دروس أزمة الطاقة الأوروبية: التحول من الوقود الأحفوري «أمر ضروري»
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
تشكل أزمة الطاقة في أوروبا، والتي اندلعت جزئياً بسبب القيود التي فرضتها روسيا على الطاقة قبل الازمة الاوكرانية ، تحذيراً واضحاً بشأن مخاطر الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وبحسب مجلة «فورين افيرز»، فإن الإجراءات التي اتخذتها روسيا في مجال تسلط الضوء على أن الاعتماد على الوقود الأحفوري لا يضر بالبيئة فحسب، بل يعرض الأمن والرخاء للخطر أيضاً.
وبينما نجت أوروبا من نقص الطاقة المباشر في فصل الشتاء الماضي، بسبب درجات الحرارة المعتدلة، فقد فشل القادة الأوروبيون في اتخاذ إجراءات مهمة للحد من التعرض لأزمات الطاقة في المستقبل، ويتعين على الحكومات أن تعمل على التعجيل بتحولها بعيداً عن الوقود الأحفوري لضمان عدم تكار أزمات الطاقة.
تكلفة الوقود الأحفوري تتجاوز تريليون يورووتؤكد الأبحاث، التي أجراها مختبر حلول المناخ في جامعة براون، على التكلفة الهائلة للاعتماد على الوقود الأحفوري في أوروبا، والتي تتجاوز تريليون يورو، مع حساب النفقات الناجمة عن ارتفاع أسعار الجملة والمساعدات الحكومية لمستخدمي الطاقة.
تكلفة الطاقة أكثر من عشرة أضعاف الدعم الأوروبي لأوكرانياوتزيد هذه التكلفة عن عشرة أضعاف الدعم الأوروبي لأوكرانيا، وأكثر من ثلاثة أضعاف الاستثمار الذي تتطلب استراتيجية الكتلة للانتقال إلى الطاقة النظيفة، وتؤكد أزمة الطاقة في أوروبا على الحاجة الملحة التي يتعين على البلدان أن تسارع إلى الحد من اعتمادها على الوقود الأحفوري، ورغم التقدم الذي تم إحرازه في مجال الطاقة المتجددة، إلا أنه من الضروري بذل المزيد من الجهود الطموحة.
معوقات امام الطاقة النظيفةوتابع تقرير المجلة الأمريكية انه على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي قد تجاوز أهداف الطاقة الشمسية، إلا أن هناك قضايا تعيق النمو الأسرع في طاقة الرياح مثل تأخير المشاريع، والتصاريح المعقدة، مع انخفض الاستثمار في طاقة الرياح المستقبلية بشكل كبير ، كما كشفت أزمة الطاقة عن العلاقة بين أمن الطاقة والتخلص من الكربون، ويتعين على القادة أن يدركوا الضعف المتكرر لأسواق الوقود الأحفوري في مواجهة الصدمات الجيوسياسية، على عكس اعتبار الأزمة قضية مؤقتة، وفي حين أن سلاسل توريد الطاقة المتجددة لها اعتبارات جيوسياسية، فإن مصادر الطاقة نفسها تظل محصنة ضد التدخل، ويتعين على الدول الأوروبية أن تعمل على تسريع تحولها بعيداً عن النفط والغاز.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الوقود الأحفوري الأزمة الأوكرانية الطاقة الوقود الأحفوری أزمة الطاقة
إقرأ أيضاً:
إنتاج الوقود الحيوي.. خبراء يضعون روشتة لتجاوز أزمات الطاقة التقليدية
تقف مصر على أعتاب مرحلة حاسمة في مسار تحولها نحو الاقتصاد الأخضر، ومع تصاعد الحاجة إلى مصادر طاقة آمنة، نظيفة، ومتجددة، يبرز الوقود الحيوي كأحد الحلول الواعدة التي تجمع بين حماية البيئة وتحفيز النمو الاقتصادي.
ونظمت جمعية المهندسين الكيميائيين تحت رعاية جمعية المهندسين المصرية في هذا الإطار ندوة هامة بعنوان: “إنتاج الوقود الحيوي مصدر للطاقة البديلة والمستدامة”.
حاضر في الندوة الدكتور تامر هيكل رئيس، رئيس إحدى الشركات المتخصصة في إنتاج الوقود، وذلك بحضور المهندس أسامة كمال رئيس جمعية المهندسين المصرية ووزير البترول الأسبق، والمهندس فاروق الحكيم الأمين العام للجمعية، والدكتور مصطفى هدهود رئيس جمعية المهندسين الكيميائيين، والمهندسة عزة نورالدين أمين عام جمعية المهندسين الكيميائيين.
الندوة جمعت نخبة من المهندسين والباحثين والخبراء في مجال الطاقة، وشهدت حضورًا لافتًا من الأكاديميين، وتحولت إلى منصة حوار علمي شفاف حول مستقبل الطاقة في مصر، وموقع الوقود الحيوي ضمن منظومة التحول الطاقي المستهدف.
افتتح المهندس أسامة كمال، رئيس الجمعية، كلمته قائلا إننا “اليوم نناقش مسألة لم تعد فقط نظرية أو محل تفكير، بل موضوع له خطوات تنفيذية على الأرض بالفعل”، مشيراً إلى شركة وقود الطائرات المستدام كمثال حي على الجهود الجارية في هذا المجال.
تحول في مصادر الطاقةوشدد كمال على أهمية الخروج من دائرة الاعتماد الكامل على البترول التقليدي، قائلاً: “ما يشهده العالم من متغيرات يفرض علينا التحرك نحو بدائل للطاقة، والحد من الاعتماد التاريخي على مصادر النفط التقليدية”.
واستشهد "وزير البترول الأسبق "بأزمة الغاز الروسي إثر الحرب الأوكرانية، موضحاً أن أوروبا رغم اعتمادها على الغاز الروسي بنسبة تصل إلى 40%، تمكنت من امتصاص الصدمة باللجوء إلى مصادر طاقة غير تقليدية، ما يعكس أهمية تنويع مصادر الطاقة.
وأردف: “البحث العلمي في العالم كله يتجه نحو وجود بدائل متعددة لكل مصدر طاقة، وليس الاعتماد على خيار واحد فقط”.
كما دعا كمال إلى التفكير الأوسع في موارد الطبيعة، مشيراً إلى أهمية تحلية مياه البحر واستخدام مياه الأمطار، إلى جانب الاعتماد على الوقود الحيوي، كجزء من منظومة متكاملة لتأمين الاحتياجات المعيشية ومواجهة التحديات البيئية والاقتصادية.
من جانبه شدد المهندس فاروق الحكيم "الأمين العام للجمعية" على دور الجمعية في فتح النقاش حول قضايا استراتيجية تمس حاضر ومستقبل المجتمع، لافتا إلى أن الجمعية تسعى من خلال هذه الندوة إلى تحفيز العقول المصرية، خاصة من الأوساط الهندسية والبحثية، على تبني أفكار قابلة للتطبيق العملي.
وأضاف الحكيم: "لدينا كفاءات وعقول قادرة على تحقيق ذلك، لكننا بحاجة إلى إرادة تنفيذية ورؤية طويلة المد” ، مؤكدا أن جمعية المهندسين المصرية لا تكتفي بدور تنظيمي أو شكلي، بل تعتبر نفسها منصة لحشد الجهود العلمية والهندسية لخدمة القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها قضية الطاقة.
واستعرض الدكتور تامر هيكل، السياق العالمي المتسارع نحو تخفيض الاعتماد على الوقود الأحفوري في ظل التحديات المناخية والالتزامات الدولية بخفض الانبعاثات الكربونية، مشيرًا إلى أن الوقود الحيوي يمثل حلًا واعدًا يجمع بين الجوانب البيئية والاقتصادية.
وأوضح أن العالم بدأ بالفعل في اعتماد هذا النوع من الوقود بشكل واسع، خاصة في قطاعي النقل والطيران، حيث أصبح وقود الطائرات المستدام (SAF) أحد الحلول الأساسية لتقليل البصمة الكربونية، مع قدرته على التوافق مع المحركات الحالية دون الحاجة إلى تعديلات تقنية مكلفة.
وأكد أن الوقود الحيوي يُنتج من مصادر عضوية مثل المخلفات الزراعية، وزيوت الطهي المستعملة، والنباتات الزيتية، بما يحقق توازنًا بين استغلال الموارد الطبيعية وتقليل التلوث.
كما تناول "هيكل " عددًا من التجارب الدولية الرائدة في هذا المجال، مثل تجربة البرازيل في إنتاج الإيثانول من قصب السكر، وتجربة الولايات المتحدة في تصنيع الديزل الحيوي من الذرة وفول الصويا، بالإضافة إلى المبادرات الأوروبية الطموحة التي تركز على استخدام الوقود الحيوي في وسائل النقل الجماعي والطيران.
وفيما يتعلق بالواقع المصري، أكد أن مصر تمتلك من المقومات ما يجعلها مؤهلة لتكون رائدة إقليميًا في هذا المجال، بدءًا من وفرة المواد الخام القابلة للتحويل إلى وقود حيوي، ووصولًا إلى البنية التحتية الصناعية، والخبرات البحثية المتراكمة في الجامعات والمراكز العلمية.
وشدد هيكل على أن التحدي الأكبر يكمن في تهيئة البيئة التشريعية، وتوفير الدعم الحكومي المناسب، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، من خلال سياسات واضحة، وحوافز استثمارية جاذبة.
وأوضح أن الوقود الحيوي لا يمثل مجرد بديل للطاقة، بل يعد مدخلًا اقتصاديًا وتنمويًا متكاملًا، لأنه يفتح المجال أمام استثمارات جديدة، ويوفر فرص عمل خضراء، ويسهم في تقليل فاتورة الاستيراد، وتحسين جودة الهواء، والمساهمة الفعالة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وقد خرجت الندوة بعدد من التوصيات الهامة، كان أبرزها ضرورة وضع استراتيجية وطنية واضحة لإنتاج الوقود الحيوي في مصر، وإنشاء هيئة وطنية للطاقة الحيوية، وتوفير حوافز للمستثمرين في هذا القطاع، إلى جانب دعم البحث العلمي المتخصص، وتعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني لتسريع عملية التحول الطاقي.