نصية: معالجة الهجرة غير الشرعية تتطلب رفض كل أشكال التوطين والتمسك بتشريعاتنا
تاريخ النشر: 21st, March 2025 GMT
قال عضو مجلس النواب عبدالسلام نصية، إن ليبيا كغيرها من دول شمال أفريقيا، تشهد تناميًا ملحوظًا في ظاهرةِ الهجرةِ غير الشرعية، والتي أصبحَتْ تشكلُ تحديًا كبيرًا على المستوياتِ المحليةِ والإقليميةِ والدوليةِ.
وأكد نصية، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أن هذهِ الظاهرةُ لا تقتصرُ على كونِها حركةً بشريةً بحثًا عن حياةٍ أفضلَ، بل تحملُ في طياتِها أبعادًا سياسيةً واقتصاديةً واجتماعيةً عميقةً، بالإضافةِ إلى ارتفاعِ وتيرةِ خطابِ الكراهيةِ الذي يزيدُ من تعقيدِ الأزمةِ.
ونوه بأن الهجرة غير الشرعية تُستخدمُ في كثيرٍ من الأحيانِ كورقةِ ضغطٍ سياسيةٍ من قبلِ بعضِ دولِ الاتحادِ الأوروبيِّ أو دولِ شمالِ أفريقيا لتحقيقِ أهدافٍ مُعينةٍ. ففي بعضِ الأحيانِ، يتمُّ توظيفُ هذهِ الظاهرةِ للضغطِ على الدولِ الأخرى لقبولِ شروطٍ سياسيةٍ أو اقتصاديةٍ محددةٍ.
وفأد بأنَّ هناكَ مَن ينظرُ إلى الهجرةِ غير الشرعية كأداةٍ للتغييرِ الديموغرافيِّ في دولِ شمالِ أفريقيا العربيةِ الإسلاميةِ، حيثُ يتمُّ تشجيعُ تدفقِ المهاجرينَ لتحقيقِ أهدافٍ إقليميةٍ أو تنفيذِ مخططاتٍ تَخدمُ مصالحَ قوى إقليميةٍ ودوليةٍ.
وتابع:” هذا البُعدُ السياسيُّ يجعلُ من الهجرةِ غير الشرعية قضيةً معقدةً تتطلبُ معالجةً شاملةً تعتمدُ على الحوارِ والتعاونِ الدوليِّ”.
وأشار إلى أن الهجرةُ غير الشرعية من الناحيةِ الاقتصاديةِ، تعد نتاجًا لغيابِ التنميةِ في دولِ المصدرِ، حيثُ تعاني هذهِ الدولُ من الفقرِ والبطالةِ وعدمِ توفُّرِ الفرصِ الاقتصاديةِ. في المقابلِ، تَستفيدُ بعضُ الدولِ الأوروبيةِ من هذهِ الظاهرةِ عن طريقِ استغلالِ المواردِ البشريةِ الرخيصةِ التي توفرُها الهجرةُ غير الشرعية، مما يعززُ عدمَ التوازنِ الاقتصاديِّ بينَ الشمالِ والجنوبِ”.
وأكد أنَّ المسؤوليةَ تقعُ على المجتمعِ الدوليِّ لتنفيذِ مشاريعَ تنميةٍ حقيقيةٍ في دولِ المصدرِ، ومكافحةِ الفسادِ الذي يُعيقُ تقدُّمَها، بدونِ معالجةِ الأسبابِ الجذريةِ للهجرةِ، ستستمرُّ هذهِ الظاهرةُ في التفاقمِ، مما يزيدُ من الأزماتِ الإنسانيةِ والاقتصاديةِ.
ولفت إلى أن الهجرةُ من الناحية الاجتماعية ظاهرةٍ حضاريةٍ وإنسانيةٍ، من المهمِّ أنْ ننظرَ إلى الهجرةِ أيضًا كظاهرةٍ حضاريةٍ وإنسانيةٍ، حيثُ يسعى الأفرادُ إلى تحسينِ ظروفِهم المعيشيةِ والفرصِ المتاحةِ لهمْ. ومع ذلكَ، فإنَّ ارتفاعَ وتيرةِ خطابِ الكراهيةِ تجاهَ المهاجرينَ في ليبيا وفي دولٍ أخرى يُعَمِّقُ الأزمةَ، حيثُ يتمُّ تصويرُ المهاجرينَ كمصدرٍ للتهديدِ بدلًا من اعتبارِهم ضحايا لظروفٍ صعبةٍ.
وأوضح أن الخطابُ السلبيُّ لا يزيدُ من معاناةِ المهاجرينَ فحسبُ، بل يُعيقُ أيضًا الجهودَ المبذولةَ لإيجادِ حلولٍ إنسانيةٍ وعادلةٍ لهذهِ الظاهرةِ. لذلكَ، يجبُ تعزيزُ القيمِ الانسانية، والعملُ على توعيةِ المجتمعاتِ بأهميةِ التعاملِ الإنسانيِّ معَ المهاجرينَ.
وشدد على أن معالجةَ ظاهرةِ الهجرةِ غير الشرعية تتطلبُ مقاربةً شاملةً تعالجُ الأبعادَ السياسيةَ والاقتصاديةَ والاجتماعيةَ. مِنَ الضروريِّ أنْ تعملَ دولُ المصدرِ والمقصدِ معًا لتحقيقِ التنميةِ المستدامةِ، ومكافحةِ الفسادِ، وتعزيزِ الحوارِ الدوليِّ، كما يجبُ العملُ على تغييرِ الخطابِ السلبيِّ تجاهَ المهاجرينَ، واعتبارِ الهجرةِ ظاهرةً إنسانيةً تحتاجُ إلى حلولٍ إنسانيةٍ.
أما على المستوى المحليِّ، قال إنَّ معالجةَ ظاهرةِ الهجرةِ غير الشرعية تتطلبُ ضرورةَ رفضِ كلِّ أشكالِ التوطينِ والتمسكِ بالتشريعاتِ الليبيةِ، وأنَّ الحدَّ مِنَ الهجرةِ غير الشرعية يجبُ أنْ يكونَ على حدودِ دولِ المصدرِ، وأنَّ نجاحَ ذلكَ يتطلبُ المساعدةَ على استقرارِ ليبيا. كما تتطلبُ اتخاذَ عددٍ مِنَ التدابيرِ السياسيةِ والتنفيذيةِ والتشريعيةِ والاجتماعيةِ الثقافيةِ؛ لضمانِ مواجهةِ هذهِ الأزمةِ بشكلٍ فعالٍ وشاملٍ.
ومن أبرزِ هذهِ التدابيرِ:
واستطرد:” يجبُ أنْ يكونَ ملفُّ الهجرةِ غير الشرعية ضمنَ أولوياتِ الأمنِ القوميِّ الليبيِّ، وأنْ يَسمو على كلِّ الخلافاتِ بينَ الأطرافِ الليبيةِ. تحقيقُ التوافقِ السياسيِّ والتعاونِ بينَ كلِّ الفرقاءِ أمرٌ ضروريٌّ لإدارةِ هذا الملفِّ بشكلٍ ناجحٍ” .
وأضاف نصية أن ملف الهجرة يتطلب إعادةَ هيكلةِ الأجهزةِ المسؤولةِ عن معالجةِ ملفِّ الهجرةِ، وتعزيزَ قدراتِها الفنيةِ والإداريةِ، وتوفيرَ المواردِ اللازمةِ لتنفيذِ مهامِّها بكفاءةٍ بعيدا عن فوضى النهب والفساد والارتزاق، وان يكون هدفها هو حماية الامن القومي الليبي.
وشدد على ضرورة إعادةُ تنظيمِ وتنسيقِ التعاملِ معَ المنظماتِ الدوليةِ العاملةِ في هذا المجالِ؛ لضمانِ تحقيقِ أقصى استفادةٍ مِنَ الدعمِ الفنيِّ والماليِّ الذي تقدمُه، معَ الحفاظِ على السيادةِ الوطنيةِ.
ونوه بأن الأمر يتطلب تعزيز التشريعاتِ الليبيةِ ذاتِ الصلةِ بمكافحة الهجرة غير الشرعية والتوطين، وسدَّ النقصِ فيها، ووضعَ قوانينَ جديدةٍ تعززُ مِنْ قدرةِ الدولةِ على إدارةِ هذا الملفِّ بشكلٍ فعال بما يضمن الامن القومي الليبي والمحافظة على نسيجة الاجتماعي وهويته.
وتمسك بضرورة العملُ على نشرِ الوعيِ المجتمعيِّ حولَ مخاطرِ الهجرةِ غير الشرعة والتوطينِ وأبعادِهما الإنسانيةِ والسياسيةِ والاقتصاديةِ والاجتماعيةِ، مِنْ خلالِ الحملاتِ الإعلاميةِ والثقافيةِ التي تعززُ القيمَ الإنسانيةَ، وتوضحُ الآثارَ السلبيةَ لخطابِ الكراهيةِ.
وأكد نصية، أنَّ المسؤوليةَ تقعُ على الجميعِ: الحكوماتِ، المنظماتِ الدوليةِ، والمجتمعاتِ المحليةِ. فقطَ مِنْ خلالِ التعاونِ والتفاهمِ يمكنُنا معالجةُ هذهِ الظاهرةِ المعقدةِ وبناءُ مستقبلٍ أفضلَ للجميعِ”.
المصدر: صحيفة الساعة 24
كلمات دلالية: غیر الشرعیة ت ن الهجرة فی دول
إقرأ أيضاً:
انهيار اقتصادي وشيك في اليمن بعد فشل سياسات العليمي ... وحلفاء الشرعية يتفرجون
لا يوجد دليلٌ واحدٌ على أن السلطة الشرعية في اليمن وحلفاءها الإقليميين؛ اتخذوا خطوات عملية تتمتع بالاستقلالية باتجاه الاستفادة المفترضة من التحولات الجوهرية التي شهدها ويشهدها اليمن والمنطقة، وهو أمر لن يتحقق إلا عبر إجراءات لا تحتمل أقل من الجاهزية الكاملة والصلاحيات السيادية غير المنقوصة، للتعاطي الخشن مع استحقاق إنهاء الحرب في اليمن، وتجاوز السقف الحالي المنخفض جدا والغارق في تعقيدات الوضع الاقتصادي والنقدي.
خلال تواجد الرئيس رشاد العليمي في فترة تعتبر طويلة نسبيا رغم قصرها في عدن، تبنّى بشكل لافت قضية الخلية الأمنية التي كُشف عنها مؤخرا وقيل إنها بقيادة العميد أمجد خالد، القائد السابق للواء النقل الرئاسي في عدن، الذي يتواجد مناطق سيطرة الحوثيين. ومن التهم الموجهة للخلية، اغتيال أحد موظفي برنامج الأغذية العالمي في مدينة التربة بمحافظة تعز ومحاولة اغتيال محافظ عدن، والعمل مع عناصر من تنظيمي القاعدة وداعش لتنفيذ عمليات تخريبية مستقبلية، وهو أمر يشير للتعاون المفترض بين جماعة الحوثي وهذين التنظيمين.
إن حرص الرئيس رشاد العليمي على التعاطي مع هذه القضية باعتبارها إنجازا كبيرا، ونقطة تحول، وأساسا لبناء سردية جديدة فيما يخص الأزمة والحرب، يكشف بالتأكيد أن السلطة الشرعية لا تزال مشدودة إلى أولويات القوى الخارجية التي لا علاقة لها بالتحديات الحقيقية المسؤولة عن استمرار الحرب، وتصر على النظر إلى المشهد اليمني من زاوية التهديد الإرهابي، أملا في إعادة توجيه الأنظار إلى الحوثيين من هذه الزاوية تحديدا، رغم أنهم خرجوا للتو من أتون الضربات العسكرية الأمريكية المميتة، ورغم أن واشنطن صنفت الحوثيين "منظمة إرهابية أجنبية".
ما من دليل ذي قيمة يمكن أن تضيفه سردية الرئيس وحكومته بشأن تورط الحوثيين في دعم الإرهاب، في وقت يتعين عليهما التركيز على التحولات المجانية في الموقف الأمريكي وعلى الإجراءات العقابية التي اتخذتها واشنطن بحق الحوثيين، والحرص على أولوية فرض إرادة السلطة الشرعية ونفوذها السياسي والعسكري والاقتصادي والمالي.
ثمة عجز غير مبرر للسلطة الشرعية تجاه واجباتها الشاملة، وهو عجز يتجلى في أسوأ مظاهره في عدم وحدة القوى العسكرية وخضوعها لسلطة عسكرية مركزية هي سلطة وزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة، بالنظر إلى ما تمثله القوة العسكرية المركزية ذات العقيدة الوطنية الموحدة والقوام البشري المنسجم من أهمية في تعزيز قدرة الدولة على إنفاذ واجباتها وفرض نفوذها، وصد التحديات والتهديدات من أي طرف كان.
يتحمل حلفاءُ السلطة الشرعية المسؤولية المباشرة عن هذا العجز، وتتحمل معظم القوى الدولية ذات النفوذ في مجلس الأمن الدولي، جزءا من المسؤولية، بالنظر إلى تواطؤ هذه القوى لتمرير الانقلاب وشرعنته وتعزيز مناعته، والعمل الممنهج لتهشيم الإمكانيات التي توفرت لدى السلطة الشرعية منذ شرع اليمنيون في بناء دولتهم ضمن عملية انتقالية تورطت هذه القوى في إجهاضها.
لذا، يمكن فهم لماذا تنحسر الأولويات لدى مجلس القيادة الرئاسي، إلى مجرد الإبقاء على قدرته وقدرة الحكومة على "دفع المرتبات، وتأمين السلع والخدمات الأساسية، وتحسين وضع العملة الوطنية، وتعزيز فرص التعافي الاقتصادي" بحسب تصريح لمصدر مسؤول في رئاسة الجمهورية.
إنه مؤشر واضح على تراخي الداعمين الإقليميين وعدم استعجالهم في إنهاء الحرب والكوارث الناجمة عنها في اليمن، وعن تخليهم عن تعزيز قدرة السلطة الشرعية العسكرية والأمنية والاقتصادية على فرض نفوذها وتعزيز تماسكها الداخلي، ورفع جهوزيتها للتعامل مع التحدي الرئيس المتمثل في إنهاء الانقلاب.
هناك تكهنات بشأن دوافع زيارة الرئيس الدكتور رشاد العليمي الحالية إلى العاصمة السعودية، لكن الحقيقة هي أن هذه الزيارة لن تفضي إلى فرض سلطة جديدة، ولن تخرج عن دائرة الرغبة الملحة من جانب الرئيس في الحصول على الدعم من أكبر اقتصاد في المنطقة، وهو الاقتصاد السعودي، لمنع سقوط الدولة اقتصاديا إلى أتون الفوضى العارمة، وهو أمر وشيك الحدوث إذا لم تُلبّ السعودية مطالب الرئيس، وإذا لم يكن من بين ما يمكن بحثه مع الجانب السعودي مساعدة الشرعية عمليا على استعادة مواردها السيادية وفي مقدمتها النفط والغاز وتمكينها من تصديرهما للحصول على العملة الصعبة، واستدامة قدرة السلطة الشرعية على الإيفاء بالتزاماتها الحتمية تجاه الشعب اليمني.
لطالما سارعت السعودية للقيام بـ"إجراءات إسعافية" تتمثل في "الودائع النقدية" التي لا يمكن تقدير طبيعتها، ولا تبعاتها القانونية: هل هي قروض أم هبات. لكن من الواضح أن هذه الودائع هي التي تُبقي الحكومةَ الشرعيةَ واقفة على قدميها، دون أن تنجح للأسف في تحقيق الاستجابة الضرورية للاحتياجات الاقتصادية والنقدية، وفي المقدمة الاستمرار في صرف المرتبات ذات القيمة المتدنية أصلا، ووقف تدهور سعر الريال، الذي خلَّف تداعيات خطيرة في مقدمتها التضخم وانهيار القدرة المجتمعية على الشراء واتساع نطاق الفقراء والمعدمين الواقعين دون خط الأمن الغذائي.
وأخيرا، سيبقى اليمن ضمن هذه الدائرة المفرغة والمفزعة، ما لم يتم سلوك مسار واضح للإنقاذ الاقتصادي، بالتزامن مع تعزيز القدرة العسكرية للسلطة الشرعية على مواجهة الانقلابيين وتفادي تحدي التشظي الراهن في بنية السلطة الشرعية بسبب المشروع الانفصالي الذي سكن في قلبها برعاية كاملة من الداعمين الإقليميين.