إن "الولايات المتحدة تهدد بالحرب، لكن الحرب ليست ضربة من طرف واحد. إيران قادرة على الرد وستقوم بذلك بكل تأكيد."

الحرب كآلية للسيطرة الداخلية

في الداخل الإيراني، باتت اللغة العسكرية هي المسيطرة على الخطاب الرسمي. المسؤولون العسكريون يحتلون مساحة واسعة من الإعلام الرسمي، بينما تطغى لغة الأمن والحرب على غيرها من القضايا.

يبدو أن هذا التحول في الخطاب لا يُعد فقط رداً على التهديدات الخارجية، بل هو استراتيجية محسوبة لتوحيد الشعب وقمع المعارضة من خلال تضخيم المخاوف من نشوب حرب.

يرى بعض المحللين أن هذه الاستراتيجية مدفوعة بقدر من عدم الأمان بقدر ما هي مدفوعة بنيّة التلاعب بالمشاعر الوطنية. حتى السياسيين المعتدلين مثل بهزاد نبوي، الوزير السابق والنائب المخضرم من تيار الإصلاح، أشار مؤخراً إلى أن مناخ الحرب قد يعزز التضامن الوطني، مما يوحي بأن الخوف بات أداة توحيد قوية حتى بالنسبة للمعتدلين الذين تم تهميشهم من دوائر الحكم.

في المقابل، تصاعدت عمليات القمع الداخلي، بما في ذلك فرض قيود على الإنترنت واعتبار تدفق المعلومات الحرة "حرباً إدراكية". وقد لخّص هذه الرؤية أحمد رضا رادان، قائد الشرطة الوطنية الإيرانية، بقوله:

"في السابق، كنا محاصرين في خنادق كميل خلال الحرب مع العراق. أما اليوم، فنحن محاصرون في خنادق افتراضية. إن لم نكن مقاتلين الآن، فسوف نتراجع ونخسر الوطن."

الحرب كوسيلة للبقاء في السلطة

تواجه إيران تحديات كبيرة: اقتصاد متدهور، وانهيار بيئي، وعجز في الميزانية، وفساد مستشري. ثقة الجمهور بالنظام تراجعت بشدة، مع ظهور احتجاجات متفرقة تعبر عن الاستياء الشعبي.

يخشى المسؤولون في إيران من تكرار ما يسمونه بـ "الفتنة" – وهو المصطلح الذي يستخدمونه لوصف الاحتجاجات الشعبية وقمعها بعنف. لذا، فإن التهديد بالحرب يعتبر طوق نجاة للنظام الذي يمتلك سجلاً حافلاً بقطع الإنترنت، والاعتقالات العشوائية، وتكثيف القمع تحت ذريعة "التآمر" و"التعاون مع العدو"، لكن الأمر لا يتوقف عند كونه مجرد انتهازية؛ بل هو مقامرة كبرى.

صحيح أن الإيرانيين توحدوا في فترة الحرب مع العراق، خاصة خلال السنوات الأولى. لكن ذلك كان قبل حوالي أربعين عاماً، حينما كان الخميني، المرشد الأول، يتمتع بشعبية واسعة ودعواته لإسقاط نظام الشاه وتأسيس إيران كانت تحظى بتأييد شبه جماعي.

أما اليوم، فالنظام الذي يسميه خامنئي بـ "النظام الإسلامي" يُعتبر مكروهاً من قِبل شريحة واسعة من الشعب. وبينما يتمسك المرشد الأعلى بالسلطة من خلال إبقاء قواته الموالية على أهبة الاستعداد وقمع المعارضين، يكافح ملايين الإيرانيين لمواجهة صعوبات الحياة اليومية.

تضخيم المخاوف من الحرب ومحاولة خلق حالة من الحصار النفسي قد يخدم المرشد الأعلى مؤقتاً، ولكنه قد ينقلب ضده بشكل مفاجئ ويعفي ترامب من شن حرب لا يريدها.

الحرب كأداة للدفاع والردع

لطالما صورت إيران نفسها على أنها تواجه تهديدات خارجية تستدعي الدفاع المستمر والردع القوي. وقد حملت تصريحات المسؤولين الإيرانيين الأخيرة هذه النبرة بشكل واضح.

فقد حذر قائد بارز في الحرس الثوري الإيراني (IRGC) مؤخراً من أن أي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية سيشعل "ناراً في المنطقة لا يمكن احتواؤها". كما أشار قائد آخر في الحرس الثوري إلى خطة عسكرية تُعرف باسم "الوعد الحقيقي 3"، قائلاً إنها ستنفذ في الوقت المناسب وستؤدي إلى "تدمير إسرائيل وتسوية تل أبيب وحيفا بالأرض".

وتدعم إيران هذه التهديدات عبر تصعيدها للأنشطة العسكرية. فقد ضاعفت تقريباً من تدريباتها العسكرية منذ أكتوبر 2024، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز، حيث تركزت التدريبات بشكل خاص بالقرب من منشأة نطنز النووية ومضيق هرمز.

قد لا تكون هذه التهديدات فعالة في ردع الولايات المتحدة أو إسرائيل، لكنها تسهم في تشكيل التصورات الداخلية وسط تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجوم عسكري

إقرأ أيضاً:

محللون: تهديدات الضم تكشف مأزق نتنياهو في الحرب على غزة

القدس المحتلة- وسط تصاعد العزلة السياسية التي تواجهها إسرائيل وتعالي الأصوات الدولية المطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر/أيلول المقبل برز مجددا على لسان مسؤولين في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة تهديد بضم أجزاء من القطاع، وربطه بمصير مفاوضات تبادل الأسرى مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وتطرح هذه التهديدات المتكررة علامات استفهام واسعة بشأن أهدافها الحقيقية، ومدى نجاعتها في تغيير مواقف حماس أو التأثير على مسار الحرب.

وبحسب قراءات محللين سياسيين، لا تمثل هذه التهديدات سوى محاولة أخرى لصرف الانتباه عن الفشل السياسي والعسكري الإسرائيلي المستمر في غزة، بعد نحو 22 شهرا من الحرب دون تحقيق أهداف إستراتيجية واضحة.

قوات لواء كفير تواصل عملياتها في خان يونس وسط مفاوضات متعثرة (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي)حيلة إعلامية

ويصف بعضهم التهديد بأنه "حيلة إعلامية مثيرة للشفقة" لا تتجاوز كونها وسيلة لطمأنة الشارع اليميني الإسرائيلي، وتهدئة وزراء مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير اللذين عبّرا عن غضبهما من استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

ويُجمع محللون على أن هذا التهديد لن يدفع حماس إلى تقديم تنازلات، لا في ملف الأسرى أو الحرب، بل قد يعزز قناعتها بأن الحكومة الإسرائيلية غارقة في مأزق داخلي يزداد عمقا مع الوقت.

ويرى بعضهم أن طرح مثل هذا الخيار في هذا التوقيت في ظل المتغيرات الدولية وضغوط المجتمع الدولي إنما يهدف إلى تحويل الأنظار عن إخفاقات الحكومة في إدارة الحرب، وطرح "السيادة" كإنجاز وهمي لجمهور يميني فقد الثقة في قيادته.

قوات لواء 401 تواصل القتال في جباليا وسط غياب إستراتيجية واضحة (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي)

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تخوض إسرائيل حربا في غزة دون إستراتيجية واضحة أو تصور لليوم التالي كما يقول اللواء احتياط غيورا آيلاند الرئيس السابق لقسم العمليات وقسم التخطيط في الجيش الإسرائيلي الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي.

إعلان

وفي تقدير موقف نُشر على موقع "والا" تحت عنوان "أي نصر هذا؟ وأي نصر مطلق؟ من المستحيل خوض حرب دون إستراتيجية شاملة"، أوضح آيلاند أن إسرائيل تخوض حربا في غزة دون أي نقاش جدي بشأن كيفية تحقيق هدفها المعلن، وهو "إسقاط حماس".

وأشار آيلاند إلى أن العمليات العسكرية السابقة أثبتت فشلها، وأن الجيش يجد نفسه اليوم منخرطا في قتال داخل بيئة مدنية شديدة التعقيد، مما يجعل الحسم العسكري السريع أمرا مستحيلا.

واعتبر أن غياب التخطيط الإستراتيجي والتفكير في "اليوم التالي" يعكس أزمة عميقة في قيادة الحرب، ويزيد تكلفة استمرارها دون أفق واضح.

مراقبون اتهموا نتنياهو بتغليب مصالحه السياسية على مصلحة الدولة (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي)فشل عميق

في المقابل، يتهرب المستوى السياسي -خاصة نتنياهو- من حسم قضية "اليوم التالي" خوفا من تفكك الائتلاف الحاكم.

ويقول آيلاند إن هذا التهرب أدى إلى تجاهل فرص سياسية حقيقية، مثل صفقة شاملة للأسرى ومبادرات عربية ودولية لإعادة إعمار غزة، بسبب حسابات حزبية وسياسية ضيقة.

ولفت إلى أن تجزئة صفقات المحتجزين جعلت حماس تتشدد، في حين تستنزف إسرائيل أرواح الجنود دون تقدم ملموس، والنتيجة "لا نصر عسكري، ولا أفق سياسي، ولا نقاش إستراتيجي".

وأضاف "حين تقدم المصلحة الشخصية على العامة تخسر الدولة في النهاية، لقد حان الوقت لوضع حد لحرب تدار بالشعارات والتكتيكات لا بالإستراتيجية والعقلانية".

من جانبه، كتب المحلل الإسرائيلي المتخصص في الشؤون العربية بصحيفة يديعوت أحرونوت مقالا تحت عنوان "استعراض الحمق لا ينتهي"، وجّه فيه انتقادا لاذعا إلى تصريحات حكومة نتنياهو بشأن ضم أجزاء من قطاع غزة.

واعتبر يسخاروف أن هذا التلويح بالضم لن يُحدث أي تغيير في مواقف حركة حماس، بل يعكس عمق الفشل السياسي والعسكري للحكومة في إدارتها للحرب.

وأوضح أن الهدف الحقيقي من هذه التصريحات هو تهدئة القاعدة اليمينية المتطرفة، وخدمة مصالح نتنياهو الائتلافية، وليس تحقيق مكاسب إستراتيجية.

وبرأي يسخاروف، فإن إسرائيل في ظل هذه السياسات تغرق في عزلة دولية متزايدة، وتلوّح بأوهام السيادة كوسيلة لصرف الانتباه عن إخفاقاتها، في حين لا تزال الحرب في غزة تراوح مكانها دون تحقيق أهدافها، ولا سيما استعادة المحتجزين أو إضعاف حماس فعليا.

واعتبر أن مواصلة الحكومة الإسرائيلية التلويح بضم أجزاء من القطاع مجرد حيلة إعلامية لا تؤثر على مواقف حماس، بل تهدف إلى تهدئة اليمين المتطرف في الداخل بعد استئناف إدخال المساعدات لغزة.

أهداف نتنياهو

ولفت يسخاروف إلى أن الواقع على الأرض وبعد 22 شهرا من الحرب يكشف فشلا سياسيا وعسكريا متواصلا "لا انهيار للحركة، ولا عودة للأسرى، والحلول البديلة التي طرحتها الحكومة كمحور موراغ وعربات جدعون لم تحقق شيئا"، وفي المقابل تزداد المجاعة في غزة وتعزز حماس شروطها التفاوضية.

أما دوليا فيقول إن صورة إسرائيل تدهورت إلى حد تجاوز كوريا الشمالية وإيران في بعض الأوساط، مع تصاعد دعوات المقاطعة والاعتراف المتزايد بدولة فلسطينية.

والقراءة ذاتها استعرضها المحلل السياسي حاييم ليفينسون الذي نشر مقالة تحليلية في صحيفة هآرتس لما وصفها بـ"خطة نتنياهو الحقيقية" إطالة أمد الحرب على غزة، ليس لهزيمة حماس، بل لطمس ذكرى فشل 7 أكتوبر/تشرين الأول من الذاكرة الجماعية للإسرائيليين وتجاوز المطالب السياسية الداخلية بالمساءلة.

إعلان

وأوضح أنه رغم فشل خطة منع المساعدات الإنسانية وانهيار مقترحات المناطق العازلة فإن نتنياهو يصر على المضي في الحرب كوسيلة للبقاء السياسي، وسط تدهور عسكري واضح ونفاد الجنود وخيارات الضغط، فالتصعيد المتكرر لم يحقق أيا من أهدافه "لم يعد المحتجزون، ولا حماس انهارت".

ويتابع ليفينسون أنه بينما يروج نتنياهو لخطط مثل "الهجرة الطوعية" و"ضم أجزاء من غزة" يدرك الجميع داخل الحكومة أنها محاولات لشراء الوقت وتهدئة اليمين المتطرف مثل سموتريتش وبن غفير، وليست خططا قابلة للتنفيذ "جميع الأطراف تكذب على بعضها البعض، لكن لا أحد مستعد لدفع ثمن انهيار الحكومة".

في الأثناء، تراوح المفاوضات بشأن صفقة الأسرى مكانها وفقا لليفينسون، في حين يستعد البيت الأبيض لاحتمال التحول إلى مفاوضات شاملة بدلا من الصفقات المرحلية.

لكن الشروط التي تطرحها إسرائيل بنزع سلاح حماس وطرد قادتها وتطبيق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعد شروطا لتفجير أي تسوية، وليست أرضية للحل.

وخلص ليفينسون إلى أن الحرب استنفدت خياراتها العسكرية والسياسية، ولم يتبق لنتنياهو سوى الخطاب والمراوغة، وبينما يطالب شركاؤه بالمزيد من "التطرف" تواصل إسرائيل الغرق في عزلة دولية، في حين يدفع المحتجزون وعائلات الجنود الثمن.

مقالات مشابهة

  • قبيسي: الكلام والتهويل بالحرب للأسف هو كلام داخلي
  • محللون: تهديدات الضم تكشف مأزق نتنياهو في الحرب على غزة
  • ترامب: على إيران تغيير نبرة تصريحاتها بشأن المفاوضات مع الولايات المتحدة
  • البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة: ترامب يسعى لاتفاق سلام بشأن أوكرانيا بحلول 8 أغسطس
  • إيران تطالب أمريكا بتعويضات عن خسائرها خلال الحرب مع جيش الإحتلال
  • بعد تهديدات ترامب.. أمريكا تعلن التوصل لاتفاقات تجارية مع كمبوديا وتايلاند
  • إيران تطالب الولايات المتحدة بالتعويض قبل الدخول في محادثات نووية
  • الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعود إلى إيران للمرة الأولى منذ حرب الأيام الـ12
  • عقوبات أمريكة جديدة تستهدف أسطول الشحن الإيراني وشركات مرتبطة به
  • تداول عقود النفط عند 69 دولارًا للبرميل بالتزامن مع تهديدات ترامب لمشترين الخام الروسي