تكريم 250 طالبًا من مدارس جيل القرآن الكريم بهمدان
تاريخ النشر: 28th, March 2025 GMT
الثورة نت/..
كرًم المجلس المحلي والتعبئة بمديرية همدان، محافظة صنعاء اليوم، 250 طالبًا من المتميزين والمتفوقين من مدارس جيل القرآن على مستوى المديرية.
وفي التكريم، بارك مدير المديرية فهد عطية، للطلاب تميزهم وتفوقهم في دراستهم وبما نهلوا من علوم القرآن وفيض العلم.
ونوه بدور مدارس جيل القرآن في تسليح الأجيال والوعي والثقافة والإيمان، مشيرًا إلى أهمية مواصلة التحصيل العلمي والعمل به قولا وعملا لتعزيز الوعي المجتمعي والحفاظ على الهوية الإيمانية التي عمل أعداء الأمة على مسخها والقضاء عليها.
ودعا إلى الالتحاق بالمدارس لتلقي العلم النافع وتحصين النشء من مخاطر الثقافات المغلوطة والتسلح بالهوية الإيمانية والثقافة القرآنية.
تخلل الحفل بحضور مسؤول التعبئة وقيادات تربوية وكوادر تعليمية وعلماء، تسليم الطلاب المتفوقين شهادات التكريم.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
طريق النهضة: التعليم والثقافة «خارطة التعليم»
في مقالي السابق حاولت البرهنة على أن التعليم والثقافة هما الطريق الذي يؤدي إلى إمكان قيام أية نهضة حقيقية لدولة ما؛ بحيث يصبح لها مكان في مصاف الدول المتقدمة. وفي مقالي هذا أحاول رسم الخطوط العريضة أو الملامح الرئيسة التي تبين معالم هذا الطريق، ولنبدأ بتناول خارطة التعليم. وبطبيعة الحال؛ هناك دراسات ومقالات لا حصر لها حول إصلاح التعليم في العالم العربي قام بها كثير من المفكرين المهتمين بالشأن العام وبأسئلة النهضة، فضلًا عن أساتذة متخصصين في شؤون التعليم يعكفون على الدوام على البحث في تطوير مناهج وطرق التعليم.
ولكن أغلب هذه الدراسات قد غرقت في أمور تتعلق بتفاصيل عديدة متغيرة ومتضاربة على الدوام، دونما التفات إلى الشروط الأولية لنهضة التعليم الذي لم يتطور كثيرًا منذ نشأته الحديثة في العالم العربي، بل إنه قد تدهور في بعض البلدان التي لها تاريخ طويل من هذا المسار. ولذلك؛ فسوف أحاول هنا أن أتناول ببساطة بعضًا من هذه الشروط التي هي بمثابة معالم لخارطة الطريق.
أول معالم التعليم الجيد أو المتطور أن يكون تعليمًا ليبراليًّا؛ أعني أن يكون تعليمًا حرًّا مستقلًا عن أية سلطة، سواء كانت سلطة سياسية أو دينية، حتى إذا كان التعليم يتعلق بعلوم الدين؛ لأن علوم الدين نفسها ينبغي أن تخضع لمناهج البحث المعاصرة في العلوم الإنسانية، وعلى رأسها التأويل! ووفقًا لمدى تحقق شرط ليبرالية التعليم يمكننا أن نحكم على مدى تطور التعليم؛ فتحقق هذا الشرط يبقى شاهدًا على تطور التعليم في كل عصر.
ولذلك نجد أن التعليم كان متطورًا في الحضارة اليونانية القديمة في فترة تألق الديمقراطية الأثينية بوجه خاص، وشيوع الفكر والتعليم الحر. والحقيقة أن التعليم الليبرالي كان يُقال دائمًا في مقابل التعليم المهني الذي يهدف إلى إعداد حرفيين في مختلف المجالات . وعلى الرغم من أهمية هذا المجال الأخير فيما يتعلق ببناء الدولة؛ فإن التعليم الليبرالي يظل هو مجال الإبداع على الأصعدة المعرفية كافة؛ لأنه يؤكد على الفردانية، وتعزيز إنتاج رؤى خاصة بالمرء، والتحرر من الأيديولوجيات في توجيه المعرفة ومن النزعات الدوجماطيقية (أو الإيقانية) ضيقة الأفق.
المَعلَم الثاني للطريق أو المسار هو اتباع طرق ومناهج التعليم المتطور في عالمنا الراهن؛ فبدلًا من التخبط يمينًا ويسارًا كل فترة في أثناء البحث عن مسار، يمكننا ببساطة اتباع برامج التعليم المتطورة في أفضل الجامعات المرموقة عالميًّا ،وهنا ينبغي أن نلاحظ أن هذه الجامعات ليست على مستوى واحد في كل المجالات، بل إن جامعات بعينها تُعد هي الأفضل في مجالات بعينها. وربما يُقَال هنا إن برامج التعليم لا ينبغي استيرادها؛ لأن التعليم مرتبط بالهوية! ولكن هذا القول غافل عن أن مناهج البحث في العلوم لا وطنَ لها، فعلى الرغم من أنها تنشأ في وطن ما، إلا أنها سرعان ما تستوطن مواطن أخرى، وهذا يصدق على العلوم الطبيعية مثلما يصدق على العلوم الإنسانية.
وفضلًا عن ذلك؛ فإن اتباع برامج ومناهج التعليم المتطورة في عالمنا لا يتعارض مع دعم البرامج الدراسية بالمجالات المعرفية التي تسهم في تأكيد الهوية كدراسة تاريخ الوطن وتراثه، بل إن التعليم الليبرالي يؤكد على تعزيز قيم المرء وثقافته مع احترام الثقافات المغايرة. لكن الأهم من ذلك أن نلاحظ تطوير التعليم العالي والبحث العلمي وفقًا لهذا المسار؛ هو أمر يتطلب اتخاذ هذا المسار نفسه في مراحل التعليم الأدنى.
المَعلَم الثالث للطريق هو أن الطريق لا يسير في اتجاه واحد، وإنما في اتجاهين: أعني أن المسار السابق الذي يتجه إلى استيراد برامج وطرق التعليم ينبغي أن يكون في مقابله مسار آخر في الاتجاه المعاكس، وهو المسار الذي يتوجه نحو إيفاد الدارسين للتعلم في الجامعات والمعاهد المرموقة حول العالم؛ لأن هذا يؤدي إلى تأسيس أجيال من العلماء والأساتذة القادرين على الإبداع في العلم وسائر المعارف في بلدانهم الأصلية.
وليس هذا بالأمر الثانوي في نهضة التعليم، ومن ثم في نهضة الدول، بل إنه أمر أساسي لا غنى عنه. ويكفي أن نتذكر في هذا الصدد نهضة التعليم الحديث في مصر على يد محمد علي الذي قام بإيفاد البعثات الدراسية إلى أعرق الجامعات الأوروبية في مختلف العلوم والمعارف الإنسانية -بجانب تأسيس جيش قوي-. وقد عاد الدارسون ليؤسسوا مدارس (أي كليات) متخصصة في مختلف المجالات العلمية وغير العلمية، وليشيعوا روح الفكر والتعليم الليبرالي.
وكان من نتائج ذلك أن نشأت حركة نهضة قوية في مصر دامت حتى نهاية النصف الأول من القرن الفائت، حتى إن اليابانيين أنفسهم قد أتوا إلى مصر؛ للتعرف على تجربة النهضة في عصر محمد علي! ولكن التعليم تدهور تدريجيًّا بعد ذلك، وتقلص إلى أبعد حد إيفاد البعثات الدراسية إلى الخارج. ولنا في التاريخ عِبَر.
وبوجه عام يمكن القول إن التعليم في معظم بلدان العالم العربي لا يزال غير قادر على الاستفادة الحقيقية من برامج وطرق التعليم المتطورة، ولا يزال غارقًا في مفهوم التعليم الحرفي أو التقني، وفي تفاصيل جزئية هائلة عن جودة التعليم التي تُعنى بالتتبع الإحصائي لمدى الوفاء بمتطلبات شكلية، دونما اهتمام بأهداف التعليم واستراتيجياته، وشروطه أو أولوياته.