المرتبات حق أساسي يساوم العدوان بها!
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
عبدالرحمن الأهنومي
يوم أمس أعادت الإدارة الأمريكية – في بيان صدر عن الخارجية الأمريكية – تمسكها بما تصفها مفاوضات “يمنية – يمنية” بإشراف أممي، وهو أمر تضعه الإدارة الأمريكية لا كمسار يوقف الحرب بل كاشتراطات لصرف الرواتب ورفع الحصار، والأمر يتضمن تضليلا وقحا إذ أن المفاوضات “اليمنية – اليمنية” التي تطرحها الإدارة الأمريكية يعني أن تتحول المشكلة إلى مشكلة داخلية، وتربط أسباب الحرب والأزمات والمعاناة إلى مشكلة داخلية يمنية، يعني أن الحرب يمنية يمنية وليست حربا أجنبية تشترك فيها 17 دولة على رأسها أمريكا نفسها أعلنت من واشنطن وسلحت وأديرت من أمريكا أيضا، وفي الأمر ما فيه من وقاحة وصلف.
وبوضوح تريد الإدارة الأمريكية بعد تسعة أعوام من الحرب تبييض السجل الإجرامي لتحالف العدوان، وتبرئته مما فعل من جرائم ومذابح وفظاعات ومجازر وإبادات وتدمير وقصف وفتك وقتل وترويع، وبوضوح أكثر تريد أن تصبح دول تحالف العدوان – التي شنت حربا إجرامية على اليمن – إما وسطاء ومتوسطين، أو رعاة تسويات وصفقات سياسية على حساب اليمنيين، أما الحرب فتريدها يمنية يمنية، أي أن يتحمل اليمن أثمان الحرب التي شنت عليه بنفسه، وأن يتحمل اليمنيون ثمن ما فعلت بهم دول تحالف العدوان، وأن يتحمل الشعب اليمني مسؤولية ما فعلته أمريكا والسعودية والإمارات وحلف العدوان به طيلة ثمانية أعوام، وتساوم أمريكا بالقضايا الإنسانية المرتبات والحصار والأسرى وغيرها لتحقيق هذا، وتربط هذه القضايا بتحقق هذه الأهداف من جهة.
ومن جهة أخرى تريد الإدارة الأمريكية أن تحقق الأهداف التي فشلت في تحقيقها منظومة العدوان بالحرب العسكرية والحصار والتجويع، وعندما اعتبر المبعوث الأمريكي ليندر كينغ المطالب بصرف المرتبات شروطا غير مقبولة ومرفوضة ومتطرفة، وعندما اعتبر المرتبات مسألة معقدة ترتبط بالمفاوضات اليمنية اليمنية، فإنما يتضح أن أمريكا تقول للشعب اليمني بالمعلن والصريح، استسلموا واقبلوا وارضخوا لأهدافنا لنصرف رواتبكم ونرفع الحصار عنكم.
وبوضوح تفصيلي أكثر تريد الإدارة الأمريكية أن تتحول مملكة العدوان السعودية إلى وسيط بين اليمنيين، وأن تتحول أمريكا إلى راعية للمفاوضات والوساطات ودائما تنسب لنفسها ما تسميه جهود تحقيق السلام في اليمن، وتريد أن تسوق اليمنيين قسرا نحو ما تسميه مفاوضات “يمنية – يمنية”، دون مناقشة الاحتلال الأمريكي السعودي الإماراتي البريطاني في الجنوب والشرق والسواحل، وتريد أن يقفزوا على حقوقهم الإنسانية كالمرتبات ورفع الحصار، وتريدهم أن يبرئوا تحالف العدوان من الجرائم والتجويع ويقبلوا بتشكيلة سياسية تخطط الإدارة الأمريكية لفرضها على اليمن.
بالمختصر تريد أن تحقق بالسياسة ما عجزت عنه بالحرب، وهذا أمر من الأمور المستحيلات فليس الشعب اليمني قاصرا ولا قيادته قاصرة أيضا حتى ترضخ لهذا المكر الوقح.
وقد كشفت صحيفة(The Intercept) “ذا اتترسبت” الأمريكية يوم أمس حقيقة واضحة حول المساعي الأمريكية، وقالت في تحليل لها: “إن واشنطن هي من تعرقل جهود السلام في اليمن، وتدفع بشكل فعال نحو عودة الحرب، في حين يمكن أنهائها – إذا أراد بايدن ذلك».. مضيفة «إن واشنطن تستمر في طرح شروط جديدة لعرقلة المفاوضات، ومن ذلك اشتراطها نقل المفاوضات إلى الأمم المتحدة من أجل صفقة شاملة”، وأشارت إلى أن وصول وفد بقيادة المستشار الأممي إلى حضرموت ضمن توجهات أمريكية جديدة تهدف لتشكيل لجنة مشتركة خاصة بإدارة ملف النفط على غرار ليبيا، واستشهدت الصحيفة بتعليقات المبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ المتشائمة حول المفاوضات، معتبرة تعليقه شفرة دبلوماسية، يُلاحظ فيها التنبؤ بـ (العديد من النكسات) والثقة بأنه (لا ينبغي أن نتوقع حلًا دائمًا)، كما اعتبرت كلامه تعبيراً عما تتمناه بلاده وتسعى إليه، من عودة «الصراع الكبير» إلى المجتمع اليمني والذي تم حل الكثير منه من خلال انتصار صنعاء في الحرب، ونقلت الصحيفة عن محللين مطلعين قولهم: إن «الخطاب الأمريكي مقلق، حيث تضع أمريكا شروطًا جديدة وتعمل على إبطاء التقدم الدبلوماسي»، معتبرين أن «الواقع الحالي يظهر أن إدارة بايدن أكثر تشددًا بشأن اليمن من نظام محمد بن سلمان الوحشي».
وبالمختصر هذه هي الإملاءات الأمريكية التي تمليها إدارة بايدن على السعودية والإمارات اللتين تعملان على تنفيذها، منظومة العدوان تستكثر على شعبنا الحصول على مرتباته وحقوقه المشروعة، وتسعى إلى تحقيق أهدافها من خلال هذه القضايا وتشترط أن يقبل الشعب اليمني بها ليحصل على رواتبه، وهذا ما يجعلنا نقول بأن قطع المرتبات والحصار حرب معلنة وفاجرة، والسبيل لمواجهتها هي عمليات عسكرية تنتزع هذه الحقوق وتردع هذه المنظومة المارقة وتذكرها بأن الحرب (يمنية – أمريكية سعودية إماراتية)، ليكون التفاوض كذلك، وتكون القضايا واضحة، فهؤلاء المارقون لا يعترفون بحق مسلوب على شعب يجوع ويعاني، ولن يعترفوا إلا بالصواريخ والطائرات والحرب التي تشعل أرامكوا وأبراج الزجاج في الإمارات، والرهان على الله والتوكل عليه والنصر منه سبحانه وتعالى.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الإدارة الأمریکیة ترید أن
إقرأ أيضاً:
كيف يرد الحوثيون بعد هجمات أمريكا على إيران؟
ما إن شنَّت الولايات المتحدة هجماتها على إيران، حتى أثيرت تساؤلات كثيرة حول موقف حلفاء طهران ومنهم جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن من هذا التطور العسكري اللافت.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أعلن الليلة الماضية أن جيشه نفّذ "هجوما ناجحا جدا" على 3 مواقع نووية إيرانية، بينها منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض.
بينما اعتبرت إيران أن الهجوم الأميركي على منشآتها النووية في فوردو ونطنز وأصفهان "عملا وحشيا ومخالفا للقانون الدولي" وطالبت بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن لإدانة هذا الهجوم.
الرد المناسب
وفي اليمن، لم يتأخر الحوثيون، وتوعدوا بالرد المناسب على العدوان الأميركي بما يحفظ كرامة إيران وسيادتها.
وقالت حكومة التغيير والبناء التابعة للحوثيين في صنعاء في بيان لها اليوم الأحد "نقف بشكل كامل مع الشعب الإيراني الشقيق، في مواجهة العدوان الأميركي والإسرائيلي، ونؤكد على الصمود في وجه التحديات، وسنقوم بالرد المناسب على العدوان، بما يحفظ كرامة إيران وسيادتها".
وكان المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع قد توعد أمس باستهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر في حال اعتدت واشنطن على إيران إسناداً لإسرائيل.
وأضاف في بيان مصور أن "قواتنا تتابع وترصد كافة التحركات في المنطقة، منها التحركات المعادية ضد بلدنا، وستتخذ ما يلزم من إجراءات مشروعة للدفاع عن بلدنا العزيز وشعبه الأبي".
وفي السياق، يرى أحمد داود رئيس تحرير موقع "المسيرة نت" التابع للحوثيين أن اليمن حدد موقفه بكل وضوح عبر بيان القوات المسلحة التابعة للحوثيين الذي أكد أن أي عدوان أميركي على إيران فسيقابله استهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر.
وأضاف داود للجزيرة نت أن تأكيد هذا الموقف جاء أيضا على لسان مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى القائد الأعلى للقوات المسلحة التابعة للحوثيين والذي حذَّر من أن العدوان الأميركي على إيران ستكون له عواقب كبيرة، وأن استهداف السفن لن يقتصر على الأميركيين فحسب بل سيطال كل الدول المتورطة في العدوان.
وأضاف رئيس تحرير "المسيرة نت" أن هذين الموقفين العسكري والسياسي للحوثيين "يجعلهم في قلب الحدث" مشيرا إلى أنهم قد دخلوا فعلا في سياق المواجهة خاصة بعد مهاجمة أميركا إيران.
واعتبر أن الوسائل العسكرية التي سيلجأ إليها الحوثيون تكمن باستهداف كافة السفن التجارية الأميركية في البحر الأحمر، والقطع الحربية من البوارج والمدمرات، خاصة أنها تمتلك الصواريخ الفرط صوتية.
ويرى داود أنه إذا طالت المعركة وتوسعت، وهاجمت إيران القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة، فإن صنعاء ستشارك في ذلك، وقد تستهدف القاعدة العسكرية الأميركية في جيبوتي الأكبر من بين القواعد في المنطقة، أو قواعد أميركا في السعودية، وخاصة إذا استخدمت هذه القواعد في العدوان على اليمن وإيران.
طبيعة المساندة
من جهته، يقول الباحث الأول في مجموعة الأزمات الدولية أحمد ناجي إن الوضع قد يتغير بشكل كبير بعد أن تدخَّل الأميركيون في الصراع وساعدوا إسرائيل بقصف المنشآت النووية الإيرانية.
وأضاف للجزيرة نت "في هذه الحالة، سيكون هناك خطر حقيقي على إيران، ومن المرجح دخول الحوثيين على الخط لمساندتها بشكل واسع".
وخلص ناجي إلى أن هذه المعركة ليست محصورة بإيران فقط، بل إنها تحدد مصير "محور المقاومة" بأكمله الذي يُعد الحوثيون أحد مكوناته الرئيسية.
وبدوره، يتوقع رئيس تحرير موقع "هنا عدن" الصحفي أنيس منصور هجمات حوثية جديدة، بما في ذلك إمكانية إغلاق مضيق باب المندب، واستهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر وخليج عدن، وقال: إن جميع الخيارات والاحتمالات واردة جدًا، ولا يمكن فصل الموقف الإيراني عن نظيره الحوثي.
واعتبر منصور أن أفعال الحوثيين امتداد مباشر للسياسة والإدارة والقيادة الإيرانية، مشددا على وجود تنسيق كبير وغرف عمليات مشتركة بين الجانبين، مما يجعل من المستحيل على هذه الجماعة اليمنية الخروج عن الإطار الإيراني.
ولفت إلى أن العدوان الأميركي على إيران وتهديد أنصار الله (الحوثي) باستهداف السفن والبوارج الأميركية يشير إلى تطور نوعي يتمثل بأن "اتفاق السلام أو وقف إطلاق النار بين أميركا والحوثيين قد فشل أو تعثر".
وأضاف أن "البيان الذي أصدره الحوثيون، السبت، يشير بوضوح إلى أنه في حال ضرب أميركا إيران فإن اليمن سيغلق باب المندب".
وتابع "المستجدات الجديدة جراء العدوان الأميركي والإسرائيلي على إيران خلطت الأوراق وأعادتنا إلى مربع جديد من المواجهة".
ورقة ضغط
وفي تعليقه على هذه التطورات، يرى المحلل السياسي عبد السلام قائد أن التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران ودخول الولايات المتحدة المعركة قد زاد من تعقيد المشهد في المنطقة وسيجعل للحوثيين دور عسكري.
وأضاف قائد للجزيرة نت "بعد تدخل واشنطن بشكل مباشر في مهاجمة منشآت نووية إيرانية قد تطلب طهران من حلفائها التحرك لمساندتها، وسيتمثل دور الحوثيين حينها بإغلاق مضيق باب المندب واستهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر، أو القواعد العسكرية الأميركية بالخليج، وهو ما أكد عليه الحوثيون في بيانهم يوم أمس.
ولفت المحلل السياسي إلى أن "تحرك الحوثيين سيكون بمثابة ورقة ضغط قوية في يد إيران وحلفائها في سبيل مواجهة أميركا وإسرائيل".