أصحاب النفوذ يسيطرون على أراضي أبو غريب والأهالي يستغيثون بالحكومة للتدخل العاجل
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
بغداد اليوم - بغداد
يواجه قضاء أبو غريب، الواقع غرب العاصمة بغداد، خطرًا متزايدًا بسبب اعتداءات غير قانونية على الأراضي الزراعية المشاعة، حيث أقدم متنفذون وأصحاب رؤوس أموال على الاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي وتحويلها إلى مشاريع تجارية، في خطوة تهدد الأمن الغذائي المحلي وتفاقم التحديات البيئية والاقتصادية في المنطقة.
بحسب شهادات الأهالي، فإن عمليات الاستيلاء شملت تجريف مئات الدونمات الزراعية الممتدة على طول الخط السريع والمناطق المحاذية لسجن أبو غريب.
هذه الممارسات لم تقتصر على إزالة المساحات الخضراء، بل شملت أيضًا إخراج أصحاب الأراضي الأصليين بالقوة أو عبر وسائل غير مشروعة، ليتم بيعها لاحقًا لمشاريع استثمارية ذات طابع تجاري.
ويؤكد المواطنون أن هذه التعديات تسببت في تراجع الإنتاج الزراعي بشكل كبير، ما ينذر بأزمات اقتصادية واجتماعية مستقبلية، خصوصًا أن المنطقة تُعد إحدى أبرز مناطق الإنتاج الزراعي التي تغذي العاصمة بغداد بالمنتجات الأساسية.
لم تتوقف آثار هذه الظاهرة عند تراجع الإنتاج الزراعي فقط، بل امتدت إلى زعزعة البنية الاقتصادية والاجتماعية لسكان أبو غريب. إذ يعتمد عدد كبير من الأهالي على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل، ومع استمرار عمليات التجريف والاستيلاء غير المشروع، يجد العديد منهم أنفسهم مهددين بفقدان أرزاقهم والاضطرار إلى مغادرة المنطقة بحثًا عن مصادر دخل بديلة.
ورغم تصاعد الشكاوى، فإن الجهات المحلية تبدو عاجزة عن وقف هذه التجاوزات، حيث لم تُتخذ إجراءات ملموسة لردع المتورطين أو لحماية الأراضي الزراعية من الاستغلال الجائر. هذا العجز دفع الأهالي إلى مناشدة رئاسة الوزراء للتدخل العاجل، مطالبين بتشكيل لجان تحقيقية تتابع ملف الاستيلاء على الأراضي ومحاسبة الجهات المسؤولة عن هذه الانتهاكات.
تأتي هذه الأزمة في وقت يواجه فيه العراق تحديات اقتصادية متزايدة، خاصة في قطاع الزراعة الذي يعاني من تراجع مستمر نتيجة الإهمال والتعديات. ومع تصاعد عمليات تحويل الأراضي الزراعية إلى مشاريع تجارية، تتعاظم المخاوف من تفشي أزمة غذائية قد تضر باستقرار السوق المحلية وتزيد من الاعتماد على الاستيراد الخارجي.
وتُعد قضية الاستيلاء على الأراضي الزراعية في أبو غريب نموذجًا صارخًا للتحديات التي تواجه المناطق الريفية العراقية، حيث تتداخل المصالح القوية مع ضعف الرقابة الحكومية، مما يستدعي قرارات حازمة وسريعة لإنهاء هذه الفوضى قبل أن تتحول إلى كارثة اقتصادية واجتماعية يصعب احتواؤها.
المصدر: بغداد اليوم
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: الأراضی الزراعیة أبو غریب
إقرأ أيضاً:
سوريا في قبضة التوازنات .. صعود الشرع كواجهة ’’أمريكية_صهيونية’’ وتحجيم السيادة
يمانيون / تقرير خاص
في تحول جذري يعيد رسم المشهد السياسي السوري، صعد أحمد الشرع إلى رأس السلطة خلفًا لبشار الأسد، بدعم إقليمي ودولي غير مسبوق. هذا التحول لا يمكن عزله عن التغيرات المتسارعة في خارطة النفوذ داخل سوريا، حيث تتقاطع إرادات الولايات المتحدة وإسرائيل مع مصالح تركية وخليجية سعت إلى إنهاء عهد بشار الأسد، والتخلّص من الحضور الإيراني الذي يُنظر إليه كعدو استراتيجي دائم لواشنطن وتل أبيب.
الشرع يظهر اليوم كخيار لإعادة تعويم النظام من بوابة عربية وغربية. غير أن هذا الصعود لا يبدو مستقلاً، بل يأتي في سياق مشروع متكامل يهدف إلى إعادة صياغة النظام السوري على مقاس المصالح الأمريكية-الإسرائيلية، تحت غطاء تفاهمات إقليمية، تركية وخليجية، تزداد وضوحاً.
وفي ظل هذا التموضع الجديد، تبدو سوريا أمام مرحلة دقيقة انتقال ظاهري للسلطة، لكنه في جوهره انتقال من دولة ذات سيادة، إلى كيان سياسي خاضع لتوجيهات الخارج، تحكمه معادلات النفوذ والتي ستقوده رغماً عنه قريباً نحو التطبيع
الخلفية السياسية لصعود أحمد الشرع
برز اسم أحمد الشرع سريعًا بعد سنوات من الجمود العسكري والدبلوماسي في سوريا. يشير مراقبون إلى أن صعوده لم يكن وليد الداخل السوري فقط، بل ثمرة مفاوضات طويلة قادتها واشنطن مع تل أبيب، وأنقرة، والرياض، والدوحة، لإعادة هيكلة النظام بطريقة “غير ثورية”، تُنهي سطوة النظام القديم وتحفظ مصالح اللاعبين الكبار.
الدور الأمريكي – الصهيوني في إدارة التحول
الولايات المتحدة تبنّت دورًا مركزيًا في إدارة الانتقال السياسي، من خلال خطة تضمن الحد من النفوذ الإيراني، وحماية أمن إسرائيل، وفتح الباب لتسوية “مقبولة” دوليًا.
العدو الإسرائيلي ، من جانبه، أبدى ارتياحًا غير معلن تجاه النهج الجديد للشرع، خاصة بعد تسريبات عن وجود قنوات خلفية للتواصل الأمني، وضمانات بعدم المساس بالجولان، بل واحتمال فتح مسارات اقتصادية مستقبلية عبر وساطات خليجية.
الدعم التركي والخليجي .. حسابات النفوذ والاقتصاد
أنقرة، التي ظلت طوال العقد الماضي تحتفظ بدور عسكري واستخباراتي مؤثر شمال سوريا، تعتبر أن صعود الشرع يمثل فرصة لتكريس نفوذها دون صدام مباشر مع دمشق، خصوصًا في ما يتعلق بمسألة “المنطقة الآمنة” وضبط الحدود مع الأكراد.
أما دول الخليج، وعلى رأسها السعودية وقطر، فقد سارعت لإعادة علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية مع دمشق، باعتبار أن النظام الجديد قد يشكّل حاجزًا أمام تمدد المشروع الإيراني في بلاد الشام، مع احتمالات استثمار كبيرة في ملف إعادة الإعمار.
الموقف الروسي – دعم مشروط وتحفّظ استراتيجي
رغم أن موسكو باركت رسميًا صعود أحمد الشرع وأرسلت رسالة تهنئة من الرئيس بوتين أكد فيها استمرار الدعم الروسي إلا أن الموقف الفعلي أكثر تعقيدًا. الشرع طلب من موسكو تسليم بشار الأسد وعدد من مساعديه اللاجئين على أراضيها، وهو ما أثار توترًا صامتًا بين الجانبين وفق ’’العربي الجديد’’
موسكو، التي ضمنت قاعدتين عسكريتين دائمتين (طرطوس وحميميم)، ستبقى حريصة على حفظ نفوذها الاستراتيجي، لكنها تراقب بحذر انجراف دمشق نحو واشنطن وتل أبيب.
انعكاسات إقليمية محتملة
انكماش الدور الإيراني في سوريا نظراً للمتغيرات الداخلية والتي لم تعد تمثل عمقًا استراتيجيًا يمكن أن تعتمد عليه إيران ، ما سيدفعها لإعادة النظر في تموضعها الإقليمي وفي المقابل صعود نفوذ تركيا والخليج ونمو مساحة التفاهم بينها
توازنات جديدة مع إسرائيل عبر واشنطن، تسعى دمشق الجديدة لفرض معادلة “لا حرب ولا مقاومة”، ما يعيد تعريف معادلات الردع في الجبهة الجنوبية.
سوريا الجديدة على مفترق طرق
سوريا الشرع تقف على مفترق طرق، مع وجود محاور متعددة تتنازع التأثير على مستقبلها ، فهي تقف خلف الدعم الأمريكي-الإسرائيلي الذي يهدف إلى إضعاف النفوذ الإيراني في سوريا، وتثبيت (الوضع القائم) الذي يضمن أمن إسرائيل.
الوجود الأمريكي شرق الفرات يعكس اهتمام واشنطن بالسيطرة على مناطق النفط، ودعم قوات “قسد”، وهو ما يشكل حاجزاً بوجه دمشق وحلفائها.
تركيا تغيّر تكتيكها تدريجياً بعد سنوات من دعم المعارضة المسلحة، تنفتح أنقرة تدريجياً على دمشق، بدافع من ملفات اللاجئين، وملف “قسد”.
الخليج (السعودية، الإمارات) عاد بقوة إلى دمشق، في محاولة لتقليص النفوذ الإيراني من داخل النظام نفسه، باستخدام أدوات اقتصادية ودبلوماسية (مثل إعادة سوريا للجامعة العربية).
الرهان الخليجي يقوم على “تعويم النظام مقابل تنازلات”، لكن دون ضمانات بتحقيق تغيير جذري في السياسات السورية.
إلى أين تتجه سوريا؟
السيناريو الأقرب على المدى القصير ، جمود سياسي مستمر، مع بعض الانفتاح العربي التركي التدريجي.
وتقاسم نفوذ فعلي مناطق نفوذ أميركية، إسرائيلية ،روسية، تركية، داخل الأراضي السورية.
تطبيع مشروط، لكنه بطيء ومحدود التأثير بدون إصلاحات داخلية حقيقية.
على المدى البعيد ، سوريا تتحول إلى دولة ذات سيادة شكلية، لكنها عملياً مرهونة لتوازنات إقليمية