قانون مكافحة أعداء أميركا يعرف اختصارا باسم "كاتسا"، وهو أداة سياسية تهدف إلى فرض العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية على الدول والكيانات التي تعتبرها الولايات المتحدة خطرا على أمنها القومي ومصالحها الإستراتيجية، وبموجبه تُمنع الشركات الأميركية من التعامل مع الكيانات الخاضعة للعقوبات.

يفرض القانون ضغوطا اقتصادية وسياسية على هذه الدول، بعقوبات صارمة تستهدف الجهات المتعاملة معها، مما يجعله إحدى أقوى الأدوات التي تستخدمها أميركا لمحاصرة خصومها الدوليين.

ويحدد القانون 12 نوعا من العقوبات التي يجب تفعيل ما لا يقل عن 5 منها على الأقل ضد البلدان المستهدفة، كما يمنح السلطات الأميركية صلاحية معاقبة الأطراف التي تدخل في معاملات كبيرة مع هذه الدول.

تشريع القانون

في يونيو/حزيران 2017، صوت مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية 98 صوتا لصالح مشروع القانون مقابل صوتين ضده، وكان تعديلا على قانون العقوبات المفروض على إيران.

وبعد موافقة الكونغرس، وقّع الرئيس دونالد ترامب على القانون، ودخل حيز التنفيذ رسميا في أغسطس/آب 2017، وكان يهدف إلى مواجهة التهديدات الخارجية التي تعتبرها الولايات المتحدة خطرا على أمنها القومي ومصالحها الإستراتيجية.

استند القانون إلى مقترح قدّمه أعضاء من الحزبين بمجلس الشيوخ في يناير/كانون الثاني 2017، ردا على استمرار التدخل الروسي في أوكرانيا وسوريا، فضلا عن مزاعم تدخلها في الانتخابات الأميركية لعام 2016.

ويهدف القانون إلى تحويل العقوبات المفروضة سابقا بأوامر تنفيذية رئاسية إلى تشريع مُلزم، كما شمل أحكام "قانون مواجهة النفوذ الروسي في أوروبا وأوراسيا"، الذي طرحه السيناتور بن كاردين في مايو/أيار 2017.

إعلان تداعيات سَن القانون

جاء قانون مواجهة أعداء أميركا بالعقوبات نتيجة عدد من الأحداث التي كانت لها تداعيات جيوسياسية واسعة، أبرزها التهديدات المرتبطة بإيران وروسيا وكوريا الشمالية.

وأحد الدوافع الرئيسية وراء سن القانون، كان برنامج الصواريخ النووية الإيراني، إذ ترى الولايات المتحدة، أن أي تقدم في هذا البرنامج قد يؤدي إلى زعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط، خاصة في ظل التهديدات المتكررة التي أطلقتها إيران ضد إسرائيل.

وبموجب القانون، يمتلك الرئيس الأميركي سلطة فرض عقوبات على أي جهة يثبت تورطها في بيع أو نقل التكنولوجيا العسكرية إلى إيران.

كما استهدف القانون الحد من النفوذ الروسي، إذ كان للتحركات السياسية الروسية دور أساسي في فرض العقوبات. ووفقا للقانون يمكن للولايات المتحدة فرض عقوبات على روسيا إذا تورطت، هي أو أفراد تابعون لها في أنشطة تشمل الأمن السيبراني ومشاريع النفط الخام والمؤسسات المالية والفساد وانتهاكات حقوق الإنسان وغيرها من المجالات التي تؤثر على الاستقرار الدولي.

أما فيما يخص كوريا الشمالية، فقد جاء القانون باعتباره إجراء رادعا لمواجهة برنامجها النووي وأسلحة الدمار الشامل.

قائمة العقوبات المحتملة عقوبات على الائتمان أو المساعدات من بنك الاستيراد والتصدير الأميركي. عقوبات على صادرات السلع والخدمات الأميركية. عقوبات على القروض الكبيرة من المؤسسات المالية الأميركية. السعي إلى حجب قروض من مؤسسات مالية عالمية تشمل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. عقوبات على المؤسسات المالية التي تحوز صناديق حكومية أميركية أو تقوم بدور متعامل أميركي رئيسي. عقوبات على مشتريات أميركية من السلع أو الخدمات. عقوبات على أي معاملات نقد أجنبي خاضعة للقانون الأميركي. عقوبات على أي مدفوعات أو تحويلات مصرفية خاضعة للقانون الأميركي. عقوبات على أي معاملات مرتبطة بالعقارات. عقوبات على أي استثمارات في أدوات الدين أو الأسهم الأميركية. رفض منح تأشيرات سفر موظفي الشركات ذوي الصلة بالكيان أو الشخص المستهدف بالعقوبات. عقوبات على المسؤولين التنفيذيين الرئيسيين الذين لهم صلة بالكيان أو الشخص المستهدف بالعقوبات. إعلان العقوبات المفروضة على روسيا

تُعتبر عقوبات قانون "كاتسا" على روسيا واحدة من أكثر الأدوات التي استخدمتها الولايات المتحدة للحد من نفوذ موسكو اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.

لم يقتصر تأثير هذه العقوبات على الاقتصاد الروسي فحسب، بل امتد أيضا إلى الشركات والدول الأخرى التي تتعامل مع روسيا، مما أدى إلى تضييق الخناق على الأنشطة التجارية والاستثمارية المرتبطة بها.

بموجب قانون "كاتسا"، تَوسع نطاق العقوبات المفروضة سابقا على الشركات والأفراد المتعاملين مع روسيا، وفرض عقوبات إلزامية جديدة على الشركات والأفراد الذين يدعمون موسكو في قطاعات حساسة. إضافة إلى تشديد القيود على قدرة الرئيس الأميركي على تخفيف العقوبات دون موافقة الكونغرس.

وحظر قانون "كاتسا" على الشركات الأميركية تقديم أي دعم تقني أو تكنولوجي لمشاريع النفط الروسية الجديدة، بما فيها عمليات التنقيب في القطب الشمالي والنفط الصخري.

وفرض قيودا صارمة على منح القروض أو التمويل طويل الأجل لشركات الطاقة الروسية والبنوك الكبرى، للتقليل من فرص موسكو في الحصول على استثمارات مالية أميركية.

كما منع الأميركيين من إجراء تعاملات مالية مباشرة مع المؤسسات الروسية الخاضعة للعقوبات، بهدف الحد من قدرة روسيا على الوصول إلى الأسواق المالية العالمية.

أسهمت هذه العقوبات في إضعاف الاقتصاد الروسي وتقليل قدرته على تطوير مشاريعه النفطية والتكنولوجية، كما أدت إلى تقليص حجم الاستثمارات الأجنبية في روسيا، إضافة إلى حدها من قدرة المؤسسات الروسية على التعامل مع الأسواق الدولية.

العقوبات المفروضة على إيران

فُرضت العقوبات على إيران بموجب قانون "كاتسا" بهدف الحد من أنشطتها التي تعتبرها الولايات المتحدة تهديدا للاستقرار الإقليمي والدولي. ويركز القسم المتعلق بإيران، المعروف باسم قانون مواجهة الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار (سي أي دي أيه أيه)، على تصعيد الضغوط على الحرس الثوري الإيراني ومنع إيران من امتلاك الأسلحة.

إعلان

ومن إحدى أبرز العقوبات المفروضة بموجب القانون المذكور استهداف الحرس الثوري الإيراني، وجميع المسؤولين والوكلاء التابعين له. وتأتي هذه العقوبات بناء على اتهام الولايات المتحدة هؤلاء بدعم "الإرهاب الدولي"، مما يجعل تعاملاتهم المالية والتجارية محفوفة بالمخاطر القانونية والاقتصادية، سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها.

إضافة إلى ذلك، يفرض القانون عقوبات على أي طرف يشارك في بيع أو نقل الأسلحة إلى إيران، وذلك في محاولة لمنعها من تطوير قدراتها العسكرية. يتماشى هذا الإجراء مع العقوبات التي سبق أن فرضها مجلس الأمن الدولي، لكنه يضيف المزيد من الضغط الاقتصادي والدبلوماسي.

العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية

استند قانون "كاتسا" في عقوباته على كوريا الشمالية إلى قانون تعزيز العقوبات والسياسات عليها لعام 2016، وشملت عقوبات "كاتسا" فرض تدابير إلزامية على الأفراد والكيانات المتورطة في أنشطة منها:

تصدير أو استيراد الأسلحة والخدمات الدفاعية من وإلى كوريا الشمالية. شراء أو الحصول على كميات كبيرة من المعادن، مثل الذهب والتيتانيوم والنحاس والفضة والنيكل والزنك والمعادن النادرة من كوريا الشمالية. بيع أو نقل كميات كبيرة من الوقود الصاروخي أو وقود الطائرات لكوريا الشمالية، باستثناء الرحلات المدنية المصرح بها. تقديم خدمات لوجستية، مثل التزود بالوقود للسفن والطائرات المرتبطة بأنشطة كوريا الشمالية المحظورة. توفير التأمين أو تسجيل السفن التابعة لحكومة كوريا الشمالية. إدارة حسابات مالية لصالح مؤسسات مالية كورية شمالية محظورة.

إضافة إلى ذلك، فرض قانون كاتسا عقوبات على الجهات الأجنبية التي توظف عمالا كوريين شماليين، ما لم تُدفع أجورهم مباشرة لهم، دون تحويل الأموال إلى حكومة كوريا الشمالية، ودون انتهاك معايير العمل الدولية.

العقوبات على تركيا

في عام 2019، تصاعدت التوترات بين أنقرة وواشنطن بسبب شراء تركيا منظومة الدفاع الجوي الروسية "إس-400" من روسيا، مما دفع الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات على أنقرة بموجب قانون كاتسا. وكانت هذه المرة الأولى التي تُفرض فيها عقوبات وفقا لهذا القانون على دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو).

إعلان

من هذه العقوبات حظرُ إصدار تراخيص التصدير الأميركية لمجمع الصناعات الدفاعية التركي، ومنع نقل أي سلع وتقنيات، إلى جانب منع منح القروض من المؤسسات المالية الأميركية، ومنع تقديم أي دعم من بنك الاستيراد والتصدير الأميركي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان العقوبات المفروضة الولایات المتحدة المؤسسات المالیة کوریا الشمالیة عقوبات على أی هذه العقوبات فرض عقوبات إضافة إلى التی ت

إقرأ أيضاً:

أميركا والصين تقتربان من لحظة الانفجار

لطالما حذّر خبراء السياسة من المخاطر التي يمثلها التنين الصيني على انفراد الولايات المتحدة بزعامة العالم. ولم يُخفِ زبيغنيو بريجنسكي، مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، انزعاجه من التطور المخيف والزحف السريع للصين، بل نبّه مرارًا إلى جدية التهديد الذي يشكله التقارب الصيني الروسي على استمرارية النظام العالمي الذي وضعت قواعده الولايات المتحدة، وهيمنت على مفاصله منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في تسعينيات القرن الماضي.

من المهم أن نستحضر في هذا السياق الكاتب الفرنسي ألان بيريفيتّ الذي أصدر كتابًا في سبعينيات القرن الماضي بعنوان مثير Quand la Chine s’éveillera, le monde tremblera "عندما تستيقظ الصين، سيرتجف العالم". فصعود الصين بهذه الخطوات الرصينة لا يمكن إلا أن يحدث زلزالًا عنيفًا داخل المنظومة الغربية برمتها، بل وفي كل العالم.

لكن المثير في الحكاية هو هذا الصبر اللافت والنَفَس الطويل الذي يتحلى به النموذج الصيني في سعيه لحجز مكانه إلى جانب الولايات المتحدة في قيادة العالم.

والغريب أيضًا أن الولايات المتحدة، المقتنعة إلى حد اليقين أن صعود الصين ومزاحمتها على قيادة العالم أصبحا حقيقة صادمة لا يمكن منعها ولا حتى صدها، وجدت نفسها في وضع لا تُحسد عليه، بعد أن خاضت حروبًا عديدة وفتحت على نفسها جبهات في العقود الثلاثة الماضية؛ من غزو أفغانستان إلى احتلال العراق، وأخيرًا الحرب الروسية الأوكرانية التي هي حرب أميركا بالأساس.

إعلان

هذه الحروب وغيرها- كما هو الحال في غزة أو الحرب بالوكالة المفتوحة مع إيران- أنتجت حالة من عدم الاستقرار، وفشلًا أميركيًا في الحفاظ على الأمن والسلام العالميَين.

كل ذلك استغلته الصين لرفع منسوب التحديات أمام الولايات المتحدة التي تبدو منشغلة ومهمومة بالخطر الصيني، خصوصًا بعد صمود روسيا في الحرب الأوكرانية التي خاضتها أميركا، وأوروبا عبر الدعم العسكري الواسع لكييف بهدف هزيمة موسكو، وتقزيم دورها، وقتل طموحها في العودة إلى سباق القوة والنفوذ.

فما هي إذن الملفات الساخنة في العلاقات الأميركية الصينية؟ التوترات الجيوسياسية حول تايوان

شهدت السنوات الأخيرة تصعيدًا غير مسبوق في حدة التوترات عبر مضيق تايوان. فمنذ انتخاب الحزب التقدمي الديمقراطي في تايوان عام 2016 برئاسة تساي إنغ ون، صعّدت بكين ضغوطها السياسية والعسكرية على الجزيرة، وخاصة بعد أن رفضت تساي تأييد مبدأ "صين واحدة" كما تراه بكين، ما دفعها إلى تكثيف مناوراتها العسكرية حول تايوان.

ففي عام 2022، أجرت الصين أربع مناورات عسكرية كبرى حول الجزيرة؛ ردًا على ما اعتبرته استفزازات تايوانية وأميركية، من بينها زيارة رئيسة مجلس النوّاب الأميركي نانسي بيلوسي لتايبيه في أغسطس/ آب 2022.

كما أطلق جيش التحرير الشعبي الصيني تدريبات بحرية وجوية واسعة النطاق حول تايوان في أكتوبر/ تشرين الأول 2024، كتحذير صارم إثر تصريحات تايوانية، والتي اعتُبرت من جانب بكين تصريحات معادية.

واستمرّ استعراض القوة في مناورات "السيف الموحد" التي حاصرت الجزيرة من الشمال والجنوب والشرق في ربيع 2025، حيث شاركت فيها عشرات الطائرات والسفن الحربية الصينية. وتكشف هذه التحركات العسكرية عن نيّة الصين، التي لا تستبعد سيناريو اجتياح تايوان واستعادتها، حتى وإن تطلّب ذلك استعمال القوة.

على الجانب الآخر، عزّزت الولايات المتحدة دعمها لتايوان عبر بيع أسلحة متطورة، وكثّفت زياراتها، وأعلت من نبرة خطاب وتصريحات مسؤوليها. فقد أكدت واشنطن التزامها بدعم تايوان، بل وصرّح الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بأن الولايات المتحدة ستتدخل عسكريًا إذا تعرضت تايوان لهجوم صيني، وهي تصريحات اعتُبرت تجاوزًا وخروجًا عن سياسة الغموض التقليدية.

إعلان

ومع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، سار على النهج نفسه في تعزيز الردع العسكري في منطقة المحيطَين: الهندي والهادئ، وزيادة الوجود البحري والجوي الأميركي، قرب تايوان، كرسالة تحذيرية لبكين من مغبة الإقدام على أي مغامرة.

كما أن الرئيس الأميركي دشّن فصلًا من الحروب الجديدة مع الصين بإخراجه بطاقة الرسوم الجمركية، التي كان لها انعكاس سلبي على التجارة والاقتصاد الأميركي نفسه. ونظرًا لتداعياتها الخطيرة على البلدين، توصلت واشنطن وبكين إلى اتفاق هدنة مدته 90 يومًا، تم بموجبه تخفيض الرسوم المفروضة على الصين من 145% إلى 30%، وعلى الولايات المتحدة من 125% إلى 10%.

النزاع في بحر الصين الجنوبي

يمتد بحر الصين الجنوبي على مساحة شاسعة غنية بالموارد، وتمر عبر مياهه خطوط شحن حيوية تمثل جزءًا هامًا من التجارة العالمية. ونظرًا لموقعه الإستراتيجي، ظل مسرحًا للمناوشات الإقليمية. فالصين تطالب بالسيادة على حوالي 90% من مساحة بحر الصين الجنوبي.

كما تسعى العديد من الدول المطلة على البحر، وأبرزها الفلبين، وفيتنام، وماليزيا، وبروناي، وتايوان، إلى المطالبة بالحصة نفسها التي تطالب بها الصين، نظرًا للإرث المشترك بينها قبل عام 1949، تاريخ استقلال الصين.

وتتأزم الأوضاع في بحر الصين الجنوبي، وترتفع حدة الاحتكاك بين الصين من جهة، وبين الفلبين، وفيتنام من جهة ثانية. وتسعى الولايات المتحدة، التي تربطها بحلفائها معاهدة الدفاع المشترك، إلى تقوية تواجدها العسكري في بحر الصين الجنوبي؛ لكبح هيمنة الصين البحرية.

وتستمر المناوشات بين الغريمين؛ الأميركي والصيني في هذا البحر؛ ففي الوقت الذي تعتبر فيه الصين أن البحر يدخل ضمن مياهها الإقليمية، تتمسك الولايات المتحدة بكونه مياهًا دولية مفتوحة.

سباق محموم على السيادة التقنية

أدركت كل من الولايات المتحدة والصين خلال العقد الأخير أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية ناشئة، بل هو مفتاح الريادة المستقبلية في الاقتصاد، والقوة العسكرية.

إعلان

وتحاكي القدرات في الذكاء الاصطناعي اليوم سباق الفضاء إبان الحرب الباردة، لما تحمله من إمكانات على مستوى تغيير موازين القوة. فالصين وضعت خطة طموحة عام 2017 تهدف من ورائها إلى إحراز تقدم يؤهلها لتصبح دولة رائدة في الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030.

وبدورها، سعت الولايات المتحدة، من خلال كبريات الشركات مثل؛ غوغل، ومايكروسوفت، إلى وضع إستراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي عام 2019. وفي هذا السياق، يبرز سؤال ملح: من يتقدم، الولايات المتحدة أم الصين؟

والإجابة تبدو صعبة ولا تخلو من تعقيد؛ فالولايات المتحدة تحتفظ بالصدارة على مستوى التمويل والاستثمار، بينما تتفوق الصين في حجم الأبحاث وبعض مجالات التطبيق. فالسباق يحتدم بين واشنطن وبكين على أشباه الموصلات، وهي بمثابة المحركات التي تشغّل خوارزميات الذكاء الاصطناعي.

وتحرص الولايات المتحدة على تقليص وصول بكين إلى أحدث الشرائح ومعدات تصنيعها، وذلك لإبطاء تقدمها التقني. لكن الصين لا تقف مكتوفة الأيدي، حيث لجأت إلى الاعتماد على الذات، وضخّت عشرات المليارات في صناديق دعم عدد من الشركات والمعاهد الجديدة لتخريج مهندسين متخصصين في صناعة الرقائق.

وفي الوقت الذي تتجه فيه الولايات المتحدة نحو سد المنافذ والتضييق على الصين، تبحث هذه الأخيرة عن بدائل وحلول لتجاوز محاولات تطويقها.

ويتجه هذا التنافس المحموم إلى ظهور "ستار رقمي"، يشبه إلى حد ما الستار الحديدي في الحرب الباردة، ويقسم العالم إلى منظومتين: واحدة تقودها الولايات المتحدة وحلفاؤها بأجهزتها وبرمجياتها ومنتجاتها التقنية، وأخرى تقودها الصين وتقوم على بدائلها المحلية.

فالصين تقدم نفسها كمدافع عن نظام عالمي متعدد الأقطاب ضد هيمنة غربية تسعى لاحتكار التكنولوجيا، بينما تحذر الولايات المتحدة من أن هيمنة الصين ستقوّض الحرية والديمقراطية والقيم الغربية، إن تُركت بلا منافسة.

إعلان على سبيل الختم

في ظل التوترات التي باتت تحكم علاقات واشنطن وبكين، لم يعد ميزان القوى العالمي في حالة ثبات. فبعد عقود من الهيمنة الغربية شبه المطلقة، تنهض الصين وتتقدم بخطى واثقة على مستويات متعددة؛ تجارية وتكنولوجية وعسكرية، ولم تعد تهديدًا محتملًا فقط، وإنما باتت منافسًا جديًا على قيادة النظام العالمي الجديد.

فهل ستنجح الولايات المتحدة والصين في إدارة هذه المنافسة دون الانزلاق إلى حافة الهاوية؟

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • أستاذ قانون الدولي يكشف التداعيات الكارثية للهجوم الإسرائيلي على إيران ويطالب بمحاكمة المعتدين فورًا
  • قانون العقوبات لا يرحم.. الإعدام والمؤبد في انتظار خاطفي الأطفال
  • الداخلية تتحرك لفرض الأمن في صبراتة.. ملاحقة أمنية لـ«أحمد الدباشي»
  • قانون التمرد بأميركا.. ولدته ضريبة على الخمور واستخدم لمواجهة العنصرية
  • إدارة ترامب تنتقد بريطانيا بسبب العقوبات على وزراء إسرائيليين
  • منتخب السعودية إلى أميركا من أجل الكأس الذهبية
  • ندوة بالأغوار الشمالية حول مكافحة اطلاق العيارات النارية بالمناسبات
  • زعيمة حزب الخضر الألماني تدعو لفرض عقوبات على سموتريتش وبن غفير
  • أميركا تستنكر عقوبات فرضتها 5 دول غربية على سموتريتش وبن غفير
  • أميركا والصين تقتربان من لحظة الانفجار