مراكز الدراسات الغربية بما فيها اليهودية تسجل توقعات منخفضة لنتائج العدوان على اليمن في ردع ” اليمنيين” تمكن القوات المسلحة اليمنية من مواصلة الضرب رغم التفوق التكنولوجي والأطباق الاستخباري يضيق من الخيارات الأمريكية في العدوان
تقرير /إبراهيم الوادعي
للمرة الثانية في غضون أربع وعشرين ساعة تضرب اليمن عمق الكيان الصهيوني، وتضرب في 72 ساعة حاملة الطائرات الأمريكية ومجموعتها الحربية.
فماذا يعني ذلك؟
في الدلالات الظاهرة فإن اليمن بات يدير معركة على جبهتين، وكلاهما قويتان وتعدان الأعلى تكنولوجيا وتسليحيا على مستوى العالم .
وفي الحقيقة الظاهرة فإن اليمن الدولة الأفقر كما تصنف ضمن التقارير الدولية والتي لم تخرج بعد من حرب مفروضة عليها لعشر سنوات مع حصار تكنولوجي خانق، تخوض اليوم معركة ومواجهة مع القوة الأكبر عالميا، بما لديها من تكنولوجيا وذكاء اصطناعي يلعب اليوم دورا هاما في الحروب، وأقمار اصطناعية ووسائل رصد جوية وخلافه…
ومع ذلك فالمواجهة قائمة والمسؤولون الأمريكيون يتحدثون عما أسموه بالرعب في مواجهتهم، ويهربون إلى اتهام إيران هربا من الإقرار بالعجز ومحدودية الخيارات.
بيان القوات المسلحة صبيحة أمس الأول الخميس، تحدث بكل وضوح أن تكثيف العمليات الجوية للعدو أو الضربات أو عمليات الرصد وجمع المعلومات تقنيا وبشريا لن يعيق عمليات القوات المسلحة على الجبهتين في العمق الصهيوني والجبهة البحرية.
وهذا التحدي والإصرار اليمني يصنع المعضلة الأمريكية في عهد الرئيس ترامب، فالأخير دخل إلى العملية ضد اليمن بعضلات مفرودة وهو اعتمد على الضجيج الإعلامي لتحقيق انتصارات وقد حصل ذلك مع جوار اليمن الذين دفعوا نحو 600 مليار دولار بعد خطاب لاذع واحد، ورفعه عقب خطاب ثان لترامب إلى تريليون دولار..
أمريكا الآن في مأزق استراتيجي للمرة الأولى منذ انتصارها على اليابان، حيث لم تمس بحريتها منذ لك الحين، واعتبرت سيدة البحار بلا منازع، ومنذ لك الحين تجوب أساطيلها البحرية دون أن يجرؤ أحد على المس بها وحتى الاقتراب منها، ترعب دولا وتسقط أنظمة ولاتزال عاصفة الصحراء شاهدة في المنطقة على دور البحرية الأمريكية ومشاتها.
ثم تأتي دولة لم تكن على التصنيف يوما لتوجه ضربة للبحرية الأمريكية لم تتلقها منذ الحرب العالمية الثانية، وتتحدى قيادتها الإدارات الأمريكية دون أن يهتز لها رمش، فذلك يضع الولايات المتحدة الأمريكية في مأزق فعلي، خاصة مع احتدام الصراع على زعامة العالم، والعالم متعدد الأقطاب، حيث يتحدث مركز دراسات أمريكي انه من السيئ أن أمريكا تنفق مخزوناتها من الذخيرة الثمينة خارج المحيط الهادئ حيث المعركة الأساسية والمتوقعة على قيادة العالم، وان تدخل حربا غير مضمونة النتائج .
ووفق ما نقلت فورين بوليسي عن الأستاذ بكلية الحرب البحرية الأمريكية جيمس هولمز قوله إن القوة الجوية البحرية لا يمكنها ترويع الجهات البرية
وأضاف هولمز استنزاف مخزونات الذخائر الثمينة اللازمة لحرب مستقبلية محتملة في المحيط الهادئ ليس أفضل استخدام للموارد المحدودة.
بدورها اعترفت وكالة الأنباء اليهودية JNS أن تعزيز الضربات الأمريكية ضد اليمن يأتي بهدف حمايةَ الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
ونقلت عن خبراء تأكيدهم أن الضربات الأمريكية لن تؤثر على القدرات اليمنية أو على رغبة اليمنيين بمواصلة القتال.
بدوره توقع موقع ذا انترسبت الأمريكي، نقلا عن خبراء، أن يستأنف وكلاء الولايات المتحدة العمليات البرية في اليمن.
وأضاف أن وكلاء الولايات المتحدة في اليمن سيتلقون معلومات استخباراتية أمريكية وغيرها من أشكال الدعم.
من جانبه أقر معهد دول الخليج العربية في واشنطن أن أمريكا ستواجه صعوبة أمام قدرات من اسماهم “الحوثيين” حتى مع فرض أقصى العقوبات وزيادة الغارات على اليمن.
وأمام ما تمتلكه الولايات المتحدة من قدرات تكنولوجية ومنظومة رصد وتعقب، فإن الحرب القائمة أو المواجهة الناشبة يمكن اختزالها بكلمتين “ أتحداك تضرب” وهو ما ينجح فيه اليمن باقتدار وبأعداد من الصواريخ والمسيرات، وينجح في ضرب العمق الصهيوني رغم الاطباق التكنولوجي والمعلوماتي وعمليات الرصد الكثيفة.
ويقول خبراء أن اليمن لايزال يتوفق في هذه النقطة على الولايات المتحدة الأمريكية، فهو ينجح في إخفاء معامل إنتاج الصواريخ والوقود بنوعيه الصلب والسائل، وهو ينجح في عملية التخزين وإخفاء مخازن الصواريخ، ولم يسمع ان الولايات المتحدة نجحت على مدى 15 شهرا وخلال الجولة الأخيرة رغم أنها تفرغت لجمع المعلومات وبقدرات كبيرة وذكاء اصطناعي داعم في ضرب مخزن صواريخ للقوات المسلحة اليمنية .
وينجح اليمن في عملية النقل وإطلاق الصواريخ رغم الأطباق الأمريكي، وإذا ما سجل للولايات المتحدة أي إنجاز ضئيل هنا في مرحلة النقل والإطلاق، فلا يعد ذلك تفوقا – بحسب الخبراء العسكريين – لأن هذه العملية دائما ما تكون مكشوفة بنسبة كبيرة للعدو خصوصا إذا كان يسلط إمكانات الرصد لديه على منطقة جغرافية بعينها كبرت أم صغرت.
من جهة أخرى، يمكن القول انه مع الضربة الأمريكية الأولى لليمن ضمن جولة التصعيد الحالية، وقع ترامب في مأزق عميق على الصعيد الداخلي وينتظر خصومه سقوطه لينالوا منه.
خلال الأشهر الماضية جلد ترامب خصومه داخليا واستطاع أن يحقق إنجازات في مواجهة الحكومة العميقة التي ظلت ترفضه وتقاومه حتى بعد أن أصبح رئيسا لفترة ثانية، وفي مقدمها شركات السلاح وشركات العولمة .
يريد ترامب التفرغ لتعزيز وضع تياره الشعبوي الجديد، ومن ثم إعادة ربط أمريكا بوجهها الجديد بحلفائها والعالم الخارجي، وحتى ذلك الحين سيكون لزاما عليه الانكفاء والتفرغ لتفريغ الإدارات الأمريكية من مناوئيه، وهكذا يفعل تحت مسمى الكفاءة وتوفير الأموال بإدارة ايلون ماسك، فألغى وكالة التنمية الأمريكية وألغى إدارات داخل وزارة الدفاع الأمريكية والخارجية، واقصى ما يقرب من الف ضابط استخبارات، بعقلية انتقامية ورؤية تسعى للتأسيس لنظام أمريكي يكون تيار ترامب فيه مشاركا إن لم يكن مستحوذا على الحكومة العميقة التي تدير أمريكا فعليا..
الديمقراطية الأمريكية لمائتي عام كانت أشبه بمساحيق تجميل تضعها امرأة وحين تغسل وجهها تظهر حقيقتها على الملأ، لكن ما يجري في الولايات المتحدة منذ بداية عهد بايدن ونهاية ولاية ترامب الأولى أن المساحيق بدأ تذوب من على وجه النظام السياسي الأمريكي أمام مرأى العالم.
وهناك أنباء تحدثت أن ترامب طلب في رسالة إلى القيادة اليمنية عقب الضربة الأولى مؤخرا ألا ترد، لكنها رفضت ذلك كلياً وردت.. هو اليوم في مأزق عميق ورجله تنزلق إلى الحرب دون أفق واضح أو انتصار مضمون..
بل على العكس كل التوقعات تذهب إلى انتصار اليمن، وبالتالي نهاية ترامب حتى وأن طالت الحرب فذلك يعني هزيمته وإمساك أعدائه في الداخل بالمقصلة التي يمسك هو الآن بها..
أما اليمن فستخرج من المعركة قوة إقليمية ودولية، وذلك يعني أن عداد النهاية للكيان الصهيوني بدأ في العد عمليا، ومعه الأنظمة التي تتواطأ اليوم في العدوان الأمريكي على اليمن.
لن يكون مقبولا لدى صنعاء أن تخطئ مرتين وتنال العفو والسلام، في عرف اليمني الخطأ لمرتين يعني أن تحاسب على أفعالك منذ 1015م وجرائمك الأولى والأخيرة..
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
محللون: تهديدات الضم تكشف مأزق نتنياهو في الحرب على غزة
القدس المحتلة- وسط تصاعد العزلة السياسية التي تواجهها إسرائيل وتعالي الأصوات الدولية المطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر/أيلول المقبل برز مجددا على لسان مسؤولين في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة تهديد بضم أجزاء من القطاع، وربطه بمصير مفاوضات تبادل الأسرى مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وتطرح هذه التهديدات المتكررة علامات استفهام واسعة بشأن أهدافها الحقيقية، ومدى نجاعتها في تغيير مواقف حماس أو التأثير على مسار الحرب.
وبحسب قراءات محللين سياسيين، لا تمثل هذه التهديدات سوى محاولة أخرى لصرف الانتباه عن الفشل السياسي والعسكري الإسرائيلي المستمر في غزة، بعد نحو 22 شهرا من الحرب دون تحقيق أهداف إستراتيجية واضحة.
ويصف بعضهم التهديد بأنه "حيلة إعلامية مثيرة للشفقة" لا تتجاوز كونها وسيلة لطمأنة الشارع اليميني الإسرائيلي، وتهدئة وزراء مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير اللذين عبّرا عن غضبهما من استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
ويُجمع محللون على أن هذا التهديد لن يدفع حماس إلى تقديم تنازلات، لا في ملف الأسرى أو الحرب، بل قد يعزز قناعتها بأن الحكومة الإسرائيلية غارقة في مأزق داخلي يزداد عمقا مع الوقت.
ويرى بعضهم أن طرح مثل هذا الخيار في هذا التوقيت في ظل المتغيرات الدولية وضغوط المجتمع الدولي إنما يهدف إلى تحويل الأنظار عن إخفاقات الحكومة في إدارة الحرب، وطرح "السيادة" كإنجاز وهمي لجمهور يميني فقد الثقة في قيادته.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تخوض إسرائيل حربا في غزة دون إستراتيجية واضحة أو تصور لليوم التالي كما يقول اللواء احتياط غيورا آيلاند الرئيس السابق لقسم العمليات وقسم التخطيط في الجيش الإسرائيلي الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي.
إعلانوفي تقدير موقف نُشر على موقع "والا" تحت عنوان "أي نصر هذا؟ وأي نصر مطلق؟ من المستحيل خوض حرب دون إستراتيجية شاملة"، أوضح آيلاند أن إسرائيل تخوض حربا في غزة دون أي نقاش جدي بشأن كيفية تحقيق هدفها المعلن، وهو "إسقاط حماس".
وأشار آيلاند إلى أن العمليات العسكرية السابقة أثبتت فشلها، وأن الجيش يجد نفسه اليوم منخرطا في قتال داخل بيئة مدنية شديدة التعقيد، مما يجعل الحسم العسكري السريع أمرا مستحيلا.
واعتبر أن غياب التخطيط الإستراتيجي والتفكير في "اليوم التالي" يعكس أزمة عميقة في قيادة الحرب، ويزيد تكلفة استمرارها دون أفق واضح.
في المقابل، يتهرب المستوى السياسي -خاصة نتنياهو- من حسم قضية "اليوم التالي" خوفا من تفكك الائتلاف الحاكم.
ويقول آيلاند إن هذا التهرب أدى إلى تجاهل فرص سياسية حقيقية، مثل صفقة شاملة للأسرى ومبادرات عربية ودولية لإعادة إعمار غزة، بسبب حسابات حزبية وسياسية ضيقة.
ولفت إلى أن تجزئة صفقات المحتجزين جعلت حماس تتشدد، في حين تستنزف إسرائيل أرواح الجنود دون تقدم ملموس، والنتيجة "لا نصر عسكري، ولا أفق سياسي، ولا نقاش إستراتيجي".
وأضاف "حين تقدم المصلحة الشخصية على العامة تخسر الدولة في النهاية، لقد حان الوقت لوضع حد لحرب تدار بالشعارات والتكتيكات لا بالإستراتيجية والعقلانية".
من جانبه، كتب المحلل الإسرائيلي المتخصص في الشؤون العربية بصحيفة يديعوت أحرونوت مقالا تحت عنوان "استعراض الحمق لا ينتهي"، وجّه فيه انتقادا لاذعا إلى تصريحات حكومة نتنياهو بشأن ضم أجزاء من قطاع غزة.
واعتبر يسخاروف أن هذا التلويح بالضم لن يُحدث أي تغيير في مواقف حركة حماس، بل يعكس عمق الفشل السياسي والعسكري للحكومة في إدارتها للحرب.
وأوضح أن الهدف الحقيقي من هذه التصريحات هو تهدئة القاعدة اليمينية المتطرفة، وخدمة مصالح نتنياهو الائتلافية، وليس تحقيق مكاسب إستراتيجية.
وبرأي يسخاروف، فإن إسرائيل في ظل هذه السياسات تغرق في عزلة دولية متزايدة، وتلوّح بأوهام السيادة كوسيلة لصرف الانتباه عن إخفاقاتها، في حين لا تزال الحرب في غزة تراوح مكانها دون تحقيق أهدافها، ولا سيما استعادة المحتجزين أو إضعاف حماس فعليا.
واعتبر أن مواصلة الحكومة الإسرائيلية التلويح بضم أجزاء من القطاع مجرد حيلة إعلامية لا تؤثر على مواقف حماس، بل تهدف إلى تهدئة اليمين المتطرف في الداخل بعد استئناف إدخال المساعدات لغزة.
أهداف نتنياهوولفت يسخاروف إلى أن الواقع على الأرض وبعد 22 شهرا من الحرب يكشف فشلا سياسيا وعسكريا متواصلا "لا انهيار للحركة، ولا عودة للأسرى، والحلول البديلة التي طرحتها الحكومة كمحور موراغ وعربات جدعون لم تحقق شيئا"، وفي المقابل تزداد المجاعة في غزة وتعزز حماس شروطها التفاوضية.
أما دوليا فيقول إن صورة إسرائيل تدهورت إلى حد تجاوز كوريا الشمالية وإيران في بعض الأوساط، مع تصاعد دعوات المقاطعة والاعتراف المتزايد بدولة فلسطينية.
والقراءة ذاتها استعرضها المحلل السياسي حاييم ليفينسون الذي نشر مقالة تحليلية في صحيفة هآرتس لما وصفها بـ"خطة نتنياهو الحقيقية" إطالة أمد الحرب على غزة، ليس لهزيمة حماس، بل لطمس ذكرى فشل 7 أكتوبر/تشرين الأول من الذاكرة الجماعية للإسرائيليين وتجاوز المطالب السياسية الداخلية بالمساءلة.
إعلانوأوضح أنه رغم فشل خطة منع المساعدات الإنسانية وانهيار مقترحات المناطق العازلة فإن نتنياهو يصر على المضي في الحرب كوسيلة للبقاء السياسي، وسط تدهور عسكري واضح ونفاد الجنود وخيارات الضغط، فالتصعيد المتكرر لم يحقق أيا من أهدافه "لم يعد المحتجزون، ولا حماس انهارت".
ويتابع ليفينسون أنه بينما يروج نتنياهو لخطط مثل "الهجرة الطوعية" و"ضم أجزاء من غزة" يدرك الجميع داخل الحكومة أنها محاولات لشراء الوقت وتهدئة اليمين المتطرف مثل سموتريتش وبن غفير، وليست خططا قابلة للتنفيذ "جميع الأطراف تكذب على بعضها البعض، لكن لا أحد مستعد لدفع ثمن انهيار الحكومة".
في الأثناء، تراوح المفاوضات بشأن صفقة الأسرى مكانها وفقا لليفينسون، في حين يستعد البيت الأبيض لاحتمال التحول إلى مفاوضات شاملة بدلا من الصفقات المرحلية.
لكن الشروط التي تطرحها إسرائيل بنزع سلاح حماس وطرد قادتها وتطبيق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعد شروطا لتفجير أي تسوية، وليست أرضية للحل.
وخلص ليفينسون إلى أن الحرب استنفدت خياراتها العسكرية والسياسية، ولم يتبق لنتنياهو سوى الخطاب والمراوغة، وبينما يطالب شركاؤه بالمزيد من "التطرف" تواصل إسرائيل الغرق في عزلة دولية، في حين يدفع المحتجزون وعائلات الجنود الثمن.