#أردوغان إذ يستغل #الديموقراطية
#محمود_أبو_هلال
تركيا دولة قومية مجاورة للمنطقة العربية وتعد فاعلا مهما فيها، إضافة لإيران ودولة الاحتلال. فهي لحد الآن تُعد الحليف الاستراتيجي الأهم لحكومة الدبيبة في مواجهة حفتر المسنود أساسا من الإمارات ومصر.
ولا يستطيع أحد إنكار أنها أشرفت بشكل مباشر، عسكريا وسياسيا، على إسقاط الأسد، وأنها “المستثمر” الأكبر في الحكم الجديد في سوريا التي تتواجه فيها جُل أجندات الاستعمار العالمي تقريبا وتقاطع فيها مصالح نفوذ واستثمار
وإن كانت تبحث عن مصالحها، لكن لا نستطيع أن نقول عنها مشروع استعمار، حتى مع وجودها في الحلف الطلسي، لا نستطيع أن نصفها بقوة إمبريالية بنفس خاصيات الإمبرياليات الاستعمارية الأخرى، حتى القول أو أنها مجرد حليف/وكيل أمريكي في المنطقة، هو وصف انفعالي تحركه بعض الغرائز الأيدلوجية.
تركيا مشروع قومي ناهض له كل شروط التناقض الموضوعي مع قِوَى الاستعمار التقليدية التي فتكت وما زالت تفتك بالعرب. والمساواة بينها وبين هذه القوى بؤس أيديولوجي. وهذا لا يعني أنها تبحث عن مصلحتنا نحن العرب استراتيجيا، لكن تكتيكيا قد. نلتقي معها، فمن مصلحتها نشأة مجال عربي مستقرّ ومزدهر يُشكل لها ظهيرا اقتصاديا وسياسيا في مواجهة أوروبا التي تعتبر تركيا عدوها الأقرب.
أردوغان الذي صعد إلى رئاسة بلدية اسطنبول عام 1994 استثمر على امتداد ثلاثين عاما كاملة في مشروع سياسي ذي خلفية ثقافية إسلامية شكّلت تحوّلا نوعيا في هوية الدولة والمجتمع في تركيا دون أن يعلن الحرب على العلمانية وعلى رموزها في تركيا. لأنه يعلم أن في ذلك خروجه من الحكم، ما يعني انهيار كل المشروع الذي تقدم في إنجازه خطوات كبرى وسط محيط تركي منقسم حول مشروعه ومحيط أوروبي معادٍ جذريا له.
الأحداث الجارية في تركيا وتحرك المعارضة على الأرض جاء على خلفية اعتقال الزعيم المعارض ورئيس بلدية اسطنبول إكرام إمام أوغلي. التهم المنسوبة لزعيم المعارضة صحيحة وبعضها شكاوى من نفس حزب أوغلي، وبعضها قديم لكن أردوغان تغافل عنها للوقت المناسب -كما يعتقد- في عملية سياسية استباقية، أو انقلاب استباقي، كما سمّته المعارضة، من جانب أردوغان لمنع سقوط مشروعه. وقد نطلق على ذلك مجازا “استبداد الديموقراطية” أو خرقا لقواعد الصراع الديمقراطي.
والحقيقة، التي لا معنى لإخفائها، أن أردوغان لا يفعل إلا ما يجعله ميكيافيليا ناجحا. العالم تحكمه “حرب سياسة” مفتوحة. وكما لن يفوّت خصومه فرصة الانقلاب عليه، وقد حاولوا ويحاولون(والقول بأن المحاولة الانقلابية المجهضة سنة 2016 كانت مجرد مسرحية ليس إلا تخريف)، فلن يتردد هو أيضا في استغلال الديموقراطية للقيام بانقلابات مضادة، ولو استباقا.
لقد تم الانقلاب على الثورات العربية والديموقراطية في العالم العربي، فيما أردوغان يستغل الديموقراطية في الانقلاب على الخصوم.. والفرق شاسع.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: أردوغان الديموقراطية محمود أبو هلال
إقرأ أيضاً:
اعتقال وزير دفاع بنين السابق وسط غموض سياسي
أوقفت السلطات في بنين، الجمعة 12 ديسمبر/كانون الأول، وزير الدفاع السابق وأحد أبرز وجوه المعارضة كانديد أزاناي، في العاصمة الاقتصادية كوتونو، وذلك بعد أقل من أسبوع على محاولة انقلاب فاشلة ضد الرئيس باتريس تالون.
ولم تكشف السلطات حتى الآن عن أسباب الاعتقال أو ظروفه، ما أثار تساؤلات واسعة في الأوساط السياسية والشعبية.
وأكدت مصادر شرطية لوكالة الأنباء الفرنسية خبر التوقيف، لكنها امتنعت عن تقديم أي تفاصيل بشأن دوافع العملية أو مكان احتجاز أزاناي.
كما أكد أحد المقربين من المعارض الخبر، مشيرا إلى أنه لا يملك أي معلومات إضافية حول وضعه الحالي.
ويأتي الاعتقال في سياق سياسي متوتر، إذ شهدت البلاد في السابع من ديسمبر/كانون الأول محاولة انقلابية أحبطها الجيش.
وعلى الرغم من أن أزاناي أدان المحاولة في بيان نشره على صفحته في فيسبوك في العاشر من ديسمبر/كانون الأول، فإنه اتهم السلطات في الوقت نفسه بمحاولة "استغلال الأحداث" لتبرير التضييق على الأصوات المعارضة والانتقادات السياسية.
من الحليف إلى الخصمويعد كانديد أزاناي شخصية مؤثرة في المشهد السياسي البنيني. فقد دعم وصول باتريس تالون إلى السلطة عام 2016، قبل أن ينقلب عليه وينضم إلى صفوف المعارضة.
ومنذ ذلك الحين، أصبح من أبرز الأصوات المنتقدة لسياسات الرئيس، الذي يشيد أنصاره بإنجازاته الاقتصادية، في حين يتهمه خصومه بانتهاج أسلوب سلطوي في بلد كان يعتبر نموذجا ديمقراطيا في غرب أفريقيا.
ويأتي هذا التطور بينما يستعد الرئيس تالون لمغادرة منصبه في أبريل/نيسان المقبل، مع انتهاء ولايته الثانية والأخيرة وفق الدستور.
ويثير اعتقال أزاناي مخاوف من أن تشهد البلاد مزيدا من التوترات السياسية في مرحلة حساسة من تاريخها.