لم ينس منذر عابد المسعف المتطوع بالهلال الأحمر الفلسطيني تفاصيل جريمة الجيش الإسرائيلي عندما استهدفه وزملاءه بمدينة رفح جنوب قطاع غزة يوم 23 مارس/آذار الماضي.

في تلك المجزرة المروعة، استشهد 15 من أفراد الإسعاف والدفاع المدني، المحميين بموجب القانون الدولي، بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي التي تواصل إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة منذ 18 شهرا.

واستعاد عابد -الناجي الوحيد من المجزرة- تفاصيل الهجوم، حين استجابوا لنداءات استغاثة أطلقها جرحى مدنيون تحاصرهم إسرائيل بحي تل السلطان غرب مدينة رفح.

حينها توجه فريق مكوّن من 10 مسعفين، و5 عناصر من الدفاع المدني، وموظف تابع لإحدى وكالات الأمم المتحدة، إلى مصدر الاستغاثات، على أمل المساعدة في إنقاذ حياة مدنيين.

إطلاق نار كثيف

يقول عابد -وهو في الثلاثينيات من عمره- للأناضول "وصلتنا إشارة عن وجود إصابات في منطقة الحشاشين (بحي تل السلطان)، فتحركنا فورا. كانت سيارات الإسعاف تابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني (إسعاف 101)، ومضاءة من الداخل والخارج".

وأضاف "فور وصولنا المكان تعرضنا لإطلاق نار كثيف ومباشر، فاضطررت للانبطاح داخل سيارة الإسعاف بالخلف.. لم أسمع من زملائي أي حرف، وسمعت الشهقات الأخيرة لهم.. ثم وصلت قوة خاصة إسرائيلية وفتحت باب السيارة وكانوا يتكلمون العبرية، وضعوا رأسي بالأرض حتى لا أرى زملائي ولا أعرف مصيرهم".

إعلان

وبعد إطلاق النار على سيارات الإسعاف، سحب جنود إسرائيليون عابد من الحطام واعتقلوه وعصبوا عينيه، ثم خضع للاستجواب على مدار 15 ساعة، قبل إطلاق سراحه.

وكشف عابد عن تعرضه لتعذيب شديد، وقال "ضربوني بأعقاب البنادق وعذبوني، وسألوني عن اسمي وعنواني وتفاصيل عن وجودي يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.. كلما أجبت كانوا يضربونني أكثر، تمنيت الموت من شدة التعذيب".

وأكد الناجي الوحيد أن قوات الاحتلال استخدمت جرافات عسكرية للحفر في الموقع، وشاهدهم يحفرون حفرة على جانب، و3 على جانب آخر، وتم دفن سيارات الإسعاف والدفاع المدني فيها، بعد أن أطلقوا النار على من كانوا بداخلها.

وفي 27 و30 مارس/آذار الماضي، أعلنت السلطات في غزة العثور على جثامين 15 من أعضاء فريق الإسعاف والإطفاء مدفونة في منطقة تبعد نحو 200 متر عن موقع توقف مركباتهم.

وأظهرت المؤشرات أن الضحايا قُتلوا بالرصاص، وبعضهم وُجد مكبّل اليدين.

مزاعم إسرائيلية

وفي 31 مارس/آذار، زعم الجيش الإسرائيلي أن قواته لم تهاجم مركبات الإسعاف والإطفاء "عشوائيا"، بل فتحت النار تجاه "سيارات اقتربت بطريقة مريبة دون تشغيل أضواء الطوارئ".

كما زعم أن العملية أسفرت عن مقتل عناصر من كتائب القسام وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحركة الجهاد الإسلامي.

لكن عابد نفى صحة هذه المزاعم تماما، مؤكدا أن المنطقة لم تكن منطقة عمليات عسكرية، بل منطقة إنسانية فيها مدنيون، وشدد على أن ما فعله الجيش الإسرائيلي "جريمة ضد الإنسانية" حاول طمسها بدفن الفريق الإنساني ومركباتهم لإخفاء الأدلة.

ومساء السبت، تراجع جيش الاحتلال الإسرائيلي عن مزاعمه، وأقر بجريمة قتل عناصر الإسعاف والإطفاء في رفح، وذلك تحت وطأة مقطع فيديو صادم التقطه أحد المسعفين بهاتفه المحمول قبل استشهاده، ونشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

إعلان

وزعم جيش الاحتلال أن تحقيقا أوليا أجراه خلص إلى أن طواقم الإسعاف والدفاع المدني اقتربت من مركبة تابعة لحركة حماس لدى دخولها إلى تل السلطان، فاعتقد الجنود أنها تشكل تهديدا، وفتحوا النار عليها، ونفى أن يكون عمال الإغاثة تم إعدامهم بعد تقييدهم.

وزعم أن جرافة عسكرية غطت الجثث والمركبات بالرمال بسبب "استمرار القتال"، وحاول تبرير جريمته بما سماه "إجراء متبع في المنطقة الجنوبية لمنع الحيوانات من العبث بالجثث"، بينما تركت آلاف الجثث لمدنيين، بينهم أطفال ونساء وشيوخ، لتنهشها الكلاب في مناطق أخرى من غزة.

ونفى الجيش الإسرائيلي أن تكون جثث الشهداء تعرضت للتلف، رغم أن "الفيديو، الذي يوثق عمليات الحفر في المكان الذي دفنت فيه الجثث، يظهر أنها في حالة سيئة للغاية وبعضها مشوّه"، وفقا لصحيفة هآرتس.

وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن رئيس الأركان إيال زامير وجّه آلية التحقيق في هيئة الأركان العامة، المسؤولة عن فحص الحالات التي يشتبه فيها بارتكاب جرائم حرب، بالتحقيق في الحادث، وأكدت أنه "منذ بداية الحرب، تم نقل معلومات عن عشرات الحالات إلى تلك الآلية، لكن لم تتم محاكمة الجنود نتيجة لذلك".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجیش الإسرائیلی

إقرأ أيضاً:

مجزرة جديدة في رفح: 8 شهداء و61 جريحاً قرب مركز توزيع مساعدات

 

 

أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، اليوم الجمعة، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت مجزرة جديدة في محافظة رفح جنوبي القطاع، في أول أيام عيد الأضحى، استهدفت مدنيين كانوا يتجمعون قرب أحد مراكز توزيع ما يُعرف بـ"المساعدات الأميركية – الإسرائيلية".

وذكر المكتب في بيان رسمي أن 8 مدنيين استشهدوا، وأُصيب 61 آخرون بجراح متفاوتة، نتيجة إطلاق النار من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي وعناصر من شركة أمنية أميركية تشرف على الموقع، على حد تعبير البيان.

وأشار المكتب إلى أن هذه الحادثة ترفع حصيلة ضحايا مراكز توزيع المساعدات منذ بدء عمل مؤسسة "غزة الإنسانية" في 27 مايو/أيار الماضي إلى 110 شهداء و583 جريحاً، إضافة إلى فقدان 9 آخرين من المدنيين، معظمهم من المجوّعين الذين لجؤوا لهذه النقاط بحثاً عن الغذاء.

ووصفت الجهات الرسمية في غزة هذه المراكز بأنها "مصائد موت جماعي"، متهمة قوات الاحتلال والشركات الأمنية المتورطة بإطلاق النار عمداً على المدنيين الذين يُستدرجون إلى تلك المواقع تحت وطأة الجوع.

في المقابل، أعلنت مؤسسة "غزة الإنسانية" تعليق عمليات توزيع المساعدات داخل القطاع "حتى إشعار آخر"، في أعقاب تصاعد حوادث إطلاق النار في محيط مراكزها. وأكدت في بيان أنها أغلقت جميع مواقعها الأربعة، ودعت السكان إلى الابتعاد عنها حفاظاً على سلامتهم، مشيرة إلى أنه سيتم الإعلان لاحقاً عن موعد استئناف التوزيع.

وتواجه المؤسسة انتقادات متزايدة من منظمات الإغاثة الدولية، وعلى رأسها وكالات الأمم المتحدة، التي شككت في حياديتها نظراً للدعم الذي تتلقاه من الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي، وهو ما تنفيه المؤسسة باستمرار.

ويعاني سكان قطاع غزة من أزمة إنسانية خانقة في ظل الحصار المستمر منذ سنوات، وتفاقمت أوضاعهم المعيشية مع تواصل العدوان الإسرائيلي منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وسط نقص حاد في الغذاء والماء والدواء، وارتفاع أعداد النازحين الذين يعيشون في ظروف قاسية.


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

سيف الزعبي

قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند مجزرة جديدة في رفح: 8 شهداء و61 جريحاً قرب مركز توزيع مساعدات عيد بلون الدماء..قطاع غزة يستقبل العيد بتوديع عشرات الشهداء روسيا وأوكرانيا تتبادلان الهجمات الجوية والحرب تصل لمستوى غير مسبوق هل يشهد العالم حرباً جديدة؟.. تايلند تؤكد جاهزية جيشها لمواجهة كمبوديا غزة: مقتل وإصابة 7 جنود إسرائيليين من وحدة النخبة في كمين للمقاومة (تفاصيل) Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • مضطرب نفسياً يرتكب مجزرة في مسجد ويقتل 12 شخصاً
  • مجزرة بمدينة غزة والمقاومة تنصب كمائن جديدة للاحتلال
  • فتوح: مجزرة الاحتلال بحق عائلة خضر في جباليا تعد جريمة إبادة جماعية ضد الإنساني
  • المجلس الوطني الفلسطيني: مجزرة جيش الاحتلال بحق عائلة فلسطينية في جباليا جريمة إبادة جماعية
  • فتوح: مجزرة الاحتلال بحق عائلة خضر تعد جريمة إبادة جماعية ضد الإنسانية
  • الاحتلال الإسرائيلي يطلق النار قرب مركز مساعدات في رفح.. واستشهاد 7 فلسطينيين
  • مجزرة جديدة في رفح: 8 شهداء و61 جريحاً قرب مركز توزيع مساعدات
  • مقتل 4 جنود من جيش الاحتلال الإسرائيلي جنوب قطاع غزة
  • انتشار سيارات الإسعاف ورجال المرور بالشوارع في عيد الاضحي المبارك
  • انتشار سيارات الإسعاف ورجال المرور بشوارع المنصورة في عيد الاضحي المبارك