الرسوم الجمركية المتبادلة التي تفرضها الولايات المتحدة ستضرّ بالآخرين ونفسها أخيرًا
تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT
في يوم 2 أبريل/ نيسان، أعلنت الولايات المتحدة فرض "الرسوم الجمركية المتبادلة" على جميع الشركاء التجاريين، من بينها فرض الرسوم الجمركية الإضافية بنسبة 34% على الصين، وفرض الرسوم الجمركية التي تتراوح بين 10% و39% على قطر، والسعودية، والأردن، والعراق وغيرها من الدول العربية.
أثار هذا التصرف استياءً شديدًا في جميع أنحاء العالم، وحتى داخل الولايات المتحدة.
"الرسوم الجمركية المتبادلة" التي تفرضها الولايات المتحدة، ستؤثر على النظام الاقتصادي والتجاري الدولي الحالي. يدّعي الجانب الأميركي أنه خسر في التجارة الدولية، ويستخدم ذريعة "التبادل" لزيادة الرسوم الجمركية.
هذا التصرّف يتجاهل نتائج توازن المصالح، التي تم التوصل إليها في المفاوضات التجارية متعددة الأطراف منذ سنوات طويلة، ويتجاهل أيضًا حقيقة استفادة الجانب الأميركي كثيرًا من التجارة الدولية على المدى الطويل.
بناءً على التقييم الذاتي من جانبه فقط، اختار الجانب الأميركي ما يسمى بـ"الرسوم الجمركية المتبادلة"، هذا يشكّل انتهاكًا شديدًا لقواعد منظمة التجارة العالمية، ويضّر بالمصالح المشروعة للأطراف المعنية، حتى النظام التجاري متعدد الأطراف القائم على القواعد، ضررًا شديدًا.
إعلان"الرسوم الجمركية المتبادلة" التي تفرضها الولايات المتحدة، ستؤثر على التشغيل المستقرّ للاقتصاد العالمي. وفقًا للتقديرات الأولية لمنظمة التجارة العالمية، فإن الإجراءات الجمركية التي أطلقتها الولايات المتحدة منذ بداية العام الجاري، قد تؤدي إلى انكماش حجم التجارة السلعية العالمية بنحو 1% في عام 2025، بانخفاض يقارب 4 نقاط مئوية عن التوقعات السابقة.
وستقوّض "الرسوم الجمركية المتبادلة" استقرار سلسلة الصناعة والإمداد العالمية، وتؤثر على آفاق تنمية العولمة الاقتصادية، وتضرب بشدة دورة الاقتصاد العالمي، وحتى قد تثير أزمة مالية واقتصادية عالمية.
"الرسوم الجمركية المتبادلة" التي تفرضها الولايات المتحدة ستضرّ بها في نهاية المطاف. لقد عبر الاتحاد الأوروبي وكندا وغيرهما من الاقتصادات عن الاستعداد لإصدار التدابير المضادة على الولايات المتحدة.
وفقًا للتوقعات من مختبر الميزانية بجامعة ييل الأميركية، إذا اتخذت الدول الأخرى الإجراءات الانتقامية، فسيرتفع الإنفاق الاستهلاكي الفردي في الولايات المتحدة بنسبة 2.1%، وسينخفض معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 1%.
حاليًا، تنخفض ثقة المستهلكين الأميركيين باستمرار، وستزيد "الرسوم الجمركية المتبادلة" من إنفاق السلع المنزلية على نحو متزايد، مما يثقل كاهل العائلات الأميركية، كما سترفع أيضًا تكاليف التصنيع، وتضعف القدرة التنافسية للشركات الأميركية، حتى تدفع الاقتصاد الأميركي نحو الركود.
لا رابحَ في الحروب التجارية، ولا مخرجَ للحمائية. إن الجانب الأميركي يفرض الرسوم الجمركية تحت شعار "التبادل"، إن هذا يعد ممارسة التنمر أحادي الجانب الذي يضر بالآخرين وبأميركا، ويعارض الجانب الصيني ذلك بشكل قاطع، وسيتخذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على مصالحه الذاتية المشروعة بحزم.
إعلانإننا نحثّ الجانب الأميركي على تصحيح ممارساته الخاطئة، والتفاوض مع مختلف دول العالم بما فيها الصين؛ لتسوية الخلافات التجارية بالأسلوب القائم على المساواة والاحترام والمنفعة المتبادلة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات التی تفرضها الولایات المتحدة الرسوم الجمرکیة المتبادلة الجانب الأمیرکی
إقرأ أيضاً:
مآلات التفاوض الأميركي الإيراني.. اليد ممدودة و”الأصبع على الزناد”؟
30 يونيو، 2025
بغداد/المسلة:
محمد صالح صدقيان
في الرابع والعشرين من حزيران/يونيو 2025، وضع اتفاق وقف اطلاق النار حداً لحرب دشّنتها إسرائيل ضد إيران في 13 يونيو/حزيران وانضمت إليها الولايات المتحدة فجر الثاني والعشرين منه باستهداف منشآت فوردو ونتانز وأصفهان.
الآن، تتجه الأنظار إلى طهران لمعرفة وجهة تعاملها مع الدعوة الموجهة إليها من الرئيس الأميركي دونالد ترامب لاستئناف المفاوضات في الأيام المقبلة.
“عندما يتحدث الرئيس ترامب، علی العالم أن يستمع إلى ما يقول”، علی حد تعبير وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث. هذه العبارة تختصر واقع الأمر عند إدارة جمهورية ترامبية تتعامل مع العالم بأسره بلغة “الآمر”.
حقيقة الأمر أن الإيرانيين يُصغون إلى ترامب وإلى غيره أياً كان اسمه، لكن ثقافتهم العامة (وتاريخهم) لا تسمح لهم بأن يأتمروا بأمر من الخارج حتی وإن كان صادراً من البيت الأبيض! هكذا يستهل الحديث مسؤول إيراني ويضيف: بين واشنطن وطهران تاريخ من الانقلابات والتدخلات ومحاولات السيطرة منذ أكثر من 70 عاماً وتحديداً منذ أن تدخلت وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) ونفذت انقلاباً ضد الزعيم الوطني الإيراني محمد مُصدق لمصلحة عودة شاه إيران عام 1953 بعدما كان قد فرّ إثر تأمين النفط وانتخاب مصدق لرئاسة الوزراء بدعم من آية الله أبو القاسم كاشاني. منذ ذلك التاريخ تحتفظ الذاكرة الإيرانية بسجل كبير من التعامل الأميركي السلبي مع الشعب الإيراني، وهذا ما جعل مؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخميني يدعو للانتفاض علی حكم شاه إيران محمد رضا بهلوي في الخامس من حزيران/يونيو 1965 بسبب الامتيازات التي أعطاها الشاه للتواجد الأميركي في إيران، وبعد ذلك في العام 1979 عندما قاد الثورة الإسلامية التي أدت الی سقوط النظام الشاهنشاهي البهلوي. وليس غريباً أن يهاجم “الطلبة السائرون علی نهج الإمام الخميني” مقر السفارة الأميركية في طهران في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر 1979 ويُقدموا على احتجاز 52 من الموظفين الأميركيين فيها لمدة 444 يوماً، وهي الحادثة التي كانت من بين الأسباب التي أدت إلی نشوب الحرب العراقية الإيرانية في العام 1980.
هذه الإضاءة على تاريخ إيران المعاصر لا تُعطي المجال للإيرانيين للتعامل بطريقة عادية مع استهزاء الرئيس الأميركي بقيادتهم السياسية والدينية، وفي الوقت ذاته، يُبادر إلى دعوتهم لاستئناف المفاوضات.. ويُردّد على مسامعهم “إذا لم ترضخوا فإن الولايات المتحدة ستهاجمكم مجدداً”. يُفضي ذلك إلى ترسخ قناعة إيرانية عامة، لدى الإصلاحيين كما المتشددين وعامة الناس، أنه لا يُمكن الوثوق بالولايات المتحدة بسهولة “فإذا كان ترامب يملك رغبة صادقة في التوصل إلى اتفاق مع إيران، عليه أن يُغيّر سلوكه الشعبوي تارة، والتهجمي تارة أخری.. وأن يعد للعشرة عندما يُخاطب الإيرانيين، ليس لأن إيران تملك إرادة وقدرة المواجهة فقط، بل لأن تاريخنا وحضارتنا وحاضرنا ومستقبلنا يجعلون من الصعب علينا القبول بالحوار مع من يُهدّدنا بوضع المسدس في رأسنا.. ولن ننسى أن الولايات المتحدة هي من أعطى الضوء الأخضر لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لشن عدوانه ضد بلدنا وشعبنا وصولاً إلى مهاجمة الأميركيين منشآتنا النووية السلمية”.. عليه؛ أبلغت الدوائر المعنية في طهران من راجعوها في مسألة استئناف المفاوضات أنها “تدرس خياراتها قبل أن تُحدّد موقفها”، على حد تعبير وزير خارجيتها عباس عراقجي، وبالتأكيد هذه الخيارات مهما كان نوعها وطعمها ولونها فهي لا تسير علی سجادة حمراء بالنظر إلى التعقيدات التي استجدت بسبب الحرب الإسرائيلية الأميركية علی إيران.
فعلياً؛ أمام الحكومة الإيرانية أربعة خيارات ربطا بالدعوة الأميركية لاستئناف المفاوضات وهي الآتية:
الأول؛ دخول إيران في المفاوضات من دون شروط والقبول بالشروط الأميركية كاملة: صفر تخصيب؛ صفر قدرة صاروخية باليستية؛ ممنوع معاداة الكيان الإسرائيلي؛ الانضواء في النظام الأمني الإقليمي الذي ترسم أبعاده الولايات المتحدة بالتعاون الكامل مع إسرائيل. باختصار هذا خيار خضوع كامل غير موجود في القاموس الإيراني أبداً.
الثاني؛ رفض المشاركة في المفاوضات، وهو خيار يلقى استحساناً لدى أوساط متشددة في الجمهورية الإسلامية كانت عارضت أصلاً فكرة المفاوضات مع الولايات المتحدة، اعتقاداًً منها بأن هناك من ينصب “فخاً” لإيران لمهاجمتها وتغيير النظام السياسي فيها، وهذه الأوساط تعتقد أن الظروف الأن ساءت أكثر بعد الهجوم الأميركي علی المنشآت النووية الإيرانية.. وأن لعاب أميركا وإسرائيل يسيل لأجل عدم تفويت فرصة تغيير النظام اعتقاداً منهما أن إيران الآن أضعف من ذي قبل؛ بناء عليه، يجب عدم الانخراط في هذه اللعبة التي لا تخدم إيران بل الأعداء.
الثالث؛ أن تشارك إيران في المفاوضات ويدها علی الزناد، بمعنی أن تدخل المفاوضات بندية، وتری ما في الحقيبة الأميركية وتَسمَع وتُسمِع ولكل حادث حديث دون أن تتخلی عن الاستعداد للخيار العسكري إذا فشلت المفاوضات.
الرابع؛ أن تستعيض عن المفاوضات مع الولايات المتحدة بتطوير المباحثات مع الترويكا الأوروبية والتي بدأتها منذ فترة خصوصاً أن هذه الترويكا لم تنسحب من الاتفاق النووي، لكن المشكلة في هذا الخيار أن الولايات المتحدة التي فرضت العقوبات علی إيران تريد مفاوضات ثنائية إيرانية أميركية بل أكثر من ذلك، يريد الرئيس الأميركي تسمية الاتفاق “اتفاق ترامب” علی غرار “قانون نيوتن”!.
في المحصلة، يُمكن القول إن المزاج الإيراني أكثر ميلاً للخيار الثالث، وهذا يُعطي إيران قدرة علی المناورة سعياً إلى ابرام اتفاق لأن تفعيل آلية “سناب باك” الواردة في الاتفاق النووي الموقع عام 2015 من قبل الأوروبيين سيُعقد الملف بشكل كبير جداً ويضع حداً أمام تنفيذ جميع هذه الاحتمالات بما فيها التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والخروج من معاهدة حظر الانتشار النووي.. عندها ستكون المعادلة كالآتي: “البحر من ورائكم والعدو من أمامكم”، وهذا الأمر لا يخدم الأطراف المعنية بالملف الإيراني التي يجب أن تتحلی بالحكمة والرصانة والسلوك المسؤول منعاً لأي تصعيد يُهدّد الأمن والاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts