حماة-سانا

ما إن يحل المساء خلال شهر رمضان المبارك في مدينة حماة حتى تبدأ حكايةٌ أخرى في سوق أبي الفداء (الباشورة)، حيث تتحول أزقته العتيقة إلى فضاءٍ يجمع بين عبادةٍ وبهجة، وتراثٍ ومعاصر، ويتدفق الأصدقاء والعائلات إلى أروقة السوق، الذي يبدو كسفينةٍ مُضيئة تُبحر في بحرٍ من الفرح الرمضاني، حاملةً معها عبق التاريخ.

ويصف الشاب يوسف برازي من أهالي المدينة شارع أبي الفداء بأنه واحد من أجمل الأحياء في المدينة القديمة، فهو نسيج من الطراز العمراني التاريخي المحفوف بالبساتين والأشجار وضفاف نهر العاصي.

وكما في كل عام، لا تكتمل أجواء السوق إلا بوجود المتاجر التراثية التي تتراص كلوحة فنية مضيئة، تضج بألوان الكركم والزعفران والهيل مع روائح القهوة العربية المُحمصة حديثاً، إضافة إلى أزقة الحلويات الرمضانية، التي تتحول إلى نقطة جذب بامتياز، فهي تعرض أطباق الكنافة بحرفيتها الحموية المميزة، إلى جانب القطايف المُحشوة بالجوز أو القشطة، والتي يُعد تحضيرها أمام الزبون فناً بحد ذاته.

ويقول عبد الله محمد من أهالي حي الباشورة:

لا تكتفي أروقة السوق بتفاصيلها المادية، بل تنسج ذكرياتٍ تلامس القلب، فبين الأزقة الضيقة، تُعلَّق الفوانيس النحاسية المصنوعة يدوياً والتي لا يزال الحمويون يحتفون بها كرمزٍ للشهر الفضيل، كما تنتشر ورشات حرفية صغيرة لصناعة السجاد التقليدي والأدوات النحاسية، كشاهدٍ على إرث صناعي عريق، وفي زوايا المقاهي يجتمع الشباب حول رواة الحكايات الذين يسردون قصص “أبو زيد الهلالي”، و”عنتر بن شداد”، مُحافظين على تقليدٍ شعبي يكاد يندثر.

ويضيف محمد: تمتد أجواء السوق إلى ما بعد منتصف الليل، حيث يصبح مكانا للقاءات العائلية والسهرات الرمضانية في مقاهي الهواء الطلق التي تقدم المشروبات التقليدية، كالتمر الهندي والكركديه والشاي والعصائر الرمضانية.

ويقول الحاج “أبو محمد” أحد أقدم باعة الفوانيس الرمضانية في السوق: “هنا نعيش رمضان كما عشناه منذ سبعين عاما، الروائح والأصوات نفسها، وبسطات الأكلات السريعة “كخُفاقة اللوز” أو “الفول السوداني” الساخن، وحتى الزبائن الذين ورثوا زيارة السوق عن آبائهم”.

بينما تضيف الشابة لمى إحدى زائرات السوق: “رغم تطور المدينة، يبقى السوق خزانا لروح حماة.. كأن الزمان توقف هنا ليذكرنا بجمال البساطة”، ولا تغيب روح التكافل عن المشهد الرمضاني في حماة، إذ تُنظم مبادرات لإفطار الصائمين أو توزيع السلال الغذائية على الأسر المحتاجة، في تعاونٍ تلقائي يُجسّد قيم الشهر الفضيل.

ويظل سوق أبي الفداء بحماة شاهداً حياً على أن رمضان ليس شهراً للروحانيات فحسب، بل هو احتفاءٌ بالهوية والذاكرة الجمعية، فما بين أضوائه الذهبية وروائحه الفواحة، يكتب كل ليلة فصل جديد من سردية المدينة التي ترفض أن تفارق جذورها، حتى وإن اكتست بحُلة الحداثة.

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

أمسيات ومهرجانات في عدد من مديريات صنعاء احتفاءً بذكرى الولاية

الثورة نت /..

أُقيمت في عدد من مديريات محافظة صنعاء، اليوم، فعاليات ولقاءات جماهيرية وأمسيات ومهرجانات شعبية، بمناسبة ذكرى الولاية “عيد الغدير”، تحت شعار “من كنت مولاه فهذا علي مولاه”.

ففي مديرية الحيمة الداخلية، أقيمت أمسيات خطابية وندوات، في قرى عزل بني النمري، والحدب، والأحبوب، وبني عمرو، وبني يوسف.

وأكدت كلمات الأمسيات أهمية إحياء الذكرى، لما تحمله من دلالات ترسّخ في النفوس قيم الولاء لله ورسوله والمؤمنين، وما يترتب على الأمة من إعادة إصلاح مسارها بعيدًا عن التبعية والوصاية الخارجية والتفكك والتخاذل.

وفي مديرية الحصن، نُظمت أمسيات وندوات بعزل الكبس والهجرين والغرس، أشارت خلالها الكلمات إلى دلالات إحياء الذكرى في ترسيخ مبدأ الولاية ونهج التولي الصادق لمن أمر الله عز وجل بتوليهم.

ودعت الكلمات إلى التأسي بالإمام علي عليه السلام قولًا وعملًا في مواجهة العدوان الأمريكي، الصهيوني على بلدنا وقطاع غزة، والاستمرار في التحشيد والتعبئة استعدادًا لمواجهة العدو.

وفي مديرية جحانة، أحيا أبناء عزل أسناف والسهمان والمدينة، ذكرى الولاية بأمسيات، أكد خلالها مدير المديرية صالح معيض، ومسؤولا الإرشاد بالمحافظة أحسن العبَّادي والمديرية صالح الحصني، أن الأحداث والتحولات كبيرة والأمة في أمس الحاجة لتفعيل مبدأ الموالاة والمعاداة لأعداء الله.

وأشاروا إلى أن إحياء ذكرى الولاية، تحصيّن من الاختراقات والثقافات المغلوطة وبيان للأمة بأهمية التولي الصادق في مواجهة أعداء الله.

وتطرقت الأمسيات والمهرجانات التي نُظمّت في عزل وقرى مديريات بني حشيش وبني مطر وسنحان وبني بهلول، وهمدان ومناخة وصعفان والحيمة الخارجية، وخولان، والطيال، إلى مناقب وصفات الإمام علي عليه السالم من منطلق قرآني إيماني.

واستعرضت الدروس المستفادة من ذكرى الولاية في مواجهة التحديات وسبل مواجهة أعداء الله التي تعتمد على مبدأ الموالاة والمعاداة لأعداء الله، لافتة إلى أن أعداء الإسلام حاولوا حرف الأمة عن مبدأ الولاية والولاء ليسهل إختراقهم لها.

وأوضحوا أن خلاص الأمة ونجاحها وقوتها يمكن في العودة الصادقة لله ورسوله واتباع ما أمر به الله وبلغ عنه رسوله الكريم في تولي الإمام علي عليه السلام.

وشهدت المهرجانات والفعاليات والأمسيات، فقرات ومشاركات شملت أهازيج وبرع وأناشيد وقصائد شعرية معبرة عن عظمة المناسبة، ودعت الجميع للحشد والمشاركة في المهرجانات التي ستنظم السبت المقبل في مختلف ساحات المحافظة احتفالاً بعيد الغدير الأغر

مقالات مشابهة

  • أمسيات ثقافية في مديرية خدير بذكرى يوم الولاية
  • أمسيات ثقافية في مأرب إحياءً لذكرى يوم الولاية
  • الشيخ المقداد لقبائل جبل الشرق: الاحتفال بيوم الولاية تجسيد العمل بالرسالة الإلهية
  • رسالة مؤثرة من نجم شهير تضع فناناً قديراً في صدارة التريند: حلم تجسيد سيرته يتحول إلى حديث الجمهور
  • أمسيات ثقافية في تعز بذكرى يوم الولاية
  • أمسيات ومهرجانات في عدد من مديريات صنعاء احتفاءً بذكرى الولاية
  • أمسيات ثقافية في عدد من مديريات تعز بذكرى الولاية
  • رسالة مؤثرة من أمير كرارة لـ يوسف فوزي ردا على أمنيته تجسيد سيرته الذاتية| خاص
  • أمسيات ثقافية في حجة بذكرى الولاية
  • ضرب المثل في الفداء والتضحية.. المؤسسات الدينية تنعي الشهيد خالد محمد شوقي