الشرق الأوسط على صفيح ساخن والعالم يترقب: إيران ترفض التصعيد وواشنطن تتوعد
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
بغداد اليوم - بغداد
في ظل التوتر المتزايد بين إيران والولايات المتحدة، تظهر رسائل متناقضة بين تهدئة معلنة وتصعيد ميداني مستمر.
طهران، عبر وكالة "نور نيوز" المقربة من مجلس الأمن القومي الإيراني، عبرت عن عدم رغبتها في التصعيد، مؤكدة أن أي مواجهة عسكرية ستؤدي إلى نتائج كارثية على الجميع.
في المقابل، تتخذ واشنطن خطوات تصعيدية، أبرزها الضربات التي استهدفت مواقع الحوثيين في اليمن، ورسائل التحذير المباشرة إلى إيران، مما يعزز احتمالات الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة.
في ظل هذه المعادلة المعقدة، يبقى التساؤل قائمًا: هل يمكن احتواء التصعيد عبر الوساطات، أم أن الصدام أصبح خيارًا لا مفر منه؟
إيران بين خطاب التهدئة واستراتيجية الردع
رغم التأكيدات الإيرانية بعدم الرغبة في التصعيد، فإن تحركاتها الميدانية تحمل إشارات مزدوجة. المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، شدد على أن بلاده لن تخضع للضغوط الأمريكية، ولن تقدم تنازلات تحت التهديد. في السياق ذاته، أكد رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، أن واشنطن تحاول فرض معادلة قوة جديدة في المنطقة، لكن طهران مستعدة للرد على أي استفزاز.
وفي خطوة تعكس توجّهًا نحو استراتيجية الردع، أعلنت إيران رفع مستوى التأهب في منشآتها النووية، كما أجرت مناورات بحرية في مضيق هرمز، وهو شريان الطاقة العالمي الذي قد يصبح ساحة رئيسية لأي مواجهة عسكرية.
واشنطن تصعّد وترامب يهدد برد "سريع وساحق"
على الجانب الأمريكي، لم تترك واشنطن أي مجال للغموض في موقفها، إذ جاء التصعيد الأمريكي بعد الضربات التي استهدفت مواقع الحوثيين في اليمن، حيث توعّد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إيران بـرد عسكري غير مسبوق إذا استمرت في تهديد القوات الأمريكية أو حلفائها.
وقال ترامب في مؤتمر صحفي عقب الضربات: "لقد بعثنا برسالة واضحة إلى طهران: لا نبحث عن الحرب، لكننا لن نقف متفرجين إذا تعرضت قواتنا أو شركاؤنا لأي هجوم. ردّنا سيكون سريعًا وحاسمًا".
وبالتزامن مع هذا التصعيد، عززت واشنطن وجودها العسكري في المنطقة عبر إرسال حاملات طائرات ومدمرات إلى الخليج العربي، بالإضافة إلى زيادة الطلعات الجوية الاستطلاعية فوق المواقع الاستراتيجية الإيرانية.
ماذا لو اندلعت المواجهة؟ السيناريوهات المحتملة
إذا انهارت جهود احتواء الأزمة، فإن أي مواجهة مباشرة بين واشنطن وطهران ستؤدي إلى اضطرابات أمنية وسياسية واقتصادية واسعة، تمتد آثارها إلى الشرق الأوسط والعالم. ومن أبرز التداعيات المحتملة:
1. العراق.. الخط الأمامي للمواجهةنظرًا للوجود العسكري الأمريكي والنفوذ الإيراني الواسع، سيكون العراق أحد أولى الساحات التي تشهد تصعيدًا. قد تستهدف الفصائل المسلحة المدعومة من إيران القواعد الأمريكية، مما يدفع واشنطن إلى تنفيذ ضربات مباشرة داخل العراق، مما يضع البلاد في قلب المواجهة.
2. الخليج العربي.. اضطرابات في أمن الطاقةقد تلجأ إيران إلى إغلاق مضيق هرمز، مما سيؤدي إلى انهيار إمدادات النفط العالمية وارتفاع أسعاره بشكل جنوني. السعودية والإمارات والبحرين قد تجد نفسها مضطرة للرد عسكريًا، في حين تحاول دول أخرى مثل الكويت وعُمان التزام الحياد.
3. الاقتصاد العالمي.. موجة صدمات جديدةأي مواجهة عسكرية ستؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط والذهب، واضطراب الأسواق المالية، مما قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية عالمية، خاصة للدول الصناعية الكبرى مثل الصين وألمانيا واليابان.
4. روسيا.. دعم سياسي أم تورط عسكري؟موسكو قد تتبنى موقفًا داعمًا لإيران على المستوى السياسي والدبلوماسي، لكن التدخل العسكري المباشر يظل خيارًا غير مرجح. في المقابل، قد تستغل الأزمة لتزويد طهران بمنظومات دفاعية متطورة.
5. إسرائيل.. ضربات استباقية؟في حال تصاعدت المواجهة، قد تبادر إسرائيل بشن هجمات جوية على المنشآت النووية الإيرانية، في محاولة لمنع إيران من استغلال الحرب لتوسيع قدراتها النووية.
6. تركيا.. موقف مزدوج بين التوازن والمصالحأنقرة قد تتبنى موقفًا متوازنًا في العلن، لكنها قد تتحرك سرًا لدعم الطرف الذي يحقق لها مكاسب إقليمية، خاصة في سوريا والعراق.
7. الصين.. المستفيد الاقتصادي من الأزمة؟الصين قد تتجنب التدخل المباشر، لكنها قد تعزز علاقاتها التجارية مع إيران، وتستخدم الأزمة كفرصة لتقويض النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط.
هل لا تزال هناك فرصة لتجنب الصدام؟
رغم التصعيد المتبادل، لا تزال بعض الأطراف تحاول إبقاء قنوات الدبلوماسية مفتوحة. الإمارات وروسيا تلعبان دورًا نشطًا في محاولة تقريب وجهات النظر، فيما تسعى دول أوروبية مثل فرنسا وألمانيا إلى إعادة إحياء مسار التفاوض حول الاتفاق النووي، رغم معارضة واشنطن لذلك.
وفي الوقت ذاته، يدرك الطرفان أن أي مواجهة مباشرة ستكون مكلفة، مما قد يدفعهما إلى الاستمرار في لعبة حافة الهاوية دون الانزلاق إلى حرب شاملة.
وفي ظل المعادلة المعقدة، تبقى المنطقة رهينة للتطورات غير المتوقعة. وبينما تؤكد إيران رغبتها في تجنب التصعيد، فإن تحركاتها الميدانية قد تزيد من احتمالات المواجهة. في المقابل، تواصل واشنطن تصعيد الضغط العسكري والسياسي، مما يجعل مستقبل العلاقات بين الطرفين مفتوحًا على كل السيناريوهات.
فهل ستنجح الدبلوماسية في تفادي الحرب، أم أن المنطقة تقترب من مواجهة قد تعيد تشكيل توازنات القوى في الشرق الأوسط؟
المصدر: قسم الرصد والتحليل في "بغداد اليوم"
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: الشرق الأوسط أی مواجهة
إقرأ أيضاً:
سيغريد كاغ المبعوثة الأممية الخاصة في الشرق الأوسط
سيغريد كاغ دبلوماسية وسياسية هولندية، وُلدت عام 1961 في مقاطعة جنوب هولندا، حصلت على درجات علمية في دراسات الشرق الأوسط والعلاقات الدولية من جامعات مرموقة، وتجيد لغات عدة، منها العربية، بدأت مسيرتها المهنية في وزارة الخارجية الهولندية وشركة رويال داتش شل في لندن، ثم انتقلت للعمل مع الأمم المتحدة وشغلت مناصب دولية مهمة، بما في ذلك منسقة خاصة للأمم المتحدة في لبنان ومنسقة عليا للشؤون الإنسانية في قطاع غزة.
وفي 17 يناير/كانون الثاني 2025 أعلنت الأمم المتحدة تعيين كاغ مبعوثة للمنظمة الدولية في الشرق الأوسط.
المولد والنشأةوُلدت سيغريد أغنيس ماريا كاغ يوم 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1961 في مدينة رايسفايك بمقاطعة جنوب هولندا. وهي متزوجة من الدبلوماسي الفلسطيني أنيس القاق، ولهما 4 أولاد.
الدراسة والتكوين العلميتحمل كاغ البكالوريوس في دراسات الشرق الأوسط من الجامعة الأميركية في القاهرة، وكذلك الماجستير في المجال نفسه من جامعة إكستر البريطانية، وماجستير الفلسفة في العلاقات الدولية من جامعة أكسفورد. وتجيد اللغات الهولندية والألمانية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية إلى جانب اللغة العربية.
بعد دراستها الجامعية عملت كاغ في وزارة الخارجية الهولندية وشركة رويال داتش شل النفطية في العاصمة البريطانية لندن.
بدأت العمل مع الأمم المتحدة عام 1994، ومن 1998 إلى 2004، شغلت منصب رئيسة علاقات المانحين في المنظمة الدولية للهجرة، كما عملت مديرة أولى للبرامج في مكتب العلاقات الخارجية بوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وفي إطار عملها في الشرق الأوسط، كانت مسؤولة عن مناطق تشمل الأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان والأردن وسوريا.
ومن عام 2007 إلى 2010، أصبحت كاغ المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في مقرها بالأردن، ثم عُينت مساعدة الأمين العام لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي حتى 2013.
وبين أكتوبر/تشرين الأول 2013 وسبتمبر/أيلول 2015، عملت منسقة خاصة مشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وبعثة الأمم المتحدة في سوريا، حيث تولت مسؤولية الإشراف على تدمير الأسلحة الكيميائية هناك.
وفي مطلع ديسمبر/كانون الأول 2014، أصبحت كاغ المنسقة الخاصه لبعثة الأمم المتحدة في لبنان حتى 2017، ثم عادت إلى هولندا وتولت منصب وزيرة التجارة والتعاون الدولي حتى مايو/أيار 2021، وبعدها وزيرة للشؤون الخارجية إلى سبتمبر/أيلول 2021.
إعلانانتخبت كاغ زعيمة للحزب الاشتراكي الليبرالي في هولندا في سبتمبر/أيلول 2020، واستقالت من المنصب في أغسطس/آب 2023. وقد قادت حزبها إلى الفوز في الانتخابات البرلمانية في مارس/آذار 2021.
وفي يناير/كانون الثاني 2022، شغلت منصب النائبة الأولى لرئيس الوزراء مارك روته وأول وزيرة للمالية في الحكومة الهولندية، ثم استقالت بعد أن عينها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش منسقة عليا للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة في ديسمبر/كانون الأول 2023.
وبحسب الأمم المتحدة، تعمل كاغ في هذا الدور على تسهيل وتنسيق ومراقبة والتحقق من شحنات الإغاثة الإنسانية في غزة. كما تنشأ آلية تابعة للمنظمة الدولية تُعنى بتسريع إرسال الإغاثة إلى القطاع عبر الدول التي ليست طرفا في الصراع.
وقد واجه تعيينها استنكارا إسرائيليا، إذ قال المتحدث باسم حكومة الاحتلال الإسرائيلي إيلون ليفي إن بلاده لن تتعاون مع مسؤولي الأمم المتحدة الذين "يدعمون دعاية حماس".
وبعد الإعلان، سارعت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى تسليط الضوء على الدبلوماسية الهولندية وعلى زواجها من فلسطيني في محاولة لإثارة الشكوك حول حيادها.
وفي 17 يناير/كانون الثاني 2025، أعلنت الأمم المتحدة تعيينها مبعوثة للمنظمة الدولية في الشرق الأوسط، وقال فرحان حق، نائب المتحدث باسم المنظمة، إن كاغ ستواصل أيضا دورها كبيرة لمنسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة.
وقد دعت كاغ مرارا إلى اتخاذ إجراءات فورية لوقف العنف في قطاع غزة وتوصيل المساعدات وتفعيل حل الدولتين، محذرة من أن سكان القطاع يتعرضون للتجويع ويحرمون من الاحتياجات الأساسية للحياة اليومية، في حين تقف المنطقة عند مفترق طرق خطير.
وأكدت أن المدنيين يتعرضون باستمرار لإطلاق النار ويعيشون في مناطق تزداد ضيقا يوما بعد يوم، ويحرمون من الإغاثة المنقذة للحياة. ودعت إسرائيل إلى وقف ضرباتها المدمرة للحياة المدنية والبنية التحتية.