غزة على شفا كارثة إنسانية.. جوع ونزوح وانهيار صحي وشهادات على حجم المأساة
تاريخ النشر: 26th, March 2025 GMT
تُفاقم أزمة النزوح من تداعيات الأوضاع الاقتصادية المُنهارة في القطاع، حيث تُشير تقارير محلية إلى تضاعف أسعار المواد الأساسية، بما في ذلك الخيم ومواد البناء، بنسبة تصل إلى 300%، في ظلّ إغلاق المعابر وشحّ المساعدات الدولية.
التصعيد الإسرائيلي الأخير يعيد إلى الأذهان ذكريات الحرب الدامية في غزة.
يعيش الفلسطينيون على وقع الغارات الجوية المكثفة التي طالت كافة مناطق القطاع المُحاصر في خطوة تقول إسرائيل إنها تهدف إلى الضغط على حركة حماس حتى تفرج عن عشرات الرهائن المحتجزين لديها.
ولم تقتصر الضربات على الغارات الجوية، بل توسعت إسرائيل في عملياتها عبر شنّ عملية برية محدودة شمال وغرب غزة، ما أدى إلى نزوح مئات العائلات من منازلهم وسط تدهورٍ كارثي في الأوضاع المعيشية.
وقد خلف القصف الجوي والبري مئات القتلى والجرحى بينهم أطفال ونساء، في مشهدٍ يُعيد إنتاج المأساة الإنسانية التي طالما عانى منها سكان القطاع.
هذا التصعيد، الذي يأتي في ظلّ بنية تحتية مُتداعية وحصار مستمر منذ 17 عامًا، يُفاقم من كوارث إنسانية قائمة بسبب الحرب، حيث انهارت خدمات الصحة والكهرباء والمياه، بينما تُحذّر منظمات دولية من انزلاق الوضع إلى معاناة يصعب احتواؤها.
العمليات العسكرية تتوسع جنوبًا..وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن الخميس 20مارس/آذار توسيع نطاق عمليته البرية ليشمل منطقة "الشابورة" في رفح بأقصى جنوب قطاع غزة، بعد يومٍ من شن عمليات "محدودة" في وسط القطاع وجنوبه، وسط إغلاقٍ للطريق الرئيسي بين شمال غزة وجنوبها، في خطوةٍ تفسرها تحليلات عسكرية بمحاولة عزل المناطق وقطع الإمدادات.
الآلاف على طريق النزوح مجددًا.. شهادات على حجم المأساةوسط هذا التصعيد، ألقت المقاتلات الحربية الإسرائيلية، مناشير فوق مناطق واسعة شمال وجنوب قطاع غزة، تدعو السكان إلى "التوجه فورًا إلى المناطق الغربية للمدن"، تمهيدًا لتكثيف القصف على الأحياء الشرقية للقطاع. وقد أعاد القرار إشعال أزمة النزوح المزمنة التي يعيشها آلاف العائلات منذ نحو عام ونصف، في ظلّ غياب مناطق آمنة مُعلنة، ما دفع بالمئات إلى النوم في الشوارع أو المخيمات المُكتظة، تحت وطأة ظروف معيشية كارثية.
في تفاصيل المُعاناة الإنسانية، يحكي المواطن أبو مصطفى نعيم من بيت حانون، كيف اضطر إلى الفرار مسرعًا مع عائلته قبيل غروب الأمس، بعد إطلاق نار كثيف بالقرب من منزله، وتوزيع مناشير إسرائيلية تهدد بتدمير المنطقة: "لم نتمكن من حمل أي شيء سوى ملابسنا.. لا نعرف أين نذهب، فكل المناطق خطرة". ويضيف، من منطقة "الجندي المجهول" التي استقر بها مؤقتًا: "حتى الخيم لم تعد متاحة.. أسعارها خيالية، والخدمات شبه منعدمة".
لا يختلف حال زكي نعيم عن جاره أبو مصطفى، فبعد 15 عملية نزوح متكررة خلال أشهر الحرب، اضطر مرة أخرى إلى مغادرة منزله في بيت حانون، معتبرًا أن "الحرب لم تتوقف حقًا حتى خلال الهدنة"، في إشارة إلى الشهرين الماضيين اللذين شهدا هدوءًا نسبيًا: "كنا نحاول إصلاح ما تبقى من منازلنا.. لكن القصف عاد ليُحطم كل شيء من جديد".
يختم زكي نعيم حديثه برسالة مُلحّة إلى المجتمع الدولي: "كل يوم نُشاهد أطفالنا يموتون تحت الأنقاض أو من البرد والجوع.. إلى متى سنظلُّ ضحايا صمت العالم؟".
من جانبه يروي عاطف معروف من بيت لاهيا كيف اضطر إلى الفرار من منزله القريب من المناطق الحدودية مع عائلته للمرة الثالثة خلال شهر: "لم نعد نعرف وجهة آمنة.. كل المناطق تحت القصف". ويضيف، من مخيم نزوح مؤقت في مدينة غزة: "حتى الخيم لم تعد تحتمل الازدحام.. لا خدمات صحية ولا مياه نظيفة، نعيش على فتات المساعدات".
مأساة مُركَّبة: غلاء ونقص في الخدماتتُفاقم أزمة النزوح من تداعيات الأوضاع الاقتصادية المُنهارة في القطاع، حيث تُشير تقارير محلية إلى تضاعف أسعار المواد الأساسية، بما في ذلك الخيم ومواد البناء، بنسبة تصل إلى 300%، في ظلّ إغلاق المعابر وشحّ المساعدات الدولية. كما تتعطل خدمات الصحة والصرف الصحي في المناطق التي يلجأ إليها النازحون، فيما تحذّر منظمات إغاثة من تفشي الأوبئة بسبب الازدحام وانعدام المياه النظيفة. وآخر هذه التحذيرات صدر من منظمة أطباء بلا حدود هذا الأربعاء. حيث صرحت أن سكان غزة يجدون أنفسهم مجبرين على شرب مياه غير صالحة وأن إسرائيل تمنعهم من الوصول إلى هذه المادة الحيوية.
مجاعة تلوح في الأفق.. مطالبات دولية بوقف "التجويع الممنهج" لإسرائيلفي ظل استمرار الحصار الإسرائيلي المطبق على غزة والمستمر منذ أكثر من 15 شهرا، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع ، أن أكثر من 2.4 مليون فلسطيني يواجهون خطر الموت جوعاً وعطشاً بسبب منع إسرائيل دخول الغذاء والدواء والوقود، مُحذراً من تداعيات سياسة "التجويع والتعطيش الممنهجة" الممارسة كجزء من حرب إبادة جماعية وفق تعبيره..
وأكّد البيان أن إسرائيل "تتعمّد تدمير البنية التحتية وشلّ خدمات المياه والكهرباء، بينما تُعيق وصول قوافل الإغاثة، ما أدى إلى انهيار النظام الصحي وانتشار الأوبئة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني. ودعا المجتمع الدولي إلى "تحمّل مسؤولياته بوقف هذه الجريمة، والضغط فوراً لفتح المعابر، وإنهاء الحصار الذي حوّل غزة إلى سجن مفتوح". وفق البيان.
انهيار للمنظومة الصحية في غزة.. وتحذيرات من "موت سريري" للمستشفياتفي خضمّ الموجة العسكرية الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، انهارت خدمات الرعاية الصحية بشكل شبه كامل، مع تضاعف أعداد الضحايا وتواصل إغلاق المعابر أمام دخول الإمدادات الطبية. وتشير تقارير ميدانية إلى أن الكوادر الطبية تعمل فوق طاقتها لاستيعاب العدد الكبير من القتلى والمصابين، بينما تختنق أقسام الطوارئ بالمرضى وسط نقصٍ حادّ في الأدوية والمعدات.
يُوضح الدكتور خليل الدقران، الناطق باسم مستشفى شهداء الأقصى، أن الموجة الأخيرة من التصعيد "شغلت الكادر الطبي بشكل كامل"، مضيفًا في حديثه "نعمل بلا وقودٍ كاف لتشغيل المولدات، وأسرّة المرضى مُكدَّسة في الممرات.. حتى المسكّنات البسيطة لم تعد متوفرة".
ويشير إلى أن إغلاق المعابر ومنع دخول الشحنات الطبية منذ مطلع مارس/آذار الحالي "يحوّل المستشفيات إلى مبان خرسانية بلا قدرة على العلاج".
Relatedارتفاع جنوني في الأسعار في غزة.. القطاع بين الحصار الإسرائيلي والاحتكار المحليكتبٌ تُحرق.. مع شحّ غاز الطهي في غزة أصبحت المؤلفات هي الوقود أرقام صادمة.. 30 ألف يتيم على الأقل في غزة فأي مصير ينتظر هؤلاء؟إغلاق المعابر وقرار التصعيد يُعيد شبح "التوقيف الكلي
ومع استمرار القصف الإسرائيلي وتحذيرات الجيش من توسيع عملياته البرية، يُحذّر الدقران من أن استمرار الوضع الحالي "سيُعيد مشاهد توقف المستشفيات عن العمل وتظهر بيانات وزارة الصحة في غزة أن 65% من الأدوية الأساسية نفدت، بينما تعتمد العيادات على إسعافات أولية لا تُجاري حجم الإصابات.
يختم الدقران حديثه بتحذيرٍ من أن المنظومة الصحية المتهالكة أصلا "ستسقط قريبًا إذا لم تُفتح المعابر"، مُطالبًا المنظمات الدولية بالضغط لـ"وقف استخدام الطب كسلاح حرب".
في ظل تعثُّر الانتقال إلى مرحلة تفعيل اتفاق وقف إطلاق النار، واستمرار التصعيد الإسرائيلي، تترسخ أزمات النزوح وانهيار المنظومة الصحية كسِماتٍ يومية في غزة، التي تشهد تصاعداً غير مسبوق في عدد الفلسطينيين الذين قُتلوا منذ بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث تجاوز عتبة الخمسين ألفًا.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية زعيم المعارضة التركية يزور إمام أوغلو في سجنه شروط أمريكية على سوريا مقابل رفع جزئي للعقوبات... هل يستطيع الرئيس السوري تلبيتها؟ هدنة برعاية أمريكية.. اتفاق بين موسكو وكييف بشأن أمن الطاقة والملاحة البحرية مستشفياتمجاعةحركة حماسقصفحصارإسرائيلالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب روسيا إسرائيل أوكرانيا دفاع سوريا دونالد ترامب روسيا إسرائيل أوكرانيا دفاع سوريا مستشفيات مجاعة حركة حماس قصف حصار إسرائيل دونالد ترامب روسيا إسرائيل أوكرانيا دفاع قوات الدعم السريع السودان السياسة الأوروبية سوريا المملكة المتحدة الخرطوم حروب اليمن إغلاق المعابر یعرض الآنNext بینما ت فی غزة
إقرأ أيضاً:
صحة غزة: ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 54 ألفا و772 شهيدا
غزة – أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، امس السبت، ارتفاع حصيلة ضحايا الإبادة الجماعية التي تواصل إسرائيل ارتكابها في القطاع الفلسطيني منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إلى “54 ألفا و772 شهيدا، و125 ألفا و834 مصابا”.
وقالت الوزارة في تقريرها الإحصائي اليومي، إن مستشفيات القطاع استقبلت خلال 48 ساعة “95 شهيدا و304 إصابات” ” جراء استمرار القصف الإسرائيلي على القطاع.
وبيّنت في تقريرها ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين خلال محاولتهم الحصول على مساعدات إنسانية من مراكز “المساعدات الأمريكية – الإسرائيلية” جنوبي القطاع إلى “110 شهداء بينهم 10 وصلوا إلى المستشفيات خلال الـ48 ساعة الماضية”.
بينما ارتفع عدد مصابي توزيع المساعدات في القطاع إلى “1000 بعد تسجيل أكثر من 110 إصابة جديدة” خلال اليومين الماضيين.
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة، بدأت إسرائيل في 27 مايو/ أيار الماضي، تنفيذ مخطط لتوزيع “مساعدات إنسانية” عبر “مؤسسة غزة الإنسانية” المدعومة أمريكيا وإسرائيليا، ويقول فلسطينيون إن المخطط يستهدف تهجيرهم من شمال القطاع إلى جنوبه.
ويأتي ذلك بينما تغلق إسرائيل منذ 2 مارس/ آذار الماضي بشكل محكم معابر غزة بوجهة شاحنات إمدادات ومساعدات مكدسة على الحدود.
ولم تسمح إلا بدخول عشرات الشاحنات فقط، بينما يحتاج الفلسطينيون في غزة إلى 500 شاحنة يوميا كحد أدنى.
وفي السياق، أوضحت الوزارة أن حصيلة الضحايا الفلسطينيين منذ استئناف إسرائيل إبادتها في 18 مارس الماضي ارتفعت إلى “4497 شهيدا و13793 مصابا”
وبذلك، ارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ 7 أكتوبر 2023، إلى “54 ألفا و772 شهيدا، و125 ألفا و834 مصابا”.
ولا يزال هناك عدد من الضحايا تحت ركام المنازل المدمرة وفي الطرقات حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم، وفق تقرير الوزارة.
ومطلع مارس الماضي، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حركة الفصائل وإسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني 2025، بوساطة مصرية قطرية وإشراف أمريكي.
وبينما التزمت حماس ببنود المرحلة الأولى، تنصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، من بدء مرحلته الثانية استجابة للمتطرفين في ائتلافه الحاكم، وفق إعلام عبري.
واستأنفت إسرائيل منذ 18 مارس الماضي، جرائم الإبادة عبر شن غارات عنيفة على نطاق واسع استهدف معظمها مدنيين بمنازل وخيام تؤوي نازحين فلسطينيين، فيما أعلن جيشها في 8 مايو الماضي، بدء عملية “عربات جدعون” لتوسيع الحرب على غزة بما يشمل هجمات برية في أنحاء مختلفة.
ومنذ 7 أكتوبر 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بغزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وقبل الإبادة حاصرت إسرائيل غزة طوال 18 عاما، واليوم بات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل 2.4 مليون، بلا مأوى بعد أن دمرت الحرب مساكنهم.
الأناضول