بحسب المفوضية عشرات المدنيين، من بينهم متطوعون محليون في المجال الإنساني، قُتِلوا جراء القصف المدفعي والغارات الجوية من قِبَل القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.

الخرطوم: التغيير

قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إنها تلقت تقارير مقلقة حول تصاعد العنف ضد المدنيين في الخرطوم وسط أعمال عدائية مكثفة مستمرة.

وفي بيان صدر اليوم الخميس، قال المتحدث باسم المفوضية سيف ماغانغو، إن عشرات المدنيين، من بينهم متطوعون محليون في المجال الإنساني، قُتِلوا جراء القصف المدفعي والغارات الجوية من قِبَل القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في شرق الخرطوم وشمال أم درمان منذ 12 مارس.

وأضاف أن تقارير موثوقة تشير إلى أن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها داهمت منازل في شرق الخرطوم، ونفذت عمليات قتل بإجراءات موجزة واعتقالات تعسفية ونهبت إمدادات غذائية وطبية من مطابخ مجتمعية وعيادات.

وقال إن مكتب حقوق الإنسان تلقى مزاعم مثيرة للقلق حول وقوع عنف جنسي في حي الجريف غرب.

وأشار كذلك إلى تقارير أفادت بأن القوات المسلحة السودانية ومقاتلين تابعين لها انخرطوا في أعمال نهب وأنشطة إجرامية أُخرى في المناطق الخاضعة لسيطرتهم في الخرطوم بحري وشرق النيل. وأضاف أن الاعتقالات التعسفية تستمر على نطاق واسع في شرق النيل.

ودعا ماغانغو مجددا كلا الطرفين – وجميع الدول التي لها تأثير عليهما – إلى اتخاذ خطوات ملموسة لضمان الحماية الفعالة للمدنيين، ووضع حد لاستمرار غياب القانون ​​والإفلات من العقاب.

الوسومآثار الحرب في السودان الأمم المتحدة انتهاكات الجيش والدعم السريع مفوضية حقوق الإنسان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان الأمم المتحدة انتهاكات الجيش والدعم السريع مفوضية حقوق الإنسان

إقرأ أيضاً:

القصة برواية “قحت” عن المليشيا

صباح السبت، منتصف أبريل 2023، وبعد ليل رمضاني طويل، نهض سكان ولاية الخرطوم على أصوات الأسلحة تؤز آذانهم، أغلبهم لم يكن قد سمع من قبل أصوات الراجمات والمدافع الثنائية والطائرات الحربية. أداروا مؤشرات راديو أم درمان لمعرفة مايحدث، فوجدوه صامتاً، والتمسوا معرفة ما يحدث عبر تلفزيون السودان، فوجدوه بلا إرسال، فطفقوا يديرون أجهزة الرموت كنترول بحثاً عن أخبار بلادهم في القنوات الفضائية، فعثروا على “الخبر”.. إنها الحرب، التي طالما تمنوا عدم حدوثها، تندلع بقوة فوق رؤسهم، لا بل في طول البلاد وعرضها، فحاميات الجيش السوداني في ولاية الخرطوم، وفي كل مدن وعواصم الولايات تتعرض لهجوم كثيف متزامن بواسطة “شركائهم” في “قوات الدعم السريع” بغية السيطرة عليها !!

بالتوازي مع الهجوم العسكري المباشر، والمحاولات المستميتة للسيطرة على القيادة العامة للقوات المسلحة، وعلى مقارالأسلحة الرئيسية في المدرعات والذخيرة والإشارة و وادي سيدنا، وغيرها، كانت تدور “معركة” أخرى لم يقف الناس على كثير من تفاصيلها حتى الآن، وهي ما نحاول أن نقص قصتها هنا باقتضاب شديد، برواية “أبطالها” الحقيقيين !!

وأنت تمسح النوم من عينيك، يطرق بابك طارق، وأحياناً يدخل بلا استئذان، ويسأل مباشرة: أين فلان؟ ثم لا ينتظر إجابة، يدخل مباشرة إلى الغرف شاهراً سلاحه وطالباً من رب الأسرة أو ابنها أن يرمى ما في يديه من متعلقات ويرفعهما إلى الأعلى ويصعد إلى ظهر البوكس أو اللاندكروزر الذي يقف بجانب باب منزله، ثم يترك بقية أفراد الأسرة في حيرة من أمرهم، وإن أبديت أي نوع من الاحتجاج أو المقاومة، فأنت إما أن تتعرض للضرب والتنكيل ويُقذف بك على ظهر السيارة كما الخراف، أو أن تترك مضرجاً في دمائك أمام أطفالك !!

ليس هذا هو النمط السائد في سلوك أحد “طرفي النزاع” خلال الساعات الأولى من اندلاع الحرب، بل هو النمط الذي ساد لعام كامل أو يزيد من “أحد الطرفين” .. لا يهم أن تكون من “الكيزان” أو “الفلول” ، لكي يحدث لك ما حدث، يكفي أن تكون قد خدمت يوماً ما في أي من الأجهزة النظامية من جيش أو شرطة أو أمن، أو أن تكون محتفظاً في بيتك بصورة للفريق إبراهيم عبود أو للمشير جعفر نميري أو سوار الذهب أو عمر البشير، أو لأي من رموز عائلتك ممن خدموا في الجيش أو الشرطة أو حتى في شرطة “الدفاع المدني”، فأنت حينها مصنف ضمن منسوبي “دولة 56” وتستحق أن تُساق إلى معسكرات الاحتجاز الجماعي، مختفياً قسرياً، ولا يعلم أحد من أسرتك عنك شيئاً، ولا المنظمات أو النقابات “الوطنية” ولا الدولية التي تقول إنها تدافع عن حقوق الإنسان !!

كل الذين تم اقتيادهم من بيوتهم – وقد بلغت أعداهم الآلاف – ليسوا طرفاً في الحرب التي اندلعت بسبب فشل محاولة أخذ السلطة عنوة، وفرض الاتفاق الإطاري بالقوة الجبرية، لكنهم أصبحوا – بقدرة قادر – أحد “طرفي” النزاع وفق المنطق الذي سعى لتسويقه مناصرو الإتفاق الإطاري، ونفذته المليشيا من أول يوم، والمنطق الذي ظلوا يحاولون به تبرير حشر الآلاف الأبرياء في تلك المعتقلات السرية هو أن هؤلاء “من المحتمل” أن يكون لهم دور في حشد الجهود الشعبية لمقاومة فرض الإتفاق الإطاري بالقوة.

هناك، في تلك المخابئ التي انتشرت في ولاية الخرطوم، وفي عدد من مدن السودان الأخرى، فملأت معسكرات هيئة العمليات التي كانت قد آلت إلى “الدعم السريع” ، وعدداً من المباني في أحياء الخرطوم الراقية، وعدداً من المدارس، تم اقتياد الآلاف من السودانيين واحتجازهم، وتعرضوا لأسوأ أنواع المعاملة بواسطة القوى التي تقول إنها تريد أن تجلب لهم الديمقراطية وترفع عن كاهلهم ميراث التهميش، فبقوا الشهر وراء الشهر والعام وراء العام، بلا علاج ولا زاد وحرموا حتى الماء الذي يشربون، يتعرضون للاستجواب والسباب ولكن لا أمل لهم في محاكمات، حتى لو كانت عرفية.

لم تتبن جهة حقوقية أو نقابية، محلية أو دولية، قضيتهم وتسير بها بين الركبان، ولا حتى بالقدر الذي سبق وأن لقيته قضايا تتعلق بملابس النساء، وظل ما يصل إلى الرأي العام من قصصهم، هو ما يتم من مساومات مع ذويهم لإطلاق سراحهم، فيكتب الله عمراً جديداً، لمن يكون قد تم اختطافه واحتجازه بمظنة الابتزاز، أما إن كان السبب هو أنك “متهم” بكونك يمكن أن تكون “جاسوساً” يعمل لصالح الجيش، فأنت ستكون في غيابة الجب!!

في سجن سوبا أو “سجون” الرياض والطائف وصالحة وفي ود مدني ورفاعة ، وفي غيرها من المدن التي دخلتها المليشيا، لقي الآلاف من السودانيين ربهم، بسبب الجوع والعطش والمرض والإهمال المتعمد ، وبسبب القهر، فأحيلوا إلى مقابر جماعية، أو تُركوا لتأكلهم الهوام، ولم يُبلغ ذووهم بذلك، وحينما أكملت القوات المسلحة والقوات المساندة لها السيطرة على محليات الخرطوم، بدأ حجم المأساة يتكشف.

حين دخلت القوات المسلحة إلى حامية جبل أولياء، شاهدنا عبر وسائل الإعلام، هياكل عظمية يكسوها جلد بشر، وعرفنا ممن أمكنه الحديث منهم، أن هؤلاء ممن كانوا في “سجون الدعم السريع”، وأن رفاقاً لهم لقوا ربهم، على النحو الذي أشرنا إليه، وحين تمت استعادة منطقة صالحة في أم درمان، تبين أن أكثر من ستمائة ممن اختطفوا وجرى احتجازهم كانوا هناك، لكن لم ينج منهم إلا السدس، فقد لقي المئات ربهم بسبب حرب لم يكونوا طرفاً فيها !!

تتكشف كل يوم الجرائم التي ظلت تُرتكب بواسطة مليشيا الدعم السريع، من خطف وإخفاء قسري، وتعذيب وقتل واغتصاب، للآلاف من المدنيين، وحين نتايع السرديات والمنطق الذي جرى ويجري تسويقه لتفسير تلك الجرائم، نجده في الأصل “منطق قحتي” يجري على ألسنة المتحدثين باسم الدعم السريع وباسم القوى السياسية التي أغوتهم وزينت لهم مشروع الانقضاض على السلطة، وهو منطق مؤداه أن عشرات الآلاف من السودانيين، الذين سيقوا إلى معسكرات الاحتجاز الجماعي، لا يستحقون الحياة، دعك أن يستحقوا “الديمقراطية والحكم المدني”، وهم – شاءوا أم أبوا – أحد “طرفي” النزاع !!

العبيد أحمد مروح

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • شبكة أطباء السودان: 179 قتيلاً جراء قصف الدعم السريع على الفاشر في مايو
  • برنامج الأغذية العالمي: نحتاج إلى 500 مليون دولار في السودان لتقديم مساعدات طارئة
  • لجنة أممية: إسرائيل ارتكبت جريمة إبادة باستهداف المدنيين في مدارس غزة
  • غرفة طوارئ معسكر أبو شوك بمدينة الفاشر: ظروف إنسانية صعبة وتحديات أمنية جراء القصف المدفعي المستمر من قبل الدعم السريع
  • القصة برواية “قحت” عن المليشيا
  • السلطات الصحية السودانية تبدأ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا
  • تفعيل الإعدام بروسيا بين الضرورات الأمنية واعتبارات حقوق الإنسان
  • المرصد السوري لحقوق الإنسان يوثق مقتل 7670 شخصاً منذ سيطرة فصائل الجولاني
  • تصاعد المعارك بين الجيش و الدعم السريع في دارفور وكردفان
  • الداخلية السودانية.. الهدوء الأحوال في اليوم الأول