في قلب الحصار والدمار، وعلى مدار 18 شهرا من الحرب على قطاع غزة، توثق الجزيرة في فيلمها "24 ساعة في غزة" يوما من أيام حياة سكان القطاع المحاصر، لتكشف عن معاناة متواصلة تتقطر ألما ودما وتحديا للبقاء على قيد الحياة.

تبدأ الكاميرا بمشاهد قاسية لأطفال بين الركام وفي العراء، وآخرين يتزاحمون على طعام يوزع في التكايا، وهي المشاهد التي تعكس رحلة البحث اليومية عن لقمة العيش في ظل حصار خانق.

ففي غزة، تتحول 24 ساعة إلى رحلة من المعاناة المتواصلة، يلخصها أحد السكان بقوله: حياة المواطن في غزة منذ الصباح عندما يضع رأسه على الوسادة وينام، كلها معاناة وأزمات.

مع تبلج خيوط الصباح تبدأ المعاناة.. هكذا يصف أحد سكان غزة بداية يومه الذي يتحول إلى ملحمة من الطوابير والبحث الدائم عن الماء والطعام والأمان المفقود.

البحث عن قطرة ماء

أهم شيء هو البحث عن الماء.. كلمات تختصر أولى المعارك اليومية لسكان غزة، حيث يتحول هدف الحصول على المياه إلى رحلة شاقة تبدأ بطوابير طويلة تمتد لساعات.

"هذا طابور ونحن نقف منذ نصف ساعة وحتى الآن لم يحصل أحد على الماء".. هكذا يصف ساكن غزة معاناته في انتظار دوره للحصول على مياه الشرب.

وفي مشهد آخر يوجه ابنه الصغير: "خذ وعاءين وضعهما في الدور فلعل سيارة للماء تحضر"، ثم يوضح بأن هذه ليست مجرد تعليمات، بل هي إستراتيجية بقاء في عالم أصبحت فيه أوعية المياه العذبة كنزا ثمينا.

إعلان

رحلة البحث عن طعام

ولا تقلّ معاناة البحث عن الطعام قسوة عن معركة المياه. "تحتاج أن تأكل.. تحتاج أن تُطعم أولادك.. تلف الأسواق كلها وفي النهاية لا تجد شيئا".. يحكي رجل بمرارة مصورا عبثية البحث اليومية عن طعام في تلك الأسواق الفارغة.

وحين يجد الغزّي الطعام يصطدم بجدار آخر، فالأسعار المرتفعة تفوق قدرة معظم السكان، "الباذنجان بعشرين شيكلا، والبندورة بعشرة"، يجيب بائع أحد المتسوقين الذي يرد بدهشة: "وبعدين؟" مضيفا: "أقل القليل في اليوم حتى تسد جوعك بوجبة واحدة فإنك تحتاج إلى 100 شيكل وأكثر".

وحتى المساعدات المالية التي قد تأتي من الخارج تتعرض للاستنزاف، وهو ما يصوره المتحدث بقوله: "لو جاءت لك مساعدة من الخارج من أهل خير ونزلت في حساب.. النسبة 30 و35 و25%"، ليبقى الخيار الآخر هو الوقوف في طوابير التكايا للحصول على مساعدات غذائية.

وفي تعبير عن أحد مناحي اليوم المؤلمة، يقول أحد الآباء: "العالم تأخذ أولادها على الملاهي والمطاعم، ونحن نأخذ أطفالنا إلى المقابر".. وهي جملة حاول من خلالها تلخيص التناقض الصارخ بين حياة الأطفال الطبيعية والواقع المرير لأطفال غزة.

وفي هذا السياق، تنقل الكاميرا مشاهد مروعة لنقل أطفال مصابين ومحاولات إسعاف آخرين، بينما يحمل أب رضيعه الشهيد صارخا: "محمد هذا بكري.. هذا عمري.. لم يبلغ إلا شهرا واحدا".

الخوف رفيق الليل والنهار

"صار الخوف يلازم حياتنا مثل أسمائنا".. يصف ساكن غزة بهذه الكلمات المشاعر التي تسيطر عليهم على مدار الساعة، فالخوف أسبابه متعددة وحاضرة دائما من القصف والنزوح والجوع، وحتى من النوم.

وفي محاولة لوصف لحظات الرعب خلال القصف يقول أحدهم: "صوت الصاروخ وهو ينزل علينا.. صوت تصفيرة الصاروخ، وبعدها الانفجار، لم أعرف كيف سقطت الخيمة علينا وأولادي الثلاثة نائمين".

ويتحول المشهد الليلي في غزة إلى كابوس متواصل: "كل ساعة.. كل يوم في الليل.. كل يوم (..) طائرات الاستطلاع، طائرات الحربية الأباتشي"، والنتيجة دائما واحدة: "الأطفال لا نوم".

إعلان

وفيما يحكي الغزي ملامح المعاناة اليومية، يتذكر الأحلام والطموحات التي تبددت بسبب الحرب ويقول: "أنا على صعيدي الشخصي، كنت أحلم بصنع مستقبل لأولادي، أدخلهم جامعات"، قبل أن يضيف بمرارة: "أنا اليوم كل تفكيري توفير خيمة حتى أضع أولادي فيها".

وبينما تستمر ساعات الخوف والخسارة بالتتابع لأكثر من 18 شهرا، يبقى سؤال واحد يتردد على لسان كل فلسطيني في غزة: "أين سأنزح؟ أنا نازح.. أين سأنزح بعد ذلك؟"، وهو سؤال يلخص مأساة شعب محاصر في بقعة جغرافية محدودة، لا مهرب له فيها ولا ملجأ.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات البحث عن فی غزة

إقرأ أيضاً:

مصر توثق جهود تنفيذ مستهدفات الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ..تفاصيل مهمة

فى إطار توجيهات رئيس الجمهورية بالعمل على الارتقاء بالمنظومة الحقوقية فى مصر، شاركت الدكتورة إيمان كريم المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة صباح اليوم، في الاجتماع الوزاري الرابع للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، الذي ترأسه الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة.


ناقش الاجتماع التوصيات التي تلقتها مصر خلال جلسة المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان في جنيف، كما ناقش أعمال الدورة ٥٨ لمجلس حقوق الإنسان التى عقدت في شهر مارس التى شاركت مصر في كافة الجلسات المدرجة على برنامج عملها وإلقاء بيانات لاستعراض الجهود الوطنية ذات الصلة. 

وتناول الاجتماع كذلك عملية الإعداد للتقرير الرابع لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان لتوثيق الجهود الوطنية في مجال تنفيذ مستهدفات الاستراتيجية الوطنية.


في سياق متصل أوضحت الدكتورة إيمان كريم المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، أن المجلس عضو في اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، ويشارك في جميع اجتماعاتها الدورية، للمساهمة في الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان، التي تُعد حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن هذه الحقوق.


أشارت "كريم" أن المجلس شارك في الجولة الرابعة للاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان، التي عُقدت في جنيف في يناير الماضي، وتناول المجلس خلال هذه المراجعة تقدم الدولة المصرية في ملف الإعاقة، ورصد المجلس أوضاعهم في التقرير الذي شارك به في هذا الاستعراض.


أضافت "المشرف العام" خلال كلمتها في الاجتماع الوزاري الرابع للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، أن المجلس يعكف حاليًا على إعداد الاستراتيجية الوطنية للإعاقة (2025 - 2030)، وفق نهج تشاركي، تشارك فيها جميع الوزارات والجهات والمؤسسات المعنية، مؤكدة أن الاستراتيجية التي يتم اعدادها تتسق تمامًا مع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وأهدافها، مطالبة اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بالمشاركة في اجتماعات لجان إعداد الاستراتيجية الوطنية للإعاقة.


الجدير بالذكر أن الاجتماع شارك فيه الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي، والمستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، والمستشار عدنان فنجري وزير العدل، والدكتور ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، والمستشارة أمل عمار رئيسة المجلس القومي للمرأة، والدكتور وائل محمد عبد الرازق أمين عام المجلس القومي للأمومة والطفولة، وممثلين عن الجهات الوطنية المعنية الأعضاء في اللجنة.


وخلال الاجتماع دار نقاش تفاعلى حيث تبادل المشاركون الرؤى حول الجهود التى تضطلع بها الجهات الوطنية للارتقاء بالمنظومة الحقوقية بمفهومها الشامل في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فضلاً عن تناول  التشريعات التى تهدف الى تعزيز وحماية حقوق الإنسان في مصر.

طباعة شارك المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة ذوى الإعاقة مصر السيسي القومي لذوي الإعاقة

مقالات مشابهة

  • كاميرا الجزيرة ترصد الأوضاع داخل مستشفى العيون بمدينة غزة
  • الصاروخ والمُسيرة من بين المعاناة: اليمن يصنع قراره من نور القرآن لا من فتات العالم
  • تفاصيل غرق شاب في الرياح التي بالدقهلية والانقاذ النهري يبحث عن الجثمان
  • خرق انتخابي في أحد أقلام الضنية.. وصورة توثق المشهد
  • مصر توثق جهود تنفيذ مستهدفات الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ..تفاصيل مهمة
  • دراسة: البلاستيك في الأدوات اليومية قد يُسبب اضطرابا بالنوم بنفس طريقة الكافيين
  • خطة أمريكية-إسرائيلية تتعلق بالمساعدات الغذائية بغزة.. وانتقادات أممية: لن تؤدي إلا لمزيد من المعاناة والنزوح
  • مشاهد توثق هلع المستوطنين وتوقُّف مطار اللد بعد صاروخ من اليمن
  • فتاة توثق استجابة الصحة لاستشارة طبية عند الثالثة فجرًا .. فيديو
  • في معرض شنغهاي الدولي للسيارات 2025.. إكسيد تكشف عن الأداء المتفوق لسيارة السيدان الكهربائية ES التي سجلت رقماً قياسياً في مجموعة غينيس