أعلن الجيش السوداني الجمعة أنه سيطر بالكامل على الخرطوم، بعد حوالى عامين على خسارته العاصمة أمام قوات الدعم السريع، وفي أعقاب عملية واسعة شهدت استرجاع الجيش للقصر الرئاسي والمطار ومنشآت حيوية أخرى في الخرطوم.

التغيير ــ وكالات

وقال المتحدث باسم الجيش نبيل عبد الله في بيان صدر مساء الخميس “تمكنت قواتنا اليوم… من تطهير آخر جيوب لشراذم ميليشيا آل دقلو الإرهابية بمحلية الخرطوم”، في إشارة إلى قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو التي تخوض حربا مع القوات السودانية منذ أبريل 2023.

وكان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أعلن الأربعاء أن “الخرطوم حرة وانتهى الأمر” متحدثا من القصر الرئاسي حيث وصل لأول مرة منذ عامين.
وبعد عام ونصف عام من الهزائم، بدأ الجيش السوداني عملية عسكرية من وسط السودان نحو الخرطوم حقق فيها تقدما كبيرا على الأرض.

وكان البرهان نفسه قد أجبر على الهرب قبل نحو عامين عند تقدم قوات الدعم السريع بقيادة شريكه السابق محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي.

وتسبب هذا الصراع الدامي في سقوط عشرات الآلاف من القتلى ونزوح أكثر من 10 ملايين نازحين في داخل البلاد.

وبعد خسائرها المتتالية، هربت قوات الدعم السريع من العاصمة عبر جسر جبل أولياء آخر مخارج العاصمة باتجاه الجنوب، فيما شوهدت أجواء فرحة في كثير من أحياء الخرطوم.

البرهان يستعيد “زمام الأمور”

أطلق الجيش هجومه على الخرطوم منذ  سبتمبر الماضي في تحول مهم للحرب مع قوات حميدتي. وكانت قوات الدعم السريع تسيطر على النقاط الاستراتيجية للعاصمة ومنها المطار الدولي والقصر الرئاسي وعدة مواقع عسكرية.

“عودة عبد الفتاح البرهان إلى القصر الرئاسي لها رمزية كبيرة في داخل البلاد كما في خارجها” وفق الباحث المختص في السودان مارك لافيرني، الذي يضيف “البرهان يقول بأنه القائد الشرعي للبلاد وكأنه اليوم يريد أن يؤكد للعالم بأنه استعاد زمام الأمور”.
ولكن عودة البرهان إلى الواجهة تطلبت وقتا طويلا. ففي بداية الحرب ومع الاختراقات التي حققتها قوات الدعم السريع، اضطر البرهان إلى نقل قيادة قواته العسكرية إلى بورت سودان، أهم ميناء في البلاد يقع على البحر الأحمر، ويبعد نحو 700 كلم شمال شرق العاصمة.

ولم يستطع الجيش مذاك كبح تقدم قوات الدعم السريع إلى خارج دارفور معقلها التاريخي، ونجحت في السيطرة على مناطق في شمال وجنوب الخرطوم. وكبدت قوات حميدتي الجيش في نهاية سنة 2023 هزيمة مذلة من خلال سيطرتها على واد مدني عاصمة ولاية الجزيرة. إلا أن الجيش قلب المعطيات وتمكن في كانون الثاني يناير 2025 من السيطرة على مناطق يسكنها 400 ألف نسمة.

قوات حميدتي في تقهقر مستمر

بالنسبة إلى مارك لافيرني، فإن تغير ميزان القوى لصالح الجيش دليل على حالة “الإنهاك” في صفوف قوات حميدتي ويضيف: “قوات الدعم السريع ليست متكونة من جنود محترفين بتسلسل قيادة حقيقي وتنظيم لوجستي. لقد أرادوا الضرب بقوة وسرعة في البداية وسيطروا على أراضي شاسعة بدون أن تكون لهم القدرة على إدارتها”.
منذ بداية الحرب، تم رصد انتهاكات مروعة من الطرفين. ويتهم الجيش بشن غارات عشوائية ما تسبب في مقتل عدد كبير من المدنيين. وآخرها كانت ضربة على مدينة تورا في إقليم دارفور أودت بحياة المئات من الضحايا وفق شهود عيان.

إلا أن قوات حميدتي متهمة بارتكاب عدد أكبر من المجازر وينظر إليها على أنها أكثر عنفا. “إنهم قطاع طرق يأخذون ما يعترضهم في الأراضي التي يسيطرون عليها” وفق لافيرني.

وهذه الممارسات شوهت صورة قوات الدعم السريع وقدرتها على الاندماج مع السكان وانتداب مقاتلين منهم. وتواجه قوات حميدتي أيضا انشقاقات أبرزها للقائد العسكري أبو عقلة كيكل الذي انضم إلى الجيش في أكتوبر 2024.

قلق من مجازر في دارفور

كان ينظر إلى ميزان القوى بين الجيش والدعم السريع على أنه متوازن نسبيا، رغم التفوق الجوي المهم لقوات البرهان بفضل قواتها الجوية. ومع تعودها على حرب الشوارع، تملك قوات الدعم السريع ترسانة مهمة تشمل المسيرات والصواريخ يزعم أنها حصلت عليها من الإمارات، الداعم الخارجي الأول لحميدتي، فيما تنفي أبوظبي تسليم أسلحة لهذه القوات.

وأمام المصاعب الميدانية، قام حميدتي في الأشهر الأخيرة بجولة دبلوماسية إقليمية شملت أوغندا وإثيوبيا وكينيا. وبحثا عن الشرعية، أعلن حميدتي في فبراير من نيروبي تشكيل “حكومة موازية” تهدف إلى الإدارة المباشرة للمناطق التي تسيطر عليها قواته. وهي مبادرة رفضها قطعيا البرهان الذي اتهم الرئيس الكيني كينيان وليام روتو بدعم غريمه.

هنا، يخلص لافيرني إلى القول “دول شرق أفريقيا التي استقبلت حميدتي كان بإمكانها الحصول على ثقل أكبر في مرحلة التفاوض. إلا أنه على المستوى العسكري، لا أرى أية فرصة لقوات الدعم السريع لقلب المعادلة”.

من جهته، أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الخميس أن الولايات المتحدة ستسعى لبذل مزيد من الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في السودان.

وقال الوزير الأمريكي إنه “منخرط” في الشأن السوداني، مشيرا إلى أنه ناقش هذه المسألة في الأيام الأخيرة مع أطراف دولية، من بينهم الرئيس الكيني وليام روتو ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.

ومع احتفال الجيش في الخرطوم بنهاية المعارك في العاصمة، يخشى مراقبون من أن يؤدي انكفاء قوات الدعم السريع في دارفور، التي ما زالت تسيطر عليها، إلى موجة عنف جديدة ضد الإثنيات غير العربية التي كثيرا ما تتعرض للاستهداف من قبل قوات حميدتي. في يناير كانون الثاني، اتهمت الولايات المتحدة قوات الدعم السريع بارتكاب إبادة عرقية هناك، ونددت بعمليات قتل ممنهجة لـ”الرجال والأولاد بمن فيهم الرضع، على أساس عرقي”.

نقلا عن الفرنسية 24

النص الفرنسي: دافيد ريش/ نقله إلى العربية: عمر التيس

الوسومالإنهاك الجيش الخرطوم الدعم السريع

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الإنهاك الجيش الخرطوم الدعم السريع

إقرأ أيضاً:

السودان: 9 وفيات و153 حالة اشتباه بالكوليرا في ولاية سنار

يشير انتشار الكوليرا في السودان إلى خطورة الوضع الصحي، مما يتطلب تدخلًا فوريًا وعاجلًا من الجهات المعنية للسيطرة على انتشار الوباء.

سنار: التغيير

أعلنت وزارة الصحة في ولاية سنار- شرقي جنوبي السودان، عن رصد 153 حالة اشتباه بالكوليرا، حيث تم تسجيل 123 حالة شفاء و9 حالات وفاة، بينما تتواجد 12 حالة في مراكز العزل.

وضرب وباء الكوليرا عدداً من ولايات السودان بينها العاصمة الخرطوم والجزيرة ونهر النيل، في ظل ترد كبير في الخدمات الطبية إثر تضرر البيئة والبنية الصحية والاقتصادية جراء تداعيات حرب 15 ابريل 2023م بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

ووجه مواطنو منطقة ود النيل بولاية سنار نداءً عاجلاً إلى وزير الصحة بالولاية للتدخل الفوري والعاجل لاحتواء تفشي الكوليرا في المنطقة.

وطالب الأهالي بالتدخل الفوري عبر إرسال فرق الاستجابة السريعة وتقديم الدعم بالمستلزمات الصحية، والبدء في حملات توعوية عاجلة وضمان إجراءات التعقيم اليومي داخل المؤسسات الصحية.

وفي الأثناء، نفذت وزارة الصحة حملات إصحاح بيئة ورش ضبابي ورزازي وتوعية بالكوليرا، وأكدت مدير الإدارة العامة للرعاية الصحية بوزارة الصحة في الولاية فاطمة محمد عبد الحليم، أهمية استمرارية هذه الجهود لمحاصرة الكوليرا.

دعم دوائي

والتقى مفوض العون الإنساني بولاية سنار محمد عبد الفتاح بادي، بوفد منظمة أطباء بلا حدود البلجيكية، حيث سلمت المنظمة وزارة الصحة إمدادًا دوائيًا لصيدلية الطوارئ ومعمل الحوادث في مستشفيي سنجة وسنار التعليميين.

ويشهد السودان تدهورًا مقلقًا في الأوضاع الصحية، خاصة مع تفشي كبير لوباء الكوليرا القاتل.

وتأثر الوضع بشكل كبير بانقطاع التيار الكهربائي عن محطات المياه، مما أدى إلى نقص في المياه النظيفة الصالحة للشرب. وقد لجأ المواطنون إلى الاعتماد على مياه شرب غير نظيفة، مما تسبب في انتشار الكوليرا وأوبئة أخرى مثل حمى الضنك والإسهالات المائية.

الكوليرا

وبلغ عدد الوفيات بمرض الكوليرا في الخرطوم 1540 حالة خلال ثلاثة أيام، وسط انعدام الخدمات الطبية.

كما انتشر الوباء في 6 ولايات سودانية تشمل الخرطوم، الجزيرة، نهر النيل، الشمالية، سنار وشمال كردفان.

وفي تفاصيل الإحصائيات، بلغ عدد الوفيات في ولاية الجزيرة 45 حالة، و33 حالة في نهر النيل، و57 حالة في شمال كردفان.

وتشير الأرقام إلى خطورة الوضع الصحي في السودان وتتطلب تدخلًا فوريًا وعاجلًا من الجهات المعنية للسيطرة على انتشار الوباء.

الوسومأطباء بلا حدود البلجيكية الجزيرة الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان الشمالية الكوليرا حرب 15 ابريل 2023م سنار كردفان نهر النيل

مقالات مشابهة

  • غرفة طوارئ معسكر أبو شوك بمدينة الفاشر: ظروف إنسانية صعبة وتحديات أمنية جراء القصف المدفعي المستمر من قبل الدعم السريع
  • هجمات بالمسيّرات وتحركات ميدانية كثيفة.. معارك ضارية بين الجيش السوداني و«الدعم» في كردفان
  • السودان: 9 وفيات و153 حالة اشتباه بالكوليرا في ولاية سنار
  • د. حسن محمد صالح: من حول الدعم السريع الي المشروع الغربي العلماني؟
  • القصة برواية “قحت” عن المليشيا
  • حرب المسيّرات تغيّر قواعد اللعبة في السودان… «الدعم السريع» يوسّع سيطرته من الجو
  • شاهد بالفيديو.. شيبة ضرار: (أنا رتبتي فريق مدينة لكن المرحوم حميدتي فريق خلا)
  • تصاعد المعارك بين الجيش و الدعم السريع في دارفور وكردفان
  • السودان بين سيطرة الجيش وتصعيد الدعم السريع.. قصف إغاثي وحصار مستمر
  • شاهد بالصورة والفيديو.. وسط سخرية غير مسبوقة.. “حميدتي” يرقي جندي بالدعم السريع لرتبة “ملازم أول” على الهواء والجندي يحرجه ويظهر برتبة “نقيب”