أكد الدكتور طارق سعده، نقيب الإعلاميين، أن الشائعات تُعد من أخطر التحديات التي تواجه الدول في العصر الحديث، وأحد أبرز أسلحة الحروب النفسية التي تستهدف التأثير في وعي ومعنويات الشعوب، خاصة في ظل التطور التكنولوجي وانتشار المنصات الرقمية.

وأشار نقيب الإعلاميين خلال توقيع بروتوكول تعاون مع وزارة الشباب والرياضة للتصدي للحروب الإعلامية التي تستهدف الشباب، إلى أن الكلمة والصورة أصبحتا من أخطر أدوات الحروب المعاصرة، حيث تُستخدم لهدم الروح المعنوية للشعوب، مما يُسهل السيطرة عليها وإضعافها، مؤكدًا أن الوعي بات السلاح الأهم في مواجهة هذه المخاطر.

ولفت سعده إلى أن توقيع البروتوكول مع وزارة الشباب والرياضة يعكس حرص النقابة على خوض معركة الوعي، والتصدي للحروب الإعلامية التي تستهدف الشباب، بما يُحقق التكامل بين مؤسسات الدولة في جهود تعزيز الوعي، ومكافحة الشائعات، وضمان التداول المهني للمعلومات ونشرها بشفافية، خاصة في المجال الإعلامي الرياضي.

كما أكد نقيب الإعلاميين على التزام النقابة والوزارة بمواجهة الشائعات المغرضة التي تُبث بشكل مستمر، والعمل على تقديم المعلومات الصحيحة، انطلاقًا من إيمان الجانبين بأهمية الكلمة الصادقة في بناء وتشكيل وعي المواطن المصري.

واختتم حديثه مؤكدًا أن بناء الوعي هو مشروع وطني متكامل، يستند إلى تضافر أدوات القوة الناعمة في الدولة، مشيرًا إلى أن جنود الحرب الحديثة ليسوا فقط من حاملي السلاح، بل الإعلاميون، والمنتجون، والمخرجون، ومعدو البرامج، ونشطاء السوشيال ميديا، ومواجهتهم تستلزم جيشًا من المثقفين والفنانين والأدباء والمعلمين، تكون مهمته إنارة الطريق، وحماية العقل المصري من محاولات التشويه والتخريب.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الدكتور طارق سعده نقيب الإعلاميين الشائعات وزارة الشباب والرياضة المزيد نقیب الإعلامیین

إقرأ أيضاً:

الشائعات.. معاول هدم

 

 

د. أحمد بن علي العمري

 

يقول المولى عز وجل: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأٍ فتبيّنوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" (الحجرات: 6).

الشائعاتُ مرضٌ اجتماعيٌّ مزمنٌ يصعبُ التغلبُ عليه أو علاجُه، ولم يُكتَشَفْ حتى الآن علاجٌ مناسبٌ له. إنها تنتشر كالنار في الهشيم، فلا تُبقي ولا تذر! 

كم دُمِّرَت مجتمعاتٌ، وتباعدَ الإخوةُ، وتفرَّق الأحبابُ، وتولَّدت العداواتُ بين الأصدقاء بسببها. 

يُطلقها البعضُ، إمّا بحسنِ نيّةٍ، أو في أغلب الأحيان بسوءِ نيةٍ، دون أن يُلقي لها بالًا أو يُدرك عواقبها، فإذا بها تحرِقُ الأخضرَ واليابس، وتُدمِّرُ وتُشتِّتُ، وتُفرِّقُ وتُبيد. 

وفي عصرنا الحالي، ومع تقدُّم التكنولوجيا وتوسُّع وسائل التواصل الاجتماعي، بلغت الشائعاتُ ذروتَها، وأصبحت القوةَ الضاربةَ التي تهدمُ هيكلَ المجتمعِ والأفرادِ على حدٍّ سواء. 

كم أطاحت بتنميةٍ مجتمعيّةٍ! وكم هدمت أسرًا! وكم فرَّقت بين الأحباب! وكم حوّلت الصداقاتِ إلى عداوات! 

إنها لا تحتاج إلى رمزِ فتحٍ معقّدٍ أو مُشفَّر، بل رمزُها بسيطٌ وسهلٌ ومتداولٌ بين الجميع، وهو: "سمعت...".

بمجرد أن ينشر أحدُهم عبر "واتساب" أو يغردَ أو حتى يُرسلَ رسالةً صوتيةً دون التحقُّق من مصدرها، قائلًا: "سمعتُ أنَّه حدثَ كذا وكذا...".

يبدأ الخبرُ بالانتشار، ويُصدِّقه المتلقُّون؛ بل إنّ بعضَهم يتبنّاهُ وينشرُه أكثر، ليتحوّل إلى "حقيقةٍ" يتعاملُ معها الجميعُ وكأنها أمرٌ مُسلّمٌ به، ويتدحرجُ ككرةِ الثلجِ التي تكبُرُ كلّما تدحرجت، حتى يصبحَ من الصعبِ السيطرةُ عليها أو تفنيدُها... رغم أنَّها قد تكون مجرّدَ كذبةٍ أو حتى دعابة! 

ما هو ذنب المجتمعِ والأفرادِ أمام هذه الكارثة؟

لقد أمرنا اللهُ تعالى بعدمِ التسرُّعِ في تصديق الأخبارِ، وعدمِ الإيمانِ بمن يُلقي بالإشاعات، فقد يكون كاذبًا، أو مُبالغًا، أو حتى صاحبَ أجندةٍ خفيّةٍ لا نعلمُها! فإنَّ عدمَ التحقُّقِ قد يُؤدِّي إلى عواقبَ وخيمةٍ. 

يجب التأكُّدُ من عدمِ إيذاءِ الأبرياءِ بسبب التصديقِ السريعِ للشائعاتِ، حيثُ إنَّ كثيرًا من الأضرارِ الاجتماعيةِ تنشأُ من نشرِ أخبارٍ كاذبةٍ، حتى لو بدا ناقلُ الخبرِ صالحًا أو حسنَ النيّةِ. فالشائعاتُ قد تأتي من مصادرَ خادعةٍ ومضلِّلة، كما أنَّ دينَنا الحنيفَ يُحذِّرُنا من سوءِ الظنِّ، إذ قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ" (الحجرات: 12).

لذلك، علينا ألّا نُشارِكَ في نشرِ الأخبارِ المشبوهةِ عبر وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ دونَ التأكُّدِ من مصادرِها، بل يجب أن نتريّثَ ونسألَ أنفسَنا: 

- هل هذا الخبرُ صحيحٌ؟ 

- هل سيضرُّ المجتمعَ أو الأفرادَ؟ 

وقد قال النبيُّ ﷺ: "كفى بالمرءِ كذبًا أن يُحدِّثَ بكلِّ ما يسمعُ" (رواه مسلم). 

 

نحنُ في سلطنةِ عُمان، هذا البلدُ الآمنُ المستقرُّ المتسامحُ المتعايشُ المتعاضدُ، الذي تتلاحمُ فيه القلوبُ كالبنيانِ المرصوصِ، أدعو وأتمنّى وأطلبُ من كلِّ فردٍ من أبناءِ هذهِ الأرضِ الطيّبةِ، ذاتِ الجذورِ العريقةِ الضاربةِ في عمقِ التاريخ، أن ننبذَ أيَّ إشاعةٍ، ونرفضَها، ونحاربَها. 

كما أُهيبُ بأهلِ الوطنِ، من روّادٍ ومشاهيرَ ومدوِّنينَ وصُنّاعِ محتوى، أن يتحرَّوا الدقَّةَ وألّا ينشروا أيَّ معلومةٍ إلّا بعدَ التأكُّدِ والتثبُّتِ من مصدرِها الرسميِّ. 

لقد سمعنا فيما مضى إشاعاتٍ مختلفةً، سواءً كانتْ تتعلّقُ بالشأنِ الاجتماعيِّ أو الأمنيِّ أو السياديِّ أو الاقتصاديِّ أو حتّى التوظيفِ وبيعِ الأصولِ، أو عن الأرباحِ والخسائرِ، أو حتى ما يخصُّ رؤية "عُمان 2040"، وهي بالنسبةِ لنا الأملُ والطموحُ والمبتغى. 

وقد أثارت العديدُ من هذه الشائعاتِ الرأيَ العامَ، وأحدثتْ بلبلةً في المجتمعِ، وأطاحتْ علينا برياحِ الفتنِ والقلقِ. 

فلنحافظْ على أمنِنا وأمانِنا، فهناكَ من يتساءلُ من حينٍ لآخر: "ماذا استفدنا من الأمنِ والأمان؟"، وهنا نهمسُ في أذنهِ ونقولُ له: بلادُنا لديها الرقمُ صفرُ في الإرهابِ.. بلادُنا لديها الرقمُ صفرُ في الحروبِ.. أليسَ هذا إنجازًا لا يُقدّرُ بثمنٍ؟!

فإنَّ نعمةَ الأمنِ والأمانِ لا يُدركُ قيمتَها إلا من فقدَها. 

وعليه.. يجب أن نكونَ متّحدين، ملتفّينَ حولَ قائدِ نهضتِنا المتجدِّدةِ المباركة، **مولانا حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السلطانِ هيثم بن طارق المعظّم- حفظه اللهُ ورعاهُ- مُحبّينَ لبلدِنا الغاليةِ سلطنةِ عُمان، مُتّحدينَ في التوجّهِ والهدفِ كعادتِنا.

حفظَ اللهُ عُمانَ وسلطانَها وشعبَها.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • المركز القطري للصحافة يستضيف وفد نادي الإعلاميين السوريين في قطر
  • استشاري الطب النفسي: «لما الكلمة توجع.. بقت تنمّر مش هزار»
  • الإمام أبي حنيفة وقضايا الأحوال الشخصية.. في رحاب الجامع الأزهر اليوم
  • عاجل. نتنياهو يتوعّد: سنسيطر على كامل قطاع غزة ونخوض قتالا عنيفا هناك
  • معركة الوعي: كيف يحاول الكيزان إعادة التاريخ
  • رئيس هيئة الصحفيين: مبادرة "دار اليوم" سبّاقة وتواكب تطلعات الإعلاميين الشباب
  • الشائعات.. معاول هدم
  • أتالانتا.. «الكلمة الأخيرة»
  • ما المسافة بين تصورات الأجيال المعاصرة؟
  • التدريب لا يصنع المعجزات.. بل يبني الوعي