جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-11@23:20:08 GMT

عُمان والاقتصاد البنفسجي

تاريخ النشر: 22nd, March 2025 GMT

عُمان والاقتصاد البنفسجي

 

 

خلفان الطوقي

 

 

قسَّم المتخصصون الاقتصاد إلى عدة ألوان، ومن هذه الألوان الاقتصاد البنفسجي والذي يُعتبر فيه العامل الإنساني عاملا وعنصرا جوهريا، والذي بدوره يكون قيمة مضافة للاقتصاد الوطني والناتج المحلي لأي دولة، ويتقاطع هذا النوع من الاقتصاد في كثير من الأحيان مع بقية أنواع الاقتصادات ومع بقية الألوان.

ولتسهيل فهم مصطلح الاقتصاد البنفسجي، يمكن عرض نماذج تدل على تدخل العامل الإنساني كالصناعات الحرفية واليدوية التقليدية، والألعاب الشعبية، والأكلات المحلية، والنزل التراثية، والأحياء التاريخية، والأزياء القديمة الزاهية، والمخطوطات النادرة، والقلاع والحصون والأبنية الهندسية التاريخية، وغيرها من مكنونات لعب الإنسان فيها دورًا جوهريًا.

وعند ذكر هذه الأمثلة أعلاه نجد- دون أدنى محل للشك- أن سلطنة عُمان متقدمة بمراحل عن غيرها من الدول، ليس تحيزًا وإنمّا واقعًا ملموسًا ومشهودًا له من الآخرين، وأفضل دليل على ذلك المواقع العُمانية المذكورة في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة مثل قلعة بهلا ومدينة قلهات التراثية ومقابر وآثار بات والخطم والعين وأرض اللبان، أنظمة الري عن طريق الأفلاج، اضف إلى ذلك إدراج الشخصيات العُمانية السبعة في برنامج اليونسكو كالفراهيدي وأحمد ابن ماجد ونور الدين السالمي وابن الذهبي والهاشمي وأبي مسلم البهلاني، كما تم توثيق رقصة البرعة، وتفاصيل الأعمال المرتبطة بالنخلة، ويمكن مضاعفة المواقع والشخصيات والفنون العُمانية بمضاعفة الجهد والتركيز.

واقعيا، فإنَّ السلطنة غنية بالعامل الإنساني والثقافي والتراثي والبيئي والتاريخي، ويتضح ذلك في صور وأشكال عديدة، وهذا هو العامل المميز لها، بمعنى أن قوتها تكمن فيما تملك، ويمكنها الاستفادة من ذلك إلى أقصى حد ممكن، وبذلك يمكن تفعيل الاقتصاد البنفسجي ليكون داعماً مؤثرًا للاقتصاد الوطني.

وعليه، لا يمكن أن نبدأ من الصفر من ناحية، ولا يمكن أن يضيع الزخم بين فترة وأخرى عن هذا الثراء الإنساني والحضاري، ولا يكون ذلك إلا بخلق سردية مستمرة لأهمية هذه العناصر المثرية، وذلك بتكامل الجهات المعنية وانصهارها مع بعضها البعض بين فترة وأخرى، خاصة وأن كل هذه العناصر متوفرة، والمسؤولية تكمن في تجميعها وإبرازها والترويج لها محليا وإقليميا وعالميا.

 لن يتأتى ذلك إلّا بوضع برنامج وطني تشارك فيه أكثر من جهة كوزارة المالية من خلال البرنامج الوطني "استدامة"، ووزارة الاقتصاد، ووزارة الثراث والسياحة وبعض الجهات الأخرى كحديقة النباتات العُمانية وشركة عمران ومركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، ووزارة الثقافة والرياضة والشباب وأذرعها الاستراتيجية كمركز الشباب ومجمع عُمان الثقافي، ومكاتب المحافظين والبلديات، وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وشرطة عُمان السلطانية من خلال الجمعية العُمانية للسيارات ونادي عُمان للرماية، ويمكن للأكاديمية السلطانية للإدارة وجامعة السلطان قابوس تقديم الدعم من خلال تصميم مبادرات وبرامج ممنهجة جاذبة وعصرية تستطيع من خلالها تحقيق المستهدف منها، والدعم الإعلامي من وزارة الإعلام من خلال مركز التواصل الحكومي، وغيرها من الجهات الداعمة من القطاع الخاص والمؤسسات المدنية بشكل مباشر وغير مباشر.

الخلاصة.. الاقتصاد البنفسجي لا يعمل منفردًا؛ بل يحتاج التعاون والتكامل والانسجام والوعي من المسؤولين وبقية الفرق التنفيذية بأهميته، والجهد الممنهج، إلى جانب تركيز يتسم بالاستمرارية لكل نهج وثقافة ثابتة، وجهد لا ينقطع، وزخم عالٍ. وإن اجتمعت هذه العناصر، سوف نرى اقتناص مزيدٍ من الفرص، ومبادرات ثقافية وترفيهية، وعوائد مضاعفة مالية وغير مالية تدعم الاقتصاد الوطني.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

البعد الأخلاقي في مسيرة الابتكار الإنساني (2- 3)

 

 

عبيدلي العبيدلي **

 

2- الابتكار والقيم الأخلاقية

الخطوات التي يستطيع الإنسان اتخاذها لضمان أن الابتكار يعكس القيم الأخلاقية للمجتمع ولا ينسفها.

تحديد القيم الأخلاقية الأساسية للمجتمع: يشمل ذلك، العدالة، الشفافية، المسؤولية، والاستدامة، وجعلها مرجعية في كل قرار ابتكاري. تحليل الأثر الأخلاقي والاجتماعي: يحث ذلك على تقييم الفوائد والمخاطر المحتملة على الأفراد والمجتمع، مع إعطاء اهتمام خاص للفئات الضعيفة أو المهمشة. إشراك المجتمع وأصحاب المصلحة في الحوار: تنظيم ورش عمل، استبيانات، أو جلسات استماع لضمان أن الابتكار يعكس تطلعات المجتمع وقيمه. تبني أطر أخلاقية واضحة: ومن بينها الأطر النفعية (التركيز على المنفعة العامة)، أو الحقوقية (التركيز على احترام الحقوق)، أو أطر الفضيلة (التركيز على النوايا والقيم الشخصية). المراقبة والتقييم المستمر: متابعة أثر الابتكار بعد تطبيقه وتعديل المسار عند الحاجة لضمان استمرار التوافق مع القيم الأخلاقية.

3- إشراك أصحاب المصلحة في تقييم الأبعاد الأخلاقية للابتكار

ويتحقق ذلك من خلال:

تحديد أصحاب المصلحة الرئيسيين: ويشمل ذلك المستخدمين النهائيين، المجتمع المحلي، الجهات التنظيمية، منظمات المجتمع المدني، وغيرهم. تنظيم ورش عمل حوارية تشاركية: إفساح المجال أمام مناقشة القضايا الأخلاقية، بعمق وتبادل وجهات النظر، مع ضمان تمثيل الفئات المختلفة. آليات التغذية الراجعة المستمرة: مثل الاستبيانات، والمنتديات الإلكترونية، أو صناديق الاقتراحات لجمع آراء أصحاب المصلحة بشكل دوري. الشفافية في التواصل: إبلاغ أصحاب المصلحة بمراحل الابتكار، والقرارات المتخذة بشأنها، وكيفية معالجة المخاوف الأخلاقية. إغلاق دائرة التغذية الراجعة: أي العودة لأصحاب المصلحة بعد تنفيذ الابتكار، لمراجعة النتائج والتأكد من تحقيق الأهداف الأخلاقية.

4- الأطر الأخلاقية التي تضمن موازنة الفوائد والمخاطر في أي مشروع يتمسك بمقاييس الابتكار

هناك عدة أطر أخلاقية معتمدة عالميًا، ومن بينها:

الإطار النفعي (Utilitarian Framework): يقيّم الابتكار بناءً على تحقيق أكبر منفعة لأكبر عدد من الناس، مع تقليل الأضرار. الإطار الأخلاقي (Deontological Framework): يركز على احترام الحقوق والكرامة الإنسانية بغض النظر عن النتائج. أخلاقيات الفضيلة: (Virtue Ethics) تركز على نوايا المبتكر وقيمه الشخصية مثل النزاهة والرحمة. أخلاقيات الرعاية: (Care Ethics) تركز على العلاقات الإنسانية والرعاية المتبادلة. إطار أصحاب المصلحة: (Stakeholder Framework) يضمن إشراك جميع الأطراف المتأثرة في تقييم الفوائد والمخاطر.

* أطر إدارة المخاطر: مثل ISO 31000، التي تدمج تقييم المخاطر الأخلاقية والاجتماعية ضمن عملية اتخاذ القرار.

5- التمسك بالقيم الأخلاقية كمحفزٍ للابتكار وليس عائقًا أمامه.

ويتحقق ذلك عبر:

تحفيز الثقة والقبول المجتمعي: يلقى الابتكار الأخلاقي قبولًا أوسع لدى المجتمع، مما يسهل انتشاره واستدامته. توسيع قاعدة الأفكار: يفتح إشراك فئات متنوعة، وأخذ القيم الأخلاقية في الاعتبار المجال لأفكار جديدة أكثر شموليًة وابتكارًا. دفع الابتكار نحو حلول مستدامة: يقود التركيز على الأثر الاجتماعي والبيئي إلى ابتكارات تخدم المجتمع على المدى الطويل، وليس فقط الربح السريع. تعزيز السمعة وبناء الثقة: تكتسب الشركات والمؤسسات التي تلتزم بالأخلاقيات سمعة إيجابية، مما يجذب المواهب والشركاء والعملاء.

* تحويل التحديات الأخلاقية إلى فرص ابتكارية: دفع معالجة المشكلات الأخلاقية (مثل الخصوصية أو الشمولية) لضمان تطوير تقنيات ومنتجات جديدة تلبي هذه الاحتياجات.

6- ضمان احترام حقوق الإنسان والأخلاقيات في عمليات الابتكار

أ. تطبيق تقييم حقوق الإنسان لضمان عدم انتهاك كرامة الأفراد في عمليات الابتكار، ويتطلب ذلك تطبيق تقييم حقوق الإنسان (Human Rights Impact Assessment - HRIA) في الابتكار منهجية لتحديد الآثار المحتملة على حقوق الإنسان والتنبؤ بها والاستجابة لها. ويشمل ذلك:

دمج المبادئ الدولية: يجب أن يستند التقييم إلى مبادئ واتفاقيات حقوق الإنسان الدولية، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان. تقييم الأثر في جميع المراحل: إجراء تقييم شامل منذ مرحلة الفكرة وحتى التنفيذ، مع التركيز على الأثر على الكرامة، الخصوصية، العدالة، وعدم التمييز. إشراك الفئات المتأثرة: التعامل المباشر مع المجموعات التي قد تتأثر بالابتكار، خاصة الفئات الضعيفة، لضمان أن حقوقهم ليست في خطر. تدقيق الابتكار الأخلاقي: إجراء تدقيق دوري يشمل تحديد الأهداف الأخلاقية، وقياس النتائج، وتحليل نقاط القوة والضعف، وتحسين السياسات والممارسات. آليات الشفافية والمساءلة: وضع آليات للشفافية والمساءلة، بما في ذلك مراجعات خارجية وتدقيق مستقل.

‌ب. المعايير الأخلاقية التي تساعدني على موازنة الفوائد والمخاطر في مشروعات الابتكار.

المعايير الأخلاقية الأساسية تشمل:

الكرامة الإنسانية: احترام كرامة كل فرد وعدم المساس بها. العدالة والإنصاف: ضمان توزيع المنافع والأعباء بشكل عادل، وعدم التمييز. الشفافية: وضوح المعلومات المتعلقة بالابتكار وإتاحة البيانات ذات الصلة لأصحاب المصلحة. المساءلة: تحمل المسؤولية عن النتائج، الإيجابية والسلبية، للابتكار. الخصوصية والاستقلالية: حماية بيانات الأفراد وضمان حرية اتخاذ القرار. الاستدامة: مراعاة الأثر البيئي والاجتماعي على المدى الطويل. الشمول والتنوع: تضمين وجهات نظر وخبرات متنوعة في عملية الابتكار.

وهذه المعايير تساعد على تحقيق توازن بين تعظيم الفوائد، وتقليل المخاطر، وضمان توافق الابتكار مع القيم الإنسانية.

ج. إشراك المجتمع وأصحاب المصلحة في تقييم أبعاد أخلاقيات الابتكار

تحديد أصحاب المصلحة: يشمل ذلك المستخدمين النهائيين، المجتمع المحلي، الجهات التنظيمية، منظمات المجتمع المدني، وغيرهم. ورش العمل والمشاورات: تنظيم جلسات حوارية وورش عمل تشاركية لمناقشة القضايا الأخلاقية وتبادل وجهات النظر. قنوات التغذية الراجعة: استخدام الاستبيانات، المنتديات الرقمية، الاجتماعات العامة، ومجموعات التركيز لجمع آراء أصحاب المصلحة بشكل دوري. الشفافية في التواصل: إبلاغ أصحاب المصلحة بمراحل الابتكار، القرارات المتخذة، وكيفية معالجة المخاوف الأخلاقية. المراجعة المستمرة: العودة لأصحاب المصلحة بعد التنفيذ لمراجعة النتائج والتأكد من تحقيق الأهداف الأخلاقية.

وهذه المشاركة تضمن توافق الابتكار مع توقعات المجتمع وتقلل المخاطر غير المتوقعة.

** خبير إعلامي

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • البعد الأخلاقي في مسيرة الابتكار الإنساني (2- 3)
  • رئيس الوزراء البريطاني: الوضع الإنساني في غزة مروع
  • جوع ومرض يفاقمان الوضع الإنساني في غزة
  • مبادرة بمحافظة الداخلية لتعزيز الثقافة الاستهلاكية لدى الأسر العُمانية
  • الجماهير العُمانية على أعصابها ترقبًا لـ"17 يوليو"
  • الجماهير العُمانية تترقب 17 يوليو بلهفة
  • قافلة الصمود لكسر الحصار عن غزة.. صرخة عربية في بلادة الحس الإنساني
  • استشهاد 3 مسعفين خلال أداء واجبهم الإنساني في حي التفاح بغزة
  • أزمة حادة .. حركة فتح تحذر من الوضع الإنساني في غـ.زة
  • الاقتصاد سياسة.. ولا يمكن فصلهما