الأسبوع:
2025-10-13@23:28:37 GMT

عيد.. "الأمهات"

تاريخ النشر: 24th, March 2025 GMT

عيد.. 'الأمهات'

لم ينل عيد الأم هذا العام الذى وافق يوم الجمعة الماضي 21 مارس، كل هذا الصخب الذى كان يحدثه هذا اليوم على مدى السنوات القليلة الماضية، ذلك أن اليوم جاء مع حلول العشر الأواخر من شهر رمضان، وانشغال الكثيرين بأداء العبادات والتجهيز لأيام عيد الفطر.

تستحق الأمهات كل احتفاء وتكريم، فأن تكوني أما فتلك حالة لا يمكن لأحد وصفها، تلك المشاعر الفطرية التى يغرسها الخالق عز وجل فى قلب كل أم تجاه مولودها هى مشاعر لا تعرف للعطاء حدودا، فمن يمرض صغيرها أو يصاب بمكروه، تدعو الله بقلب خالص، وتتمني أن تصاب هي بدلا من صغيرها.

مشاعر الأم التى تدخل مباشرة إلى المطبخ فور عودتها من العمل وقبل أن تستبدل ملابسها، حتى تتمكن من الانتهاء بسرعة من إعداد وجبة الغداء، قبل أن يأتي زوجها وأولادها، والتى تهرع إلى إعداد نوع من الطعام طلبه الزوج أو أحد الأبناء حتى لو كان ذلك فى وقت متأخر من الليل أو خلال وقت ضيق، تلك مشاعر لا تحتاج إلى من يتناقش بشأن كونها ملزمة أو غير ملزمة بها، فتلك هى الفطرة وهى طبيعة الحال، فالأم والزوجة هى عمود خيمة بيتها، الذى على أساسه تبني الأسرة وتستمر في العطاء.

هناك نوع آخر من الأمهات اختبرهن الله عز وجل فى إصابة أحد أبنائها بالإعاقة، ووفقًا للأرقام الرسمية، فقد بلغت أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة 8.636 مليون شخص.

هذه الأعداد- وهى ليست قليلة- يقف وراءها أمهات تكابدن متاعب جمة دون أن يشعر بهن أحد، هناك منهن من تتحمل وتصبر وتحاول بشتى الطرق دفع طفلها للأمام وصنع المستحيل لوضعه على طريق موهبة أو نشاط رياضي أو فنى، ورأينا نماذج تستحق رفع القبعة لهن، لكن فى النهاية الحمل ثقيل، مثل هؤلاء قلت مرارا إنهن أمهات "مع مرتبة الشرف".

جميعنا يكن بين طيات مشاعره حبا من نوع خاص تجاه أمه، فذلك الرباط الذى هو سر الحياة، خلق نوعا من الحنو الفريد بين كلا الطرفين، عند الميلاد يتحسس الوليد رائحة أمه، قبل أن تبصر عيناه، ويطمئن إلى وجودها بجواره، فينام مستأنسا بدقات قلبها.. .

فقدان الأم هو اليتم الحقيقي، فأنت عندما يتوفى الله والدتك تتملكك مشاعر الغربة والوحدة، حتى وإن كنت بين إخوتك ووالدك، ذلك الشعور الذى تقع تحت وطأته وتظل تعاني منه طيلة حياتك حتى بعد أن تصبح أبا وزوجا..

جميل حقا أن نحتفل بالأمهات فى محاولة للاعتراف بفضلهن والامتنان لهن، غير أن هذا الاحتفال انحرف عن مساره خلال السنوات الماضية، وأصبح احتفالا صاخبا لا نراعي فيه مشاعر أطفال صغار غادرت أمهاتهم الحياة، أو حتى كبارا لا يطيقون "تقليب" مواجع فقدان الأم، وابتدع البعض فكرة تقديم الهدايا لمعلمات المدرسة فى عيد الأم، وأصبح الأمر وكأنه فرض على كل الطلاب ناهيك بالطبع عن أنه عبء مادى يضاف على كاهل الأسرة المنهكة فى مصروفات المدارس والدروس وخلافه.

جاء يوم عيد الأم هذا العام موافقا ليوم الجمعة ولأيام شهر الصيام ليرشِّد من التزيد والصخب فى الاحتفال، الذى نتمنى أن يقتصر فى قادم الايام على زيارة الأبناء لأمهاتهم وبرها وتقديم الهدايا لها فى هدوء، حتى لا يكون ذلك سببا فى جرح مشاعر "اليتامى".. .رحم الله من توفي منهن وبارك فى أعمار الأحياء.. وكل عام وكل الأمهات بخير.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

مصر.. العنوان الأبدى للسلام

فى زمن تاهت فيه البوصلة وضاعت فيه المفاهيم بين لغة المصالح وصوت المدافع، بقيت مصر كما كانت دوماً بوابة النجاة، وسور العروبة الأخير الذى يحمى المعنى الإنسانى من الاندثار.. لم تكن القضية الفلسطينية يوماً بالنسبة لمصر ملفاً سياسياً يدار على طاولة المفاوضات، بل كانت واجباً وطنياً وتاريخياً يتصل بجذر الوجدان المصرى، الممتد عبر القرون فى أرض الكنانة، حيث تتنفس العدالة من ضفاف النيل وتروى الكرامة بماء الكرامة.

منذ اللحظة الأولى لاشتعال المأساة فى غزة- وقفت مصر فى موقعها الطبيعى.. صوت العقل حين يصمت الجميع، وضمير العالم حين تعميها الحسابات الضيقة.. لم ترفع شعارات جوفاء، ولم تتاجر بالدم الفلسطينى كما فعل آخرون، بل اختارت الطريق الأصعب- طريق العمل الصامت والجهد المتواصل والوساطة النزيهة، ففى الوقت الذى تداعت فيه القوى الإقليمية والعالمية لحساب مكاسبها، كانت مصر وحدها تحسب الأرواح، وتزن المواقف بميزان الإنسانية قبل السياسة.

لقد أدارت مصر الملف الفلسطينى فى أصعب مراحله التاريخية، حيث تلاشت الحدود بين السياسة والمأساة، وبلغت الأزمة ذروتها فى ظل خطر التهجير القسرى الذى كاد يطيح بالوجود الفلسطينى ثمناً رخيصاً للظلم.. لكن إرادة الله كانت فوق كل إرادة، وشاءت حكمته أن تكون مصر بموقعها وقدرها الحاجز الصلب الذى وقف أمام المخطط الأكبر.. ألا وهو- طمس الهوية الفلسطينية وتشريد أهل غزة من أراضيهم.. فلم يكن ما فعلته مصر وليد اللحظة، بل امتداداً لتاريخ طويل من العزة والكرامة والعروبة، فمنذ حرب 1948 مروراً بحرب أكتوبر المجيدة، حتى معاهدات السلام التى كانت رغم كل ما قيل عنها جسراً واقعياً مكن القاهرة من أن تظل اللاعب الأقدر على حماية الشعب الفلسطينى من التلاشى وسط الصراعات.. فمصر لم تتخل عن دورها يوماً، بل طوعت الدبلوماسية الأمنية لخدمة العدل، ووضعت ثقلها العسكرى والسياسى فى خدمة وقف النار وإنقاذ المدنيين، مؤمنة بأن السلام الحقيقى لا يفرض بالقوة بل يبنى بالعدالة.

وها هى اليوم- فى ظل أكثر اللحظات ظلمة- تكتب فصلاً جديداً فى سجل العظمة الوطنية، وهى تقف بين ركام غزة لتمنع تمدد المأساة خارج حدودها.. فتحت معبر رفح حين أغلقت الأبواب وأسكنت النازحين حين أعرض الآخرون، ورفعت صوتها عالياً فى وجه كل من أراد تحويل القضية إلى ورقة ضغط أو وسيلة ابتزاز.. فمصر لم تتحدث عن البطولة، بل مارستها بوعى ومسئولية، وقدمت للعالم درساً جديداً فى أن القوة ليست فى الصراخ، بل فى القدرة على حماية الضعفاء دون انتظار مقابل.

إن جيش مصر العظيم الذى حمل على كتفيه هم الدفاع عن الوطن، أثبت أنه أيضاً جيش القيم والإنسانية، يسانده جهاز أمنى ودبلوماسى فذ ومؤسسات دولة عميقة الجذور تعرف معنى التوازن بين الكرامة والحكمة.. ومن خلف كل ذلك تقف إرادة قيادة مصرية آمنت أن مكانة مصر فى التاريخ لا تصان إلا بصون قضايا العدل والحق.

واليوم.. ونحن نرى أهل غزة يرفعون عيونهم نحو الجنوب بامتنان، ندرك أن السعادة التى يشعرون بها ليست فقط لأن نيران الحرب خمدت مؤقتاً- بل لأن هناك دولة ما زالت تملك قلباً عربياً نابضاً اسمها مصر.. ويأتى اليوم ليشهد العالم فصلاً جديداً من الريادة المصرية فى صناعة السلام، إذ تتجه الأنظار إلى شرم الشيخ- مدينة النور والهدوء، وعاصمة السلام فى العالم حيث تتجدد رسالة مصر الخالدة فى حماية الحقوق وترسيخ العدالة.. ومن قلب العروبة من القاهرة إلى سيناء- تكتب اتفاقية تحفظ للشعب الفلسطينى حقه فى الحياة والكرامة، وتعيد للقضية الفلسطينية حضورها المستحق على طاولة الضمير الإنسانى.. وفى لحظة فارقة من التاريخ يأتى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى أرض مصر- لا ليمنحها شرعية، بل ليشهد على حقيقة يعرفها العالم منذ آلاف السنين.. أن مصر هى قلب العالم النابض، ومهد الحضارة الإنسانية، ومنارة السلام التى لا تنطفئ– هنا- حيث يتعانق التاريخ بالحاضر، تثبت مصر من جديد أن السلام لا يفرض بالقوة، بل يصنع بالحكمة، وأنها وحدها بحكمتها وجيشها وشعبها وقائدها- قادرة على أن تجمع بين الأمن والكرامة، بين السيادة والرحمة.. وبين الحلم العربى والموقف الإنسانى.

هكذا- يتجلى قدر مصر الأبدى، لا كدولة تبحث عن دور، بل كدور خلقه الله فكان اسمه مصر، تحفظ الأرض، وتصون الحق، وتكتب بمداد الصبر والحكمة فصلاً جديداً من تاريخ العدل والسلام، ليظل شعارها خالداً كما أراد القدر- هنا مصر- حيث يولد السلام وتصان الكرامة.

وللحديث بقية.. إن شاء الله تعالى

[email protected]

 

مقالات مشابهة

  • د. عمرو حسن في المؤتمر الدولي للنساء الطبيبات: 64.5 % من وفيات الأمهات كانت قابلة للوقاية
  • مصر تصنع السلام
  • عمرو حسن: النزيف وتسمم الحمل وراء أغلب وفيات الأمهات في مصر
  • مصر.. العنوان الأبدى للسلام
  • العناني.. و"نهضة سياحية"
  • في حديث صريح... رندة كعدي توضح موقفها من تكرار دور الأم وتعلّق على فكرة الاعتزال
  • بين الألم والامتنان.. مشاعر سكان البيوت الناجية بغزة بعد عامين من العدوان
  • سعره صادم.. روبوت صيني قادر على الحمل والولادة بديلًا عن الأمهات
  • وانتصرت لأأأأت مصر
  • هزائم إسرائيل!!