دخلت الضربات الأميركية في اليمن مرحلة جديدة مع تصاعد التصريحات والعمليات العسكرية الأميركية، إذ هدَّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب جماعة الحوثي بـ"الإبادة التامة"، بالتزامن مع تكثيف الغارات الجوية على مواقعهم.

 

ورغم التصعيد العسكري وحدّة لهجة ترامب، بدت تصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أكثر هدوءاً، فأكد أن الضربات ستستمر حتى يفقد الحوثيون القدرة على تهديد الملاحة الدولية.

لكن روبيو أوضح أن هذه العمليات "ليست آنية"، بل ممتدة بشكل يومي حتى تحقيق أهدافها.

 

امتصاص القصف

 

يرى المحلل السياسي اليمني عبدالرقيب الهدياني، في حديث إلى "النهار"، أن الضربات الجوية الأميركية، مهما بلغت قوتها، لن تكون كافية لتغيير الواقع العسكري ما لم يتم التحرك ميدانياً.

 

ويضيف أن "الجماعة الحوثية لديها القدرة على امتصاص القصف واستيعابه، ثم الاستمرار في تهديد الملاحة الدولية وتنفيذ أجندتها الإقليمية المرتبطة بإيران. كما أن الضربات التي تستهدف مخازن السلاح والقيادات لن تؤدي إلى انهيار الحوثيين".

 

ويشير الهدياني إلى أن "الحوثيين نجحوا في بناء منظومة تصنيع عسكري محلية، عبر ورش سرية في كهوف وأنفاق محصنة بجبال صعدة. إضافة إلى ذلك، لا تزال قنوات التهريب تمدهم بالسلاح والصواريخ اللازمة لمواصلة القتال".

 

"معركة مع الجيش اليمني"

 

ويعتقد الهدياني أن الحل الوحيد "لكسر شوكة الحوثيين" هو التحرك العسكري البري عبر تشكيلات الجيش اليمني لاستعادة السيطرة على الأرض، مشيراً إلى وجود "مؤشرات حقيقية تفيد بوجود تحضيرات جادة لحرب برية وشيكة". ويتابع: "التطورات العسكرية والمواقف الصادرة عن مسؤولين يمنيين تؤكد أن الحوثيين في وضع أضعف مما كانوا عليه، خاصة مع تقلص النفوذ الإيراني في المنطقة".

 

ويلفت إلى أن تراجع دور إيران في سوريا ولبنان "أثّر على دعمها للحوثيين"، كما أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على الجماعة، إلى جانب الضربات الجوية الأميركية والغارات التي ينفذها التحالف الدولي لحماية الملاحة البحرية، زادت من الضغوط عليهم، مضيفاً أن "كل هذه العوامل تعزز الاعتقاد بأن المواجهة البرية قد تكون مقبلة".

 

عقبات أمام التدخل البري

 

من جانبه، يرى الصحافي ماجد الداعري، في حديث إلى "النهار"، أن "خيار المعركة البرية مطروح، لكنه يواجه تحديات كبيرة تحول دون تنفيذه في الوقت الراهن".

 

ويقول إن "غياب الدعم الأميركي والبريطاني، وضرورة الحصول على موافقة سعودية، يجعل من الصعب تنفيذ أي تحرك عسكري على الأرض. كما أن تصريحات وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث توضح أن واشنطن ليست معنية بخوض حرب برية في اليمن، إذ تقتصر استراتيجيتها الحالية على حماية الملاحة الدولية وتدمير القدرات العسكرية للحوثيين عبر الضربات الجوية".

 

ويتابع: "السعودية لا تبدو مستعدة للسماح بعملية برية حالياً، وهي تفضّل التركيز على استكمال تفاهماتها مع الحوثيين وتقليل التوترات. ويأتي ذلك في إطار رؤية 2030، التي تهدف إلى تصفير الأزمات الإقليمية والانشغال بالمشاريع التنموية".

 

ويرى الداعري أن "هذا الحرص السعودي على تجنب المواجهة المباشرة مع الحوثيين، إلى جانب عدم وجود دعم أميركي واضح لمعركة برية، يجعل من المستبعد تنفيذ مثل هذا الخيار في المستقبل القريب".

 

انشقاقات داخل الحوثيين؟

 

ويستبعد الداعري حدوث انشقاقات داخل جماعة الحوثي "بسبب الطبيعة العقائدية للجماعة، إلى جانب القبضة الأمنية المشددة التي تمنع أي قيادات أو عناصر ميدانية من الانشقاق".

 

كما أن غياب نموذج مشجع لدى الحكومة الشرعية، وعدم توفر بيئة آمنة للمنشقين، يجعل فرص حدوث انشقاقات كبيرة "شبه معدومة". ويشير الصحافي اليمني إلى أن "الجماعة الحوثية تعتمد على الولاء الأيديولوجي، وأي محاولة للانشقاق تواجه بعواقب وخيمة تمنع حدوثها بشكل واسع".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن الحكومة الحوثي الغارات الامريكية کما أن

إقرأ أيضاً:

ماذا يعني إعلان الحوثيين مرحلة جديدة من التصعيد ضد إسرائيل؟

صنعاء- في تطور عسكري جديد، أعلنت جماعة أنصار الله (الحوثي)، الأحد الماضي، تصعيد عملياتها العسكرية على إسرائيل، وذلك بإطلاقها "المرحلة الرابعة من الحصار على العدو الإسرائيلي".

وقال المتحدث العسكري باسم أنصار الله يحيى سريع، إن "المرحلة الرابعة" التي أطلقتها الجماعة تشمل "استهداف جميع السفن التابعة لأي شركة تتعامل مع موانئ العدو، وبأي مكان يمكن الوصول إليه". وأضاف أن الشركات التي تتجاهل التحذيرات ستتعرض سفنها للهجوم بغض النظر عن وجهتها أو جنسيتها.

من جهته، شدد قائد قوات الدفاع الساحلي التابعة للحوثيين محمد القادري، في تصريح نشره، أمس الثلاثاء، موقع "26 سبتمبر" الناطق باسم وزارة دفاع الجماعة، على أن "المرحلة الرابعة" من التصعيد "سيكون فيها من المفاجآت الكبيرة ما يردع إسرائيل وأميركا".

"مرحلة حادّة"

وتُطرح تساؤلات عن مدى تأثيرات التصعيد الحوثي الجديد على إسرائيل وحركة الملاحة في البحر الأحمر، وارتداد ذلك على الوضع في اليمن.

كما تُثار مخاوف من انعكاس ذلك على حالة التهدئة بين أميركا وجماعة أنصار الله اليمنية المستمرة منذ مايو/أيار الماضي حينما أعلن اتفاق لوقف هجمات الجماعة على السفن الأميركية في البحر الأحمر مقابل وقف غارات واشنطن على اليمن.

وتعليقًا على هذه التطورات، يرى رئيس تحرير موقع "المسيرة نت" الناطق باسم أنصار الله، أحمد داود، أن القوات المسلحة اليمنية في صنعاء تعمل على فرض الحصار على الملاحة الإسرائيلية بمنع مرور السفن إلى ميناء إيلات جنوب فلسطين المحتلة، وعلى مدى الأشهر الماضية كانت العمليات تتم وفق خطوات متدرجة، حتى وصلت إلى ذروتها مع نهاية "المرحلة الثالثة، وذلك بإغراق سفينتي "ماجيك سيز" و"إترنيتي سي".

وأضاف داود للجزيرة نت، أن إعلان انطلاق المرحلة الرابعة من التصعيد يأتي بلهجة أكثر حدة من ذي قبل، وبعد رصد معلوماتي دقيق عن الشركات التي تتعامل مع إسرائيل، بما فيها عربية وإسلامية.

الحوثيون شنوا مئات الهجمات على أهداف إسرائيلية باستخدام المسيّرات والصواريخ (الأوروبية)

واعتبر أن أنصار الله يعلنون بهذه المرحلة عدم التغاضي والدخول في دائرة الاستهداف الذي لا يستبعد أن تكون شركات ذات صلة بدول عربية أو إسلامية مثل تركيا ومصر فيها. ونبَّه إلى أن هذه المرحلة لا استثناء فيها لأحد، بما فيها السفن الأميركية وغيرها مهما كانت جنسيتها.

إعلان

ولفت إلى أن الرسالة التي وصلت إلى معظم الشركات العالمية التي تتعامل مع إسرائيل، أنها ستجد نفسها مستهدفة إذا عبرت من مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وهنا تصبح هذه الشركات أمام خيارين:

الأول: الاستمرار في التعامل مع ميناء حيفا، وهذا سيعرض سفنها في البحر الأحمر للإغراق. الثاني: التوقف عن الإبحار صوب حيفا، وهنا يكون اليمن قد نجح بفرض حصار بحري على أشهر الموانئ الصهيونية.

وعن أسباب هذه الهجمات ومستقبلها، أردف داود "كل هذه العمليات تأتي في إطار محاولة أنصار الله فك الحصار الصهيوني على قطاع غزة، ولهذا فإنهم يؤكدون مرارا وتكرارا أن العمليات ستتوقف عندما يتوقف العدوان والحصار الإسرائيلي على غزة".

إحداث التأثير

ومنذ بدء العمليات المناصرة لغزة في أكتوبر/تشرين أول 2023، نفَّذ الحوثيون هجمات باستخدام 1679 ما بين صواريخ وطائرات مسيّرة وزوارق حربية، نقلًا عن كلمة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، مساء الخميس الماضي.

وفي إطار التصعيد الجديد، ثمة من يرى أن الجماعة تسعى إلى تحقيق تأثير أكبر وتنفيذ عمليات جديدة. ويقول الباحث المتخصص في النزاع المسلح وجماعة الحوثي عدنان الجبرني، إن إعلان جماعة أنصار الله مرحلة تصعيدية جديدة يأتي في سياق تطلعها إلى تأثير أكبر.

واعتبر في حديث للجزيرة نت، أنه لن يكون هناك تأثير مختلف لهذه المرحلة إلا إذا استُهدفت سفن أميركية، وهو ما يعني انهيار اتفاق وقف إطلاق النار بين الحوثيين وأميركا، وما قد يولّد رد فعل من واشنطن ضد الجماعة إذا استُهدفت السفن الأميركية.

وعن استعدادات الجماعة لرد فعل إسرائيلي، يرى الجبرني، أن الحوثيين مستعدون منذ فترة لهجمة إسرائيلية كبيرة، ويُحضِّرون لها، ولكن زعيم الجماعة يفضل أن يأتي الاستهداف وهو في إطار الفعل، لا أن ينتظر حتى يبدأ الطرف الآخر.

ولفت إلى أنه بهذا النهج يريد الحوثي، أن يضمن جاهزية قواته وعدم استرخائها، وقد رأيناه يسلك النهج ذاته قبل العملية الأميركية في مارس/آذار الماضي. مضيفا "من خلال رصد سلوك الحوثيين وطريقة تفكيرهم نجد أنهم كلما رصدوا مؤشرات على قرب استهدافهم، يبادرون إلى فعل عسكري من جانبهم".

عناصر أمن حوثيون ينتشرون لحماية مسيرة مؤازرة لفلسطين وإيران في صنعاء سابقا (رويترز)أهمية التكافؤ

ونظرا لعدم امتلاك الحوثي أسلحة مكافئة لما تحوزه إسرائيل، ثمة من يعتقد أن المرحلة الجديدة من تصعيد الجماعة قد تكون محدودة التأثير.

وفي السياق، يرى الباحث السياسي اليمني عبد السلام قائد، أن أسباب تصعيد الحوثيين هذه المرة ضد إسرائيل لا تختلف عن السابق، إذ يقولون إنهم يهاجمون إسرائيل نصرة لغزة، ويربطون أي توقف لهجماتهم بوقف العدوان الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني.

ويعتقد قائد في حديثه للجزيرة نت، أن تأثير هذا التصعيد سيكون محدودا، لأنه لا قدرات عسكرية لأنصار الله تمكنهم من إلحاق أضرار كبيرة بالجيش الإسرائيلي أو البنية التحتية والمنشآت الحيوية في فلسطين المحتلة، كالأضرار التي خلفتها الصواريخ الإيرانية خلال حرب الـ12 يوما الماضية.

وأشار إلى أن الحوثيين يطلقون صاروخا واحدا فقط في كل هجوم يمكن اعتراضه بسهولة، لأنهم إذا أرادوا إلحاق أضرار كبيرة بإسرائيل، فذلك يتطلب منهم إطلاق عدد كبير من الصواريخ والطائرات المُسيَّرة تزامنًا لإرباك الدفاع الجوي الإسرائيلي، لكن هجمات من هذا النوع ستستنزف مخزوناتهم من الصواريخ سريعا، لأنها محدودة.

وعن ردود أفعال إسرائيل ومدى استعداد الحوثيين لها، يعتبر الباحث قائد أن التطورات السابقة أثبتت أن إسرائيل بحاجة لمخابرات ميدانية لتكون هجماتها ضد الحوثيين فعَّالة، أما الآن فهي تتعامل مع عدو شبحي تشعر بأذاه ولا تراه، فترد بقصف منشآت مدنية لا تشكل ضررا كبيرا للحوثيين.

إعلان

ولفت إلى أن هجمات إسرائيل على الحوثيين لن تكون فعّالة إلا في حال نضجت ظروف استخبارية أو تعاون جدي من هذا القبيل مع أميركا أو غيرها، لتوجيه ضربات مؤثرة.

مقالات مشابهة

  • توتر قبلي متصاعد في الجوف عقب إحراق الحوثيين منزل مواطن في اليتمة
  • ماذا يعني إعلان الحوثيين مرحلة جديدة من التصعيد ضد إسرائيل؟
  • أرحب تمهل الحوثيين وتُلوّح بالثأر لمقتل أحد وجهائها واختطاف أبنته
  • لامين يامال يستغل جولة برشلونة الآسيوية لقضاء وقت عائلي في اليابان
  • «خامنئي»: الغرب يستغل الملف النووي كذريعة للاصطدام مع إيران
  • الفلبين تطلب من "الدول الصديقة" المساعدة في تحرير 9 بحارة محتجزين لدى الحوثيين في اليمن (ترجمة خاصة)
  • وزير الدفاع اليمني يكشف عن خطة استراتيجية بمشاوكة أربع دول لإقتلاع الحوثيين من اليمن لكنه أصيب بالصدمة .. عاجل
  • 92 شهيدا والاحتلال يعرض خطة للسيطرة على كامل قطاع غزة
  • واشنطن بوست: نتنياهو يستغل عطلة الكنيست لتمرير قرارات غزة
  • القناة 13: جيش الاحتلال يعرض خطة للسيطرة على 90%-100% من غزة وسط مخاوف على حياة الرهائن